The fiftieth psalm occupies a special place in church worship, as it is present in most of the daily prayers: midnight, evening, the first hour, the major sleep, and the minor sleep. The priest recites it in a low voice during the Divine Mass, when he burns incense before the Great Session. Some verses from it are also recited in the proclamation that precedes the reading of the message in the Mass. This heavy presence of the fiftieth psalm in prayers is due to the importance of this psalm in that it is an ideal model for the prayer of repentance and return to God.
The writer of this psalm, according to the biblical tradition, is the prophet David after his repentance. But a critical reading of the psalm makes us notice that the language of the psalm of worship is not the language of the era in which David lived. The pious expressions used in the psalm, which emphasize the purification of the heart corrupted by sin, and the verses that call for the renewal of the inner person are consistent with the writings of the prophets Isaiah, Jeremiah, and Ezekiel, who lived three to four centuries after the prophet David. Also, the call to rebuild the walls of Jerusalem is not realistic in the era of David, but rather goes back to the era of Nehemiah (more than five centuries after David). The most likely possibility is that the wording of the psalm was completed during or immediately after the exile (597).
“ارحمني يا الله كعظيم رحمتك، وكمثل كثرة رأفتك امحُ مآثمي” (الآية الاولى). الفعل العبريّ المقابل لفعل “ارحمني” في الآية هو فعل الحنان، فيصير القصد تحنَّنْ بدلا من ارحم. والحنان صفة إلهية – ومنها اسم يوحنا الذي معناه الله حنّ – لذلك نستطيع القول ان الله هو الحنان. والسيد المسيح قد تحنّن على المرضى وعلى أرملة نايين فأقام ابنها الميت (لوقا 7: 13) …
“اغسلني كثيراً من إثمي ومن خطيئتي طهِّرْني” (الآية 2). ثمة تعبيران في هذه الآية مترادفان هما الإثم والخطيئة، ولكن المقصود باللفظين مختلف. فالإثم هو الشرّ الذي يرتكبه الانسان ضد المجتمع والناموس، وهو يتطلب غسلاً كغسل القذارات. اما الخطيئة فهي الخطيئة الشخصية ضدّ النفس والتي لها بُعدٌ روحيّ، ومحوها يتطلب غسلاً من نوع آخر، يتطلّب تطهيراً طقسيا وعباديا. يقابل هذه التعابير الآيتان الواردتان في نبوءة إشعيا: “اغتسلوا، تنقّوا، اعزلوا شرّ أفعالكم من أمام عينيّ، كفّوا عن فعل الشر. تعلّموا فعل الخير، اطلبوا الحقّ، أَنصِفوا المظلوم، اقضوا لليتيم، حاموا عن الأرملة” (1: 16-17).
“هاأنذا بالآثام حُبل بي، وبالخطايا ولدتني أمّي” (الآية 5). تمثّل هذه الآية أفضل تعبير عن مفهوم الخطيئة السائد في العهد القديم وعن حالة الانسان الساقط. فالانسان شرير بطبعه، “لأنّ تصوُّر قلب الانسان شرّير منذ حداثته” (تكوين 8: 21)، الا أنها في مكان آخر سببٌ لتبرير خطايا الإنسان ولاستدرار عطف الله “لأنّه ليس انسان لا يخطئ” (الملوك الأول 8:64). الجدير بالذكر أن لا علاقة لهذه الآية بالمفهوم الخاطئ للخطيئة الجدية بمعنى أنها متوارثة، وخير كلام عن هذه الخطيئة نجده في رسالة القديس بولس الى أهل رومية (5: 12-21)، ويضيق بنا المجال هنا للكلام في هذا الموضوع.
يبدو جليّا في هذا المزمور أن الخطيئة عصيان ضد الله، وأنها تدنس داخل الانسان وتبعده عن الله. ولهذا يشدد المزمور على أن الله يخلّص الانسان، “نجّني من الدماء يا الله إله خلاصي” (الآية 14). والتوبة تفترض مبادرتين، واحدة من الانسان والثانية من الله. على الانسان أن يعترف بحالته كإنسان خطّاء، وأن يُصلّي تالياً لاستعادة البراءة الاولى. امّا الله فيغفر للإنسان خطاياه ويجعله خليقة جديدة “قلباً نقيّا اخلُقْ فيّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّدْ في أحشائي” (الآية 1.). يوضح المزمور الخمسون علاقة الإنسان بالله ويقدّمها كثمرة للروح الذي اكتمل ظهوره في العنصرة.
يتابع كاتب المزمور في الآية السابعة منشداً “تنضحني بالزوفى فأطهر، تغسلني فأبيضّ اكثر من الثلج”. كان الشعب في العهد القديم يستعمل نبتة الزوفى في طقوس التطهّر من النجاسة (لاويين 14: 4). ولو كان الكاتب يشدّد على اولوية ذبيحة القلب، الا انه هنا لا يدعو الى التخلي عن الطقوس التقليدية.
“قلبا نقيّاً اخلُقْ فيَّ يا الله، وروحا مستقيما جدِّد في أحشائي” (الآية 9). فعل “خلق” المستعمل بصيغة الأمر في هذه الآية هو نفسه الفعل الوارد في (الآية 1) من سفر التكوين: “في البدء خلق الله السموات والارض”، وهو فعل لا تجوز نسبته الا الى الله وحده، ذلك أن هذا الفعل يعني “الخَلْق من العدم” و “الخلق الجديد”. وبهذا المعنى استعمل إشعيا النبي هذا الفعل حيث يقول: “لاني هاأنذا خالقٌ سموات جديدة وأرضا جديدة، فلا تُذكر الاولى ولا تخطر على بال” (65: 17). ولذلك فإن تبرير الخاطئ عملٌ إلهي يوازي عمل الخلق الجديد، كما في نبوءة حزقيال: “وأعطيكم قلبا جديدا، وأجعل روحا جديدة في داخلكم” (36: 26). اما فعل “جدد” الوارد في الآية عينها بصيغة الامر فهو أقرب الى فعل “رمّم”. اي ان الكاتب يطلب الى الله ترميم روح الإنسان المنكسرة بالخطيئة وجعلها مستقيمة، راسخة، لا تتزعزع. وهكذا يكون التائب خليقة جديدة أبدعها الله من العدم.
“لا تطرحْني من أمام وجهك، وروحك القدوس لا تنزعه مني” (الآية 11). المثول امام وجه الله في العهد القديم يعني الصلاة في الهيكل حصرا، حيث الله ساكن، ولكنه هنا يعني حضور الله في قلب الانسان. المقصود ب”روحك القدوس” هو الروح الذي أوحى الى الانبياء، الذي قاد شعب الله: “وروحي قائم في وسطكم. لا تخافوا” (حجي 2: 5). هنا يمد ناظم المزمور عمل روح الله القدوس من هداية الشعب الى هداية قلب كل مؤمن. يجدر الانتباه الى انه، في زمن صياغة المزمور، لم يكن لفظ الروح القدس يشير الى احد الأقانيم الثلاثة، فهذا أُعلِن يوم العنصرة، بل كان يشير آنذاك الى قوّةٍ إلهية فاعلة.
“إمنحني بهجة خلاصك، وبروح رئاسيٍّ اعضُدني، فأعلم الأثمة طرقك والكفرة اليك يرجعون” (الآيتان 12و13). هنا يطلب الكاتب من الله أن يهبه البهجة والأحرى ان “يرد” اليه البهجة التي فقدها بسلوكه في طريق الخطيئة والشر. فالفرح الحقيقي يكون بالخلاص والمثول في حضرة الله. بالمقابل يتعهد التائب بنشر تعاليم الله وبهداية الناس الى السبيل المستقيم، مع العلم أن هادي الشعب هو روح الله.
“نجّني من الدماء يا الله اله خلاصي فيبتهج لساني بعدلك” (الآية 14). ثمة احتمالان للفظ “الدماء” الوارد في الآية: الاول هو ان ينجي الله الانسان من الموت قتلا، الأمر الذي كان يُعتبر قديما قصاصا إلهيا بسبب خطيئة عظيمة يرتكبها المقتول. والاحتمال الثاني هو أن يكون اللفظ في النص الأصلي للمزمور يعني “صمت القبور” بدلا من “الدماء”، ويستند القائلون بهذا الرأي الى أن هذين اللفظين متقاربان في العبرية، فيصبح المعنى “نجني من الجحيم يا الله…”، ذلك أن الجحيم هي ارض الصمت المطبق. لذلك يقول النبي: “فإن مثوى الأموات لا يحمدك، والموت لا يسبحك، والذين يهبطون الى الجب لا يرجون أمانتك. بل الحي الحي هو يحمدك” (اشعيا 38: 18-19).
“الذبيحة لله روحٌ منسحق، القلب المتخشع والمتواضع لا يرذله الله” (الآية 17). كاتب المزمور يريد أن ينبّه الى أن الذبيحة الحقيقية التي يقبلها الله ليست هي الذبائح الحيوانية ولا المحرقات، بل الذبيحة قبل كل شيء هي القلب المنكسر والمتواضع والروح المنسحق، اي الخاضع لله والمتمم تعاليمه. وينتهي المزمور بالدعاء الى الله أن “أَصْلِحْ يا رب بمسرّتكَ صهيون، ولتُبنَّ اسوار اورشليم”. هذه لا شك آية أضيفت بعد الرجوع من السبي، ذلك ان الشعب آنذاك كان يعتبر إعادة بناء أسوار اورشليم العلامة على أن الله غفر خطايا شعبه وآثامهم، فحزقيال النبي يقول: “هكذا يقول السيد الرب: انه يوم أطهركم من جميع آثامكم أُعْمُِر المدن وتُبنى الأخربة” (36: 33).
It is no wonder that the fiftieth psalm is present in most church prayers, whether collective or individual, as it best expresses the sinful state of man before the holiness and transcendence of God. The talk about restoring and renewing creation in the psalm is an invitation to rediscover baptism and renew it through repentance and prayer, and an invitation to make the heart pure and clean so that the Spirit of God may enter it, dwell in it, and reside in it forever.
From my parish bulletin 1996