تحيي الكنيسة تذكارهم مرّتين في السنة: في الرابع من آب والثاني والعشرين من تشرين الأوّل. تقول قصّتهم إنّهم عاصروا الإمبراطور داكيوس (250) الوثنيّ والذي مورس في عهده الاضطهاد ضدّ المسيحيّين، ومنهم فتيتنا السبعة. فهربوا من عبادة الأصنام والسجود لها إلى جبل متاخم لأفسس وأقاموا في كهف وهم يسبّحون الله ويمجّدونه طوال الليل والنهار. وقد قال مكسيمليانُس للإمبراطور رافضاً السجود للأوثان: “نحن نؤمن بإله واحد، يملأ مجده السموات والأرض، ونقدّم له صلاتنا الدائمة”. فأرقدهم الربّ في الكهف مدّةً طويلة تقارب الثلاثمائة سنة، ثمّ أيقظهم محقّقاً بهم القيامة. وتعتبرهم الكنيسة من ضمن شهدائها الأبرار، لأنّ الكهف الذي لجأوا إليه قد سدّه الجنود بالحجارة لدفنهم أحياء.
تختلف الروايات حول عدد السنين التي قضاها الفتية في الكهف قبل قيامتهم، فثمّة رواية تقول إنّهم استيقظوا على عهد الإمبراطور ثيوذوسيوس الفتى (446). فيكون، بذا، أنّ الفتية السبعة قد قضوا حوالى مائتي سنة نائمين. وتتابع الرواية قائلة إنّ بدعةً تنكر قيامة الأموات قد انتشرت في زمن هذا الإمبراطور، وكان زعيمَ هذه البدعة أسقفٌ اسمه ثيوذورُس. بطبيعة الحال، ساهمت قيامة الفتية السبعة في انتصار الإيمان القويم، ودحض بدعة ثيوذورُس وأتباعه، إذ وجد فيها المؤمنون حجّةً وبرهاناً قاطعين في وجه الكافرين بالقيامة. وفي هذا تنشد الكنيسة: “يا له من عجب، كيف أنّ الراقدين سنواتٍ جزيلة وأعواماً مديدة، قد حقّقوا القيامة غير المؤكَّدة عند كثيرين، وسدّوا أفواه الهراطقة مبكمين”.
هذه الرواية احتلّت مكانة مميّزة في التراث المشرقيّ والعربي. فالقرآن رواها، وسُمّيَت سورة من سوره، هي السورة الثامنة عشرة، ب”أهل الكهف”. كما استعادها الأديب المصريّ الكبير توفيق الحكيم في إحدى مسرحيّاته. وصار يُضرب المثل بالذين ينامون طويلاً بأنّهم أشبه بأهل الكهف. يستعيد القرآن الرواية المسيحيّة عن أهل الكهف، فيؤكّد أنّ سبب الاضطهاد الذي لحق بالفتية إنّما هو رفضهم عبادة الأصنام، فيقول: “فقالوا ربُّنا ربّ السموات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً” (الآية 14).
يتطرّق القرآن في روايته إلى بدعة عدم الإيمان بالقيامة، مؤكّداً الرواية المسيحيّة حول دلالات قيامة الفتية السبعة في دحض هذه البدعة، فيقول: “فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً. ثمّ بعثناهم لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً” (الآيتان 11-12). المقصود بالحزبين، في هاتين الآيتين، هما حزب المؤمنين بالقيامة والكافرين بها. لا بدّ، هنا، من الإشارة إلى أنّ الإسلام يؤمن بالبعث وقيامة الأموات، لهذا يتبنّى موقف الفتية ضدّ المبتدعين. ويقول في آية أخرى: “وكذلك ليعلموا أنّ وعد الله حقٌّ وأنّ الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم” (الآية 21). يعلّق أحد مفسّري القرآن المعاصرين على هذه الآية قائلاً: “وكما بعثنا الفتية من نومهم، أطلعنا قومهم عليهم، وهم أحياء، ليعلم القوم أنّ وعد الله بالبعث حقٌّ ثابت، وأنّ القيامة آتية لا شكّ فيها، فلمّا شاهدوهم آمنوا بالبعث”. وتتابع الآية ذاتها فتخبر بأنّ الله أمات الفتية، فبنى القوم على ضريحهم مكاناً للعبادة، ممّا يعدّ من البدع في الإسلام. غير أنّ المفسّر المعاصر المذكور أعلاه يقول: “كان هذا جائزاً في شرعهم (أي في المسيحيّة)، ثمّ نهى الإسلام عن اتّخاذ المساجد على القبور”. في هذا الصدد، نشير إلى أنّ كنيسة قد بنيت في أفسس على ضريح الفتية.
يمتدح القرآن الفتية السبعة، فيشير إلى ثباتهم في الإيمان: “نحن نقصّ عليك نبأهم بالحقّ إنّهم فتيةٌ آمنوا بربّهم وزدناهم هدًى”(الآية 13)، واعتزالهم قومهم وأهلهم: “هؤلاء قومنا اتّخذوا من دونه آلهة فمَن أظلمُ ممّن افترى على الله كذباً” (الآية 15). غير أنّ القرآن لا يحسم مسألة عدد الفتية، مع ترجيحه العدد سبعة بالإضافة إلى كلبهم، فيقول: “سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم، قل ربّي أعلم بعدّتهم “. تعدّد الروايات عن هذه القصّة، حتّى في المسيحيّة، تجعل مسألة الكلب مبهمة في هذا السياق، غير أنّ التفسير القرآنيّ يجعل مهمّة للكلب هي في إخافة الناس من الاقتراب إلى الكهف الراقد فيه السبعة الفتية. أمّا عدد السنوات التي قضاها الفتية نائمين فثلاثمائة وتسع سنوات هجريّة (الآية 25)، ما يعادل ثلاثمائة سنة ميلاديّة.
There is no doubt that the story of the seven Ephesian saints is full of symbols and meanings, the most important of which, as we have seen, is the affirmation of belief in the general resurrection of the dead, which is one of the pillars of faith in Christianity.
أمّا قضيّة سرد القرآن لهذه الرواية فليست بمستغربة، لأنّ الوجود المسيحيّ في الشرق عموماً والجزيرة العربيّة خصوصاً كان وجوداً فاعلاً زمن نشوء الإسلام. كما ورد في القرآن الكثير من الروايات المسيحيّة العجيبة والمثيرة للدهشة والاستغراب، كروايتنا اليوم، وخلق المسيح للطير وتكلّمه في المهد وولادة المسيح تحت جذع النخلة… وهي روايات جاء بعضها في الكتب المنحولة، ومنها ما جاء في التراث العربيّ المسيحيّ السابق للإسلام.
Troparia in the fourth tune
Your martyrs, O Lord, through their efforts, obtained from you indestructible crowns, O our God, because they attained your power, so they destroyed the usurpers and crushed the power of the demons who have no power. Through their supplications, O Christ God, save our souls.
Qandaq with the fourth tune
Those who turned away from the vanities of the mortal world and took on immortal talents fell asleep and remained incorruptible, then after a few years they rose, burying all the infidelity of the stubborn ones. That is why we glorify them today with songs, O believers, imprisoning Christ forever.