أنود أن نوقد شعلة المحبة الإلهية للمسيح والفضيلة؟ من الطبيعي إذاً تحمل الاضطهادات ومجابهة كل الصعوبات بفرح لان الجوائز العظمى وأجملها تنتظرنا في السماء. أن المحبة لواضع الجهادات الروحية، المحبة للمسيح فيها هذا القدر من القوة ما يعطينا الإيمان الأكيد والرجاء بالجوائز غير الفانية السماوية التي لا نراها الآن. عندما نحب المسيح ونفكر وندرس حياته نتضع ونشعر بضعفنا البشري، وتنتابنا الآلام وننسحق من اجل خطايانا. سنكون ودعاء وعادلين ومحسنين وفعلة للمحبة والوحدة بين البشر. وفضلاً عن كل هذه الأمور سيكون الفرح وإتضاع النفسية العميقة حتى ولو اضطررنا إلى أن نجتاز الحياة بالاضطهاد والمهانة بسبب تفانينا من اجل المسيح وتكريس نفوسنا له.
بامكاننا ان نحوز على أكثر الخيرات الروحية، ومن الممكن ان نتمتع بالتفكير الروحي والدرس وان نحافظ على النية الحسنة. من الممكن أيضاً أن نعمل من اجل امتلاك الجمال الروحي والنفسي وان نحفظ الغنى الذي لا يثمن والذي نأخذه بالأسرار حتى لا نوسخ ونشق اللباس الملوكي الذي لبسناه. لنا العقل والمنطق وهما موهبتان من االله. نملك العقل والمنطق لدراسة حياة المسيح. فالسيد هو المثال الأول الذي يجب أن يرنو إليه الإنسان. ما نفعله نحن وما نشير على الإنسان أن يفعله نتعلمه من المسيح لأنه هو الأول والوسط والأخير الذي أرشد البشر ويرشدهم إلى الطريق الحقيقي والحياة الروحية السامية. المسيح هو المثال الأول والموحي، وهو في الوقت نفسه الجائزة والإكليل الذي سيناله المجاهدون. فأبصارنا يجب ان تتجه نحو المسيح ويجب أيضاً أن ندرس حياته على قدر ما يمكن لنعرف كيف نجاهد. ان المجاهدين لا يفكرون بالصراع والتعب بل بالجوائز. يقبلون بسرور أن يتحملوا كل الأتعاب وألام الجهاد وان يظهروا جلداً عظيماً عندما يفكرون بالجمال والبهاء الذي لإكليل الظفر. لكن من منّا لا يعرف ان من الواجب علينا ان نجاهد الجهاد الحسن الذي يدعونا إليه المسيح علاوة على الأكاليل غير الذاوية التي تنتظرنا. اشترانا المسيح بدمه الكريم ونحن كلنا ملك له. ليس غير المسيح يستحق محبتنا ويجب ان نخدمه وأن نكرس ذاتنا وجسدنا ونفسنا ومحبتنا وذاكرتنا وعقلنا وعملنا له لذلك يقول الرسول بولس: “أنتم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن كريم فمجدوا االله بأجسادكم وأرواحكم التي هي الله”. (1كورنثوس 6: 20).
أننا نملك الامكانية لنصير رجالاً مجددين بالمسيح. أعطينا العقل لنعرف المسيح والرغبة ليلتصق به قلبنا. لدينا المخيلة لنتصوره ونفكر به فهو بالنسبة لنا المبدأ الأول والمثال الأول. إن آدم العتيق ليس مثالاً يحتذى به، بل آدم الجديد فكان كاملاً ومثالاً للطاعة للآب “صار مطيعاً حتى الموت موت الصليب” (فيلبي 2: 8). إن آدم العتيق مثقل بالمعصية والتجاوز أما آدم الجديد فكان كاملاً في كل شيء: “انا أتممت وصايا أبي واسكن فيه بالمحبة” (يوحنا 15: 10). آدم العتيق أدخل الحياة غير الكاملة التي تحتاج إلى ألوف المساعدات، والمسيح هو نبع الحياة الخالدة للبشر لأنه قام من بين الأموات وهو سيد الخلود وواهب إياه للجنس البشري. وبعبارة موجزة انه المخلص الإلهي، الإنسان الكامل في طريقة حياته وهو وحده الأول في كل شيء.