01: 39-49، 56 – زيارة مريم لنسيبتها أليصابات

39 فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا، 40 وَدَخَلَتْ بَيْتَ زَكَرِيَّا وَسَلَّمَتْ عَلَى أَلِيصَابَاتَ. 41 فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ، 42 وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ:«مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43 فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44 فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي. 45 فَطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ».
46 فَقَالَتْ مَرْيَمُ:«تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، 47 وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، 48 لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، 49 لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ،… 56 فَمَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَهَا نَحْوَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا.

 

الشرح:

هذا الفصل الإنجيلي مأخوذ من روايات الطفولة كما يقدّمها لوقا التي من ميزاتها الهامّة أنها تنمّ عن توازٍ متواصل بين يوحنا المعمدان ويسوع. يكشف هذا التوازي من ناحية عن تشابه العمل الإلهي في يوحنا المعمدان وفي يسوع، ومن ناحية أخرى عن كون يوحنا المعمدان يقدِّم كسابق ليسوع ومهيّء لطريقه (1: 17) بحسب ما ورد في نبوءة ملاخي (ملاخي 4: 5).

في هذا المقطع نقرأ عن زيارة مريم لنسيبتها أليصابات بعد أن بشّرها الملاك بأنها ” ستحبل وتلد ابناً وتسمّيه يسوع ” (لوقا 1: 31). ونقرأ أن أليصابات، عندما سمعت كلام مريم، ارتكض الجنين ابتهاجاً في بطنها (لوقا 1: 41-44). في عنصر الفرح هذا الذي سبق فوَرد في تحية الملاك الافتتاحية لمريم (1: 28) وهي دليل ضمني بافتتاح الأزمنة الميسانية (صفنيا 3: 14-17؛ زكريا 9: 9). والأزمنة المسانية هي الأزمنة التي سيملك فيها الرب إلى الأبد بواسطة مسيحه، ابن داود، الذي يختاره هو. هذا بحسب أنبياء العهد القديم. هنا، يوحنا السابق والممهّد لطريق الرب يبتهج ويفرح وهو جنين في أحشاء أمّه، دلالة على أن الزمن الذي سيملك فيه الرب الإله إلى الأبد قد بدأ بيسوع ابن مريم، مسيح الله (لوقا 1: 32-33).

تمتلئ أليصابات من الروح القدس، ذلك الروح نفسه الذي قال الملاك بأنه سيحل على مريم، وهو القدرة الإلهية التي ستظللها كما كان الغمام الإلهي يدل على وجود الرب في خيمة الاجتماع بعد الخروج من مصر (خروج 4: 35). امتلاء أليصابات من الروح القدس جعلها تدرك أن الواقفة أمامها إنما هي “أم الرب”. إن إطلاق لقب الرب على يسوع من ميزات إنجيل لوقا. فهو يستعمله تسع عشرة مرة في إنجيله، وأكثر من أربعين مرّة في كتاب أعمال الرسل, للدلالة على يسوع، في حين أن متّى ومرقس لا يستعملانه إلا مرة واحدة قبيل دخول يسوع أورشليم (متّى 21: 3 ومرقس 7: 3). العهد الجديد جعل من هذا اللقب ترجمة لاسم الله “يهوه” في العهد القديم. إطلاقه على يسوع في إنجيل لوقا إشارة إلى الحضور الإلهي فيه (انظر لوقا 2: 11). لسبب كونها أم الرب، تتخذ مريم هنا أهمية كبرى من حيث كونها مدعوة لتصير خادمة سرّ يسوع وكلمة الرب.

وهذا مبنيّ على إيمانها بما قيل لها “فطوبى للتي آمنتْ أنْ سيتمّ ما قيل لها من قِبَل الرب”. موضوع الإيمان هنا ليس أنها ستحبَل وتلد ابناً بقدرة الله فحسب، بل أن هذا الابن الذي ستلده سيكون عظيما وابنا للعليّ, وإنه سيجلس على عرش داود ويملك على شعبه إلى الأبد، ويمنح شعبه هذا الخلاص. هذا هو إيمان مريم. وهذا ما جعلها تنطق بالكلام الذي يرد بعد ذلك داعيةً الله مخلّصها ومعبّرة عن الابتهاج الذي قلنا إنه مِن وحي ابتداء زمن الخلاص في المسيح الله.

ولكون الخلاص سيتمّ بالمولود الذي حملته هي في بطنها، ستعظمها جميع الأجيال التي حصل هذا الخلاص لأجلها. مرّة أخرى يُشار إلى الروح القدس في قولها: “القدير صنع بي عظائم”. المقصود “بالعظائم” هنا حَبَلها بالمسيح الرب، المخلّص. هذا تمّ بقدرة روح الله.

عن نشرة رعيتي
الأحد 15 آب 1999

arArabic
انتقل إلى أعلى