The phenomena of human life are mixed between good and evil, and the goodness of God in the mind of man clashes with the reality of pain in his life. The issue of pain and evil puts the goodness of God under question, or puts His omnipotence and goodness in contradiction! These questions have always tormented human thought. Throughout history, many solutions have emerged to explain the issue of the presence of evil with the goodness of God, that is, to explain the presence and absence of goodness at the same time.
لذلك تنوّعت أشكال الإيمان بالقدر – المكتوب، الذي علينا” التسليم له”. فهناك “قضاء- قدر” أزلي مكتوب في المصحف الإلهيّ ولا بدّ أن يتمّ، ومهما صادف الإنسان في حياته من ظروف عليه أن يؤمن أن ذلك مرسوم في المخطّط الإلهيّ، فيتقبّله ويستسلم له مسلِّماً أمره لله.
تعدّدت ألوان هذا الإيمان وأدواته، وكلها تؤمن بالعمق بأن قدرة ما أعلى تحكم وتسوس الكون ولا تغلبها أيّة قوّة أخرى. فالبعض يؤمن بالصِدف وآخرون بالقضاء، وآخرون بقراءة القدر، وبالتنجيم والأبراج… كأن هذه القدرة العليا، أو الله عند الأديان، قد رسمتْ لكلّ شيء ولكلّ إنسان مصيرَه الذي لا يمكنه أن يتجاوزه. إنّها لو قلنا بكلمات أخرى الناموس الأخلاقيّ الطبيعيّ في الكون، الذي لا تستطيع حتّى حريّة الإنسان مخالفته. وعمل الله، بدل تلك القوّة الطبيعيّة، هو كتابة الأقدار للناس التي علينا الاستسلام لها وقبولها، مستريحين هكذا من تحليل الأسباب وتحمّل مسؤوليّة النتائج. يعطي البعض للإنسان شيئاً من الحريّة،ولكنّها لا تتجاوز خيارات محدودة كلّها ستعود بالإنسان إلى تحقيق الإرادة الإلهيّة في النهاية.
إنّ مفهوم القدر المكتوب والقضاء الأزلي الإلهيّ المحدّد مسبقاً، كلّها يعني أنّ الله “مسبقاً” قد حدّد مستقبلَ كلّ الأمور وكلِّ البشر. وليس للإنسان بالنهاية الدور الأساسيّ في تحديد مصيره بل ينحصر دوره في تحقيق المقدَّر له.
This belief in God’s predestination of human destinies lifts a very important issue from man, which is the responsibility for evil in this world. Any evil event is caused either by man or by God, if we want to analyze things logically! Since God’s goodness, in religions, is an axiom that must not be touched, the responsibility for evil returns to man. Here, if man wants to lift his responsibility, he must attribute this responsibility to an unknown force (fate and destiny) or to an unknown divine wisdom (God’s good wisdom), and surrender his affairs, free from responsibility for any pain or evil in the reality of life.
Why did this or that die for one reason or another, like this and now? It is fate! While in reality, behind this may be hidden reasons such as negligence, ignorance, and human moral evils for which we must bear responsibility. Behind this, then, lies not God’s predetermined will, but man’s free will. So the concept of fate and destiny is an old philosophical and then religious saying, and it is the easiest way to lift man’s responsibility for evils in this world.
The concept of predestination is not only contrary to the teaching of the Bible, but also contrary to logic. If all things are written in advance, this means that we have no right to praise a person for his virtue or to hold another accountable for his vice. He who does good deeds is controlled, not free to choose, and has no merit in that, and he who commits evil deeds is also controlled, not free to choose, and has no fault in that. The principle of predestination is contrary to human experience in establishing courts and establishing principles of punishments and rewards. Deep down, people do not believe in predestination. Because in reality, they organize their societies on the principle of reward and punishment.
What is the benefit of caring for a person or looking after him as long as his future is determined and his destiny is written? Whether you get tired or not, destiny is certain! Therefore, the concept of fate and destiny also contradicts human experience in education, building schools, teaching, medicine, and every attempt at good in all fields. Human logic does not act based on belief in fate and destiny, that is, on the assumption that we are controlled and have no choice. On the contrary, all systems of social life are based on foundations built on human freedom and responsibility towards life, with its good and evil.
إنّ أدبنا المسيحيّ، خاصّة المعاصر منه للوثنيّة في القرون المسيحيّة الأولى (الثالث والرابع)، عالج هذه المفاهيم بسبب من انتشارها آنذاك. لكن ناهيك عن إيمان العديد من الناس بها حتّى يومنا هذا، فعديدون هم مَنْ يحترفون مهنة “التبصير” وقراءة الفنجان وقراءة المستقبل بحسب الأبراج. وأكثر منهم وللأسف مَنْ يؤمن بذلك. وكم من المحطّات التلفزيونيّة والإذاعيّة التي تخصّص لهذه المفاهيم ساعات من البثّ يترقّبها كثيرون؟
إنّ الإيمان بمفهوم- القدر المكتوب أو القضاء الأزلي لله يعاكس الإيمان بالله بحسب المفهوم المسيحيّ. الإله الذي له إرادته لكنّه يحترم إرادة الإنسان. هل تستطيع إرادة الإنسان أن تخالف إرادة الله؟ الجواب واضح! وهو المفسّر لوجود الشرّ في الدنيا. لأن إرادة الله صالحة دائماً، الذي “يريد أن جميع الناس يخلصون”(1 تم 2، 4). إن هذه الإرادة الإلهيّة الصالحة لا تُفرض على الإنسان بصورة حتميّة بل هي وصيّة ونصيحة ونداء. إنّ إرادة الله تتقابل مع إرادة الإنسان الحرّة ولا تريد أن تحلّ محلّها أو تلغيها. فالحريّة البشريّة هي هديّة الله للإنسان. وإذا ما فقد الإنسان حريّته فهو يخسر على الفور إنسانيّته، ويعود إلى مستوى الحيوانات الغرائزيّة. إنّ أهمّ ما يحبّه الله في الإنسان هي حريّته التي وهبه إيّاها. وأيّة فضيلة تتمّ دون خيار حرّ ليست فضيلة. فليس للحصان فخر بسرعته ولا للطير بتحليقه، فهذه في طبيعته. الخير الطبيعيّ ليس فضيلة أخلاقيّة، إنّه هبة لا خيار لمالكها بها. أمّا الفضيلة الأخلاقيّة فهي تقتضي حكماً وجود إمكانيّة خيار معاكس. أن نختار الخير لأنّه الحلّ الوحيد ليس بالأمر الخيّر والفضيل. إنّما أن نختار الخير بوسط حلول شريرة فهذا يعني “فضيلة”!
إذا كانت إرادة الله هي خير الإنسان، فإن الله يدرّب الحريّة البشريّة ويساعدها بالوصايا وبالنعمة والوسائط العديدة، لكنّه لا يفرض أي أمر خيّر ولا يمنع أي أمر شرير عن الإنسان حين يريده هذا الأخير، لأنّه يريد الإنسان فضيلاً، أي واعياً يختار بحريّته بين الخيارات المتعدّدة ما هو صالح منها. فعندما يخطئ الإنسان، هذا لا يعود إلى قدر مكتوب وإنّما إلى الحريّة المعطاة له، والتي علينا أن نقبل من البدء أنّها ستخطئ كما ستصيب، بمقدار وعي الإنسان أو جهله، بمقدار إيمانه أو رفضه لوصايا الله وطرقه. إنّ الله يرفع الخطأ من حياة الإنسان ليس بحرمانه الخيار(حتى الخاطئ منه) وإنّما بتدريبه وإحاطته والعناية به. لهذه الغاية جاء هو بالذّات متجسّداً وأرسل الوصايا والأنبياء والكتب المقدّسة وأسّس الكنيسة ليكون بواسطتها إلى جانب الحريّة البشريّة مساعداً إيّاها في القرار الخيِّر. فالله “لا يوقظ الزوجة قبل أن تريد” (نشيد الأنشاد 2، 7).
إذا كانت إرادة الله لا تغصب حريّة الإنسان، فهل هذا يعني على التوالي أنّ حريّة الإنسان يمكنها أن تمنع إرادة الله؟ الجواب نعم. فمن أبكى الله؟ ألم يبكِ يسوع على أورشليم قائلاً: “أورشليم أورشليم… كم من مرّة أردتُ أن أجمع صغارك…” نعم لم تتحقّق إرادة الله في أورشليم. لقد أراد البشر عكس ما يريده الله، وتحقّقت إرادتهم وبكى الله على الخيار الخاطئ لأبناء أورشليم.
إنّ الإيمان بالقدر المكتوب يعود إلى ميل الدين إلى ضمانة أمرَين: الأوّل هو “قدرة الله الكليّة”. أي أنّ كلّ شيء يتمّ بإرادته ولا شيء يغلب قدرته. والأمر الثاني هو “معرفة الله الكليّة”. فلا شيء يتمّ ويجهله الله، وكل شيء بعلمه وإرادته.
هل تضع حريّة الإنسان هذه “قدرةَ الله الكليّة” في موضع الشكّ؟ للوهلة الأولى، الجواب هو نعم. لكن قدرة الله الكليّة بحسب الإيمان المسيحيّ تتحقّق في المخطّط الإلهيّ ليس برفع حريّة الإنسان حين تعارضها، وإنّما بزيادة العطاء الإلهيّ والتدخّل في التاريخ البشريّ وتدريب الإنسان إلى حين يعمل هذا الأخير إرادةَ الله بخياره الحرّ. فالله كليّ القدرة نعم، ولكنه يريد ألاّ يتجاوز حريّة الإنسان، وإذا كان يريد الصلاح فهو لا يحقّقه دون مشاركة الإنسان الحرّة. لذلك يضع الله صلاحه- بإرادته رهناً بموافقة الإنسان، على أنّ قدرته الكليّة ستتحقّق اسختولوجيّاً في المنتهى.
وهل تعني “معرفة الله الكليّة” مسبقَ كتابته قدر كلّ شيء وكلّ إنسان؟ هنا يجب التمييز بين أن يسبق الله ويعرف وبين أن يسبق الله ويكتب. إنّ الله بحكمته يعرف كلّ شيء في المستقبل. لكن هذا لا يعني أنّه يسبق ويكتب كلّ شيء. إنّ معرفة الله الكليّة القدرة للأمور لا تعني أبداً موافقته عليها. لذلك فعلاً “لا تسقط شعرة من رؤوسنا إلاّ بعلمه”، ولكنّ علمه بالأمور لا يعني موافقته على كلّ الأمور. فهو يعرف مسبقاً الخيار الإنسانـيّ. كما قال للتلاميذ “واحد منكم سيسلّمني”، ولكنه أضاف منبّهاً “الويل لمن يسلم ابن الإنسان”، فهو لا يريد ذلك. ما الذي يمنع الله إذن أن يسبق ويوقف الشرّ الذي يعرف مسبقاً بحدوثه؟ إنّه احترامه لحريّة الإنسان!
We have images from human experience that clarify this for us. It is easy for one of us to look at his son and say about him, for example, this one will become a great musician, he is ahead of the game and reads. He may take care of his son in this field, and he may succeed, not because he violently creates a musician out of his son and molds him like this as if he were a doll or a mere deaf substance, but because his vision was correct; and he may not succeed! And if we as humans, with our simple wisdom, succeed sometimes and fail other times, God, with His absolute wisdom, always reads the truth of the future.
كلّ الآيات الواردة في الكتاب المقدّس، وخاصّة عند بولس الرسول، التي تشير إلى مسبق اختيار الله أو إلى “سجلّ الحياة”، أو أنّه “لا أحد يأتي إلى الابن إلا الذي اجتذبه ( مسبقاً) الآب” وسواها من صور وآيات، كلّها تندرج تحت مفهوم “مسبق رؤية الله” للأمور، وليس تحت مفهوم “مسبق كتابته للأقدار”. يسمح الله بوقوع الأخطاء البشريّة رغم أنّه لا يريدها. كيف يرفعها؟ بتدريب الإنسان والعناية به.
إنّ “قدرة الله الكليّة” والصالحة، ومسبق “معرفته الكليّة” للأمور، ولكن أيضاً بالوقت ذاته احترامه “للحريّة البشريّة” والحفاظ عليها، هي حقائق تجعلنا نحن المسيحيّين ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وأمان ولكن أيضاً بمسؤوليّة واعية.
Metropolitan Boulos Yazigi
عن كتاب “السائحان بين السماء والأرض”