أ – الولادة من فوق
قال المسيح لنيقوديموس: “ما من أحد يمكنه أن يرى ملكوت السماوات إلاّ إذا وُلد من فوق” (يو 3: 3). ولم يفهم نيقوديموس كلام المسيح، فسأله: “كيف يسعَ الإنسان أن يولد وهو شيخ كبير؟ أيستطيع أن يدخل في بطن أمه ثانية ثم يولد؟ فأجاب يسوع: (الحق أقول لك: ما من أحد يمكنه أن يدخل ملكوت الله إلاّ إذا وُلد وكان مولده من الماء والروح. فمولود الجسد يكون جسداً ومولود الروح يكون روحاً. لا تعجب من قولي لك: يجب أن تولدوا ثانية….” (يو 3: 4-7، أنظر يو 1: 12-13).
الولادة العلوية التي يتحدَّث عنها المسيح هي “غسل الميلاد الثاني والتجديد الآتي من الروح القدس” (تيطس3: 5)، أي نيل الروح القدس بالمعمودية التي تتم على اسم الثالوث القدوس.
سأل الحشد المجتمع بطرس والرسل: “ماذا يجب علينا أن نعمل، أيها الإخوة؟” فقال لهم بطرس: “توبوا، وليعتمد كل منكم باسم يسوع المسيح ولتُغفر خطاياكم، وينعم عليكم بالروح القدس” (أع 2: 38).
The presence of the Holy Spirit is what renews the birth of man. This presence takes place within the Church through the sacrament of baptism and other sacraments.
لم تكن المعمودية عملاً تعسفياً فرضه الرسل، بل كانت وصيَّة تلقوها من المسيح مباشرة (متى 28: 19) حين أكّد لهم “أن من آمن واعتمد يخلص، ومن لم يؤمن يُقْضَ عليه” (مر 16: 16).
By baptism, man takes on the body of Christ and attains the body of the risen Lord. When he is immersed three times in the baptismal font, he participates in Christ’s three-day stay in hell. When he emerges from the water, Adam’s old nature has died in him, and he has put on the new nature, the risen nature of Christ (Rom. 6:93). He no longer remains a citizen of the earth who is destined for death, but is registered as a citizen in heaven and his name is written among the living (Heb. 12:23).
ولو كنّا قادرين على أن نرى الإنسان الخارج من جرن المعمودية بعين روحية صافيّة، لأدركنا التحوّل والتبدّل الحاصلين بواسطة هذا السرّ، وتأكدنا أنه قد خلع بالمعمودية الإنسان القديم ولبس جسد المسيح الناهض والمتبدّل، أي أنه وُلد مجدّداً بطريقة روحية (يو 3: 4-7، 1: 12-13). ويصف بولس الرسول هذا الحدث في قوله: “أوَتجهلون أننا، وقد اعتمدنا في يسوع المسيح، إنما اعتمدنا في موته فدُفنا معه بالمعمودية لنموت فنحيا حياة جديدة كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب؟ فإذا اتَّحدنا به في موت يشبه موته، فكذلك تكون حالنا في قيامته. وإننا نعلم أن إنساننا القديم قد صُلب معه ليزول هذا الجسد الخاطئ، فلا نظل عبيداً للخطيئة، لأن الذي مات تحرَّر من الخطيئة. فإذا كنّا قد متنا مع المسيح، فإننا نؤمن بأننا سنحيا معه (رو 6-8).
ب – شـروط المعموديـة
Christ said that salvation is the portion of the person who believes and is baptized (Mark 16:16), meaning that the condition for baptism is faith in the person of Christ. When we say that a person must believe, we do not mean an abstract or gratuitous faith, as happens when some people say: I believe that there is a higher power! We mean a faith for which a person is ready to give everything, even his own life, if it is asked of him.
This is what the martyrs of our Church did, and this is what we are called to do as well: to view our faith as the most precious thing we possess, and not to exchange it for money, nor for the friendship of people, nor for our lives themselves (see Matthew 16:25, Mark 8:35, Luke 9:24, John 12:25).
This faith must consist of three main elements:
- Satan's rejection: بالابتعاد عن كل إيمان، أو فكرة، أو عمل شيطاني (يع 4: 7). وهذا ما يعجز عنه الإنسان بمفرده، لأنه خاضع لسلطة الشيطان (1 يو 5: 19، يو 12: 31، 14: 30). ولهذا السبب فإن كنيستنا قبل المباشرة بسرّ المعمودية تأمر الروح الشرير، باسم المسيح، أن يخرج من “جندي المسيح إلهنا الجديد” الذي خُتم بإشارة الصليب الكريم، ويبتعد عنه ولا يعود إليه مطلقاً. وبختم الصليب الكريم يؤمر الشيطان بالابتعاد عن ماء المعمودية المقدسة أيضاً، حتى يكون “ماء الفداء، ماء التقديس، تطهيراً للجسد والروح، حميماً لإعادة الولادة، تجديداً للروح، نعمة للتبنّي، سربالاً لعدم الفساد وينبوعاً للحياة” وأن يتجدد المعتمد فيه بعد أن يكون قد خلع الإنسان العتيق، إنسان الفساد، ولبس الإنسان “المتجدّد” على صورة خالقه لكي يصبح “مشتركاً” في موت المسيح وفي قيامته أيضاً.
- Belonging to Christ: That is, turning thoughts, deeds, love, and the whole life to Christ and submitting completely to Him (James 4:7).
- Prostration and worship of Christ.
ج – معمودية الأطفال
In the ancient Church, people converted to Christianity individually, accepting baptism at a later age, after having received guidance and preaching that would strengthen their faith in Christ. Thus, a special category existed in the Church, namely the catechumens, and traces of their presence remain to this day in the Divine Liturgy, specifically in its first section, which consists of the salutations, antiphons, and readings and ends with prayers for the catechumens, and is called by their name: the Liturgy of the Catechumens.
But this does not mean that the Holy Church forbade the baptism of children, or even children themselves, because this prohibition means depriving them of salvation (John 3:5), and because Christ himself called the little children to him, and laid his hand on them, and blessed them and conveyed to them the grace of the Holy Spirit, saying that the kingdom of heaven belongs to such as they do (Matthew 19:14-15, Mark 10:13-16, Luke 18:15-17).
The apostles baptized all members of families who converted to the faith without distinction (Acts 16:15-33, 1 Corinthians 1:15). We see that the Bible shows circumcision as a picture of baptism (Col. 2:11-12), which was performed on the eighth day after the child’s birth (Gen. 17:12, Lev. 12:3).
وهكذا يظهر أن معمودية الأطفال كانت عادة متّبعة في الكنيسة القديمة. أمّا تأجيل المعمودية إلى سن أبعد فهي عادة متأخرة. وقد ذكر القديس إيريناوس (150 م) هذه العادة الكنسيّة، بينما لاحظ القديس قبريانوس (250 م) أنه “إذا كان المسنّون الذين سقطوا في خطايا كبيرة يستحقون نعمة المعمودية المقدّسة، فكم بالأحرى يستحقها الأطفال الذين لم يخطأوا بطبيعتهم، بل هم مشاركون في الخطيئة الأصلية وحدها، وهي غريبة عن إرادتهم”. أمّا القديس غريغوريوس اللاهوتي فقال إنه ينبغي أن يعتمد الأولاد في سن الطفولة، “حتى يتقدَّسون ويكرَّسون منذ نعومة أظافرهم”.
د – أهميّة المساهمة الشخصيّة في المعمودية المقدّسة
قد يتساءل البعض: هل يستطيع الطفل أن يدرك هذا السرّ المقدّس؟ والواقع أن إدراك السرّ لا يتوقف على مقدرة الإنسان الذهنية بل على محبة الله. لذا يقول نيقولا كاباسيلاس: “نحن لم نطلبه (الله) بل هو طلبنا. فالشاة لا تطلب الراعي بل الراعي يطلب الشاة، ولا الدرهم يطلب ربّ البيت، بل ربّ البيت يطلب الدرهم. كل شيء يأتي من الله. وما على الإنسان سوى أن يقبل آثار النعمة الإلهية، ولا يضع العراقيل أمامها. وهذا ما يفعله الطفل الصغير بطريقة أفضل كثيراً، لأنه لا يقدر أن يضع العراقيل أمام نعمة الله أو أن يقاومها نفسيّاً.
There is no doubt that the child's contribution to baptism is small, but this is not of great importance, because the cognitive capacity of the adult may also not be in harmony with the results of this sacred, incomprehensible and indescribable sacrament.
For these reasons, the Orthodox Church baptizes children and believes that this act is correct and in accordance with the will of Christ (Matthew 19:14–15).
هـ – مسؤولية الأهل والعرّابين
When children are baptized, it becomes clear that the responsibility for teaching and developing the faith of the new church member falls on his parents and godparents.
فما هو قوام هذه المسؤولية؟ وبماذا يتعهّد العرَّاب، أو الموعوظ نفسه إذا اعتمد وكان بالغاً، كما يجري في بلاد الإرساليات؟ والواقع إننا نجد الجواب في الخدمة المقدّسة التي تُقام للموعوظ قبل المباشرة بسرّ المعمودية: يدير الكاهن الموعوظ إلى الغرب ويسأله إذا كان يرفض الشيطان ويتخلى عن كل شيء يتعلق به وبأعماله وعبادته فيجهر الموعوظ ثلاث مرّات برفضه الشيطان. فيكون فد أقام عهداً مقدّساً مع الله والكنيسة، بأنه قد قطع كل علاقة بالشيطان وأعماله: “نعم رفضت الشيطان!” يردِّدها ثلاث مرّات معلناً تخلّيه النهائي عنه.
وهنا يدعو الكاهن الموعوظ -أو عرابه- إلى عمل رمزي، فيقول: “أبصق على الشيطان!”، فيبصق ثلاث مرّات باتجاه الغرب، معلناً أنه لم يقطع علاقته بالشيطان وحسب، بل إنه يشعر أيضاً بكراهية واشمئزاز نحو كل ما يتعلق به، ولذلك يبصق في وجهه. ثم يوجّه الكاهن الموعوظ نحو الشرق ويسأله: “أرفضت الشيطان؟”، أي هل أنت مع المسيح؟ فيعلن الموعوظ رغبته في أن يصير عضواً من أعضاء المسيح وأن يدخل كنيسته، قائلاً: “رَفضتُ الشيطان”. ويسأله الكاهن ثلاث مرات: “أوافقت المسيح؟” فيؤكد الموعوظ الرغبة نفسها قائلاً: “وافقتُ المسيح!” ويستمر هذا الحوار المؤثر بين الكاهن والموعوظ -أو عرّابه- حتى يتأكد الكاهن أن الموعوظ قد ترسَّخ في الإيمان الأرثوذكسي، فيسأله: “وهل تؤمن به؟” فيصرخ ا لموعوظ: “أؤمن أنه إله وملك” (أنظر يو 20: 28). ولكن الكاهن لا يكتفي بذلك، بل يطلب من الموعوظ أن يؤكّد إيمانه بكل العقائد الأرثوذكسية التي صاغتها المجامع المسكونية، فيطلب منه أن يتلو دستور الإيمان بصوت مرتفع، حتى يسمعه جميع أعضاء الكنيسة الذين يقيم معهم في تلك عهداً مقدساً. وهكذا يعلن الموعوظ أمام شعب الله أن إيمانه هو إيمان الكنيسة الأرثوذكسية، أي الإيمان بإله واحد مثلَّث الأقانيم، وبالكنيسة الواحدة المقدّسة الجامعة الرسولية التي تعترف “بمعمودية واحدة لغفران الخطايا” وتترجّى “قيامة الموتى والحياة في الدهر الآتي”.
يلي رفض الشيطان إذاً “موافقة المسيح” والاعتراف بالإيمان الأرثوذكسي، ولا بدّ بعد ذلك من السجود لله المثلّث الأقانيم والخضوع التام لمشيئته والتوكّل على رحمته العظمى، لذلك يقول الكاهن: “أُسجد له” فيقول الموعوظ: “أَسجد للآب والابن والروح القدس، ثالوث متساوٍ في الجوهر وغير منفصل!” (أنظر يع 4: 7).
This rite indicates the great responsibility that falls on parents and godparents when they bring their children to church and accept to be their godparents after they emerge from the holy baptismal font. They make a sacred covenant and promise that they will teach their children the Orthodox faith and gradually introduce them into the full life of the Church. What a great responsibility indeed!
وبعد إتمام هذا العهد مع الكنيسة، يمجِّد الكاهن اسم الله من أجل هذا الحدث العظيم: “مبارك الله الذي أراد أن الكل يخلصون والى معرفة الحق يقبلون، الآن وكل أوان والى دهر الداهرين!” وتختتم الصلاة على الموعوظ بدعاء جميل فيبتهل الكاهن إلى الله أن يدعو الموعوظ “إلى النور المقدس” وأن يؤهله لمواهب الروح القدس العظيمة: “إنزع عنه العتاقة وجدّده للحياة الأبدية. إملأه من قوة روحك القدوس، لكي يتّحد مع مسيحك، فلا يكون فيهما بعد ابناً للجسد بل ابناً لملكوتك”.
و – مؤازرة الكنيسة
Parents and godparents do not perform this sacred duty alone, but the Orthodox parish to which they belong supports them in this, through its spiritual services, church life and religious education, which it provides on all occasions. The Orthodox school also plays its role in this area, by providing organized religious education, in addition to children’s books and Orthodox magazines that help in the process of religious education and in introducing children to church life.
These aids, especially the support of the Church, are not an interference in the duties of the parents, but on the contrary. Parents who bring their children to church to be baptized, by doing so, declare their desire to introduce their children into the life of the Church, which is a communion in the life of Christ and not a private piety of each one of them. For this reason, to exclude them from liturgical life and religious education would be to violate the sacred promise they made with God and the Church when they led their children to holy baptism.
Parents and godparents are the guarantors of the baptized child they have adopted in holy baptism, and they must take care to introduce the new member of the Church into the full life of the Church. If they do not encourage him to belong to the Christian education movement in the parish, and do not take him to church themselves, they betray their faith before God and the Church.
This is the conclusion that can be drawn from the beautiful and moving service of “Prayer for the Catechumen.”
ز – سلاح الروح القدس
بالمعمودية المقدّسة ينتمي الإنسان إلى جسد المسيح، أي إلى الكنيسة، ويغدوا شريكاً في الخليقة الجديدة. ولكن المسيح ذكر لنيقوديموس أن على الإنسان أن يولد “من الماء والروح” (يو 3: 5)، وفي مكان آخر: “من كان عطشان فليأتني، ومن آمن بي فليشرب. فقد قال الكتاب: ستجري من جوفه أنهار من الماء الحيّ” (يو7: 37-38). وأكّد يوحنا الإنجيلي أن يسوع “أراد بذلك الروح الذي سيتلقاه المؤمنون به، فما كان الروح يومئذ قد أُعطي بعد” (يو 7: 39، أش 55: 1).
ونحن نعلم أن هذا الأمر قد تمّ في اليوم الخمسين، حينما امتلأ “الرسل كلهم من الروح القدس” (أع 2: 4). لكن الروح القدس يأتي في سرّ المسحة بالميرون على كل إنسان بمفرده فيحيه. ويشهد الكتاب المقدس أن المعمودية ليست كافية لـ “ملء” الإنسان من الروح القدس. لذلك نرى الرسولين بطرس ويوحنا يذهبان إلى السامرة ليضعا أيديهما على رؤوس المسيحيين ناقلين الروح القدس إليهم (أع 8: 15-17)، ونرى الرسول بولس يقوم بالعمل نفسه من أجل مسيحيي أفسس (أع 19: 5-7). ثم يقول لهم: “وفيه (المسيح) أنتم أيضاً، وقد سمعتم كلام الحق أي بشارة خلاصكم وآمنتم، خُتمتم بروح القدس الموعود عربون ميراثنا” (أف1: 13-14، أنظر 1 يو 2: 20).
في المعمودية يتّحد الإنسان بالمسيح، ويشترك بموته وقيامته. لكن المسحة المقدسة، أي خُتم الروح القدس، هي “العربون” (أف 1: 14، 2 كو 1: 22) أو بداية ملكوت الله. أمّا اشتراك الإنسان في الحياة الإلهية فيتم بسرّ الشكر الإلهي. وقد أقامت الكنيسة الأرثوذكسية وحدة داخلية بين هذه الأسرار المقدّسة فلم تحرّمها حتى عل الأطفال.
يُقال في أفشين المسحة المقدّسة: “أنت يا من رضيت الآن أن تجدّد ولادة عبدك المستنير جديداً بالماء والروح، والذي وهبته غفران الخطايا التي فعلها طوعياً أو كرهياً، أنت ايها السيّد الرحيم، ملك الكل، أعطه أيضاً ختم موهبة روحك الكلّي الاقتدار والمسجود له وتناول جسد مسيحك المقدّس ودمه الكريم. إحفظه داخل قداستك الذاتية، وأمّن له طريق الإيمان القويم. نجِّه من الشرير ومن جميع حيله. احفظ نفسه بخوفك الخلاصي ضمن الطهارة والعدالة، ليرضيك بكل قول وعمل، لكي يغدو ابناً ووارثاً لملكوتك السماوي”.
“ختم موهبة الروح القدس” هو الذي يحقِّق قدرة المؤمن على النضال ضد قوات الشيطان. ولا بدّ أن يشعر الإنسان بـ “الخوف الخلاصي” وأن يحفظ في “الطهارة والعدل” لكي يرضي الله “بكل قول وعمل” ويصبح “ابناً ووارثاً لملكوت السموات”. وهذا ما عنيناه بقولنا أن المسحة المقدّسة هي “عربون” هذا الملكوت.
In his struggle against the devil who attacks him after baptism, man must put all his physical and spiritual capabilities into action, in order to defeat him. Therefore, he must be completely sanctified and sealed as a treasure of God and a dwelling place and temple of the Holy Spirit (1 Corinthians 3:16-17, 6:19, Ezekiel 36:26-27).
وكنيستنا الأرثوذكسية تفعل ذلك عندما تَختم بالميرون المقدّس سائر أعضاء الجسد، حتى تنتقل مواهب الروح القدس إليه وتجعله بكلّيته “كائنا موهوباً” ومستعداً للحياة الجديدة “في المسيح”. وهذه هي الأسلحة المقدّسة التي تهيئها الكنيسة لكل عضو جديد فيها.
H - Enemy attacks after baptism
بالمعمودية يتجدّد الإنسان ويولد من جديد، أو كما تقول أفاشين السرّ المقدّس: “يتشكّل” المسيح في داخله، و”يُبنى” ثم “يُزرع” في الكنيسة، مرتدياً “ثياب عدم الفساد” والرداء المنير”.
Here a question arises: If the devil has left the heart of man, and will never return to him, after his spiritual birth, and if Christ himself has become alive within him, then how can this man sin after baptism?
يقول آباء الكنيسة إن الشيطان يخرج من الإنسان بالمعمودية، لكنه يستمر في تجربته من الخارج بواسطة الحواس التي تولد الأهواء. ولذا تدعو الكنيسة في سرّ المعمودية المقدّس، أن يثبِّت الربُّ المستنير الجديد في الإيمان القويم، وأن يحفظه من الشرير ومن جميع حبائل الشيطان، وأن يجعله “مناضلاً لا يُغلب” في حربه ضد قوات العدو الخبيثة.
ط – المناضل في سبيل المسيح
The attacks of Satan witness that after baptism one enters a spiritual arena, and is called upon to struggle throughout his deception against the forces of darkness that use his senses to generate various passions within him, transform his heart and kill him spiritually.
ولذا يقول الرسول: “فتشدّدوا أيها الأخوة، في الربّ وفي قدرته العزيزة. تسلَّحوا بسلاح الله لتستطيعوا مقاومة مكايد إبليس، فلسنا نكافح أعداء من لحم ودم…. فتسلّحوا بسلاح الله لتستطيعوا المقاومة في يوم الشر. فإذا أتممتم جميع ما عليكم تظلوا ثابتين” (أف 6: 10-13). أمّا يشوع بن سيراخ فيقول: “يا بنيّ أن أقبلت لخدمة الربّ الإله فأثبت على البرّ والتقوى وأعدّ نفسك للتجربة” (2: 1).
لا شك أن الخلاص هبة من الله (أف 2: 8، 1 كو 3: 7) ووقف على إرادة الله (رو 9: 16)، إلاّ أن على الإنسان أن “يفتح الباب” (رؤ 3: 20). فيجب أن نكون مساعدين لله (أنظر 1كو 3: 8) وأن نعمل لخلاصنا “بخوف ورعدة” (فلي 2: 12).
الإنسان مدعو إذاً إلى تقديم إرادته وعرقه وتعبه وخوفه ورعدته. أو كما يقول القديس مكاريوس المصري: “لا تتأخر إرادتك ولا تهمل ما يفعله الله أيضاً”. ويضيف الأنبا أشعيا أنه ولو كان الله هو يهب الفضائل، فإن الإنسان مدعو إلى أن يقدِّم له عرق كل فضيلة. “الويل للقلوب الهيّابة وللأيدي المتراخية…. ويل لكم أيها الذين فقدوا الصبر” (يشوع بن سيراخ 2: 12-14)، أو كما يقول أحد أناشيد القانون الكبير: (لأنه بدون مشاق، لا تستطيع النفس أن تحقق عملاً ولا نظراً”.
إرادة الإنسان المشتاق إلى الخلاص تدفعه إلى الجهاد الروحي حتى يتغلب على أهوائه ورغباته الخاصة، ويخضع لمشيئة الله، فيكون قد فتح باب نفسه على مصراعيه فيدخل المسيح المخلِّص (رؤ 3: 20). لذلك تشدِّد الكنيسة الأرثوذكسية على أهمية النسك في حياة كل مؤمن. “كونوا زاهدين وساهرين، فإن إبليس خصمكم كالأسد الزائر يرود في طلب فريسة له، فقاوموه وأنتم راسخون في الإيمان” (1 بط 5: 8-9، أنظر أف 6: 10-13). فالخطر قائم إذن، حتى بعد المعمودية المقدّسة، و المسيحي مدعو إلى أن يكون مناضلاً “لا يُغلب” أمام هجمات المعاند وحيله، وأن يضع نصب عينيه أقوال الربّ: “إن الروح النجس إذا خرج من الإنسان، هام في القفار يطلب الراحة فلا يجدها، فيقول: أرجع إلى بيتي الذي خرجت. فيأتي فيجده خالياً مكنوساً ومزيناً. فيذهب ويستصحب معه سبعة أرواح أخبث منه، فيأتون ويقيمون فيه، فيكون ذلك الإنسان في حالته الآخرة أسوأ منه في حالته الأولى” (متى 12: 43-45).
We have to be very careful, because this could happen to any of us.
حاشية مرتبطة بعنوان الفصل “انضمام الإنسان إلى الكنيسة”: راجع الفصل المتعلق بالمعمودية في كتاب “مدخل الى العقيدة المسيحية” لكوستي بندلي ومجموعة من المؤلفين، منشورات النور، و”الكنيسة الأرثوذكسية، إيمان وعقيدة” لتيموثي وير ، سلسلة “تعرف الى كنيستك” منشورات النور ( الناشر ).

