Site icon Orthodox Online Network

الفصل السابع والعشرون – وطننا الحالي

أ – تذوّق ملكوت الله

وطننا الحقيقي هو ذلك الذي “نطلبه” (عب13: 14)، ولكننا مدعوون إلى أن نحيا الآن على هذه الأرض. فما هي علاقتنا بالعالم الحاضر؟

The Lord is eternal life (1 John 1:2), and He appeared to us in His incarnation as God incarnate (John 1:14, Timothy 3:16). Thus the Word of God, the second person of the Holy Trinity, entered the heart of the world, sanctified it, and made it live a new era or age, the age of the Kingdom of God. The Lord Himself confirmed that the Kingdom of God does not concern the future alone, but that the believing Christian lives it from now on (Luke 17:21). The sign of the beginning of the Kingdom of God is the authority of Christ over the evil forces that control the world (Matt. 12:28, Luke 11:20). But the present time is different from the comprehensive Kingdom of God, and is only a picture or introduction to it. The Kingdom will shine in its full glory in the last times, at the coming of the Lord (Rev. 20:11-22, Is. 60:1-22).

ويحيا المسيحيون منذ الآن في وسط نور الملكوت، مع أنهم لا يتمتعون جميعاً بهذا النور، ولا يصيرون “نوراً بكاملهم” أو “ناراً بكاملهم”، كما حدث مراراً في حياة قدّيسي كنيستنا.

ب – علاقة المسيحيين بالعالم

“أنتم نور العالم” (متى5: 14، أنظر فيل2: 15-16). “أنتم ملح الأرض” (متى5: 13). أقوال المسيح هذه تحدّد علاقة المسيحيين بالعالم، فهم نوره وملحه وخميرته الروحيّة (متى13: 33، لو13: 21، 1 كو5: 6 الخ…). إنهم قلب العالم الذي يعطيه معناه الحقيقي “فيعتق من عبوديّة الفساد إلى حريّة مجد أبناء الله” (رو8: 21).

يقول نص مسيحي قديم: “المسيحيون للعالم كالنفس للجسد. فكما أن النفس منضبطة بالجسد، ولكنها تحفظه فكذلك المسيحيّون المنضبطون في العالم كأنهم في سجن، فإنهم يحفظونه” (الرسالة إلى ذيوغنيتوس). والمسيح لم يطلب من الآب أن يأخذ المسيحيين من العالم بل أن يحفظهم من الشرّير(يو17: 15) الذي صار بعد السقوط “رئيس هذا العالم” (يو12: 31، 14: 30). ولذلك لا يستطيع المسيحيون إلاّ أن يساهموا في جهاد الإنسان اليومي لتأمين حاجات الحياة: “اذهب إلى النملة أيها الكسلان. انظر طرقها وكن حكيماً. إنها ليس لها قائد ولا مدبر ولا حاكم. وتَعِدُّ في الصيف طعامها وتوعي في الحصاد أكلها. اذهب إلى النحلة وتعلَّم كم هي عاملة، وكم تعطي شرفاً إلى العمل” (أم6: 6-8، أنظر10: 4-20، 4: 21-25).

However, the duty of Christians is not limited to working diligently to secure their own needs and solve the problems of their fellow human beings. Rather, they must, in the presence of Christ, expel the satanic element from the world and restore it as it was: to glorify God.

لقد خلق الله الإنسان ووضعه في الجنّة “ليفلحها ويحرسها” (تك2: 15) ولكي يصبح سيّد الخليقة بأسرها (تك1: 28، أنظر حكمة سيراخ17: 2-4، حكمة سليمان10: 2، مز8: 1-10). ولكن الإنسان لم يحتفظ بمركزه الملوكي والكهنوتي وسط العالم، وخالف إرادة الله، فقاد الخليقة كلها إلى السقوط. ولكن الرسالة التي لم يقم بها آدم أُعطيت لإنسان الخليقة الجديدة، ويصفها الكتاب المقدّس بـ “خدمة المصالحة” (2كو5: 18)، أي مصالحة العالم مع الله. فالعالم مدعو إلى أن يتحوّل، ودور الإنسان أن يكتشف قوى العالم السرّية، ويحوّلها لكي يجابه معضلات الحياة اليوميّة مجابهة فعّالة.

Man's potential in this area is incomparable, because he is the image of God and shares, to some extent, in the divine power. The biblical vision that makes man the image of the Triune God raises man to a position that is incomparable to the greatest that philosophical and human systems have brought him to. There can be no limits or barriers to man's growth, and he bears the great responsibility that his actions be for himself and for all creation (see Psalm 8:1-10).

لقد جرّ الإنسان الخليقة بأسرها إلى السقوط والفساد عندما توقف عن استخدامها لتمجيد الله، وطلب بركة الله بواسطتها (تك2: 16-17). ولكن إنسان الخليقة الجديدة، أي المسيحي، مدعو إلى أن يحوّل ذاته وأعماله والعالم كله، إلى علاقة مستقيمة مع الله (أنظر تث8: 12-18، 1 أخ29: 14-16)، كما فعل تلاميذ المسيح بعد التجليّ، إذا انحدروا من جبل ثابور وساروا إلى العالم ليحوّلوه، ويغدون “جدداً” و”أطهاراً” (متى17: 1-8، 2 كو5: 17). لذلك لا ينفصل المسيحيون عن العالم ولا يتنكرّون لمسؤولياتهم نحوه ولا يهجروه، فقد أوصاهم الربّ أن يبقوا في العالم (يو17: 15) ويقوموا برسالة عظمى فيه.

ج – مسؤولية المسيحيّين الاجتماعية

هدف كل مسيحي أن يحيا ثالوثياً، أي أن تكون حياته صورة للثالوث القدوس. ويقول احد اللاهوتيين أن هدف كل مسيحي هو أن يحيا مع أخيه، أو بالأحرى “في أخيه” كما أن الآب “في الابن” والابن “في الآب”، والروح القدس “في الآب والابن” (أنظر يو17: 21). والمؤمنون مدعّوون إلى أن يعيشوا هذه الحقيقة في الليتورجيا الإلهية، فيحوّلوها إلى عمل في الحياة اليوميّة (1 كو10: 16-17).

في الليتورجيا الإلهية يستعيد الإنسان والخليقة بأسرها، الوحدة التي فقدوها، ويحيونها ثانية. فكل شيء يُستعاد في جسد المسيح الناهض من الموت، ويقدّم مجدّدا من أجل شكر الله (زخ14: 20 21). لذلك نكرّر في الخدم الليتورجية: “لنودع ذواتنا وبعضنا بعضاً وكل حياتنا للمسيح الإله”.

وهكذا تنتفي الاهتمامات الأنانية من حياتنا، ويكون “المسيح إلهنا” مركز الثقل فيها، لأنه يوّحد ذواتنا وإخوتنا وحياتنا كلها. فالمسيح يظهر لنا يومياً في وجه أخينا الذي ينتظر ثمار أتعابنا ليرتاح. ونحن نضع حياتنا وكل قوانا وملكاتنا في “خدمة المسيح الإله” من خلال خدمتنا لإخوتنا (متى25: 40). وهذه الإمكانات غير محدودة لأن الإنسان، كما ذكرنا سابقاً، هو صورة الله الكلّي الحكمة والاقتدار، لذلك يشترك في حكمة الله وقدرته (تك1: 28، مز8: 1-10، حكمة سيراخ17: 2-4، حكمة سليمان10: 2). فهل نستطيع بعد هذا أن نتجاهل الحياة الحاضرة؟ أو نتغافل عن جراح الإنسانية والعالم؟

صحيح أن المسيحي مدعو إلى التحرّر من العالم وتجاوزه، لأنه “أقذار” إذا ما قورن بالكنز الوحيد الذي هو المسيح (فيل3: 8). ولكن هذا لا يعني أن نغفل مسؤولياتنا عن مصير العالم أو عن مشاكل إخوتنا. وإذا كان كلام الله يدعونا إلى أن نبكي مع الباكين (رو12: 15)، فان مساعدة الأخوة هي واجب ملِّح. وعلينا أن نتذكر دائماً أقوال الرسول يعقوب: “فلو كان فيكم أخ عريان أو أخت عريانة ليس لهما قوت يومهما، وقال لهما أحدكم: اذهبا بسلام واستدفئا واشبعا، ولم تعطوهما شيئاً ممّا يحتاج إليه الجسد، فماذا ينفع قولكم؟” (يع2: 15-16، أش58: 1-14).

This does not mean rejecting asceticism, which involves distancing oneself from the world and living a monastic life. Monks are not far from the goal we have mentioned. The true monk does not live in inner separation from the world, nor does he ignore his responsibilities towards it. He lives for the whole world, and feels deeply united with it. The monk’s message and talent have a prophetic character and are reminiscent of the kingdom, because monastic life is nothing but a living image of the life to come.

The monk is to the world an arrow pointing towards heaven, showing the world that there is another reality, the reality of heaven. And in this lies his great gift to the world. And it is a gift that is necessary, especially in our present age, when almost everyone is drifting towards materialism, and is threatened with the danger of being condemned to death.

Exit mobile version