Site icon Orthodox Online Network

Part One: 3- The book “The Apostolic Evangelism”

introduction:

الهدف الذي من أجله كتب القديس إيريناوس كتاب “الكرازة الرسولية”، واضحٌ بشكل صريح، إذ يذكر القديس إيرينيوس في السطور الأولى للكتاب أنه يقصد أن يزود ماركيانوس ب- ” مذكرة مُلخصة” في شكل نقاط أساسية يستطيع ماركيانوس بواسطتها “فهم كل أعضاء جسد الحقيقة”. وهكذا يكون كتاب “الكرازة الرسولية” هو اقدم ملخص للتعليم المسيحي، نجده معروضاً بطريقة غير جدليةٍ أو دفاعيةٍ بل بطريقةٍ إيجابية. ولهذا السبب فإن اكتشاف هذا الكتاب في بداية القرن العشرين ولّد حماساً وإثارة كبيرة؛ إذ أصبح بين ايدينا كتاب قام بتأليفه أسقف يعرّفنا عن نفسه بأنه قد عاشر أولئك الذين هم انفسهم قد عرفوا الرسل، كما أشرنا سابقاً. وهكذا يعرض إيريناوس في كتابه مضمون تعليم الرسل. ولقد وُصف هذا الكتاب بأنه مقالة “تعليمية وعظية”، يقدّم المسيحية في خطوط عامة كما كان يشرحها في ذلك العصر أسقف لرعيته. ولذلك، فإن قيمة مثل هذه الوثيقة تتجاوز ما يمكن أن نعرفه من تقدير وأهمية.

The way in which Irenaeus presents Christianity is not the approach to which we are accustomed to presenting theological beliefs, but instead he follows the approach of the great sermons recorded in the Book of Acts that narrate all of God's saving works culminating in the glorification of His crucified Son, our Lord Jesus Christ, and also the outpouring of His Holy Spirit. Giving a new heart, a heart of flesh instead of a heart of stone.

The most important thing that draws attention in his book is that in his narration of this history, he does not use the writings of the New Testament as a reference to explain it (*).

من الواضح أن القديس إيريناوس يعرف كتابات العهد الجديد، ويعتبرها جزءً من الكتاب المقدس، كما يتضح تماماً من كتابه الآخر “ضد الهرطقات”، وأيضاً يتضح من كونه في كتاب “الكرازة الرسولية” حينما يقتبس آية من العهد القديم ويُرجعها إلى المكان التي اقتُبست منه في العهد القديم، فإنه كثيراً ما يُعطى هذه الآية في الصورة المكتوبة بها في العهد الجديد (مثلاً، الآيات المنسوبة إلى إرميا النبي في مت9:27-10 هذا الاقتباس في فقرة81 من “الكرازة الرسولية”)، لكن من الجهة الأخرى فإنه يتحدث عن ولادة يسوع من العذراء وصُنعه للمعجزات مبيناً ذلك من إشعياء وغيره من الأنبياء، بينما أسماء بيلاطس البنطي وهيرودس مذكورة في الأناجيل التي تقول إن المسيح قُيد وأُحضر أمامهما كما يبيّن هوشع، وأنه صُلِب وقام وتمجّد كما يشهد بذلك أنبياء آخرون. بل إن كل محتوى “الكرازة الرسولية” مُستقى في نظر إيرينيوس من العهد القديم. وهذه الحقيقة بالتالي تتضمن الاعتراف بأصالة النصوص الكتابية، التي تحمل نفس أصالة الكرازة الرسولية.

Patristic teaching in the second century before Irenaeus:

لكي نحصل على فهم أفضل لكتاب “الكرازة الرسولية” فمن المفيد أن نضع أمامنا باختصار بعض الكتابات المسيحية السابقة على إيرينيوس:

إن أقدم كتابات مسيحية وصلتنا من عصر ما بعد الرسل، أي كتابات الآباء الرسوليين تشير بوضوح إلى أنهم كانوا يعرفون بدرجات متفاوتة بعضاً من كتابات الرسل ولكنهم في أغلب الأحوال لم يكونوا يقتبسون من كتابات الرسل أو يستندون إليها كمصادر وحي يُعتمد عليها، أي باعتبارها أنها هي الكتاب المقدس. فعبارة “الكتب المقدسة” بالنسبة للآباء الرسوليين وهكذا بالنسبة للعهد الجديد نفسه إنما تشير إلى كتابات العهد القديم. فالبشارة الإنجيلية كانت إلى ذلك الوقت لا تزال في معظم الأحوال في مرحلة المناداة (أي الكرازة بالفم). فكتاب الديداخي (2:8، 5:9)، وكذلك رسالة اكليمندس الرومانى الأولى (13، 7:46-8) كلاهما يشيران صراحة إلى أقوال يسوع المسيح، ولكن ما يذكرانه وخاصة رسالة اكليمندس هي مجموعة من أقوال متنوعة معروضة بترتيب آخر غير المُدون في الأناجيل. إضافة إلى ذلك فإن اكليمندس الروماني يحث الكورنثيين أن “يتذكروا” هذه الأقوال، مما يُبيّن أن ما كان يشير إليه اكليمندس من المحتمل جداً أن يكون تقليد شفهي مُسلّم احتفظ بأقوال الرب.

Saint Ignatius of Antioch:

حالة القديس أغناطيوس الأنطاكي الذي عاش وكتب في السنوات الأولى للقرن الثاني هي حالة مُلهمة بنوع خاص. فهو يشير إلى رسائل الرسول بولس (رسالة أغناطيوس إلى أفسس2:12) ولكنه لا يقتبس منها أبداً، فعند أغناطيوس، المسيح هو محتوى إيماننا كما أنه المصدر المُطلق النهائي لإيماننا، كما سُلِّم إلينا بواسطة الرسل. فالقديس أغناطيوس يذهب بعيداً جداً أكثر من كل كُتّاب عصره في تقديره لدور الرسل. ففي كل الرموز المتقابلة المُغرم بها في كتاباته، يضع الأسقف والقسوس والشماس في ناحية ويقابلهم بالآب والمسيح والرسل (انظر الرسالة إلى كنيسة تراليا3). ومن ناحية أخرى فالرسل عنده يُوضعون دائماً في المستوى الأرفع، مع المسيح وأبيه. هذا المستوى ينعكس بعد ذلك على الكنيسة، في وجودها الخاص تاريخياً وجغرافياً، وذلك في الرتب الثلاث: الأسقف، القسوس، الشماس، وتبعاً لذلك فإن أغناطيوس يُصرِّح أو يذكر بتكرار أنه هو كأسقف ليس مثل الرسل، لأنه ليس في وضع يسمح له بأن يعطي أوامر أو يضع مبادئ أو تعاليم (عقائد) جديدة، فهذه التعاليم والعقائد تأتي فقط من الرب ورسله (انظر مغنيسيا13، رومية3:4، أفسس1:3،… إلخ). لقد كان أغناطيوس متشدداً في تأكيده لإعلان الرسل والأنبياء عن يسوع المسيح، كأساس لفهمه هو شخصياً للكتاب المقدس (العهد القديم).

فبحسب أغناطيوس فإننا ينبغي أن نعطى اهتماماً كبيراً للأنبياء، لأنهم هم أيضاً عاشوا بحسب يسوع المسيح وقد ألهمهم بنعمته (مغنيسيا2:8). وفي مقطع هام في رسالته إلى كنيسة فلادلفيا فصلى 8و9، يسجل أغناطيوس مناقشة ربما يكون أجراها مع بعض أعضاء تلك الكنيسة. وبعد حثه لسامعيه أن لا يفعلوا شيئاً بعيداً عما هو “بحسب تعليم المسيح”، فإنه يصف كيف أنه سمع البعض يقولون: “إن كنت لا أجد (هذا الكلام) في “الكتب المقدسة” فلن أؤمن أنه يكون موجوداً في الإنجيل”، أي أنهم سيقبلون الرسالة المسيحية فقط بمقدار ما تتفق مع “الوثائق المقدسة”، أي تتفق مع ما هو مكتوب قبل ذلك، أي كتاب العهد القديم. فكانت إجابة أغناطيوس أنها “مكتوبة”؛ مشيراً بذلك ليس إلى نصوص العهد الجديد، بل يشير إلى يقينه الأكيد أن العهد القديم يحتوى بالفعل على الإعلان عن المسيح. ولكن معارضيه لم يقتنعوا بهذا التفسير للعهد القديم المتمركز حول المسيح. وفيما بعد حينما أدرك سبب الاختلاف في الفهم، فإنه شرح موقفه بوضوح أكثر في رسالته: [الوثائق بالنسبة لي هي يسوع المسيح، الوثائق المقدسة الثانية هي صليبه وموته وقيامته والإيمان الذي بواسطته. بهذا أريد أن أتبرر بصلواتكم… الكهنة مُكرّمون، ولكن رئيس الكهنة هو أعظم لأنه مُؤتمن على قدس الأقداس، وهو وحده أيضاً المؤتمن على أسرار الله. إذ أنه هو الباب المؤدي إلى الآب، الذي دخل منه إبراهيم وإسحق ويعقوب والأنبياء والرسل والكنيسة… كل هذه تؤدى إلى الوحدة مع الله. ولكن الإنجيل فيه شيء فريد: فيه مجيء المخلّص، ربنا يسوع المسيح، وآلامه وقيامته. فالأنبياء المحبوبون قد تنبأوا مشيرين إليه، أما الإنجيل هو اكتمال عدم الفساد] (فلادلفيا2:8-1:9).

فبالنسبة لأغناطيوس، فإن يسوع المسيح، وآلامه وقيامته هو الإعلان الإلهي الوحيد والكامل؛ هذا الإعلان وحده هو الذي يخلّص. وهكذا فمن خلال هذا الباب وحده، يسوع المسيح صار الدخول للأنبياء، وللرسل وللكنيسة كلها إلى الآب. فحينما يقول أغناطيوس إن “الوثائق بالنسبة لي هي المسيح” فهو لا يعني بذلك أن يسوع المسيح هو سلطة مختلفة تعلو الكتاب المقدس؛ بل بالحري بالنسبة لأغناطيوس فإن العهد القديم هو ببساطة يسوع المسيح – الكلمة الذي صار جسداً. فكل كتاب من العهد القديم يختص بإعلان الله هو مُطابق لإعلان الله المُعطَى في المسيح كما كرز به الرسل؛ وبالعكس، فكل ما ينادى به الإنجيل قد سبق وكُتِب في الكتاب المقدس. لكن هذا لا يقلل من قيمة إعلان المسيح نفسه كما يذكر أغناطيوس هذا بقوله؛ إن الإنجيل فيه شيء “فريد”، لأنه يذكر مجيء المسيح وآلامه وقيامته، بينما الأنبياء أشاروا فقط إليه. فبالنسبة لأغناطيوس والآباء الرسوليين الآخرين، اعتبروا الإنجيل المسيحي، الذي هو الإعلان الخاص بيسوع المسيح، وهو بصفة أساسية يُعتبر قراءة للكتاب المقدس متمركزة حول المسيح كما سُلِّم بواسطة الرسل، رغم أن كتابات هؤلاء الرسل لم يحدث أن اقتُبس منها لإثبات هذا التعليم، ولا تم الاقتباس منها باعتبارها كتاب مقدس.

Justin, the philosopher and martyr:

أهم شخصية سابقة على إيريناوس، وكان له تأثير عميق بنوع خاص عليه هو القديس يوستينوس الفيلسوف والشهيد المدافع عن الإيمان، يوستينوس الذي كتب في منتصف القرن الثاني هو أول كاتب من الآباء يستشهد بكتابات العهد الجديد، وهو يشير إليها على أنها “مذكرات” الرسل والتي يقول عنها أنها تُسمى “بالأناجيل” (الدفاع الأول3:66).

واستعمال يوستينوس لمصطلح “مذكرات الرسل” لوصف الأناجيل تشير إلى أن هذه الكتابات كان لها بالنسبة له قيمة تاريخية في المقام الأول، ربما أكثر من كونها إعلاناً مُوحى بها مما كان يقتضى عليه في هذه الحالة أن يسمى هذه الكتابات “الكتاب المقدس”. ومع ذلك فهذا الاستخدام للمصطلح من جانب يوستينوس يوضح أن مذكرات الرسل المكتوبة كانت قد بدأت تأخذ بالنسبة ليوستينوس مصداقية الرسل أنفسهم، وهذه المصداقية هي التي بها يصير الإعلان أو الوحي المسيحي مُسلّماً بطريقة فريدة.

والأمر الأكثر أهمية جداً من جهة فهمنا لكتاب إيرينيوس “الكرازة الرسولية” هو أنه رغم أن يوستينوس قد بدأ بالتأكيد يستخدم بعض الكتابات الرسولية، فهو يقتفى أثر الآباء الرسوليين في رؤيتهم للإعلان المسيحي باعتباره قد سبق التنبؤ به في كتب العهد القديم. وهذه النقطة لها عند يوستينوس قيمة دفاعية معينة – فما يؤمن به المسيحيون ليس مجرد إدعاءات حديثة، بل هو النبوات القديمة التي يستطيع أي إنسان أن يقرأها والتي تحققت الآن. هذا الكلام يتضمن تفسيراً دائرياً للإعلان المسيحي: أي أن يوستينوس يقول إن النبوات قد تحققت في المسيح وهكذا أيضاً فإن الإعلان المسيحي المُعطى من الرسل، هو المفتاح لفهم الرسالة التي سبق أن بشر بها الأنبياء:

[We find in these books of the prophets, then Jesus our Christ is told that he comes born of a virgin and grows to the stature of a man, and heals every disease and every weakness and raises the dead, and that they hate him and do not acknowledge him, and he is crucified and dies, and rises again and ascends to heaven, and while he is in his being The Son of God, and He is called the Son of God, and He sends certain persons to every race of mankind preaching these things, and the people from the Gentiles are the ones who believe in Him (more than the Jews)] (1st Apology 7:31).

That is, the apostles' preaching is nothing other than the prophecies spoken by the prophets, and the apostles preached them because they were fulfilled in Jesus Christ. This means that apostolic preaching is, on the one hand, the key to understanding the Old Testament and ensuring its fulfillment, while on the other hand, it is the Old Testament that constitutes the entire Christian proclamation.

The danger of Gnosticism in the second century:

مما يساعدنا على تقدير قيمة كتاب إيريناوس “الكرازة الرسولية” هو أن نبحث في تعليم أولئك الهراطقة الغنوسيين الذين كشفهم إيرينيوس بكتاباته مما أدى إلى استبعادهم تدريجياً من جسم الكنيسة الجامعة. وأبرز هؤلاء الغنوسيون هو ماركيون. فهؤلاء الغنوسيون استخدموا أجزاء من العهد القديم وأجزاء من الكتابات الرسولية مع عناصر أخرى عديدة مأخوذة من مصادر مختلفة. وكوّنوا من كل هذه العناصر أساطيراً مُركبة وألفوا كُتباً كثيرة، بعض هذه الكتب ادعوا أن لها أصالة تعليم الرسل. ولأن الغنوسيين لم يستطيعوا أن ينكروا الكتابات الرسولية المُعترف بها والتي لا يوجد بها أي أساس واضح لأساطيرهم، لذلك ادعوا أن الرب لم يعّلم هذه التعاليم الموجودة في كتبهم علانية، بل بدلاً من ذلك علّم عدداً قليلاً من التلاميذ الأكثر جدارة بالثقة، وأعطاهم هذه المعرفة سراً في فترة ما بين القيامة والصعود أو في فترة ما بعد التجلى؛ وأن هذه المعرفة السرّية انتقلت من شخص إلى آخر بالتقاليد الشفهية دون أن تظهر بوضوح في الكتابات الرسولية المُعترف بها في الكنيسة. بينما هذه المعرفة السرّية واضحة جداً في كتاباتهم الغنوسية. ومن الجدير بالذكر أن الغنوسيين كانوا يفسرون كتابات بولس الرسول وإنجيل القديس يوحنا بطريقة خاطئة ليدعموا أفكارهم. إذ يخبرنا القديس إيريناوس أن شخصاً يُدعى بطلميوس كان تلميذاً لفلاندينوس الغنوسى الذي كان دائماً ينادى بأن الإنجيل الرابع قد كتبه “يوحنا تلميذ الرب”، وذلك ليعطى مصداقية لتعاليمه الغنوسية التي كانت تعتمد على التفسير الخاطئ لهذا الإنجيل (AH1:8:5).

وأيضاً هناك تلميذ آخر لفلاندينوس يُدعى هيراكليون هو الذي كتب تفسير لإنجيل يوحنا بين سنتى 170 – 180م تقريباً. وهذا التفسير يكون بهذا الشكل الغنوسى – على قدر ما نعلم – أول تفسير مكتوب لأي سفر من أسفار العهد الجديد.

وإن كان الخطر الذي مثلته الغنوسية هو الشمولية المتطرفة والجمع المُلفق بين عقائد دينية متعارضة، فإن التحدى الذي اثاره ماركيون هو العكس تماماً في تطرفه، وهو الاختصار وحذف بعض الأسفار من الكتب المقدسة. فقد أنكر ماركيون العهد القديم كله، وكذلك رفض معظم الكتابات الرسولية مُدعياً أن أغلب الرسل قد أساءوا فهم الإعلان الحقيقي الأصلي ليسوع المسيح. فقد استند على تأكيد بولس الرسول في غلاطية (6:1-10) أنه يوجد إنجيل واحد فقط ولكن الإخوة الكذبة غيّروه، وكان ماركيون يؤمن أن الرسل الآخرين قد أساءوا فهم يسوع المسيح باعتباره المسيا المنتظر المُرسل من إله العهد القديم الخالق، وهكذا شوُهوا رسالة الخلاص التي تعطى الحرية الحقيقية. هذا الخلاص الذي هو من الإله الحقيقي. لقد كان ماركيون مقتنعاً أن بولس هو الرسول الوحيد الذي فهم يسوع المسيح فهماً كاملاً، يسوع المسيح الذي هو إعلان الإله الواحد الحقيقي – ولكن رغم هذا فإن ماركيون أعاد كتابة رسائل بولس وحذف منها وأدخل عليها تغييرات، فمثلاً فيما يخص إبراهيم ونسله عندما يتكلّم الرسول بولس في (غلا16:3-6:4) عن المواعيد التي أُعطيت لإبراهيم وكيف أنها تحققت في نسله أي المسيح نجد أن ماركيون قد قام بحذف هذا الجزء من غلاطية لأنه يتعارض مع اعتقاده بأن العهد القديم غير مُوحى به من الله. كما كان ماركيون لا يثق سوى في إنجيل واحد هو إنجيل القديس لوقا تلميذ بولس. ولكن هذا لم يمنع ماركيون أيضاً من حذف بعض الأجزاء حتى من هذا الإنجيل.

Irenaeus’ approach in the book “The Apostolic Preaching”:

يبنى القديس إيريناوس كتابه على أعمال الكُتّاب المسيحيين السابقين له، وهو يتخذ موقفاً حاسماً ومدروساً ضد كل من ماركيون والغنوسيين. فإيرينيوس هو أول أب من آباء الكنيسة يستخدم الكتابات الرسولية ويقول إنها من الكتاب المقدس. فهو يعرف نصوص العهد الجديد كلها التي نعترف بها نحن الآن ويستخدمها بالفعل في كتاباته. وهو يُصرّ على أن الأناجيل لا يمكن أن تكون أكثر أو أقل من أربعة أو بالأحرى إنجيل واحد له أربعة أوجه. وهو في كتابه الكبير ” ضد الهرطقات” بعد أن يصف أنظمة الغنوسيين في الجزء الأول من كتاب “ضد الهرطقات”، ثم يوضح تناقضاتهم الموجودة فيها في الجزء الثاني، ثم ينتقل في الأجزاء الثالث والرابع والخامس إلى الشرح من الكتاب المقدس، وأيضاً الشرح من الرسل الذين كتبوا الإنجيل، والذين سجلوا فيه التعليم عن الله، مبينين فيه أن ربنا يسوع المسيح هو الحق ولا يوجد فيه غش (ضد الهرطقات AH3:5:1). وبعد ذلك ينسج بمهارة مقاطع من العهد القديم مع مقاطع من العهد الجديد، لكي يوضح أنه لا يوجد سوى إله واحد الذي أعلن عن نفسه للجنس البشري الواحد في ابنه الوحيد يسوع المسيح بالروح القدس الواحد، وذلك بواسطة التدبير الإلهي الذي يخيّم على الكل على مدى التاريخ.

وكما سبق أن أشرنا فإن إيريناوس في كتابه “الكرازة الرسولية”، لا يستخدم الكتابات الرسولية كثيراً وبشكل صريح. هو يشير إلى الرسل في الفصول 3و41و46و47و86و98و99، ويقتبس من الرسول بولس ثلاث مرات، ومرة يشير إليه على أنه رسول المسيح في فصل 5و8و87، ويقتبس من تلميذ المسيح يوحنا مرتين في فصلى 43و94. وفيما عدا هذه الإشارات القليلة، فإن إيرينيوس يشرح “الكرازة الرسولية” ببساطة ضمن إطار قراءة العهد القديم المتمركزة حول المسيح تلك القراءة التي ميّزت التعاليم المسيحية في القرن الثاني.

إن منهج القديس إيريناوس الخاص في كتابه “الكرازة الرسولية” سبق أن أشار إليه بوضوح كل من أغناطيوس الأنطاكي ويوستينوس، ونقصد هنا قراءة العهد القديم المتمركزة حول المسيح. وهذا المنهج في الواقع يُنسب إلى يسوع المسيح نفسه بعد القيامة، الذي ” ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهم الأمور الخاصة به في جميع الكتب” (لو27:24). وأكثر من ذلك فإن عدداً كبيراً من النصوص الكتابية التي استخدمها إيرينيوس كان يوستينوس قد سبق باستخدامها لنفس الغرض. وفي أغلب الحالات بنفس تجميع الآيات مع بعضها وبنفس طريقة ترتيبها، فإما أن يكون إيريناوس قد استقى في كتابته كثيراً من يوستينوس أو أن يكون كلاهما قد استقى من مصدر مشترك.

ومع ذلك فإن فرادة إيرينيوس في كتاب “الكرازة الرسولية” تكمن ليس في التحليل النظري للموضوع، بل في عرضه الشامل والواضح الذي قدّمه. وبينما كان يوستينوس يتجول من موضوع إلى موضوع بدون تنسيق واضح، فإن إيريناوس كان يعالج أو يقدم شرحاً للكرازة الرسولية بسهولة، بخصوص عمل الله منذ بداية الخليقة حتى يصل إلى تمجيد ابن الله بصعوده إلى المجد.

ومما سبق أن قلناه بخصوص عرض “الإعلان المسيحي” في كتابات القرن الثاني، يتضّح أنه كان هناك مشروعان مرتبطان معاً: الأول هو توضيح أو كشف محتوى الكتاب المقدس، العهد القديم فيما يختص بإعلان يسوع المسيح كما بشر به الرسل؛ والثاني هو الاعتراف بالإصالة الكتابية لتلك الكرازة الرسولية بإظهار أن كرازة الرسل التي كان مركزها يسوع المسيح كما صيغت في الكتاب المقدس، قد سبق التنبؤ بها كما هي.

These two tasks were expressed by Saint Irenaeus in one word: επίδειξις Any explanation or proof of the apostolic preaching.

Contents of the book “The Apostolic Evangelism”:

{jb_iconic_info}[سنتبع هذه التقسيمات، في تقسيم صفحات الكتاب على الموقع… مع العلم أن الكتاب هو عبارة عن جزء واحد، إلا أن المُعرب قام بتقسيمه إلى أجزاء كما أوضح في المقدمة (الشبكة)]{/jb_iconic_info}

First: a short introduction:

يبدأ القديس إيرينيوس كتاب “الكرازة الرسولية” بمقدمة قصيرة في الفصول من (1-3أ)، ويذكر في هذه المقدمة أنه بهذا الكتاب يرجو أن يقوى إيمان ماركيونوس، الشخص المُرسل له هذا الكتاب. وذلك بواسطة عرض مختصر “لكرازة الحق”. ويذكِّر إيريناوس ماركيانوس أنه إذا أردنا أن نجتاز الطريق الوحيد نحو حضرة الله فإنه يلزمنا قداسة الجسد، أي الابتعاد عن مخالفة وصايا الله، وكذلك قداسة النفس، أي حفظ الإيمان بالله. وينبغي أن نتجنب الأنواع الثلاثة من الناس المذكورين في (مز1:1):

The wicked, that is, those who do not know God; And sinners, that is, those who know Him but do not obey His commandments; Mockers are those who mislead themselves and others with their poisonous teachings. In order to be saved, it is necessary to keep the rule of faith, and also to obey God's commandments, because faith is achieved in action, and faith itself is based on what is true.

section One:

After this short introduction comes the first section, which contains, as we mentioned, chapters (3b-42a). In this section, Irenaeus gives an explanation of the apostolic preaching. This section is divided into three parts.

part One: موضوعه “الله والإنسان”، وهو يحوي الفصول (3ب -16). وكما سبق أن أكد إيريناوس في نهاية المقدمة، فإن الإيمان يتأسس ويُبنى على ما هو صادق حقاً، وبذلك، فإننا يجب أن “نؤمن بما هو حقيقي كما هو في الواقع”، حتى أننا “إذ نؤمن بما هو موجود حقاً كما هو فعلاً(1)، فإننا نحفظ اعتقادنا ثابتاً” (فصل3). والحق الكتابى بخصوص الإله الواحد، الاب: أنه هو خالق الكل؛ فهو يخلص كل الأشياء With his word ويزينها بروحه (فصل5). وهذا الاعتراف الثلاثى بالله الآب، والابن يسوع المسيح، والروح القدس، هو أساس إيماننا وسند سلوكنا (فصل6)؛ ومعموديتنا تتم بالاعتراف بهؤلاء الثلاثة، والمعمودية تجددنا لله بابنه بواسطة الروح (فصل7). فإن كان هذا هو الحق عن الله، فإن الحق من جهة الإنسان هو أنه “مخلوق”، “الله يخلق، أما الإنسان فمخلوق” (انظر AH4:11:2). وبعد أن يصف إيرينيوس السموات السبعة مع الجمع غير المُحصى الذي للقوات الملائكية (الفصلان9و10)، فإن إيريناوس يصف الحق الخاص بالإنسان عن طريق شرح (تك3:1). فالله صنع من الطين مخلوقاً يحمل صورته في جسده وفي روحه نسمة الحياة، كما صنع له معيناً ووضعهما معاً في الفردوس (فصول 11-14). إن حقيقة العلاقة بين الخالق وخليقته تتضح من الوصية التي اعطاها الله للإنسان، والتي كان القصد منها أن يعلّمه “إن سيده وربه هو رب الكل” (فصل15). وكون أن الإنسان لم يحفظ هذه الوصية فهذه طبعاً هي الحقيقة الأخرى المختصة بالإنسان والتي تحدد حقيقة وضعه خارج الفردوس (فصل16).

The second part: فصول (17-30)، يصف فيه القديس إيرينيوس تاريخ إعداد الله البشرية للخلاص الذي تمّ بابنه. فبعد موت قايين انتشر الشر في الأرض كلها وفي أيام نوح لم يكن غيره وحده إنسان بار (فصول 17-18). ثم بعد تطهير الأرض بواسطة الطوفان، فإن ابن نوح الأصغر “حام” لُعن لعدم تقواه، واللعنة امتدت إلى كل نسله، بينما ابنا نوح الآخران سام ويافث، فقد نالا بركة ورثها أحفادهما (فصول19-23). وبركة سام ورثها إبراهيم، الذي طلب الله وتبرر بالإيمان، وبعد ذلك ورث إسحق هذه البركة وبعده ورثها يعقوب (فصل24). ثم أنقذ الله أحفاد إبراهيم من مصر بواسطة موسى، وهكذا كشف لهم سر الفصح، وأعطى الوصايا العشر لموسى (فصول25-26). وقبل دخول أرض الموعد هيأ موسى الشعب بأن أعاد تذكيرهم بأعمال الله العظيمة، ووضع لهم ناموساً جديداً وهو التثنية (فصل28). وأخيراً فإن الله أتى بشعبه من البرية إلى أرض الموعد بواسطة يشوع بن نون الذي سُمى “يسوع”، ” الاسم الوحيد الذي يستطيع أن يُخلِّص” (فصول27 -29). وفي تلك الأرض، سكن داود الملك في أورشليم؛ وفيها بُنى الهيكل على اسم الله، والأنبياء كانوا يحثون الشعب أن يرجعوا إلى إله آباءهم مُعلنين لهم أيضاً عن الإعلان الآتي الخاص بالرب يسوع المسيح، ابن داود وإبراهيم حسب الجسد، وابن الله بحسب الروح (فصول29-30).

the third part Chapters (31-40a) continue to talk about the salvation accomplished by the Son of God. Thanks to his birth from a virgin, the Lord had the same body as our first father, Adam, from a virgin land. But while the Lord was obedient, Adam was disobedient, and thus the Lord came. It brings us salvation and leads man to communion with God (Chapters 31-32). It also refers to the encounter between Eve and Mary, and between the tree and the cross (Chapters 33-34).

Through this work of salvation, the promises given to Abraham and David were fulfilled (Chapters 35-36), and Irenaeus confirms that Christ was truly born, died, and rose again, showing his progress in all things (Chapters 37-40a).

ثم يختم إيرينيوس القسم الأول في الفصول (40ب – 42أ) لكي يلخص كيف أن الذي بُشر به بواسطة الناموس والأنبياء، أي ابن الآب، قد وُلِد من العذراء مريم بالروح القدس. هذه العذراء التي من نسل إبراهيم وداود، وأن يسوع الذي هو مسيح الله هو في الحقيقة ذاك الذي سبق وأنبأ عنه الأنبياء (فصل 40ب). كما أن يوحنا المعمدان السابق له، قد أعدَّ الشعب لنوال كلمة الحياة. وقد أرسل المسيح تلاميذه ورسله والذين عاينوه إلى كل العالم لكي “يدعو الأمم ليسكنوا في مساكن سام” – هذه هي ثمرة بركة يافث التي أُعلنت في الكنيسة أي دعوة الأمم بحسب وعد الله (فصول41-42أ).

Second section:

بعد أن استعرض القديس إيريناوس تاريخ عمل الله الخلاصي، فإنه ينتقل إلى القسم الثاني من الكتاب، والذي يشمل كما ذكرنا الفصول (42ب -97). هذا القسم الثاني يختص بشرح “الكرازة الرسولية” عن طريق البرهنة عليها من الكتاب المقدس. وهذا واضحٌ تماماً في الفصل الافتتاحى (42ب) الذي يصف فيه إيرينيوس كيف أن كل الأشياء التي تمت في يسوع المسيح سبق التنبؤ بها بواسطة الأنبياء، وأنها تحققت في النهاية تماماً كما سبق التنبؤ بها وذلك يجعلنا نوقن أن الله هو الذي أعلن لنا خلاصنا.

This second section can be divided into four distinct parts:

part One Chapters (43-52) in which Irenaeus is concerned with clarifying the eternal existence of Jesus Christ. Here he relies on Ignatius's insistence that the Old Testament is Jesus Christ. If the apostolic preaching of Jesus Christ is the decisive revelation of God, i.e word God, to whom all the patriarchs and prophets looked up, we can see the matter in reverse, and affirm that the Lord Jesus Christ is the same one who appeared and spoke to Abraham and Moses (see Against Heresies AH4:9:1). For Irenaeus, there is a reciprocal relationship between the patriarchs, to whom the promises were given, and their descendants, who saw this promise fulfilled.(2).

وتبعاً لذلك ففي هذا الجزء من “الكرازة الرسولية” يوضح إيريناوس من نصوص الكتاب المقدس كيف أن الابن، الذي نعرفه الآن – كواقع تاريخى – هو يسوع المسيح، وأنه كان في البدء مع الآب (فصل43)، وكيف ظهر لإبراهيم (فصل44) ويعقوب (فصل45)، وتكلّم مع موسى من العليقة (فصل46)، وكيف يتكلّم داود وإشعياء عن الآب والابن (فصول47-51). ولكن بينما أن الابن بالنسبة لله هو كائن منذ البدء، قبل الخليقة فإنه صار معروفاً بالنسبة لنا الآن فقط، وذلك عندما كُشف لنا باسم يسوع المسيح (فصل43). وهكذا فإن كل الرؤى القديمة هي أحداث نبوية تنبأت بالأمور التي سوف تحدث (فصلى44-45). ويختم إيرينيوس بإعادة التأكيد بأن الكتاب المقدس يقول بوضوح إن المسيح هو ابن الله من قبل وجود العالم، وهو كائن مع الآب ومع الناس. وإنه هو يخلّص جميع الذين يؤمنون به (فصل52).

And loyal The second part From the second section (chapters 53-66), Irenaeus talks about the physical birth of Christ, based on testimonies from Isaiah (chapters 53-57, 59-61, 65), and on testimonies from Moses (chapters 57-58), Amos (chapter 62), and Micah (chapters 53-66). Chapter 63), and David (Chapter 64), these testimonies confirm that the Son of God will be born, and they also describe how he will be born, and that he is the Messiah, and he is the only eternal king (Chapter 66).

And loyal the third part من القسم الثاني، فإن إيرينيوس يوضح كيف أنه سبق التنبؤ (عن المسيح) بأنه سيُجرى معجزات وأشفية (فصل67 من مقاطع من سفر إشعياء)، وأنه سوف يُجلد (فصلى68- 69أ، من إشعياء وداود)، وأنه سوف يتألم، وسوف يُحكم عليه، وعن جيله الذي لا يستطيع أحد أن يخبر عنه (فصول69ب – 70، من إشعياء)، وأنه سيحضرونه مُقيداً إلى الملك (فصل77، من هوشع)، وأن ثيابه ستُقسّم (فصل80، من المزامير)، وأنه سيُباع بثلاثين من الفضة (فصل81، من إرميا)، وأنه سيُعطى مُراً ليشرب (فصل82، من مزامير داود)، وأنه يموت على الصليب (فصول71-76، 79، من إرميا، وإشعياء، وداود، وزكريا)، وأخيراً يقوم ويتمجّد ويرتفع إلى يمين الآب (فصول 72ب، 83-85، من مزامير داود).

ويختم إيريناوس القسم الثاني من “الكرازة الرسولية” In the fourth part (Chapters 86-97) explaining how the calling of nations through the messengers had previously been predicted by the prophets (Chapter 86). This call was fulfilled not by the obligations of the law, but by the simple word of faith (Chapter 87). Those who were saved were called by a new name (Chapter 88), so no one should go back again to the law that had been fulfilled by Christ (Chapter 89). The law of God the Father is written on their new hearts of flesh so that man can now trust in his Creator (chapters 90-93). It is through this invitation and the change of heart that takes place By the word Who became flesh and lives among us, the one who was previously barren has given birth to a greater number of children than the old council (Chapter 94). Those who were not a people are now the people of God who know the Lord of the Law. They have no need for the previous teacher (the Law) (Chapters 95-96). Christ, who had appeared on earth and spoken to mankind, had integrated the Spirit of God with God’s creation (the work of God’s hands) who were made. With wisdom from the dust, so that man may ultimately become according to the image and likeness of God (Chapter 97).

Conclusion:

ويختم إيرينيوس كتابه “الكرازة الرسولية” بأن يكرر النصيحة التي أعطاها في المقدمة: أننا يجب أن نتمسك بكرازة الحق التي أعلنها الأنبياء، والتي ثبّتها المسيح، والتي سلّمها الرسل ونتجنب كل المعاملات مع أولئك الذين يفكرون في آلهة أخرى لأنفسهم، محتقرين الله الذي هو “الكائن” حقاً، ومنكرين مجيء ابنه وعطية الروح القدس.

Saint Irenaeus’ approach to interpreting the Bible:

منهج القديس إيرينيوس في تفسير الكتاب هو أنه ينبغي أن يُشرح على أساس الكتاب نفسه، وهو يذكر هذا المبدأ صراحة في كتابه “ضد الهرطقات” بقوله: [تفسيرات نصوص الكتب المقدسة لا يمكن شرحها إلاّ من الكتب المقدسة نفسها] (ضد الهرطقات AH3:12:9)، وفي موضع آخر من نفس الكتاب يقول: [ فإن كانت بعض مقاطع الكتاب تبدو غامضةً، فيجب أن نحاول فهمها بواسطة ما هو واضح وظاهر في الكتاب نفسه وليس بأي طريقة تفكير خارجية] (ضد الهرطقات AH2:27-28). ولهذا السبب بالتحديد انتقد إيريناوس الغنوسيين لأنهم أسسوا تفسيرهم للكتب على أساس مبادئ غير كتابية، فبعد أن يفند القديس إيرينيوس بعض أساطيرهم، يقول:

[This is their way, which the prophets did not predict, nor did the Lord teach, nor did the apostles deliver to us. They boast loudly that they know more than others. They rely on sources outside the Bible, and as the popular saying goes, they are trying to braid ropes of sand. They try to make the parables of the Lord, or the sayings of the prophets, or the words of the apostles agree with their own sayings in such a way that people will believe them, so that their fabrication does not appear to be without authority. They ignore the system of the Holy Books and their interrelation with each other. By ignoring this connection in the book in which the foundation of truth lies, they dismantle the members of truth] (Against Heresies AH1:8:1).

ويوضح إيريناوس طريقة استعمال الكتاب، بأن يقارنها بما يفعله بشخص أو إنسان عندما يأخذ صورة جميلة من الفسيفساء لملك صنعها فنان ماهر من أحجار ثمينة، ثم يعيد ترتيب هذه الأحجار الكريمة التي فيها ليصنع منها صورة كلب أو ثعلب، ثم زعم أن هذه الصورة هي الصورة الأصلية التي صنعها الفنان الأول، ويعلّل قائلاً إن الحجارة أصيلة. والحق أن التصميم قد تهدم و”ضاع نموذج الإنسان الموضوع”. هذا بالضبط ما يفعله الهراطقة بالكتاب المقدس “ويقطعون أوصال الحقيقة”. إن كلماتهم وتعبيرهم وأمثالهم أصيلة، ولكن قياسهم (أو تصميمهم) مزاجى وخاطئ، فيقول: ” بنفس الطريقة فإن هؤلاء الناس يرقعون معاً خرافات العجائز ويقتلعون كلمات وأقوال وأمثال من هنا وهناك ويريدون أن يجعلوا كلمات الله تتكيف مع خرافاتهم” (ضد الهرطقات AH1:9:1).

In another example, Irenaeus describes how some people take various lines from two books of Homer and then rearrange them. These lines may deceive those who have only a passing knowledge of Homer, but they do not deceive those who are well versed in his poetry. These people can fully recognize the quoted lines, know their location, and then return them to their correct context (Against Heresies AH1:9:4).

وبنفس الطريقة يواصل إيريناوس كلامه فيقول: [.. أي إنسان يحفظ في نفسه قاعدة الحق غير المتغيّر الذي استلمه بواسطة المعمودية فإنه سيعرف الأسماء والأقوال والأمثال المأخوذة من الكتب المقدسة… لأنه إن عرف الجواهر، فإنه لن يقبل صورة الثعلب على أنها صورة الملك، بل هو سوف يعيد كل مقطع من المقاطع إلى مكانه الصحيح، إذ يكون منسجماً ضمن جسم الحقيقة، وهكذا هو يفضح تلفيقهم ويبيّن أنهم بلا سند] (ضد الهرطقات AH1:9:4).

وبعد ذلك يعطى إيرينيوس وصفاً شاملاً ل-“قانون الحق المُسلّم في المعمودية”، الذي له ثلاثة بنود أساسية، وهى: الإيمان المُسلّم من الرسل بإله واحد الله الآب، والرب الواحد المصلوب والمُقام يسوع المسيح، والروح القدس” (انظر AH1:10:1).

وقانون الحق المُعطى في كتاب “الكرازة الرسولية” (فصلى6و7) رغم أنه مختصر عن ما ورد في كتاب “ضد الهرطقات”، إلاّ أنه مبنى على البنود المحورية الثلاثة: الآب، والابن، والروح القدس، الذين باسمهم تتم معموديتنا.

ومع ذلك، فإن هذه البنود الثلاثة هي جوهر قانون الحق، وليست مجرد عناصر منفصلة لمعتقدات لاهوتية. ولذلك فهي عند إيريناوس مرتبطة بلا انفصال مع ترتيب وترابط الكتب المقدسة (انظر AH1:8:1). وهذا الترتيب والارتباط هو طبعاً ما يصفه إيرينيوس بطريقة مختصرة في كتاب “الكرازة الرسولية” لكى: “بواسطة هذا الكتاب الصغير يمكنك أن تفهم كل أعضاء جسد الحقيقة” (فصل1 من الكرازة الرسولية) التي هي الكتاب المقدس نفسه. وبكتابته لكتاب “الكرازة الرسولية” فإن إيريناوس – الذي هو أكثر من أي كاتب آخر سابق له – حدّد وعرّف الكتاب المقدس كما نعرفه نحن الآن وثبته في مكانه الصحيح والأساسى. وبهذا فإن القديس إيرينيوس قد أعطانا نموذجاً لا مثيل له عن كيف نقترب من الحقائق المُعلنة في الكتاب وكيف نفهمها. وفي هذا تكمن الأهمية الفائقة لهذا الكتاب المختصر.

The original text of the book “The Apostolic Evangelization” and its translations:

Manuscripts, editions and translations:

كتاب “الكرازة الرسولية” هو مقال في صورة رسالة مُرسلة إلى شخص يُدعى ماركيانوس. وكان هذا المقال معروفاً منذ القديم إذ أن يوسابيوس المؤرخ أشار إليه في كتابه “تاريخ الكنيسة” (كتاب36:5). ولكن بعد هذه الإشارة منذ القرن الرابع يبدو أن هذا الكتاب اختفى تماماً، ولم يُعثر على أي آثار له. ولكن في شهر ديسمبر سنة 1904م عثر الأرشمندريت الأرمني “كارابت تيرمكيرتشيان” (Karapet Ter-Mekerttschian) على مخطوط في مكتبة كنيسة والدة الإله في إيرفان Erevan بأرمينيا، ثبت فيما بعد أنه يحوي ترجمة أرمينية قديمة للكتابين الرابع والخامس من كتاب “ضد الهرطقات” للقديس إيريناوس، وأيضاً كتابه “الكرازة الرسولية”. وهذا المخطوط محفوظ الآن في ماتينا داران بإيرفان (مخطوط رقم 3710). وبحسب ما وُجد مُسجلاً في نهاية المخطوط فإن المخطوط كان مِلكاً لرئيس الأساقفة تير جوهانس Ter Johannes” شقيق الملك المقدس” هذا الملك من المحتمل أن يكون Haïtoun I هايتون الأول (1226-1269م) الذي اشتهر شقيقه الأصغر بأنه كان عالماً كبيراً، وكان أسقفاً (1259م) إلى أن توفى سنة 1289م، لذلك يمكن أن يكون تاريخ المخطوط هو حوالى منتصف النصف الثاني من القرن الثالث عشر، رقم أن الترجمة – كما سنرى فيما بعد – قد تمت قبل هذا التاريخ بعدة قرون. ونص هذه المخطوط نُشر لأول مرة سنة 1907م مع ترجمة ألمانية ومُقدمة وملاحظات مختصرة قام بها العالِم اللاهوتي المشهور أدولف هارناك وهو الذي قسّم النص إلى مائة فصل.

After that, the Armenian text was translated into Latin by S. Weber, and when the Armenian text was reprinted in 1919 AD, an English and a French translation were issued with it. This edition, which was issued in 1919 AD, included a description of the manuscript, and also included some notes about the presence of revisions in the Armenian manuscript. Other translations were subsequently issued, including a second English translation by J. Armitage Robinson(3).

After a period of stagnation for several decades, two other translations appeared, both of which contributed to an increase in our understanding of the text. The first translation into English was made by JP Smith and contained, in addition to the Armenian text, so many notes that it filled more pages than the text itself.(4)Which made Professor John Bher, Professor of Patriarchy at Saint Vladimir Orthodox Theological Institute in the United States of America, say that the scholar Smith made a great effort in researching the Armenian manuscript, evaluated all previous translations, and suggested revisions to the manuscript.

The second translation, which was completed a few years after the first, is a new French translation prepared by L.M. Froidevaux and published in the Christian Sources in French Series SC. 62 years 1959 AD. This translation added many notes to what Smith presented, but its most important contribution is the appendix to it, which contains a comparison between the translations, prepared by Charles Mercier. This comparison is originally found in manuscript PO 12:5 (with microfilm of Irvan manuscript 3710).

وقد اكتُشفت فيما بعد مخطوطتان بهما اقتبسات صغيرة من كتاب “الكرازة الرسولية”. المخطوط الأول يُسمى “ختم الإيمان”، اكتشفه نفس مُكتشف المخطوط الأول Bishop Karapet Ter-Mekerttschian لكن سنة 1911م في دير القديس اسطفانوس بداراشامب Darachamb، وهذا المخطوط يرجع تاريخ كتابته إلى القرن الثالث عشر. والمخطوط الثاني يرجع إلى القرن الرابع عشر ويُعرف باسم “جالاطا54” وُجد في دير القديس يعقوب للأرمن بأورشليم، وهو الآن محفوظ في مكتبة البطريركية الأرمينية بإسطنبول.

وأخيراً بعد فترة ركود ثانية قام A. Rousseau بعد أن أكمل نشره لكتاب “ضد الهرطقات” في سلسلة SC.، نشر ما يجب أن يُعتبر طبعة قياسية لكتاب “الكرازة الرسولية” باللغة الفرنسية طبعاً. وفي هذه الطبعة نشر روسو بالإضافة إلى النص الأرمني نفسه، ترجمتين إحداهما لاتينية والأخرى فرنسية. ويرى روسو صاحب الترجمة الفرنسية أن النص الأرمني قد تُرجم أصلاً عن اللغة اليونانية بتصرف. وتحتوى أيضاً طبعة روسو التي نُشرت في SC. سنة 1995، ملاحظات مستفيضة وصلت إلى عدد صفحات أكثر من النص نفسه، كما يختم طبعته هذه بستة ملاحق عن تعاليم القديس إيرينيوس اللاهوتية، ومقارنات بين الترجمات المختلفة للنص الأرمني. وبهذا يكون عمل روسو حسب رأي جون بهر John Behr إنجازاً ملحوظاً في مجال البحث الآبائى.

 

References used in preparing the introduction to the life of Saint Irenaeus and his theological teaching

1- JOHANNES Quasten: PATROLOGY, published 1950, reprinted by Christian Classic, INC., 1983, Westminster, Maryland USA Vol. I, ps. 287-315.

2- ANTE- NICENE FATHERS, 1884, reprinted by Hendrickson Publishers, INC., 1994, PO Box 3473, Peabody, Massachusettes 01961-3473. USA Vol. I, ps. 309-313.

3 – تاريخ الكنيسة – للأسقف يوسابيوس القيصري،

Book Four: Chapter 21, p. 190

Book Five: Chapter 4, p. 217

Book Five: Chapter 8, p. 222.

Arabization of the hegumen Markus Daoud, published by the Library of Love, second edition, Cairo 1970.

 

The references we consulted to translate the book “Explanation of the Apostolic Preaching”

1- ΙΩΑΝΟΥΔ. ΚΑΡΑΒΙΔΟΠΟΥΛΟΥ Δ. Θ.,
    ΕΙΡΗΝΑΙΟΥ ΕΠΙΣΚΟΠΟΥ ΛΟΥΓΔΟΥΝΟΥ.
    ΕΠΙΔΕΙΞΙΣ ΤΟΥ ΑΠΟΣΤΟΛΙΚΟΥ ΚΗΡΥΓΜγ
    ΕΙΣΑΓΩΓΗ- ΜΕΤΑΦΡΑΣΙΣ- ΣΧΟΛΙΑ ΕΝ
     ΘΕΣΣΑΛΟΝΙΚΗ, 1965

2-St. Irenaeus of Lyons

ON THE APOSTOLIC PREACHING

Translated and Introduction by John Beher

St. Vladimir’s Seminary Press, Crestwood, NY 1997.

3- ANCIENT CHRISTIAN WRITERS,

St. Irenaeus Proof of The Apostolic Preaching.

Translated and Annotated by Joseph P. Smith, SJ

Professor in The Pontifical Biblical Institute,

Rome, Newman Press. No. 16.

Abbreviations

 

BEPES :

Biblioq»kh ‘Ell»nwn Pat?rwn ka… ‘Ekklhsiastikîn Suggraf?wn

(œkd.; Apostolik?j Diakon…aj t?j ‘Ekklhs…aj t?j Ell£doj), Aq?vai 1955 ™x.

EPE :

”Ellhnej Pat?rej t?j ‘Ekklhs…aj, Paterika… ™kd?seij, Grhg?rioj? Palam©j » , Qessalon…kh 1972 ™x.

ANF :

Ante- Nicene Fathers, Edited by Alexander Roberts, D.D. and James Dondaldson, LL.D. Hedrickson Publishers, Mass. 01961-3473, USA 1994.

A.H :

Against Heresies A book against heresies

P.L :

Patrologia Latina.

P.O :

Patrologia orientalis.

SC :

Sources Chrétiennes, this edition cref, BD De Latour MAUBOURG, Paris

s : Seventy

 

 


(*) علينا أن نلاحظ أن القديس إيرينيوس لم يكن يستعمل تعبيرات “العهد القديم” و”العهد الجديد” كعهدين منفصلين. بل بعكس أولئك الذين وضعوا فارقاً شديداً بين الإعلان الجديد (أي إعلان إله آخر وبين الإعلان القديم) – نموذج هؤلاء ماركيون الهرطوقى في القرن الثاني – بعكس هؤلاء فإن القديس إيريناوس هو أول من كتب من الآباء مؤكداً على وحدة معاملات الله مع الجنس البشري طوال التاريخ. أي أنه يقول إنه يوجد تدبير إلهي واحد فقط. فحينما يكتب إيريناوس عن مراحل أو عصور مختلفة فهو يفضل أن يتكلّم عن أربعة مواثيق: عهد مع آدم، عهد مع نوح، عهد بواسطة موسى، وأخيراً عهد الإنجيل (AH3:11:8)، وحينما يشير إلى الكتاب المقدس فهو كثيراً ما يميز بين ثلاثة أقسام هي: الكتب النبوية (ويقصد بها كل العهد القديم)، والكتابات الإنجيلية (أي الأناجيل) والكتابات الرسولية (أي الرسائل). انظر

Y.M. Blanchard, Aux Sources du canon: Le Témoignage d’ Irénée (Paris: Cerf, 1993) p. 132-145.

 

(1) وهذا الإصرار على أننا ينبغي أن نرى ونقبل ما هو موجود كما هو، يتكرر كثيراً في كتابه “ضد الهرطقات”، حيث يذكر أن هذا الكتاب الأخير يخص الحق عن الله والإنسان. ويشرح إيريناوس اننا ينبغي “أن نعرف ما هو الذي يستطيع الله أن يفعله؟ وما هي الفوائد التي يمكن أن ينالها الإنسان؟، وذلك لكي لا نضل بالمرة عن الإدراك الصحيح للأمور كما هي فعلاً فيما يخص الله والإنسان” ضد الهرطقات AH5:2:3 .

(2) [إن تهليل إبراهيم نزل على ذريته الذين جاءوا منه… ومن الجهة الأخرى يوجد تهليل متبادل انتقل من الأبناء إلى إبراهيم الذي اشتهى أن يرى يوم المسيح أن يأتي. إذن فبصواب شهد ربنا لإبراهيم قائلاً: ” أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح”] (ضد الهرطقات AH4:7:1 وانظر يو56:8).

(3) J. Armitage Robinson, St. Irenaeus: The Demonstration of the Apostolic Preaching (London & NY: SPCK, 1920).

(4) JP Smith, St. Irenaeus: Proof of the Apostolic Preaching (ACW16; London & Maryland: Westminster, 1952). A Further English version was prepared by J. Sparks (Brookline, MA: Holy Cross Orthodox Press, 1987), on the basis of the earlier translation.

Exit mobile version