لا يذكر ثيوذوريطس في أيّ بقعة جغرافيّة من سورية تنسّك مارون، فهو يقول إنّ القدّيس “الذي كان زينةً في جوقة القدّيسين الإلهيّين، اتّخذ له رابية كانت في الماضي كريمة لدى قوم من الكافرين، حيث كان هيكلٌ للشياطين، فحوّل ما فيه إلى عبادة الله، ثمّ ابتنى لنفسه صومعة حقيرة يلجأ إليها”. ويذكر كاتب سيرته أنّه كان يتمتّع بموهبة الأشفية حتّى ذاع صيته في كلّ مكان، فكان يستثمر هذه الموهبة لإرشاد الآتين إليه للشفاء إلى التعليم الحقّ. وكان لا يكتفي بشفاء عاهات الجسد فحسب، بل كان أيضاً يأتي للنفوس بالعلاج المفيد، شافياً “هذا من داء البخل، وذاك من الغضب، مانحاً هذا التعليم المؤدّي إلى الحكمة، وواضعاً لذاك الإرشادات إلى الفضيلة، مروّضاً ميوعة هذا، ومنعشاً ذاك من كسله”. توفاه الله بعد أن انتابه مرضٌ بسيط أودى بحياته، ويقال إنّ نزاعاً شديداً قام بين القرى المجاورة رغبة من كلّ منها بالاستئثار بجسده.
وصلتنا ضمن التراث الآبائيّ رسالةٌ بعثها القدّيس الأنطاكيّ العظيم يوحنا الذهبي الفم إلى القدّيس البارّ مارون الناسك، يذكّره فيها بالصداقة القديمة ويوصيه بأن يصلّي لأجله. فيقول يوحنّا في هذه الرسالة التي دوِّنت على الأرجح بين عامي 404 و405: “إنّنا لمرتبطون معك برباط المحبّة. حتّى ولو كنّا بعيدين بالجسد نواصل التفكير بما يختصّ بنشاطك، فيزداد اطمئناننا ونحصل على الكثير من التعزية ونحن هنا في المنفى، لأنّه ليس بالقليل السرورُ الذي يحلّ بنا لدى سماعنا أخبار سلامتك. وقبل كلّ شيء نطلب إليك أن تصلّي لأجلنا”. غير اننا لا نستطيع ان نجزم ان مَن أُرسلت اليه الرسالة هو ذاته مارون الناسك هذا.
If Saint Maron was Orthodox in identity and affiliation, and died Orthodox, then who established the Maronite Church? How did you grow up? What is certain is that our Saint Maron died before the establishment of the Maronite Church. As for the name of the Maronite Church, it goes back to the Monastery of Saint Maron, which was built by the followers of Saint Maron and his disciples in the Afameya area (known today as Qalaat al-Madiq), near Hama in Syria, on the banks of the Orontes River. The little that can be confirmed about the history of the Maronites in the first years of the birth of their church is that John Maron, their first patriarch who died in 707, was the one who established their own church organization separate from the Orthodox Church. This means that the Maronite Church did not know an independent organization until about three hundred years after the death of Saint Maron. So, the Maronite lineage goes back to the monastery, not to the saint.
وبما أنّ بعض الالتباسات تعترض الأصل التاريخيّ للكنيسة المارونيّة ومراحل انتشارها الأولى، فإنّ إيمانها العقائديّ كان أيضاً عرضة للجدل خلال فترة طويلة من حياتها. فقد نُسب إليها الإيمان ببدعة المشيئة الواحدة في السيّد المسيح، التي حاربتها الكنيسة في القرن السابع الميلاديّ، وأكدّت في المجمع المسكوني السادس المنعقد في القسطنطينيّة عام 681 أنّ للمسيح مشيئتين، إلهيّة وإنسانيّة. وممّا يعزّز هذه الفرضيّة أنّ الإمبراطور هرقل (610-641)، الذي دعم أصحاب المشيئة الواحدة، كان على علاقة طيّبة بدير مار مارون ف”يقف له الأوقاف الكثيرة”، على ما أورد سعيد بن البطريق في تاريخه. ومع مجيء الصليبيّين إلى الشرق في حملاتهم الشهيرة عند نهاية القرن الحادي عشر، اتّصل الموارنة بكنيسة رومة التي قبلت عودتهم إلى الإيمان الكاثوليكيّ. وهكذا تكون الكنيسة المارونيّة أوّل كنيسة تتّحد برومه بعد الانشقاق الكبير بين الكنيستين الشرقيّة الأرثوذكسيّة والغربيّة الكاثوليكيّة.
لم يكتفِ قدّيسنا مارون البارّ بالأعمال الزهديّة والتقشّفيّة، كالأصوام والصلوات الدائمة والسهر في ذكر الله وإطالة السجود وتلاوة الكتاب المقدّس والتأمّل، بل انصرف أيضاً إلى العمل في الأرض ووعظ الزوّار وإرشادهم وتعزية الحزانى… فيقول ثيوذوريطس: “لم يكتفِ مارون بممارسة الأتعاب الشاقّة، بل كان يفطن أيضاً لجذب الكثيرين إلى المزيد من أعمال الفلسفة. وكان الذي يكافئ على الأتعاب (أي الله) يغمره بالنعمة”. القدّيس مارون قدّيس لا ينحصر في أمّة أو في كنيسة أو في بقعة محدّدة من بقاع الأرض، إنّه قدّيس الكنيسة الجامعة، قدّيس الكنيسة كلّها.
The church celebrates it on February 14.