الأرثوذكسية والمناولة

الكنيسة الواحدة، المقدسة، الرسولية، الجامعة هي القائمة على الإيمان المستقيم الرأي. هذه الكنيسة تعبّر عن ايمانها اذا اجتمعت وتناولت الكلمة الالهية وجسد الرب.” هناك رب واحد وايمان واحد ومعمودية واحدة” (افسس 5:4). والايمان المستقيم الرأي او الأرثوذكسي شرط أساسي لاقتبال الكأس المقدسة. فالقرابين الالهية تجعلنا متحدين بالمسيح القائم من بين الاموات والممتد الى الاخوة الذين يؤمنون به حسب العقيدة المكشوفة في المجامع السبعة والمحفوظة في تعليم آبائنا والبارزة في العبادة الارثوذكسية. “نحن في كثرتنا جسد واحد في المسيح لاننا اعضاء بعضنا لبعض” (رومية 5:12).

من هنا اننا لا نستطيع ان نفصل بين انتمائنا للمسيح الحي وانتماء بعضنا لبعض آخر. تالياً لا يسوغ القول انا اتناول في اية كنيسة اجد فيها القربان. الصحيح هو هذا التأكيد: حيثما يكون التعليم الارثوذكسي فانا ضامن ان هناك جسد المسيح. هناك تماسك لا يقبل الانفكاك بين العقيدة السليمة وجسد الرب. فعبارة “جسد الرب” تعني بآن معاً القربان الالهي والكنيسة. هذان شيء واحد.

وليقين الكنيسة بهذا رأت دائماً ان من خالفها التعليم يُحرم تناول الكأس لانه يكون قد خرج من الشركة الكنيسة او أخرج منها. فالمنشق يحرم نفسه ويذهب في طريق الضلالة. كذلك الواقع في بدعة او هرطقة. هذا بفعل شذوذه يتركنا فلا يبقى بيننا مائدة روحية واحدة.

اما اذا عاد المنشق او من وقع في اعتقاد ضال فتصالحه الكنيسة مع نفسها. اذ ذاك، تقبله في التناول. من كان منا بصورة كاملة يجلس الى مائدة الرب. هكذا كان يعمل بولس. من ارتكب خطيئة جسيمة او” انكسرت به سفينة الايمان” كان يفصله عن الجماعة المسيحية اي كان يمنعه من سر الشركة: شركة الكنيسة وشركة الكأس.

وقد درجنا منذ القرن الرابع على تعليم الموعظين اي الوثنيين المحبين للمسيح ولمن غير المكتمل ايمانهم. عند انتهاء تعليمهم كنا نعمدهم عشية الفصح وقبل اقتبالهم المعمودية كنا نمنعهم من حضور الذبيحة. فاذا قال الشماس الأبواب، الأبواب كنا نعلقها ولا يبقى في الاجتماع الا المعمدون المستعدون للمناولة الالهية. القادرون على تلاوة دستور الايمان بفهم وقناعة كنا ندعوهم الى الكأس. الكنيسة في نظامها كانت تفرز المستقيم رأيه عن المعوج رأيه. هذا يبقى خارجاً.

فنحن نجتمع في مكان واحد لاننا واحد. وهذا المكان ليس مشرع الأبواب. والعمالاة البيزنطية لا تعرف نوافذ عريضة في المعابد. انها دائماً ضيقة يكاد نور الشمس يدخل منها. الكنيسة مغلقة للتقديس، منفتحة للبشارة بعد التقديس، ونحن لا نقيم الذبيحة في الهواء الطلق امام كل الناس. نقيمها مع الذين نجوا بايمانهم السليم. ايمانهم طريقهم الى الذبيحة. كنائسنا ليست ممراً ولا مقراً لكل الناس.

هذا  كان دائماً موقفنا ولسنا بذلك مبتدعين. التغيير ابتدأ بالمسايرة لما خسر الناس صلابتهم العقائدية واخذوا يساوون بين المذاهب ليرتاحوا من كل سعي الى الحقيقة. هم على حق اذا ملّوا التشنجات ولكنهم يخطئون اذا لم يتمسكوا بالموقف الصحيح. هذا اخلاص وفي الاخلاص سكينة. والميوعة ليست مسالمة. الصلابة ممكنة مع المحبة والمحبة الكبرى والاولى ان اكشف لك الحقيقة. الامتزاج الاجتماعي ممكن بالحب لا باضاعة الارث الرسولي الذي لا تسوية فيه ولا مزاج. هناك جسم واحد اكتمل فيه ما كشفه الله لنا. وهذا لا ينتقص منه شيء ولا يزاد عليه. هذا الذي اعطي الينا دفعة واحدة والى الابد هو الايمان الارثوذكسي.

اعرف ان هذا قول عسير سماعه اذ ليس في الرياح الهابّة اليوم. وانت متهم بالتعصب اذا تجرأت ووصفت مسيحيتك بانها ارثوذكسية. عند الناس الباهتين ان كل شيء وانه يجب ان نسكت عن الفروق بين الكنائس. عند الاشداء في الحرب الروحية ان الحق وحده ينجي وان اهل الحق يجتمعون معاً في مكان واحد حول المائدة الواحد، حتى يرد الله الى استقامة الرأي من شذ عنها بنقكة واحدة. بهذا وحده يتمجد الرب.

المتروبوليت جورج خضر
عن: نشرة رعيتي 
الاحد 23 شباط 1992
العدد 8

arArabic
انتقل إلى أعلى