الأسقف

رئيس الكهنة الأسقف. يقال له عندنا المطران او المتروبوليت اي اسقف العاصمة ثم أُطلقت في الكرسي الأنطاكي على رئيس كل أبرشية. اما الأسقف فعناها الرقيب لكونه يهتم بكل شؤون الكنيسة ويرى ما يجري في كل رعية. يتعهد كل موهبة وينميها ويدعم كل فكرة بناءة وكل حركة تبتغي الرب. غير ان مسؤوليته الخاصة ان يعلّم المؤونين الكلمة الالهية ويحفظ الايمان المستقيم ويرد الشاذين اليه.

رئاسته رئاسة خدمة لأن المسيح جاء خادماً ويستمد الأسقف سلطانه من كونه خادماً بالمحبة حسبما قال السيد لبطرس بعد القيامة:” يا سمعان بن يونا، أتحبني اكثر مما يحبني هؤلاء”. قال له: “نعم يا رب، انت تعلم اني احبك”. قال له: “ارع حملاني”. يولى الرعاية من احب وكان قادراً على العطاء الكثير.
علاقتنا مع المطران ليست كعلاقتنا مع مدير عمل او ادارة او دولةز هذا تنظيم دنيوي ويقتضي حسن سير الأعمال. علاقتنا مع المطران هي من باب البنوة. بما فيها من حب صادق وقناعة اذ لا يخرج الانسان من انتسابه لمن كان له أباً في المسيح. فالطاعة ليست متوقفة على مزاجنا ومزاجه. انت ابن ولو عرفت عيوب أبيك وتحسن الصلة ليعود أبوك الى عمق محبته لك.

والأسقف يقوم في المقام الذي هو فيه ليس بارادة بشر بل بمشيئة الله التي عبّر عنها بالانتخاب والرسامة [1]. فقد علّم بولس ان المسيح بصعوده الى السماء “هو الذي أعطى بعضهم ان يكونوا رسلاً وبعضهم أنبياء وبعضهم مبشرين وبعضهم رعاة ومعلمين، ليجعل القديسين أهلاً للقيام بالخدمة لبناء جسد المسيح ” (أفسس 4: 11و12 ). الراعي المعلّم اساسي ليتمكن القديسون (اي المؤمنون ) من القيام بالخدمة في جسد المسيح الذي هو الكنيسة.

وعلى أساس ذلك نقول في الخدمة الالهية التي تجري فيها رسامة اسقف: “النعمة الالهية التي في كل حين للمرضى تشفي وللناقصين تكمل هي تنتدب (فلاناً) القس المحب لله اسقفاً على مدينة ( كذا ) ؟ يتعامل الكهنة والعلمانيون مع شخص جعلته النعمة مسؤولاً عنهم. من هنا ان المؤمنين لا يظلون مع رئيس الكهنة في مناقشات لا تنتهي لأن له في كل الأمور، رعائية كانت ام ادارية، القول الفصل بسبب من انتداب النعمة.

وبهذا الاتجاه يتكلم القديس اغناطيوس الأنطاكي المستشهد في مطلع القرن الثاني:”لا يكن لكم مع اسقفكم الا فكر واحد كما انتم فاعلون. وان قسسكم المحترمين اللاءقين بالله هم متحدون بالأسقف اتحاد الاوتار بالقيثارة… وليدخل كل منكم في هذا الجوق بحيث تتعدد اصواتكم وتتوحد نغماتكم”.

واغناطيوس يعتبر الأسقف قائماً مقام الله وصورة لله الآب الى ان يقول: “فلنجتهد الاّ نقاوم الأسقف اذا كنا نريد ان نبقى خاضعين لله”.

هذا الأدب يتنافى مع قول القائلين في هذه الرعية او تلك: “هذه شؤوننا المحلية ” او “هذا مال عائد الينا” ولا رأي للمطرانية في استعماله.نحن ليست لنا كيانات مستقلة في اي مكان. الكنيسة واحدة في كل انحاء الأبرشية. والأبرشية سفينة يديرها ربّان مسؤول عنها امام الله ويسأله عن رعايته البطريرك واخوته المطرنة.

الكنيسة الحكم فيها للكلمة الالهية وللقانون الكنسي. واذا كان التشاور الأخوي شرطاً فيها فليس نظامها النقاش البرلماني القائم على الاكثرية والاقليمية. فيمكنان يكون الارثوذكسي وحده ضد العالم. في امور الحقيقة لا عبرة للعدد.

في جسد المسيح الواحد الذي يجمعنا وسياسته المحبة نحن في تعاون بلا ريب. والانتظام في كل ذلك هو ما عبّر عنه الطوباوي اوغسطس لما قال: “انا أخ معكم وأسقف ازاءكم”. فبين المطران وبقية الرعية معية ومشاركة ولكن بينهما المواجهة اذا فرضها الاخلاص للحق.

المتربوليت جاورجيوس خضر
عن نشرة رعيتي 1992
الأحد 2 شباط – العدد5
عيد دخول ربنا يسوع المسيح الى الهيكل


[1] هنا نرى أنه لا بد لنا أن نحيلكم أخواتنا وإخوتنا الأحباء إلى هذه المقالة المجمع المقدّس الآتي! لقدس الأرشمندريت توما بيطار…. إدارة الشبكة

arArabic
انتقل إلى أعلى