Lydnad mot Guds Son till döden

تحيّر الكثيرين طاعة يسوع التي قادته إلى الموت حبّاً بنا. بعضهم يقول إنّ قدرته سببها أنّه ابن الله. يتناسى بعضنا أنّه كان بشراً مثلنا “ما خلا الخطيئة”. وهذا يعني أنّه شاركنا في لحمنا ودمنا من دون أن يخطئ.

أن نتناسى أنّه إنسان مثلنا تشويه لإيماننا. فتعليمنا يؤكّد أنّه إله وإنسان “من دون انقسام أو انفصال أو اختلاط”. تنازل إلينا ولبس طينتنا – من دون أن ينفصل عن أبيه – ليعيد إلينا مكانتنا الأولى، أي ليعيدنا إلى الله أبيه، لننعم بالقربى والدلال اللذين كنّا نتمّتع بهما قبل أن تفصلنا عنه الخطيئة.

أجل، لقد أطاع يسوع ليمحو عار آدم، ويفتح طريق الإنسانيّة الجديدة. فآدم بعد أن خلقه الله وأسكنه في كنفه، رأى، بعد أن أغواه إبليس، أنّه قادر على أن يحيا من دون الله. فأسقطته كبريائه، ورمته بعيداً عن خالقه. وورثنا نحن نتيجة هذه الخطيئة دهراً. فضللنا، ومرضنا، ومتنا. غير أنّ الله لم ينسنا. خاطبنا بطرائق عديدة لنصحو، ونعود إليه. وكان خطابه الأخير أنّه أرسل ابنه إلينا ليمحو عنّا كلّ بعد وكلّ عار وكلّ ضعف. هذا ما أكّده بولس الرسول بقوله: “ساد الموت من عهد آدم إلى عهد موسى، ساد حتّى الذين لم يرتكبوا خطيئة تشبه معصية آدم، وهو صورة للذي سيأتي. ولكن ليست الهبة كمثل الزلَّة: فإذا كانت جماعة الناس قد ماتت بزلّة إنسان واحد، فبالأولى أن تفيض على جماعة الناس نعمة الله والعطاء الممنوح بنعمة إنسان واحد، ألا وهو يسوع المسيح” (رومية 5: 14- 15).

جاء يسوع، ومحا صكّ آثامنا. محاه بطاعته. محا نفسه ليظهر عظمة الآب، ويجمّلنا. ما كان تنازله مَنْقَصة. كان كاملاً في كلّ شيء. وكان عظيماً في محبّته إيّانا.

بعضهم قال مفسّراً سرّ تنازل الابن أنّه كان مصمّماً على مجيئه إلينا، ولو لم يخطئ الجدّان الأوّلان. حبّه إيّانا كان دافعه إلى هذا التجسّد المذهل.

وهذا الحبّ يمكننا أن نلمسه لمس اليد. فتنازله مذهل، وتصرّفاته مع الناس كانت أيضاً مذهلة. فهو كان يحبّ الجميع من دون محاباة أو تمييز. لم يفضّل وجهاً على وجه. كان يقرّب إليه من كان يسأله القربى ومن لا يسأله. الخاطئ والغريب والمرذول كانوا من المحبَّبين إلى قلبه. عاملهم طرّاً بالحسنى واللطف. لا لأنّه كان يرضى بإثم الآثمين، ولكن لأنّه يعرف قلب الإنسان وما تكون قدرته إذا أُحبّ. صحيح أنّ محبّته لم تشفِ الجميع، يهوذا مثلاً. ولكنّ الذين يصرّون على محبّة “الليل” والعيش في ظلامه لم يجعلوه ينسى أنّه إلههم، وأنّ الآب يريده أن ينقل غفرانه المجّانيّ رغم رفض الرافضين والمستحلين الدنيا، ورغم كلّ خيانة. كان يتصرّف مع الناس من دون أن ينتظر مبادلة أو قبولاً. كان خاضعاً لمشيئة أبيه وحرّاً من رضا الناس.

ولعلّ هذا ما جعل بعضاً يتّهمه بالجنون. قالوا عنه أشياء وأشياء. كم ظلمه شعبه. كم أهين. وكم صبر وعزف عن نفسه.

لم يفهم أحد – قبل حلول الروح الإلهيّ – أنّه يحيا فوق. وأنّ تنازله كشف لهذا الـ”فوق”.

كان في كلّ إهانة توّجه إليه، وفي كلّ تشكيك، وفي كلّ ظلم، يقول صابراً ارتقاءه على الصليب. فالصليب كان رفيقه دائماً. نام عليه من مهده إلى لحده. نام لنستيقظ نحن، ونرتقي.

هذه الطاعة الكاملة قادت يسوع إلى الموت. ولكنّ المطيعين لا يغلبهم الموت إلى النهاية. هذا كشفه يسوع في فجر “كان كثافة الأزل”. قام من بين الأموات في اليوم الثالث، واستبق بقيامته قيامتنا الأخيرة.

من موجبات إخلاصنا أن نقتدي بيسوع، فنطيعه كما أطاع هو أباه. وألاّ نفضّل شيئاً على محبّته. أن نعي أنّه فينا، وأنّه رفعنا إلى فوق. وإذا كان فينا فهذا يعني أنّه قوّتنا في مسيرة جهادنا. فنحن لا نقدر على شيء من دونه. هو يمكّننا من حبّه ومن طاعته. هذا موقف يسكن قلوبنا إن أدركنا عجزنا وعفوه. فمحبّته إيّانا، تلك المحبّة التي دفعته إلى أن يشاركنا في لحمنا ودمنا وإلى الموت عنّا، هي أقوى من خطايانا وتقاعسنا وخيانتنا. إنّه حبيب الآب الذي إن أحببناه يحبّنا الآب ويأتِ ليقيم وابنه فينا. فالآب لا يشاء هلاكنا، بل أن ترتسم، في حياتنا جميعاً، صورة ابنه الوحيد، ليَكمل لقاء المطيعين في ملكوت “ابن محبّته”.

عن نشرة رعيتي 203

Rulla till toppen