الأنبا أرسانيوس
- التفاصيل
- كتب بواسطة: OrthodoxOnline.Org
جاء عن القديس أرسانيوس إنه كان من روميا العظمى، وكان من أفاضلِ فلاسفتِها. وكان والدُه من أكابرِ البلاطِ المقرَّبين إلى الملكِ. فلما ملك ثاؤدوسيوس أرسلَ إلى الملكِ والبابا بروما طالباً رجلاً فيلسوفاً يُحسن اللغتين الرومية واليونانية لكي يعلمَ أولادَه الحكمَةَ والأدبَ. فلم يجدوا في كلِّ فلاسفة روما رجلاً يشبه أرسانيوس في الحكمةِ والفضلِ ومخافةِ الله. فأرسلوه إلي الملكِ بالقسطنطينية، ففرح به الملك وأحبه لفيضِ معرفتِهِ، ولأجلِ نعمةِ الله التي كانت عليه، فسلَّم له الملكُ أولادَه وقدَّمه على أكابرِ مملكتِهِ. وكان إذا رَكِبَ يكونُ قريباً من الإمبراطور. وكان له أمرٌ نافذٌ وعبيدٌ كثيرون يقومون بخدمته. ولم يتخذ في بيتهِ امرأةً. فلما بلغ مركزاً عظيماً هكذا بدأ يفكر في نفسِهِ قائلاً: «إن كلَّ هذا لا بدَّ له من أن يتلاشى كما ينحلُّ المنامُ، وإن كلَّ غنى الدنيا ومجدِها وجاهِها عبارةٌ عن حلمٍ، ولا يوجد شيءٌ ثابتٌ غيرُ قابلٍ للتغيير، وأنه لا ينفعُ الإنسانَ إلا خيرٌ يقدمه قدامه». فزهدتْ نفسُه كلَّ شيءٍ، وصار يطلبُ من الله كلَّ وقتٍ قائلاً: «عرِّفني يا ربُّ كيف أخلُص». فجاءه يوماً صوتٌ يقول له: «يا أرساني اهرب من الناس وأنت تخلص». فقام لوقتِهِ وترك كلَّ شيءٍ ونزل إلى البحرِ فوجد سفينةً إسكندرية تريد السفرَ، فركب فيها وجاء بها إلى الإسكندرية، ومن هناك أتى إلى الإسقيط إلى الأب مقاريوس، ذاك الذي أسكنه في إحدى القلالي الخارجةِ عن الديرِ لأنه وجده عاشقاً للهدوءِ. وبعد حضورهِ بأيامٍ قلائل تنيَّح الأب مقاريوس. وقد بدأ أرسانيوس حياتَه الرهبانية بنسكٍ عظيمٍ وصلاةٍ وقداسةٍ وزهدٍ حتى فاق كثيرين. وسمع بفضلِهِ أولادُ أكابر القسطنطينية ودواقستها، وابتدأ كثيرون منهم يتزهدون ويجيئون إلى ديارِ مصر ويترهبون.
Add a comment