It is said that when Vladimir, Prince of Kiev, a pagan, wished to learn about the true religion, he sent envoys on his behalf to the countries of the wide world (at the end of the tenth century). They first went to the Bulgarians, the Volga Muslims, but when they noticed that “they gathered around them during prayer as if possessed by spirits,” they left them, saying, “They have no joy.” Then they visited the countries of the Germans and Rome, and found their methods of worship better, but they saw no beauty among them. Finally they arrived in Constantinople, and while they were at the Divine Liturgy in the church of Hagia Sophia, they discovered what they had been searching for, and said, “We did not know whether we were in heaven or on earth, for the earth does not contain such splendor or such beauty.” They added, “We cannot describe what we have seen. All we can say is that God was among the people, and that their service surpassed everything we have seen. We can never forget that beauty.”
تصف هذه الرواية خاصة من أهم الخصائص التي تميّز المسيحية الارثوذكسية، وهي انها كنيسة ليتورجية، وأن عباداتها تمتاز بجمال لا يُسبر غوره، فهذا سرّ السماء الهابطة (على الارض) الذي لا يمكن أن “يخطر على بال بشر” او يصفه لسان… والجمال وجه من وجوه حضور الله (“إن الله كان هناك بين الناس”)، وهو زينة أخصائه في الدنيا. “وأخصّاء الله” عبارة لا تعني حصراً بعض الذين كانوا -حسب الرواية- يقيمون الخدمة الإلهية: الأساقفة او الكهنة او الشمامسة؛ ولا أيقونات القديسين التي تزيّن جدران الكنائس شهادة على حضورهم وحبّهم الحيّ وحسب، وإنما ايضا جميع المؤمنين. صحيح أن كلام مبعوثي فلادمير لا يوحي بأن قائليه كانوا يبحثون عن العقائد والتعاليم التي يتّبعها الناس ويحيون بموجبها، او أنهم تأثروا بمناقبيتهم، وإنما (كانوا يبحثون) عن العبادة. غير أن ما لا يقبل نقاشاً هو أن العبادة الارثوذكسية هي “قاعدة الإيمان”، وهي، تالياً، صورة الحقيقة التي يجب أن يكون الناس عليها في حياتهم اليومية.
والليتورجية الارثوذكسية تجمع بآن العالم المرئيّ والعالم غير المرئيّ، وهي بهذا المعنى ملتقى السماء والارض (او: “السماء على الارض”، كما قال مبعوثو الامير فلادمير). وذلك أن مذبح الله واحد في السماء والأرض، والذبيحة الإلهية التي تقدَّم عليه واحدة، وتساهم فيها، بطريقة فعالة، الكنيسة كلها: المؤمنون المجاهدون في الارض والمنتصرون في السماء (الملائكة والقديسون). وهذا ما يبدو جليّاً في نصوص الصلوات الارثوذكسية: نرتّل في خدمة القداس السابق تقديسه: “الآن قوّات السموات تشاركنا في العبادة بحال غير منظورة” (صلاة الدخول الكبير). الكنيسة واحدة لأن الرب رأسها واحد، وقد أبطل في تجسده الزمان والمدى، وبات هو “الكل في الكل”. هو الذي يجمعها فيه ويوحّدها. ففيه تلتقي السماء والأرض (السماويّون والأرضيون). وذلك أننا “اذا ما وقفنا في هيكل مجدك نحسب اننا في السماء واقفون”. هذا ما رآه يوحنا الحبيب، فكتب: “رأيتُ… جمعاً كثيراً لا يستطيع أحد أن يحصيه…، وكانوا قائمين أمام العرش وأمام الحَمَل… وكان جميع الملائكة قائمين حول العرش والشيوخ والأحياء الأربعة… فخاطبَني أحد الشيوخ قال: هؤلاء اللابسون الحلل البيضاء، من هم ومن أين أتوا؟ فقلت له: يا سيدي، انت أعلم. فقال لي: هؤلاء الذين أتوا من الشدة الكبرى وقد غسلوا حللهم وبيّضوها بدم الحَمَل. لذلك هم أمام عرش الله ويعبدونه نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس على العرش يظلّلهم…” (رؤيا 7: 9-17).
ما نستشفّه من قول يوحنا في رؤياه أن الله يجمع في السماء الملائكة والشهداء القديسين الذين “غسلوا حللهم وبيّضوها بدم الحَمَل”. العبادة، في معناها الأخير، لقاء الشهداء المخْلِصين لمعموديتهم بيسوع الحيّ. والمعمودية نور (ودم) وليست ماء وحسب. هي تُدخلنا ملتقى الأبرار لنتقدس بهم وبحبّهم الذي لا يغلبه شيء في العالم. فنتعلّم أن العبادة الجماعية ليست مظهراً خارجيّاً يغري جماله الحاضرين، وإنما هي قبول التجدد المستمر. هي لقاء القداسة الى القداسة. هذا هو جمالها الحقيقيّ. الارثوذكسية كنيسة العابدين الذين ينعكس فيهم جمال السماء وإخلاصها. ولذلك ما كان همّ الارثوذكسية أن تؤكد الوحدة بين السماء والأرض الا لتكشف الحقيقة وترجو أن تكون الأرض سماءً (اي الأرضيون سماويّين). العبادة هي، بكلام دقيق، سماء الى سماء. ولهذا ترفض الارثوذكسية كل إهمال او تقاعس يبررهما الناس بقولهم إن الله موجود في كل مكان ليُعْفوا أنفسهم من لقاء الجماعة ويُسكتوا ضميرهم براحة كاذبة ووَهْمٍ يخالف الحق. مَن يرفض أن يجتمع مع الكنيسة الملتقية برأسها الحيّ (يسوع المسيح) وقدّيسيه لا يخسر حضور الله وشركة القديسين وحسب، وإنما نفسه وعضوية الكنيسة الأخيرة التي القداس الإلهي قلبُها او مِعراج الأبرار اليها.
هذا ما فهمه موفدو الأمير فلادمير. هم شهدوا لمحبة الله التي هي نور السماء التي يلتحف بها كل من أدرك أن الله بتنازله الينا فتح لنا ملكوتاً لا يبلى أبداً وأَدخلَنا فيه.
عن نشرة رَعيّـتي 27/2000