سنة 1767م انتقل إلى أزمير حيث عاش مع عم له كان كاهناً راهباً اسمه ملاتيوس وتابع دراسته في مدرسة عالية فيها ثم تحول إلى جزر ستروفادس حيث صار راهباً ودعي غريغوريوس ومن هناك انتقل إلى جزيرة باتموس ودرس في مدرسة دير القديس يوحنا اللاهوتي.
وفي أثناء ذلك خطر اسمه على بال بروكوبيوس رئيس أساقفة أزمير فدعاه إليه وسامه شماساً فكاهناً وعينه مدير مكتبه برتبة نائب أول (بروتوسنكلوس)
سنة 1785م اختير ميتروبوليتاً على أزمير خلفاً لبروكوبيوس الذي صار بطريركاً على القسطنطينية فخدم شعب إزمير حيث بنى المدارس والكنائس ورمم جملة من الكنائس العتيقة.
في الأول من أيار سنة 1797م انتخب بطريركاً على القسطنطينية خلفاً لجراسيموس الثالث وحمل غريغوريوس معه إلى البطريركية نظاماً رهبانياً وهو الأمر الذي لم يرق للعديد من الأساقفة ورؤساء الأساقفة ونشط في ترميم الأبنية البطريركية والكنائس التي أصابها الإهمال. وأعاد إدخال المطبعة إلى البطريركية لأغراض تربوية بعدما كانت المطبعة الأولى قد أدخلت زمن كيرللس لوكاريس سنة 1628م ولكن بتحريض من اليسوعيين توقف العمل بها.
ويذكر أن نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر شكلت فترة مضطربة في تاريخ الإمبراطورية العثمانية فغزا نابليون بونابرت مصر من الجنوب وثار علي باشا في ألبانيا وتفشت ظاهرة العصابات غير المنضبطة التي كانت تجوب جبال البليوبونيز واندلعت الثورة في رومانيا بقيادة ألكسندروس هيبسيلانتيس الجنرال في الجيش الروسي.
كان البطريرك غريغوريوس مستاءاً من أنشطة عصابات البليويونيز التي روَّعت المسيحيين كما روَّعت المسلمين فأصدر بياناً أدان فيه نشاطاتهم.
ولما كان نظام غريغوريوس الرهباني قد أزعج العديد من أحبار الكنيسة فقد أخذوا موافقة السلطان العثماني على الإطاحة به واستبداله بآخر فنفي غريغوريوس إلى جبل آثوس وأقام في دير ايفيرون.
في عام 1806م استقال خلفه كالينيكوس وأعيد انتخاب غريغوريوس الذي عاد كسابق عهده في نشاطاته التربويه وأعمال الرحمة والإحسان ولكن السياسة العثمانية لعبت دورها فقد تمكن الوزير مصطفى بيرقدار من العودة إلى السلطة وجعل على العرش محمود الثاني. هذا حدث سنة 1808م وتمكن كالينيكوس من العودة للسدة البطريركية لأنه كان محبوباً من الوزير مصطفى بيرقدار فنفي غريغوريوس إلى جزيرة برانكيبو ولم يبق كالينيكوس سوى 10 أشهر ثم استبدل بإرميا الرابع فلما حدث ما حدث أعيد غريغوريوس إلى منفاه في جبل آثوس مرة أخرى.
في 10 نيسان سنة 1821م بعدما ختم البطريرك القداس انتقل إلى قاعة الاستقبال البطريركية لتقبل التهاني. ثم انكفأ ليأخذ قسطاً من الراحة وإذ ذاك اطَّلع على أن الثورة اليونانية قد اندلعت ولما سُؤل: “ماذا سيحدث الآن؟” أجاب بهدوء: “الآن وفي كل آن لتكن مشيئة الله”.
حوالي الساعة العاشرة صباحاً وصل ممثلون عن الخارجية في الحكومة العثمانية فظن غريغوريوس أنهم قد أتوا للمعايدة منتدبين من حكومة السلطان. لكن أُخبر البطريرك أنه عزل من منصبه لأنه:” لا يستحق الرتبة البطريركية وهو جاحد للكرامة التي أسبغها عليه الباب العالي وخائن”. وورد في الفرمان أن غريغوريوس ينفى إلى مدينة خلقيدونيا. أوقف غريغوريوس واستيق سجيناً برفقة رئيس شمامسته نيكيفوروس والشماس أغابيوس وابن أخيه ديميتريوس وما لبث البطريرك ورؤساء الأساقفة قد أدركوا أنهم ليسوا برسم النفي بل الإعدام.
في السجن تعرَّض البطريرك للإستجواب والتعذيب كان يهم السلطات أن تحصل منهع على معلومات عن الثورة طنَّت أنها كانت بحوزته، إلى ذلك عُرض عليه الإسلام ليخلِّص نفسه ولكن جوابه كان ببساطة: “قوموا بواجبكم فبطريرك الروم يموت مسيحياً أرثوذكسياً”.
أخرج غريغوريوس من السجن واستيق إلى البوابة البطريركية حيث علِّق من البوابة الوسطى التي تفتح على أرض البطريركية. أصرَّ السلطان على أن ينتخب بطريرك جديد من بين الأحبار الحاضرين في القسطنطينية فأختير الميتروبوليت أفجانيوس خلفاً للقديس وأُدخل في موكب جمع الأحبار إلى الرسميين العثمانيين، أقول أدخل إلى البطريركية لكن البطريرك الجديد أجبر على أن يطأطئ رأسه وينحني ويدخل من البوابة نفسها التي علِّق عليها غريغوريوس.
بقي جسد البطريرك معلقاً لمدة ثلاثة أيام ثم أنزل من قبل يهود جندهم العثمانيون وأخذوه وجرَّروه في الشوارع ثم رموه في البحر غير أن سفينة يونانية تحمل العلم الروسي التقطته وأخذته إلى أوديسا الروسية حيث ووري الثرى كشهيد وبطل. وفي نفس العام 1821م أعلنت الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية قداسته وقد جرت استعادة رفاته إلى اليونان حيث دفن داخل كاتدرائية بشارة السيدة في أثينا.
تُعيد له الكنيسة في 10 نيسان.