يعتبر المعمدانيّون أنّه “يوجد نوعان من الخدّام في الكنيسة، أوّلاً أساقفة أو رعاة أو قسوس، والعبارات مترادفة (عندهم)، وثانياً شمامسة” (الموقف الكتابيّ، العدد 14روبرت أ. بايكر، سير المعمدانيّين في التاريخ، صفحة 17، أنظر أيضاً: صفحة 31؛ فنلي م. جراهم، اللاهوت النظاميّ، صفحة 293؛ عوض سمعان، الكهنوت، صفحة 321- 325؛ ج. م.، كارول، تاريخ الكنائس المعمدانيّة، صفحة 17). ويرفضون رفضاً قاطعاً اعتبار الكهنوت سراً. ولا يمنعون أنفسهم من تحقيره بوصفه أنّه من “الأركان القديمة الضعيفة البالية”، أو “رئاسة بشريّة ساقطة” (الموقف الكتابيّ، العدد 5).
ويدّعون أنّه أنشئ نتيجة تفسير خاطئ للإنجيل “خرّب تعاليم يسوع تخريباً كلّيّاً من حيث صفات خدّامه وعملهم (أي دور الكهنة في الأسرار وعلاقتهم بالأساقفة)” (روبرت أ. بايكر، م.ن.، صفحة 28). فلا يوجد خلفاء للمسيح (عوض سمعان، م.ن.، صفحة 317- 320و325). ولا خلفاء للرسل (م.ن.، صفحة 325- 329، 424- 427). وذلك، لكون المسيح “لا يموت ولا تتعطّل خدمته، أو جزء من خدمته، لأيّ سبب من الأسباب، فلا تكون هناك حاجة إلى أحد يساعده في تأديتها، أو يحلّ محلّه فيها فترة ما” (م.ن.، صفحة 281). ومن تسنَّ له أن يطّلع على كتاباتهم، يعرف أنّهم يفخرون بأنّهم أخذوا عن مارتن لوثر (1483- 1546) إعادة اكتشاف “عقيدة كهنوت جميع المؤمنين”، وأنّهم “قبلوها بحماسة مطلقة”، لأنّها “تتناقض مع فكرة وجود جسم كنسيّ كهنوتيّ يقف بين المؤمنين والله” (الكلمة، العدد الثامن، تشرين الثاني 2000، الصفحة 7). فبرأيهم، “جميع المؤمنين الحقيقيّين هم كهنة الله بالمعنى الحرفيّ” (عوض سمعان، م.ن.، صفحة 159- 163،166 و167 و277 و280 و282 و313)، ولا ضرورة لوجود كهنة (م.ن.، صفحة 271- 284). وهذا يفترض بعض التوضيح.
Leaving aside the poor language evident in these citations, it is difficult, in fact, to respond, in one article, to all the points raised by Baptists in their discourse on the priesthood. (1)Therefore, we will limit ourselves to responding to their claims about the arrangement of responsibilities in the New Testament, and consequently the priesthood in secret. This may suffice to show the weakness and uselessness of their teachings.
من المعروف أنّ المعمدانيّين، الذين يقرّون بوجود نوعين من الخدّام في الكنيسة، يعتبرون أنّ وجود كهنة بالمعنى الحرفيّ، في القرن الأوّل، “لا نصيب له من الصواب”. وهذا الموقف القاطع يفترض توضيحاً بالغ الأهمّيّة، وهو أنّ الألفاظ المستعملة، في العهد الجديد، عن المسؤولين في الجماعة، لم يتبسّط في توضيح ترتيبها العهد عينه. فالرسل كانوا، في حياتهم، هم المسؤولين في الجماعة. وكلّفوا، في حياتهم أيضاً، مسؤولين عن الجماعة يخلفونهم في غيابهم، وتالياً بعد رقادهم (أنظر مثلاً: أعمال 14: 23، 15: 22، 20: 17 و28؛ 1كورنثوس 12: 28؛ 1تيموثاوس 3: 1- 13؛ تيطس 1: 5- 9؛ عبرانيّين 13: 17؛ يعقوب 5: 14). ولكن، ما معنى المسؤوليّات المذكورة، وهل لها طابع هرميّ (أي الأسقف أوّلاً والشمّاس ثانياً أو ثالثاً)؟ الجواب عن هذا السؤال يصعب الجزم فيه استناداً إلى نصوص العهد الجديد. فإذا أخذنا الشمامسة مثلاً، فالمعروف أنّهم كانوا مسؤولين عن خدمة الموائد، وكانوا، في الوقت عينه، يعلّمون، ويعمّدون (أعمال 6: 8- 7: 60، 8: 4- 13، 26- 40). وما يؤكّد خصوصيّة هذه المسؤوليّة أنّ الربّ وصف نفسه بالخادم (متّى 20: 28). والخادم، لفظاً، تعني الشمّاس. وهذا، بالضرورة، يعني أنّهم كانوا رؤساء في الجماعة أيضاً. اعتبار المعمدانيّين أنّ الأساقفة هم أوّل المسؤولين والشمامسة ثانيهم (أو ثالثهم)، أمر توضّح بعد حقبة الرسل. إذ اقتصر عمل الشمّاس على خدمة الموائد. وبقي الأسقف يقيم هو، أو من ينتدبه (الكهنة)، الأسرار المقدّسة. وهذا يعني أنّ المعمدانيّين انتقائيّون، يأخذون ما يحلو لهم من الكتب ومعانيها الظاهرة في برّ التاريخ، ويسبغون عليها المعنى الذي يناسبهم.
The aforementioned responsibilities, whose meaning was revealed after the era of the apostles, suggest that the meanings are broader than the time frames. If the Church spoke of priestly degrees, this does not mean that she added different meanings to the books of the New Testament. The Church received not only the books, but also their meanings. However, the Baptist sects, which claim that they base their teachings on the Holy Books, do not accept its understanding extended in history. We are not surprised by this position based on hostility to the Holy Church, her thought and her practice.
السؤال الذي يفرض ذاته، هو: ما هي الدلالة الكتابيّة على سرّيّة الكهنوت؟ وهذا يفترض، بدءاً، توضيحاً بالغ الأهمّيّة لا يجهله المعمدانيّون، ولا يرفضونه، ولو أنّهم لا يقبلون انعكاسه على الخدمة الكنسيّة، وهو أنّ المسيح، وفق كشف العهد الجديد، ولا سيّما الرسالة إلى العبرانيّين (5: 6، 7: 3- 21، 10: 21)، هو “الكاهن الأعظم” الذي حوى، في ذاته، عناصر الوساطة الكهنوتيّة كلّها بمجملها، أي الكمال والخلاص الأبديّ والدعوة من الله على رتبة ملكي صادق. فليس من كلام واقعيّ على الكهنوت لا يبنى على هذا الكشف. ومعنى ذلك أنّ الكنيسة، بتأكيدها أنّ الكهنوت سرّ، جاءت من كهنوت المسيح أساساً، أي أنّها لم تخترع تعليماً مخالفاً. وهذا يثبته قولها إنّ “الأسقف أيقونة المسيح”، أي صورته. فهي لا ترى الأساقفة (أو الكهنة) بالاستقلال عن الربّ المتجسّد والفادي. ولا تعتبرهم أشخاصاً آخرين إزاء المسيح، أو يحلّون محلّه، بل إنّه يحلّ فيهم. ثمّة أقوال للربّ كثيرة تدلّ على أنّه وضع قوّته في بشر. ويكفي، إثباتاً، أن نردّد قوله: “الحقّ الحقّ أقول لكم: من آمن بي، يعمل هو أيضاً الأعمال التي أعملها أنا، بل يعمل أعظم منها” (يوحنّا 14: 12). وهذا القول يطرح سؤالاً كبيراً، وهو: هل شعر الرسل، الذين وجّه الربّ إليهم كلامه، بأنّهم قادرون على أن يعملوا أعمال الله باستقلال عنه؟ بالتأكيد، لا. إذاً، لقوله قصد، وقصد واضح. إنّه فيهم يعمل الأعمال. لست بمعتقد أنّنا نحتاج إلى إيراد أمثلة تكشف أنّ جماعة الرسل كانوا يعملون كلّ شيء باسم المسيح، أي بإيمانهم به حاضراً فيهم. فكتاب أعمال الرسل يعجّ بالأمثلة، أو كلّه مثال على ذلك. وهذا، بالضرورة، ينطبق، في كلّ جيل، على من كلّفهم الربّ بقيادة رعيّته. وهل غير هذا معنى السرّ؟
One of the problems of the Baptists, and those who follow their approach, is that they may accept that the Lord gave His power to His first disciples, but they deny it to others. This means, and thus, that God’s work, for them, is limited to the period of the apostles’ presence on earth! In the face of this denial, there are two options: Either the Lord is not the Savior of all history, or what He said and did is valid in all times. We leave this to their contemplation if they are capable of objective contemplation!
(1) See: Network Library and Department of Theology and Orthodox Faith