Site icon Orthodox Online Network

صلاة في الضيق – تأمّل في المزمور الثاني والستّين

لعلّه من أجمل الرسومات المسيحيّة القديمة الرمزيّة، هي صورة الأيائل المسرعة إلى نبع المياه. الغزال حيوان جميل وسريع، يحيا على قتل الأفاعي وأكلها. ولحم الأفعى ثقيل وقاسٍ وهذا ما يجعل الغزال يلتهب عطشاً في “أرض بريّة وعادمة الماء”. فيروح يبحث عن ماء في الصحراء. وتتوق نفسه وجسده إلى الماء. والمسيحيّ تتوق نفسُه في العالم إلى ماء الحياة كما تتوق نفس الغزال إلى الماء في الصحراء(26). This drawing is an ancient Christian metaphor for the soul's thirst for God.

العبارة الشهيرة “يا ربّ خلقتنا متّجهين إليك ولن نرتاح إلاّ بك”، عبارة تدور حولها صلوات كثيرة. إنّها تعبير مختصر عن صرخات الإنسان بعبارات لا تُحصى ولا تُعَدّ. هذه هي المسرّة التي جلبها الله على الأرض: إنّه أروى عطش الإنسان إليه. لقد وَجدت البشريّةُ، كالابن الضّال، أباها الحنون، الذي يمكنها أن تتّكئ على صدره وترتمي في أحضانه وترمي عليه رجاءها.

ما يميّز العهد القديم عن العهد الجديد، أنّ الأوّل كان معاهدة ناموسيّة، إذ بين الله والإنسان واجباتٌ. ولعلّه في ذهن الكثيرين كانت الفكرة الغالبة أنّ الذبيحة والأنفس الحيّة المقدّمة تشتري الرضى الإلهيّ وتمحو الخطايا الشخصيّة، وبالنهاية تسوّي العلاقة الناموسيّة بين الإنسان والله فتريح الضمير. وصار “الواجب” و”إتمامه” طابعَ العلاقة. بينما في العهد الجديد فإنّ الموهبة، أي الهبة الفريدة هي أنّنا نلنا “موهبة التبنّي” ولسنا بعدُ عبيداً. والتبنّي هذا لا يعني فقط أنّ الله تبنّانا، أي تعهّدنا، وإنّما بالأعمق أنّنا بتنا نشعر بالله الآب- “الأب” عبر ابنه “الابن”. رُوِيَ هكذا عطش الإنسانيّة الباحثة عن أبيها السماويّ الحنون المعتني والراعي.

لكن من رجالات العهد القديم انفرد البعض منهم بميزة “القفزة الزمنيّة” من علاقة العهد القديم إلى هذه التي في العهد الجديد. قفزةٌ من الذبائح والناموس لشراء الرضى إلى علاقة المحبّة البنويّة والارتماء بأحضان الأب السماويّ كالطفل في حضن أبيه. وأكثر من الجميع امتاز بينهم داؤود النبيّ، لأنّه عاش في زمن العهد القديم حياةَ العلاقة التي للعهد الجديد.

The phrases of the Prophet David, which come from a heart that cares about God and relies on Him, are considered the most beautiful Christian prayers ever. This is why we understand why his psalms are used extensively in our prayers, whether in collective prayers in the church or individually in the inner chamber.

Reading the Psalms is a spiritual exercise that helps a person wherever he is. It is a fervent prayer. Monks read the entire Book of Psalms once a week during dawn and sunset prayers. In addition, the basic structure of all daily prayers is largely composed of these psalms. Psalms are prayers that move the hardest heart and bring life to any soul dead by the cares and desires of the world.

هذا المزمور، هو الثالث من مزامير السحر الستّة الرائعة. وسوف نتوقّف عنده قليلاً لنحاول أن نغوص إلى معانيه لعلّ ذلك يساعدنا على ترداده ليس لفظيّاً ولكن قلبيّاً وذهنيّاً أيضاً. “الأوامر الرسوليّة” والذهبيّ الفمّ وأثناسيوس الكبير، يوصون ألاّ يمرّ صباح دون أن نصلّي هذا المزمور. لقد دخل هذا المزمور في صلاة السَحَر منذ وقت مبكر في الكنيسة.

يتصدّر المزمورَ العنوانُ: “لداؤود وهو في بريّة اليهوديّة”. نحن نعلم أنّ كتاب المزامير (150 مزموراً) يسمّى كتاب داؤود النبيّ، لكن مؤلِّفَ المزامير كلّها ليس داؤود فقط. يُسمّى هكذا مجازيّاً لأنّ داؤود هو كاتب أغلب مزاميره. وإنّ الإشارة إلى المكان، وبالتّالي الظرف الذي كان فيه داؤود حين أنشد هذه الصرخات القلبيّة، هي ملاحظة تستحقّ التوقّف عندها.

David was found in the wilderness on the run and was being pursued. We know from his life that he fled twice under threat of death, once from King Saul before he became king.(27)Once again, after his kingship, he was forced to leave the throne to his son Absalom and flee to the wilderness(28). In one of these two circumstances, this psalm came out of David’s heart, full of suffering, but at the same time hope in God.

الغريب والرائع في هذا المزمور أنّه، بينما كان داؤود مضطهَداً وفي خطر كبير فهو لا يتأفّف على الله وحتّى بالبداية لا يلتفت إلى خطره لكنّه يشتاق إلى الهيكل من البريّة البعيدة عنه، أنّاتُ قلبه قد خرجت ذبيحةَ تسبيحٍ وليس طلباتٍ أرضيّة. تنهّداتُه من الأعماق كانت ملتهبةً بالعشق، وتطلب لقاء الله. زفراتُه كانت تعابيرَ ثقة واتّكال على الله. لذلك فهو مملوء ثقة بالله وكلّه رجاء ولا خوف عنده على مصيره أو من أعدائه “فالله هو إلهه”!

القدّيس أثناسيوس الكبير يقول إنّ هذه الصلاة ليست فقط لظرف كظرف داؤود وليست لحالة كحالته عندما كان مضطهَداً، وإنّما صلاة كلّ قلب عطشان إلى الله وإلى نعمته في كلّ ظروف الحياة. كلّما فرضت علينا الظروف أن نكون بعيدين عن الصلاة والعبادة الجماعيّة، يمكننا أن نرفع هذه الصلاة. كلّما وُجدنا في ضيق واضطهاد يمكننا أن نصلي هذه الزفرات الحيّة لترفعنا من الخوف واليأس إلى حلاوة الرجاء وتعطينا “سلامَه” الذي تركه ويتركه لنا.

(1) O God, my God, I seek you

مَن منّا، عندما يقع في ضيق أو مرض أو شدّة، يصرخ: “يا الله”؟ نحن- مؤمني هذا الدهر- أناس مصابون ب “العقلانيّة المفرطة” (Rationalism)، التي تعني بكلمة أخرى قلّة الإيمان. عندما يتعرّض الواحد منّا لموقف، فوراً قبل أن يفكّر بالله يفكّر “بحكمته” أو بأساليب للخروج من ضيقته، أو يفكّر ويصرخ: “يا فلان”! ولكن الله غائب وبعيد عن حياتنا. هل نشعر أنّ الله هو ملجأنا وخاصّة عندما تنعدم الحلول وتفشل كلّ الوسائط! هل نصرخ “يا الله” أم نحكّم العقل ونتوسّط الوسائط؟ إنّ الاتّكال على الله لا يعني إلغاء العقل وإنّما حكمة الاعتراف بقدرة الله الفائقة على العقل. نحن نحكِّم العقل، وهذا جيّد، لكنّنا نؤمن قليلاً أنّ كلّ شيء من الله ولأجله، وهذا أمر سيّئ. أحكِّم عقلي ليس لأستغني عن الله ولكن لأنّه هو أوصاني أن أمدّ أنا يدي أوّلاً لينتشلني هو من ضيقي، أنْ أبرهن بالسعي الجادّ أنّني راغب بالخروج من محنتي، مهما كانت، وأنّ ثقتي هي به و ليست بحكمتي!

وهنا داؤود يضيف كلمته “إلهي” وكأنّه يذكّر اللهَ بخاصّته؛ بابنه وعبده. وكما تقول التراتيل “ارحمْنا يا ربّ ارحمْنا لأنّنا عليك اتّكلنا، نحن شعبك وكلّنا صنع يدَيك وباسمك ندعى”. أتترك خاصّتك وشعبك المتّكل عليك؟

هنا ياء المتكلّم في “إلهي” فيها ليس فقط تذكير لله بعبده ولكن تكريس العبد نفسه وذاته لإلهه. “أنتَ إلهنا وآخر سواك لا نعرف”. أنت خاصّتي بمعنى أنّك “حصّتي” و”نصيبي” وغايتي وآخر سواك لا يستهويني. يا الله “إلهي” هي عبارة تخصّص والتحام بالله كالطفل بأبيه. فلكلّ إنسان أب ولكلّ إنسان إله، يمكن للشهوة أو للمجد الفارغ أو أيّ شيء آخر أن يصير آلهة، أمّا أنا “فالله” هو إلهي. وتخصّصي في غنم مرعاه اقتنيتُه من حياتي المناسبة ومن مسلكيّتي. لأنّه كما يقول ذلك الإعلان الرهيب في خدمة القدّاس الإلهيّ: “أهِّلْنا أيّها السيّد أن ندعوك أباً غير مدانين”. إنّ التخصّص لله والشعور به إلهاً لي، هو دينونة عندما لا ترافقه الحياة المطلوبة. التخصّص يعني ترك علاقات كثيرة وانتخاب نلك العلاقات التي تجعلني من خاصيّة الله وبالتالي تجعل الله خاصّتي وحصّتي ومقصدي وغايتي. هكذا كلّ مصلّي مع داؤود يصرخ يا الله إلهي، أي يا بغيتي ومقصدي، يكفيني رضاك ولو خسرت العالم كلّه. يكفيني أن “أقف قدّامك وتراني” ولو نسيَني جميع الناس.

“إليك أبتكر…”؛ حبُّ الله وعشقُه لم يتركا داؤود يشبع من نومه. “لقد نام، لكن قلبه مستيقظ”. مَن يحب شيئاً بشدّة، يدفعه هذا الحبّ من الصباح الباكر أن يترك الفراش ويقصد المطلوب. كثيراً ما نبكّر في القيام ونتأخّر بالسهر، ولكن من أجل مَن؟ إلى الله بكّر داؤود النبيّ بالقيام، لقد ملأه حبُّه واستهواه، ولم يعد الشبع من النوم مقبولاً… هكذا أيضاً كلّ محبّ لله. أشعياء نفسه كانت تبكّر روحه من الليل إلى الله للتأمّل بأحكامه، لأنّ أوامره نور على الأرض(29).

§ My soul thirsts for you, just as my body longs for you

“عطشتْ إليك نفسي” كالغزال إلى الماء. إنّها تعابير حبّ عميقة، العطش يعبّر عن لهيبٍ داخليّ. والحشا هو مركز الإنسان العميق، عليه ينحني وفيه يتألّم. تشعر الأم ابنَها كتلة من حشاها أو قطعة من كبدها. فالعطش أشدّ الأحاسيس قوّة. لم تشتقْ نفسُ داؤود وحسب بل أيضاً عطشتْ وتريد أن تطفئ ذلك اللهيب. هكذا المصلّي الحقيقيّ يعطش إلى الصلاة. الصلاة ليست واجباً. لكي نعرف ما إذا كنّا نصلّي أم لا، علينا أن نسال أنفسنا هل الصلاة لدينا “واجب” أم “حاجة”، هل نصلّي لأنّنا “عطاش” ونحتاج للصلاة كما للماء؟

عندما تشتدّ بنا الأحاسيس النفسيّة كثيراً ما تنعكس على الجسد. فمنظر مفرح أو مفزع، مفاجأة ما… كلّها تنعكس على الجسد بعينه. ولهذا يصرخ داؤود، ليس نفسي فقط قد عطشت إليك ولكن أيضاً “تاق إليك جسدي”. حبّك سرى حتّى في عظمي ولحمي. جسدي عينه تاق إليك وراح هو أيضاً يطلبك. لا توجد تعابير أشدّ. كلّ الكيان يطلبك يا الله إلهي. هذه عبارات داؤود النبيّ(30): “تاقت نفسي إلى خلاصك وكلامك انتظرتُ”، و”كم أحببتُ شريعتك، اليوم كلّه هي لهجي”.

هذا ما يعلّمنا إيّاه قدّيسونا والآباء أن يكون الله لهجنا طول النهار وفاتحة يومنا، أي أن يكون مركز اهتمامنا وهمّنا الأوّل. بالحقيقة إنّها ذبيحة مرضيّة لله أن يقدّم الإنسان باكورة يومه له، ولكنّها بالوقت ذاته ضمانة وقوّة وانطلاقة واعية للإنسان عينه. هكذا نحن نقدّم للصلاة أفضل لحظات اليوم وليس الوقت المقتول منه. وهذا ما يؤكّده نسّاك كبار مثل مرقس النّاسك ونيلوس المتوحّد. القدّيس باسيليوس الكبير يقول إنّه علينا أن نخصّص وقت السحر للصلاة “كيما تكون الحركات الأولى للنفس نحو الله”. وهنا داؤود يعبّر عن شدّة توقه لله بقوله “بكم نوع تاق…”. لقد ذاب شوقاً إلى الله ولا يعرف كيف يصف ذلك أو أن يحدّده. هذا المضطهَد، الفار، المتعب، العطشان المختبئ والجائع… عجيب! لأنّ نفسه تعطش ليس إلى الماء، وجسده لا يطلب شيئاً آخر، بل يطلب اللهَ والله وحده.

لكن التعبير الأعمق عن عطش داؤود، وعطش كلّ مؤمن، توضحه الآية التالية: “في أرض بريّة وغير مسلوكة وعادمة الماء”. هكذا كان داؤود ونحن أيضاً، نحيا في عالم، الله غريب فيه. لهذا غدا هذا العالم “بريّة” قاحلة جرداء. العالم يعجّ بالناس والناس تزحم بعضها البعض لكنّهم كالخيالات لا يلتفت الواحد إلى الآخر، ولا يشعر أحدنا أن بقربه آخر. أكثر المجتمعات ازدحاماً هي في حقيقتها “وحشة”. والفرادة- للأسف- هي طابع الحياة في أكثر المجتمعات تحضّراً. بينما تكثر الشركات تزداد الأنانيّة وتتفتّت الصداقات. وليس بعد من ماء حياة في هذه المجتمعات… دنيانا تقدِّم بحاراً من الملذّات لكن الإنسان لا يشبع من مثل هذا الماء المالح.

(2) Thus I appeared to you in the sanctuary, so that I might behold your power and glory

“هكذا”! نعم هنا يقفز داؤود ويتخطّى قروناً؛ يقفز فوراً إلى العهد الجديد وهو بعيد. هو مُبعَد عن أورشليم وهيكل العبادة، ومع ذلك يحضر أمام الله بالإيمان والرغبة. كان اليهود يعاينون الله فقط في تابوت العهد في الخيمة داخل الهيكل. فإنْ فَصَل الزمانُ والمكانُ داؤود عن الخيمة فلن يفصله عن الله. إنّه يحضر فكريّاً وذهنيّاً أمام الله. إنّها “العبادة الناطقة والعقليّة”. إن لم يقدر أن يحضر بالجسد إلى المعبد والهيكل المقدّس “المقدِس”، فإنّ روحه تطير من مكان غربته ونفيه وتحضر بالإيمان والشوق إلى داخل الخيمة وتعاين فعلاً مجد الله. ويروى أنّه عندما فرّ الملك داؤود هارباً، حمل أتباعه من اللاويّين والكهنة الخيمة وداخلها تابوت العهد (مجد الله) وتبعوه، لكنّه أمرهم أن يعودوا بالتابوت إلى المعبد، لكي لا يخاطروا بالخيمة معه في نفيه وغربته(31)To this tent, David’s spirit flies on the wings of powerful prayer, living faith, and fervent longing.

تجاه ضعف العالم وهوانه وفراغه تنتصب قوّة الله ويعلو مجده. الأرض البريّة القاحلة جرداء لا فرح فيها ولا ماء ولا حمدٌ. لكن المقدِس الذي تطير إليه نفوسنا ملآن قوّة ومجداً. “الربّ عزّي وثباتي وملجأي وقوّتي”.

Divine glory and power give the sad, exiled and persecuted David joy and hope. The power of God expels all fear from the heart.

(3) Because your mercy is more precious than animals, my lips praise you

كان على اليهوديّ كلّما دخل المعبد أن يدخل بشيء، بحيوان يقدّمه ويشتري بدمه الغفران أو رضى الله… لكن داؤود اكتشف ما أعلنه بولس بعده بقوّة: أنّ رحمةَ الله لا تُشترى بدم عجول وثيران. رحمة الله أغلى بكثير. تلك التقدمات هي رموز. ولو قدّم الإنسانُ كلّ ما يملك، كلّ أيامه وكلَّ حياته، فإنّ ثمن ذلك لا يعادل شيئاً من قيمة رحمة الله. رحمة الله دائماً مجانيّة. تقدماتنا ليست ثمناً معادلاً للخلاص ولكنّها “ما نقدر عليه” وما يطلبه الله منّا. لأنّ الله لا يطلب ثمناً لكنّه يطلب “القلب”: “يا بنيَّ أعطني قلبك”، والذبيحة بماديّاتها برهان على حركة القلب. ولكن عندما يقدَّم القلبُ دون ذبيحة، فإنّ التقدمة تمّتْ لأنّ “الذبيحة لله روح منسحق والقلب المتخشّع المتواضع لا يرذله الله”. لذا: “شفتيَّ تسبحانك”، ورحمة السلام هي ذبيحة التسبيح.

(4) Thus I bless you in my life, and in your name I lift up my hands

هكذا أباركك .. كيف؟ بدون ذبائح بشفاه مسبِّحة، من جهة، ولهذا يتابع: باسمك أرفع يدي بالصلاة الحارّة. هكذا أباركك: “في حياتي”، أي طيلة حياتي: “أسبّح الربّ في حياتي وأرتّل لإلهي ما دمتُ موجوداً”، يردّد ذلك أيضاً النبيّ داؤود في مزمور الغروب. حياتي كلّها ستكون تسبحة وزمن حياتي هو للصلاة والتسبيح . إلاّ أنّ القدّيس كيرلّلس يشير إلى أنّ كلمة في حياتي لا تشير إلى الفترة فقط وإنّما إلى الطريقة. فالحياة الطاهرة الملائمة هي التسبحة الحقيقيّة. لن نسبح بالذبائح ولن نذبح الخراف ولكن سنموت نحن كلّ يوم من أجل البرّ و”هكذا” نسبّحه.

“وباسمك أرفع يديّ”: هذه العادات والحركات الخارجيّة في الصلاة كانت من العصور القديمة. فالحركات الخارجيّة تساعد كثيراً على الصلاة. لهذا يقول النبيّ في مكان آخر “إليك بسطتُ يديَّ”.

Most of us think that the participation of the body in worship, such as prostrations, raising hands, standing, and kneeling, are movements for the advanced. But the truth is the opposite. The saints and advanced people do not need these aids and means. A saint can pray in nature, but I really need the temple, the iconostasis, candles and incense. Despite all this, I remain distracted, reading and not praying. The saint, while conversing with you, prays, works and prays. As for me, the beginner, I must be alone and resort to helpful circumstances. A saint and a spiritually advanced person does not need prostration as much as I do. The same applies to all matters of external worship, including the temple, incense, and raising of hands. These external movements are reflected in the inner heart. All of these are done in the name of the Lord. That is, to the Lord, for His sake, and in seeking Him. The name of God in the book means His person and presence.

(5) Then my soul will be filled with fat and fat, and with joyful lips my mouth will praise you.

“كلام الربّ عذب ونقيّ” . إنّ مَن يرفع يدَيه ويدعو باسم الربّ لا بدّ من أن يسكب الربُّ عليه تعزياته. لهذا كلام الربّ أطيب من العسل في حلق النبيّ داؤود. وكما يشبع الجسد حين ينعم بالشحم والدسم هكذا تمتلئ النفسُ راحةً وتعزيةً من نعمة في الصلاة. فيروح الفم يسبّح ليس كواجب ولا بتعب، لكن بفرح. لهذا يقول النبيّ: “يا ربّ افتح شفتيَّ فيخبر فمي بتسبحتك”. لقد بات تسبيح الله أعذب عمل وألذّ شغل للنفس. كثيراً ما نقف للصلاة بأيدٍ متهاونة وبوقفة متردّدة فلا نذوق طعم الصلاة وتغدو هذه ثقيلة علينا، يدفعنا إليها الواجب. وتبقى الوقفة أشبه بصحراء جدباء. لكن حين نرفع أيدينا “ذبيحة تسبيح” وبحرارة فإنّ ترداد الصلاة يصير عذباً. لهذا كثيرون ممّن يردّدون “صلاة يسوع” نراهم مرّات كثيرة يردّدون هذه الصلاة بعبارة: “أيّها الاسم العذب…”. يصير اسم يسوع عذباً في قلوبهم. كالعسل في الحلق. وتقطع الصلاة مرحلة الواجب وتصل إلى القلب الذي يتلذّذها ويطلبها فتجري فيه ويحيا بها. وممّا في القلب يفيض اللسان وينطق الفمّ.

(6) If I mention you on my bed, I will rave about you during dawn

في صلاة النوم الصغرى، نطلب في الأفشين الأخير: “امنحْنا يا الله عقلاً ساهراً وفكراً طاهراً وقلباً مستيقظاً ونوماً خفيفاً… وأنهضنا في وقت الصلاة ثابتين في وصاياك. هبْ لنا أقوال تماجيدك طول الليل…”، بالواقع إن نام الواحد منّا على ذكرى أمر ما يحبّه أو يزعجه… يؤثّر فيه، فينهض قبل الأوان وهو يتذكّر هذا الأمر عينه، ينام عليه وهذا الأمر يوقظه عند الصباح، ولربّما قبل الأوان.

The words of the Lord were very sweet to the Prophet’s heart, which is why he mentioned them on his bed before going to sleep, and he meditated on them throughout the night. That's why he says I'm asleep but my heart is awake. We know that advanced hermits also repeated the Jesus Prayer during their sleep. The name of the Lord and His remembrance are so delicious that it awakens the Prophet. He falls asleep remembering Him and wakes up with magic in his memory.

Indeed, it is a wonderful thing to sleep with prayer with its peace and for it to awaken us with its joy. Instead of sleeping hard with our anxiety and waking up worrying about our difficulties and fears. I will remember you, O Lord, on my bed, and come to me so that I may rejoice in you first at dawn.

(7) Because you have become my help, and I will be covered by the shadow of your wings

كلّ إنسان يتّكل على أمر ما، أو على إنسان آخر. أمّا داؤود فيعرف جيّداً أنّ الله هو عونه. الجوانح رمز لعناية الله وحنانه. هذه الصورة استخدمها المسيح نفسه عندما بكى على أورشليم: “كم من مرّة أردتُ أن أجمع بنيك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحَيها”. والمزامير تردّد هذه الصورة مرّات كثيرة، فالجناح هو الستر المحبّ. الله معتنٍ ومدبّر بمعنى أنّه محبّ جدّاً وحنون. لهذا على تابوت العهد وُضع ملاكا شاروبيم وبأجنحتهما يغطّيان التابوت رمزاً إلى عناية الله وستره. الإيمان بالله وبعنايته يعطي فوراً دفئاً وسلاماً وطمأنينة ولوكنّا وسط أقسى الشدائد.

(8) My soul has clung to you, and your right hand has supported me

Just as a child, feeling his weakness, grabs his mother’s eyelashes, follows behind her and clings to them, and then feels reassured, happy, and confident. This is how our soul clings to God in prayer. God extends His right hand and truly supports us in every hardship. The Prophet’s soul was attached to God, and God did not disappoint him and extended his right hand, his high forearm, and his strength, and supported his weak son in distress. Beautiful are the Prophet’s expressions. He presents images that contain experience and hope. He placed his trust in God, and God was not stingy with him.

(9) But those who seek My life in vain will enter into the depths of the earth

Now, after conversing with God, raising prayers to Him, and casting hope upon Him, the Prophet David turns, and his soul is filled with fat, confidence, and hope, and fear no longer has a place in him. He turns to his problems, to his enemies, who are much stronger than him. He is fleeing without weapons, and they are following him with soldiers and weapons. But the Lord has covered him, and therefore he is confident, not according to reason, but with the eye of faith, that his enemies will enter the depths of the earth. how? Logic does not know this and cannot explain it, but faith in God confirms it.

Thus the Prophet, because he was righteous in regard to his life and there was nothing to torment his conscience, had faith that they would seek his soul in vain, they would not find anything and would not achieve their evil goals, because the Lord preserves his righteous man. A righteous life gives evidence of God and trust in Him.

(10) And they will be delivered into the hands of swords, and will be food for foxes

Even if David was not armed and there was no soldier beside him, God will arrange things in such a way that his enemies will die a most horrific death and be defeated most severely. They will be pushed. He does not know how, but he is sure. They will be forced to be killed by the sword, and their end will be the most horrific. After they are killed, no one will collect their bodies. Foxes will come and eat their meat. This picture is a picture of the most horrific defeat, as the corpses remain in the arena after the battle and none of the defeated returns to collect the bodies of his companions. Their end will be a fate for the foxes.

(11) But the king delights in God and praises everyone who swears in his name, because the mouths of those who speak unrighteous have been stopped.

This is how David concludes his song and prayer during this tribulation, with feelings of victory and confidence in the Lord’s help. This is the lot of sinners who seek Him in vain. For he (the king) will be pleased with God, and God will relieve him of his distress and save him from his dangers. Of course, God will not abandon the true king, His servant David who fled, and He will raise the status of those who call upon His name and honor Him. Things will be fixed and their order will return to its true state. Darkness will be defeated, the banner of truth will be erected high, and peace will prevail in the hearts of the righteous and the followers of the true king. God does not leave us in distress unless He has provided a way out for us, says Saint Isaac the Syrian. In every hardship, we must believe that God will provide the appropriate solution for ourselves after this test.

نعم سيفرح الملك وأتباعه وكلّ مَن يحلف باسمه، ليس لأنّ أعداءه قد ضربوا أو انهزموا، إذ يظهر جليّاً هنا مَن هم أعداء داؤود ولماذا سيفرح هو بهزيمة أعدائه! إنّ أعداءه هم أعداء الله والمجدِّفون على اسمه القدّوس. وهذا ما تفسّره العبارة: “لأنّه قد سُدَّتْ أفواه المتكلّمين بالظلم”. فرَحُ داؤود هو بانتصاب الحقّ وارتفاع اسم الربّ عالياً، واستعادة كرامة ملكه الحقيقيّ . الأمر هنا يختصّ بنصرة الحقّ أكثر من المصلحة أو المصير الشخصيَّين.

Yes, fervent prayer filled with hope and reliance on God alone gives us confidence that in every hardship the mouths of the believers will praise and be filled with fat and fat, while the mouths of the oppressors and the spiritual and physical enemies will be silent, Amen.

 

 


(25) Footnote related to the title: This psalm is recited in the evening prayer.

(26) See: Psalm 142, 6.

(27) 1 Kings 23, 26.

(28) 2 Kings 15, 17.

(29) Isaiah 26, 9.

(30) Psalm 118, 81.

(31) 2 Kings 15, 25.

Exit mobile version