“… نزل وغمامٌ تحت رجليه. ركب على كروبٍ وطار وهفّ على أجنحة الرياح” (مز 17، 10)
God has come down, bowed the heavens, and come to reveal Himself to us. But the psalm notes another fact, that after God comes down to us (revealing), He flies and flutters on the wings of the wind, as if we receive Him but do not grasp Him.
The divine revelation, both natural and supernatural, has been very powerful, but not to the point of eliminating human freedom. Divine revelation has never been and will never be an imposition or a compulsory applied truth on the human mind. God willed His revelation to be great because it is great, and because at the same time it respects human freedom, it remains a human discovery as well. God’s revelation of Himself in history and its events comes with both delicacy and power, which guarantee its clarity on the one hand and the freedom to accept it on the other.
إنّ معرفة الله ذات شطرين أوّلهما وهو الأعظم “الكشف الإلهيّ”، والثاني وهو مهمّ كالأوّل أي الاكتشاف البشريّ. لذلك معرفة الله هي شبه حركة “حوار” بين الله والإنسان تتمّ في العلاقة الحيّة اليوميّة الكيانيّة، عقلاً وفعلاً. إنّ هديّة الله للإنسان وكشفه عن ذاته له ليست دِيناً إجباريّاً، لأنّ أعزّ ما لدى الله في خليقته الإنسان هو حريّة الأخير. لا يريد الله محبّين له بالإجبار ولكن بالخيار. لقد زيّن الله الإنسان بالعقل والروح لكي يختار وليس ليكون في الإجبار. وليس من معنى للفضيلة عندما تتمّ بالغصب. الكائنات الحرّة والعقلانية التي تملك شخصيّة خاصّة بها تربطها علاقات حرّة. وهذه الحريّة هي أساس تلك العلاقة، والتي بين الله والإنسان. هكذا شاء اللهُ الإنسانَ حرّاً وهكذا يعامله. فكما هناك الله الآتي إلينا هناك الإنسان الذي يستقبله، وكما يتكلّم الله هناك الإنسان الذي يريد أو لا يريد أن يسمعه. ينزل الله إلينا حين ننصب نحن تلك السلّم الإلهيّة باتجاه السماء (سلّم يعقوب، تك 28، 12).
على أيّ حال، وحين يتقبل الإنسان حضور الله، لا ينتهي هناك دور حريّته، لأنّ الله يأتي بتلك الرقّة ولكن أيضاً على “الغمام” كما يقول المزمور. فحين نعرفه ندرك كم نجهله. فهو حين يأتي إلى محدوديّتنا يفجّر فينا قدراتنا نحو المطلق. إنّه ينزل إلينا ليعود ويطير.
ينزل نراه ثم يركب على الرياح لنجري وراءه. وهنا يبدأ الشوط الثاني والأهمّ من خيار الحريّة البشريّة. وهذا ما يسمى في لغة اللاهوت “الغمام الإلهيّ”.
هناك شرطان إذن لمعرفة الله بالحقّ والعمق. الأوّل هو نزوله إلينا، لأنّه شخص ولا تمكننا معرفته إلاّ بالمقدار الذي يكشف لنا هو عن ذاته وهذا ما ذكرناه سابقاً. ولكن هذا المقدار تحدّده الحريّة البشريّة بعد نزوله إلينا. فهو يكشف لنا بمقدار ما نطلبه، وهذا هو قانون الحريّة التي وهبنا إيّاها وزيّننا بها. يأتي الله مكشوفاً ومحجوباً، ينزل ولكن تحت قدمَيه الغيوم. تصلنا منه إشارات من حضوره ومن ملء نعمته و”ومضات” من نوره. وهذا الغمام يسمّيه القدّيس (الأريوباغي) “غمامة النور”، فهو نور وغمامة، كشف وحجب، اكتشاف وإعجاز! وهذا من طبيعة العلاقة بين المحدود- الإنسان واللامحدود- الله. لذلك إنّ اختيار الحريّة البشريّة أن تتقبّل الحضور الإلهيّ (الكشف) هو بداية الحوار مع الله وليس نهايته. هو أكثر من استقبال، إنّه رحيل مع الله الطائر على أجنحة الرياح. إنّه تبديل مسيرة ووجهة حياة. إنّها علاقة شيّقة يملؤها العشقُ في شبع دون إشباع. لو لم يكن جمال الله مطلقاً ولا نهاية له لكان الله –حاشى- مُمِلاً للقدّيسين وشيّقاً للمبتدئين فقط. ولكن العكس صحيح لأنّ حضور الله “غمام نور” كلّما دخلنا فيه ازددنا نوراً وازدادت معرفتنا لعدم معرفتنا. لهذا كان على بولس الرسول أن يصمت عن الخبرات التي اختبرها عندما اختُطف إلى السماء الثالثة، ولم يقدر أن يصفها إلا بـ “ما لم تره عين ولم تسمع به أذن بشر ما أعدّه الله (من الحبّ) لمختاريه (محبّيه)”.
The more we love God, the more our longing does not diminish, unlike human feelings, which the more we quench them, the less our longings diminish. The more we love God, the more our longing for Him inflames. Divine love is a power, not a pleasure. Therefore, the more we possess it, the more our ability to proceed in it increases. The relationship with God is an entrance into the light, the more we pass through it, the more His greatness appears as an unfathomable cloud. God is more loving than we know, and the more we know His love, the more we realize that we are loved.
وهذا هو الشرط الثاني للحريّة البشرية، أن تسعى بخطوات لا كسل فيها والله جوّاد محبّ. صرخ إليه اسحق السرياني: “هدّئ عنّي أمواج رحمتك”، وأحلى كلمات نرنّمها للربّ قبالة عيد ميلاده وحضوره هي تلك التي تصرخها النفس البشريّة على لسان سفر نشيد الأنشاد: “اجتذبني وراءك فنجري” (1، 4).
Amen