حصل منصور منذ نعومة أظافره على ثقافة أدبية وفلسفية ودينية مهمة: فقد ذكرت لنا سيرته أن معلمه كان راهباً من جزيرة صقلية، من أسرى الحرب اشتراه والده ثم حرّره (أعتقه) وعَهِدَ إليه بتعليم ابنيه: أولهما منصور والثاني قزما ابنه بالتبني. وقد أتقن اليونانية، لغة الطبقة الراقية من كبار المتعلّمين، واللغة السريانية، لغة الشعب المستعملة في الليتورجيا ورغمّ أن كل كتاباته التي وصلت إلينا كانت باليونانية فمن المؤكد أنه كان يعرف العربية أيضاً لغة عائلته الأصلية.
في ذلك الوقت (حوالي سنة 725)، قامت بدعة تحارب تكريم الأيقونات المقدسة. مدعية أن هذا التكريم إنما هو عبادة وثنية . فهبَّ يوحنا بكل ما لديه من قوة وثقافة يدافع عن التمسك بالسجود للأيقونات المقدسة موضحاً أن هذا السجود إنما هو مجرد تكريم للأشخاص الممثلة في الأيقونات، وليس هو على الإطلاق عبادة الصور. وقد فعل كل ذلك، “رغم أنه لم يكن بعد من ذوي مراتب البيعة المقدسة”.
إلا أن المجمع النقاوي الثاني 787، بعد أن تبّت تكريم الأيقونات المقدسة، أعاد لهؤلاء المحرومين في مجمع هييرا اللصوصي سنة 754، كرامتهم “رحمة أبدية لجرمانوس ويوحنا وجاورجيوس، أبطال الحقيقة… إن الثالوث قد مجّد ثلاثتهم” .
وكان يوحنا ينذوي في صومعته، في سيق مار سابا يؤلف مع أخيه قزما الترانيم والقوانين الدينية التي لا تزال الكنيسة تترنم بها إلى يومنا هذا. وكانت قريحته فيّاضة لدرجة أنه استحق أن يُدعى فيما بعد بـ “مجرى الذهب”. ثم شاءت العناية الإلهية أن يُنتخب قزما أسقفاً على مايوم، المعروفة اليوم بميلمس (قرب غزة)، وطُلب مراراً إلى يوحنا أن يُرتسم كاهناً. وكان في كل مرة يرفض، إلى أن “استحضره بطريرك البيت المقدس وسامه قسيساً بغير مراده، بل بكثرة الزامه إياه غلبه على رأيه. ولما عاد من عنده إلى السيق زاد في نسكه وأتعابه. وانعطف إلى تصنيف أقواله التي سرت إلى أقصى المسكونة” .
ويعتبر المؤرخون أن رسامته قد تمت بوضع يدي البطريرك الأورشليمي يوحنا الخامس (735) .
توفي القديس يوحنا الدمشقي على الأرجح سنة 749 في ديره المذكور، بعد أن قضى حياة طويلة في النسك والتأليف. فدفن هناك وبقي قبره معروفاً ومكرماً حتى القرن الثاني عشر. ومن ثم نُقلت عظامه، على مايبدو، إلى القسطنطينية . وما كاد يموت حتى ذاع صيت قداسة يوحنا الدمشقي، فأخذ الشعب في تكريمه وإنشاد تآليفه الليتورجية والرجوع إلى كتبه اللاهوتية…
مؤلفاته:
- ينبوع المعرفة: وينقسم إلى
- علم الفلسفة والمنطق: يناقش فيه التحديات الفلسفية ويشرح دور الفلسفة بالنسبة إلى اللاهوت ويعتبر مقدمة لما يليه من أجزاء
- أغلب الهرطقات وما قضيتها..
- الأمانة الأرثوذكسية والإيمان الأرثوذكسي والمئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي. يتضمن عرضاً لأهم العقائد.
- مختصر الأمانة أنطاكية الأرثوذكسية: كتبه لإيليا مطران يبرود
- مقالة عن الثالوث، وهي على طريقة سؤال وجواب
- مقالة عن “قدّ،س قدّوس قدّوس” يبيّن أن هذه الصلاة موجّهة إلى الأقانيم الثلاثة وليس إلى الابن وحده.
- مقدمة عامة عن العقائد: كتبها -جمعها تلاميذه عنه- إلى يوحنا مطران اللاذقية
- ثلاث مقالات للدفاع عن الأيقونات المقدسة: كتبها بين سنتيّ 726 و730 بعد صدور المرسوم ضد تكريم الأيقونات المقدسة.
- مقالة ضد أسقف يعقوبي: يرفض فيها آراء اليعاقبة ومبادئهم وخاصة قولهم أن في المسيح طبيعة واحدة.
- مقال ضد المانوية: وهي بشكل حوار بين أرثوذكسي ومانوي لإظهار أخطاء الثنائية.
- جدال بين مسلم ومسيحي: يدافع فيه عن عقيدة التجسد ويرفض نظرية القضاء والقدر.
- مقالة ضد الساحرات.
- مقالة في الطبيعة المركبة: رفض لآراء القائلين بالطبيعة الواحدة.
- مقالة في أن للمسيح إرادتين: وهي ردّ على القائلين بأن للمسيح إرادة واحدة.
- مقالة ضد النساطرة: القائلين بأن للمسيح شخصين كما أنه له طبيعتين.
- مجادلة يوحنا الأرثوذكسي: مع مانوي يرفض أفكار ماني
- مؤلف في شرح رسائل القديس بولس. وقد استوحى فيه من كتابات يوحنا الذهبي الفم وكيرلس الإسكندري.
- مقالة قصيرة عن الصوم
- مقالة عن الأرواح السيئة
- مقالة في الفضائل والرذائل.
- المواعظ: في رقاد السيدة وميمر عن ولادة السيدة وعن التجلي والتينة اليابسة التي لعنها يسوع ويوم السبت العظيم ……………. إلخ
- مؤلفات طقسية وأناشيد الدينية
معلومات أوسع وإحاطة أكثر بحياة القديس يوحنا، تجدها في قسم التاريخ>> تاريخ الكنيسة حتى القرن التاسع>> “يوحنا الدمشقي دفّاق الذهب“
تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بتذكاره في الرابع من شهر كانون الأول.
Troparia en la octava melodía
ظهرتَ أيها اللاهج بالله يوحنا، مرشداً إلى الإيمان المستقيم، ومعلّماً لحسن العبادة والنقاوة، يا كوكب المسكونة، وجمال رؤساء الكهنة الحكيم، وبتعاليمكَ أنرت الكل، يا معزفة الروح، تشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.
وأيضاً طرويارية باللحن الثامن
هلموا نمتدح البلبل الغرّيد الشجي النغم، الذي أطرب كنيسةَ المسيح وأبهجها بأناشيده الحسنة الإيقاع الطلية أعني به يوحنا الدمشقي الكلي الحكمة، زعيم ناظمي التسابيح الذي كان مملوءاً حكمة إلهية وعالمية.
Qandaq con la cuarta melodía
لنسبّح أيها المؤمنون كاتب التسابيح معلّم الكنيسة ومصباحها، يوحنا الموقر، المقاوم الأعداء، لأنه حمل سلاح صليب الرب، فصادم به ضلالة المبتدعين كلها، وبما أنه شفيع حار عند الله، فهو يمنح الكل غفران الزلات.
قنداق آخر باللحن الثاني
لقد روضت جسدك وذللته بالكد في أتعاب النسك الكثيرة أيها الأب البار فحلّقت مرتقياً إلى العلو السماوي وفيه أعطيت الألحان الإلهية فرنمت بها علانية لأحباء الرب.