Icône du site Réseau en ligne orthodoxe

Première partie : 3- Le livre « L'évangélisation apostolique »

introduction:

الهدف الذي من أجله كتب القديس إيريناوس كتاب “الكرازة الرسولية”، واضحٌ بشكل صريح، إذ يذكر القديس إيرينيوس في السطور الأولى للكتاب أنه يقصد أن يزود ماركيانوس ب- ” مذكرة مُلخصة” في شكل نقاط أساسية يستطيع ماركيانوس بواسطتها “فهم كل أعضاء جسد الحقيقة”. وهكذا يكون كتاب “الكرازة الرسولية” هو اقدم ملخص للتعليم المسيحي، نجده معروضاً بطريقة غير جدليةٍ أو دفاعيةٍ بل بطريقةٍ إيجابية. ولهذا السبب فإن اكتشاف هذا الكتاب في بداية القرن العشرين ولّد حماساً وإثارة كبيرة؛ إذ أصبح بين ايدينا كتاب قام بتأليفه أسقف يعرّفنا عن نفسه بأنه قد عاشر أولئك الذين هم انفسهم قد عرفوا الرسل، كما أشرنا سابقاً. وهكذا يعرض إيريناوس في كتابه مضمون تعليم الرسل. ولقد وُصف هذا الكتاب بأنه مقالة “تعليمية وعظية”، يقدّم المسيحية في خطوط عامة كما كان يشرحها في ذلك العصر أسقف لرعيته. ولذلك، فإن قيمة مثل هذه الوثيقة تتجاوز ما يمكن أن نعرفه من تقدير وأهمية.

La manière dont Irénée présente le christianisme n'est pas l'approche à laquelle nous sommes habitués à présenter les croyances théologiques, mais il suit plutôt l'approche des grands sermons enregistrés dans le livre des Actes qui racontent toutes les œuvres salvifiques de Dieu culminant dans la glorification de Son Fils crucifié, notre Seigneur Jésus-Christ, et aussi l'effusion de son Esprit Saint, donnant un cœur nouveau, un cœur de chair au lieu d'un cœur de pierre.

La chose la plus importante qui attire l'attention dans son livre est que dans sa narration de cette histoire, il n'utilise pas les écrits du Nouveau Testament comme référence pour l'expliquer. (*).

من الواضح أن القديس إيريناوس يعرف كتابات العهد الجديد، ويعتبرها جزءً من الكتاب المقدس، كما يتضح تماماً من كتابه الآخر “ضد الهرطقات”، وأيضاً يتضح من كونه في كتاب “الكرازة الرسولية” حينما يقتبس آية من العهد القديم ويُرجعها إلى المكان التي اقتُبست منه في العهد القديم، فإنه كثيراً ما يُعطى هذه الآية في الصورة المكتوبة بها في العهد الجديد (مثلاً، الآيات المنسوبة إلى إرميا النبي في مت9:27-10 هذا الاقتباس في فقرة81 من “الكرازة الرسولية”)، لكن من الجهة الأخرى فإنه يتحدث عن ولادة يسوع من العذراء وصُنعه للمعجزات مبيناً ذلك من إشعياء وغيره من الأنبياء، بينما أسماء بيلاطس البنطي وهيرودس مذكورة في الأناجيل التي تقول إن المسيح قُيد وأُحضر أمامهما كما يبيّن هوشع، وأنه صُلِب وقام وتمجّد كما يشهد بذلك أنبياء آخرون. بل إن كل محتوى “الكرازة الرسولية” مُستقى في نظر إيرينيوس من العهد القديم. وهذه الحقيقة بالتالي تتضمن الاعتراف بأصالة النصوص الكتابية، التي تحمل نفس أصالة الكرازة الرسولية.

Enseignement patristique au IIe siècle avant Irénée :

لكي نحصل على فهم أفضل لكتاب “الكرازة الرسولية” فمن المفيد أن نضع أمامنا باختصار بعض الكتابات المسيحية السابقة على إيرينيوس:

إن أقدم كتابات مسيحية وصلتنا من عصر ما بعد الرسل، أي كتابات الآباء الرسوليين تشير بوضوح إلى أنهم كانوا يعرفون بدرجات متفاوتة بعضاً من كتابات الرسل ولكنهم في أغلب الأحوال لم يكونوا يقتبسون من كتابات الرسل أو يستندون إليها كمصادر وحي يُعتمد عليها، أي باعتبارها أنها هي الكتاب المقدس. فعبارة “الكتب المقدسة” بالنسبة للآباء الرسوليين وهكذا بالنسبة للعهد الجديد نفسه إنما تشير إلى كتابات العهد القديم. فالبشارة الإنجيلية كانت إلى ذلك الوقت لا تزال في معظم الأحوال في مرحلة المناداة (أي الكرازة بالفم). فكتاب الديداخي (2:8، 5:9)، وكذلك رسالة اكليمندس الرومانى الأولى (13، 7:46-8) كلاهما يشيران صراحة إلى أقوال يسوع المسيح، ولكن ما يذكرانه وخاصة رسالة اكليمندس هي مجموعة من أقوال متنوعة معروضة بترتيب آخر غير المُدون في الأناجيل. إضافة إلى ذلك فإن اكليمندس الروماني يحث الكورنثيين أن “يتذكروا” هذه الأقوال، مما يُبيّن أن ما كان يشير إليه اكليمندس من المحتمل جداً أن يكون تقليد شفهي مُسلّم احتفظ بأقوال الرب.

Saint Ignace d'Antioche :

حالة القديس أغناطيوس الأنطاكي الذي عاش وكتب في السنوات الأولى للقرن الثاني هي حالة مُلهمة بنوع خاص. فهو يشير إلى رسائل الرسول بولس (رسالة أغناطيوس إلى أفسس2:12) ولكنه لا يقتبس منها أبداً، فعند أغناطيوس، المسيح هو محتوى إيماننا كما أنه المصدر المُطلق النهائي لإيماننا، كما سُلِّم إلينا بواسطة الرسل. فالقديس أغناطيوس يذهب بعيداً جداً أكثر من كل كُتّاب عصره في تقديره لدور الرسل. ففي كل الرموز المتقابلة المُغرم بها في كتاباته، يضع الأسقف والقسوس والشماس في ناحية ويقابلهم بالآب والمسيح والرسل (انظر الرسالة إلى كنيسة تراليا3). ومن ناحية أخرى فالرسل عنده يُوضعون دائماً في المستوى الأرفع، مع المسيح وأبيه. هذا المستوى ينعكس بعد ذلك على الكنيسة، في وجودها الخاص تاريخياً وجغرافياً، وذلك في الرتب الثلاث: الأسقف، القسوس، الشماس، وتبعاً لذلك فإن أغناطيوس يُصرِّح أو يذكر بتكرار أنه هو كأسقف ليس مثل الرسل، لأنه ليس في وضع يسمح له بأن يعطي أوامر أو يضع مبادئ أو تعاليم (عقائد) جديدة، فهذه التعاليم والعقائد تأتي فقط من الرب ورسله (انظر مغنيسيا13، رومية3:4، أفسس1:3،… إلخ). لقد كان أغناطيوس متشدداً في تأكيده لإعلان الرسل والأنبياء عن يسوع المسيح، كأساس لفهمه هو شخصياً للكتاب المقدس (العهد القديم).

فبحسب أغناطيوس فإننا ينبغي أن نعطى اهتماماً كبيراً للأنبياء، لأنهم هم أيضاً عاشوا بحسب يسوع المسيح وقد ألهمهم بنعمته (مغنيسيا2:8). وفي مقطع هام في رسالته إلى كنيسة فلادلفيا فصلى 8و9، يسجل أغناطيوس مناقشة ربما يكون أجراها مع بعض أعضاء تلك الكنيسة. وبعد حثه لسامعيه أن لا يفعلوا شيئاً بعيداً عما هو “بحسب تعليم المسيح”، فإنه يصف كيف أنه سمع البعض يقولون: “إن كنت لا أجد (هذا الكلام) في “الكتب المقدسة” فلن أؤمن أنه يكون موجوداً في الإنجيل”، أي أنهم سيقبلون الرسالة المسيحية فقط بمقدار ما تتفق مع “الوثائق المقدسة”، أي تتفق مع ما هو مكتوب قبل ذلك، أي كتاب العهد القديم. فكانت إجابة أغناطيوس أنها “مكتوبة”؛ مشيراً بذلك ليس إلى نصوص العهد الجديد، بل يشير إلى يقينه الأكيد أن العهد القديم يحتوى بالفعل على الإعلان عن المسيح. ولكن معارضيه لم يقتنعوا بهذا التفسير للعهد القديم المتمركز حول المسيح. وفيما بعد حينما أدرك سبب الاختلاف في الفهم، فإنه شرح موقفه بوضوح أكثر في رسالته: [الوثائق بالنسبة لي هي يسوع المسيح، الوثائق المقدسة الثانية هي صليبه وموته وقيامته والإيمان الذي بواسطته. بهذا أريد أن أتبرر بصلواتكم… الكهنة مُكرّمون، ولكن رئيس الكهنة هو أعظم لأنه مُؤتمن على قدس الأقداس، وهو وحده أيضاً المؤتمن على أسرار الله. إذ أنه هو الباب المؤدي إلى الآب، الذي دخل منه إبراهيم وإسحق ويعقوب والأنبياء والرسل والكنيسة… كل هذه تؤدى إلى الوحدة مع الله. ولكن الإنجيل فيه شيء فريد: فيه مجيء المخلّص، ربنا يسوع المسيح، وآلامه وقيامته. فالأنبياء المحبوبون قد تنبأوا مشيرين إليه، أما الإنجيل هو اكتمال عدم الفساد] (فلادلفيا2:8-1:9).

فبالنسبة لأغناطيوس، فإن يسوع المسيح، وآلامه وقيامته هو الإعلان الإلهي الوحيد والكامل؛ هذا الإعلان وحده هو الذي يخلّص. وهكذا فمن خلال هذا الباب وحده، يسوع المسيح صار الدخول للأنبياء، وللرسل وللكنيسة كلها إلى الآب. فحينما يقول أغناطيوس إن “الوثائق بالنسبة لي هي المسيح” فهو لا يعني بذلك أن يسوع المسيح هو سلطة مختلفة تعلو الكتاب المقدس؛ بل بالحري بالنسبة لأغناطيوس فإن العهد القديم هو ببساطة يسوع المسيح – الكلمة الذي صار جسداً. فكل كتاب من العهد القديم يختص بإعلان الله هو مُطابق لإعلان الله المُعطَى في المسيح كما كرز به الرسل؛ وبالعكس، فكل ما ينادى به الإنجيل قد سبق وكُتِب في الكتاب المقدس. لكن هذا لا يقلل من قيمة إعلان المسيح نفسه كما يذكر أغناطيوس هذا بقوله؛ إن الإنجيل فيه شيء “فريد”، لأنه يذكر مجيء المسيح وآلامه وقيامته، بينما الأنبياء أشاروا فقط إليه. فبالنسبة لأغناطيوس والآباء الرسوليين الآخرين، اعتبروا الإنجيل المسيحي، الذي هو الإعلان الخاص بيسوع المسيح، وهو بصفة أساسية يُعتبر قراءة للكتاب المقدس متمركزة حول المسيح كما سُلِّم بواسطة الرسل، رغم أن كتابات هؤلاء الرسل لم يحدث أن اقتُبس منها لإثبات هذا التعليم، ولا تم الاقتباس منها باعتبارها كتاب مقدس.

Justin, le philosophe et martyr :

أهم شخصية سابقة على إيريناوس، وكان له تأثير عميق بنوع خاص عليه هو القديس يوستينوس الفيلسوف والشهيد المدافع عن الإيمان، يوستينوس الذي كتب في منتصف القرن الثاني هو أول كاتب من الآباء يستشهد بكتابات العهد الجديد، وهو يشير إليها على أنها “مذكرات” الرسل والتي يقول عنها أنها تُسمى “بالأناجيل” (الدفاع الأول3:66).

واستعمال يوستينوس لمصطلح “مذكرات الرسل” لوصف الأناجيل تشير إلى أن هذه الكتابات كان لها بالنسبة له قيمة تاريخية في المقام الأول، ربما أكثر من كونها إعلاناً مُوحى بها مما كان يقتضى عليه في هذه الحالة أن يسمى هذه الكتابات “الكتاب المقدس”. ومع ذلك فهذا الاستخدام للمصطلح من جانب يوستينوس يوضح أن مذكرات الرسل المكتوبة كانت قد بدأت تأخذ بالنسبة ليوستينوس مصداقية الرسل أنفسهم، وهذه المصداقية هي التي بها يصير الإعلان أو الوحي المسيحي مُسلّماً بطريقة فريدة.

والأمر الأكثر أهمية جداً من جهة فهمنا لكتاب إيرينيوس “الكرازة الرسولية” هو أنه رغم أن يوستينوس قد بدأ بالتأكيد يستخدم بعض الكتابات الرسولية، فهو يقتفى أثر الآباء الرسوليين في رؤيتهم للإعلان المسيحي باعتباره قد سبق التنبؤ به في كتب العهد القديم. وهذه النقطة لها عند يوستينوس قيمة دفاعية معينة – فما يؤمن به المسيحيون ليس مجرد إدعاءات حديثة، بل هو النبوات القديمة التي يستطيع أي إنسان أن يقرأها والتي تحققت الآن. هذا الكلام يتضمن تفسيراً دائرياً للإعلان المسيحي: أي أن يوستينوس يقول إن النبوات قد تحققت في المسيح وهكذا أيضاً فإن الإعلان المسيحي المُعطى من الرسل، هو المفتاح لفهم الرسالة التي سبق أن بشر بها الأنبياء:

[Nous trouvons dans ces livres des prophètes, alors Jésus notre Christ est dit qu'il est né d'une vierge et grandit jusqu'à la stature d'un homme, et guérit toute maladie et toute faiblesse et ressuscite les morts, et qu'ils le haïssent et ne le reconnaissez pas, et il est crucifié et meurt, puis ressuscite et monte au ciel, et pendant qu'il est dans son être le Fils de Dieu, et il est appelé Fils de Dieu, et il envoie certaines personnes à chaque race de l’humanité prêche ces choses, et ce sont les païens qui croient en Lui (plus que les Juifs)] (1ère Apologie 7:31).

Autrement dit, la prédication des apôtres n'est rien d'autre que les prophéties prononcées par les prophètes, et les apôtres les ont prêchées parce qu'elles se sont accomplies en Jésus-Christ. Cela signifie que la prédication apostolique est, d'une part, la clé pour comprendre l'Ancien Testament et assurer son accomplissement, tandis que, d'autre part, c'est l'Ancien Testament qui constitue toute l'annonce chrétienne.

Le danger du gnosticisme au IIe siècle :

مما يساعدنا على تقدير قيمة كتاب إيريناوس “الكرازة الرسولية” هو أن نبحث في تعليم أولئك الهراطقة الغنوسيين الذين كشفهم إيرينيوس بكتاباته مما أدى إلى استبعادهم تدريجياً من جسم الكنيسة الجامعة. وأبرز هؤلاء الغنوسيون هو ماركيون. فهؤلاء الغنوسيون استخدموا أجزاء من العهد القديم وأجزاء من الكتابات الرسولية مع عناصر أخرى عديدة مأخوذة من مصادر مختلفة. وكوّنوا من كل هذه العناصر أساطيراً مُركبة وألفوا كُتباً كثيرة، بعض هذه الكتب ادعوا أن لها أصالة تعليم الرسل. ولأن الغنوسيين لم يستطيعوا أن ينكروا الكتابات الرسولية المُعترف بها والتي لا يوجد بها أي أساس واضح لأساطيرهم، لذلك ادعوا أن الرب لم يعّلم هذه التعاليم الموجودة في كتبهم علانية، بل بدلاً من ذلك علّم عدداً قليلاً من التلاميذ الأكثر جدارة بالثقة، وأعطاهم هذه المعرفة سراً في فترة ما بين القيامة والصعود أو في فترة ما بعد التجلى؛ وأن هذه المعرفة السرّية انتقلت من شخص إلى آخر بالتقاليد الشفهية دون أن تظهر بوضوح في الكتابات الرسولية المُعترف بها في الكنيسة. بينما هذه المعرفة السرّية واضحة جداً في كتاباتهم الغنوسية. ومن الجدير بالذكر أن الغنوسيين كانوا يفسرون كتابات بولس الرسول وإنجيل القديس يوحنا بطريقة خاطئة ليدعموا أفكارهم. إذ يخبرنا القديس إيريناوس أن شخصاً يُدعى بطلميوس كان تلميذاً لفلاندينوس الغنوسى الذي كان دائماً ينادى بأن الإنجيل الرابع قد كتبه “يوحنا تلميذ الرب”، وذلك ليعطى مصداقية لتعاليمه الغنوسية التي كانت تعتمد على التفسير الخاطئ لهذا الإنجيل (AH1:8:5).

وأيضاً هناك تلميذ آخر لفلاندينوس يُدعى هيراكليون هو الذي كتب تفسير لإنجيل يوحنا بين سنتى 170 – 180م تقريباً. وهذا التفسير يكون بهذا الشكل الغنوسى – على قدر ما نعلم – أول تفسير مكتوب لأي سفر من أسفار العهد الجديد.

وإن كان الخطر الذي مثلته الغنوسية هو الشمولية المتطرفة والجمع المُلفق بين عقائد دينية متعارضة، فإن التحدى الذي اثاره ماركيون هو العكس تماماً في تطرفه، وهو الاختصار وحذف بعض الأسفار من الكتب المقدسة. فقد أنكر ماركيون العهد القديم كله، وكذلك رفض معظم الكتابات الرسولية مُدعياً أن أغلب الرسل قد أساءوا فهم الإعلان الحقيقي الأصلي ليسوع المسيح. فقد استند على تأكيد بولس الرسول في غلاطية (6:1-10) أنه يوجد إنجيل واحد فقط ولكن الإخوة الكذبة غيّروه، وكان ماركيون يؤمن أن الرسل الآخرين قد أساءوا فهم يسوع المسيح باعتباره المسيا المنتظر المُرسل من إله العهد القديم الخالق، وهكذا شوُهوا رسالة الخلاص التي تعطى الحرية الحقيقية. هذا الخلاص الذي هو من الإله الحقيقي. لقد كان ماركيون مقتنعاً أن بولس هو الرسول الوحيد الذي فهم يسوع المسيح فهماً كاملاً، يسوع المسيح الذي هو إعلان الإله الواحد الحقيقي – ولكن رغم هذا فإن ماركيون أعاد كتابة رسائل بولس وحذف منها وأدخل عليها تغييرات، فمثلاً فيما يخص إبراهيم ونسله عندما يتكلّم الرسول بولس في (غلا16:3-6:4) عن المواعيد التي أُعطيت لإبراهيم وكيف أنها تحققت في نسله أي المسيح نجد أن ماركيون قد قام بحذف هذا الجزء من غلاطية لأنه يتعارض مع اعتقاده بأن العهد القديم غير مُوحى به من الله. كما كان ماركيون لا يثق سوى في إنجيل واحد هو إنجيل القديس لوقا تلميذ بولس. ولكن هذا لم يمنع ماركيون أيضاً من حذف بعض الأجزاء حتى من هذا الإنجيل.

L’approche d’Irénée dans le livre « La prédication apostolique » :

يبنى القديس إيريناوس كتابه على أعمال الكُتّاب المسيحيين السابقين له، وهو يتخذ موقفاً حاسماً ومدروساً ضد كل من ماركيون والغنوسيين. فإيرينيوس هو أول أب من آباء الكنيسة يستخدم الكتابات الرسولية ويقول إنها من الكتاب المقدس. فهو يعرف نصوص العهد الجديد كلها التي نعترف بها نحن الآن ويستخدمها بالفعل في كتاباته. وهو يُصرّ على أن الأناجيل لا يمكن أن تكون أكثر أو أقل من أربعة أو بالأحرى إنجيل واحد له أربعة أوجه. وهو في كتابه الكبير ” ضد الهرطقات” بعد أن يصف أنظمة الغنوسيين في الجزء الأول من كتاب “ضد الهرطقات”، ثم يوضح تناقضاتهم الموجودة فيها في الجزء الثاني، ثم ينتقل في الأجزاء الثالث والرابع والخامس إلى الشرح من الكتاب المقدس، وأيضاً الشرح من الرسل الذين كتبوا الإنجيل، والذين سجلوا فيه التعليم عن الله، مبينين فيه أن ربنا يسوع المسيح هو الحق ولا يوجد فيه غش (ضد الهرطقات AH3:5:1). وبعد ذلك ينسج بمهارة مقاطع من العهد القديم مع مقاطع من العهد الجديد، لكي يوضح أنه لا يوجد سوى إله واحد الذي أعلن عن نفسه للجنس البشري الواحد في ابنه الوحيد يسوع المسيح بالروح القدس الواحد، وذلك بواسطة التدبير الإلهي الذي يخيّم على الكل على مدى التاريخ.

وكما سبق أن أشرنا فإن إيريناوس في كتابه “الكرازة الرسولية”، لا يستخدم الكتابات الرسولية كثيراً وبشكل صريح. هو يشير إلى الرسل في الفصول 3و41و46و47و86و98و99، ويقتبس من الرسول بولس ثلاث مرات، ومرة يشير إليه على أنه رسول المسيح في فصل 5و8و87، ويقتبس من تلميذ المسيح يوحنا مرتين في فصلى 43و94. وفيما عدا هذه الإشارات القليلة، فإن إيرينيوس يشرح “الكرازة الرسولية” ببساطة ضمن إطار قراءة العهد القديم المتمركزة حول المسيح تلك القراءة التي ميّزت التعاليم المسيحية في القرن الثاني.

إن منهج القديس إيريناوس الخاص في كتابه “الكرازة الرسولية” سبق أن أشار إليه بوضوح كل من أغناطيوس الأنطاكي ويوستينوس، ونقصد هنا قراءة العهد القديم المتمركزة حول المسيح. وهذا المنهج في الواقع يُنسب إلى يسوع المسيح نفسه بعد القيامة، الذي ” ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهم الأمور الخاصة به في جميع الكتب” (لو27:24). وأكثر من ذلك فإن عدداً كبيراً من النصوص الكتابية التي استخدمها إيرينيوس كان يوستينوس قد سبق باستخدامها لنفس الغرض. وفي أغلب الحالات بنفس تجميع الآيات مع بعضها وبنفس طريقة ترتيبها، فإما أن يكون إيريناوس قد استقى في كتابته كثيراً من يوستينوس أو أن يكون كلاهما قد استقى من مصدر مشترك.

ومع ذلك فإن فرادة إيرينيوس في كتاب “الكرازة الرسولية” تكمن ليس في التحليل النظري للموضوع، بل في عرضه الشامل والواضح الذي قدّمه. وبينما كان يوستينوس يتجول من موضوع إلى موضوع بدون تنسيق واضح، فإن إيريناوس كان يعالج أو يقدم شرحاً للكرازة الرسولية بسهولة، بخصوص عمل الله منذ بداية الخليقة حتى يصل إلى تمجيد ابن الله بصعوده إلى المجد.

ومما سبق أن قلناه بخصوص عرض “الإعلان المسيحي” في كتابات القرن الثاني، يتضّح أنه كان هناك مشروعان مرتبطان معاً: الأول هو توضيح أو كشف محتوى الكتاب المقدس، العهد القديم فيما يختص بإعلان يسوع المسيح كما بشر به الرسل؛ والثاني هو الاعتراف بالإصالة الكتابية لتلك الكرازة الرسولية بإظهار أن كرازة الرسل التي كان مركزها يسوع المسيح كما صيغت في الكتاب المقدس، قد سبق التنبؤ بها كما هي.

Ces deux tâches ont été exprimées par saint Irénée en un seul mot : επίδειξις Toute explication ou preuve de la prédication apostolique.

Contenu du livre « L’évangélisation apostolique » :

{jb_iconic_info}[سنتبع هذه التقسيمات، في تقسيم صفحات الكتاب على الموقع… مع العلم أن الكتاب هو عبارة عن جزء واحد، إلا أن المُعرب قام بتقسيمه إلى أجزاء كما أوضح في المقدمة (الشبكة)]{/jb_iconic_info}

Tout d'abord : une brève introduction :

يبدأ القديس إيرينيوس كتاب “الكرازة الرسولية” بمقدمة قصيرة في الفصول من (1-3أ)، ويذكر في هذه المقدمة أنه بهذا الكتاب يرجو أن يقوى إيمان ماركيونوس، الشخص المُرسل له هذا الكتاب. وذلك بواسطة عرض مختصر “لكرازة الحق”. ويذكِّر إيريناوس ماركيانوس أنه إذا أردنا أن نجتاز الطريق الوحيد نحو حضرة الله فإنه يلزمنا قداسة الجسد، أي الابتعاد عن مخالفة وصايا الله، وكذلك قداسة النفس، أي حفظ الإيمان بالله. وينبغي أن نتجنب الأنواع الثلاثة من الناس المذكورين في (مز1:1):

Les méchants, c'est-à-dire ceux qui ne connaissent pas Dieu ; Et les pécheurs, c'est-à-dire ceux qui le connaissent mais n'obéissent pas à ses commandements ; Les moqueurs sont ceux qui induisent eux-mêmes et les autres en erreur avec leurs enseignements empoisonnés. Pour être sauvé, il est nécessaire de garder la règle de la foi, mais aussi d'obéir aux commandements de Dieu, car la foi s'acquiert dans l'action, et la foi elle-même est basée sur ce qui est vrai.

la première partie:

Après cette brève introduction vient la première section, qui contient, comme nous l'avons mentionné, des chapitres (3b-42a). Dans cette section, Irénée donne une explication de la prédication apostolique. Cette section est divisée en trois parties.

la première partie: موضوعه “الله والإنسان”، وهو يحوي الفصول (3ب -16). وكما سبق أن أكد إيريناوس في نهاية المقدمة، فإن الإيمان يتأسس ويُبنى على ما هو صادق حقاً، وبذلك، فإننا يجب أن “نؤمن بما هو حقيقي كما هو في الواقع”، حتى أننا “إذ نؤمن بما هو موجود حقاً كما هو فعلاً(1)، فإننا نحفظ اعتقادنا ثابتاً” (فصل3). والحق الكتابى بخصوص الإله الواحد، الاب: أنه هو خالق الكل؛ فهو يخلص كل الأشياء Avec sa parole ويزينها بروحه (فصل5). وهذا الاعتراف الثلاثى بالله الآب، والابن يسوع المسيح، والروح القدس، هو أساس إيماننا وسند سلوكنا (فصل6)؛ ومعموديتنا تتم بالاعتراف بهؤلاء الثلاثة، والمعمودية تجددنا لله بابنه بواسطة الروح (فصل7). فإن كان هذا هو الحق عن الله، فإن الحق من جهة الإنسان هو أنه “مخلوق”، “الله يخلق، أما الإنسان فمخلوق” (انظر AH4:11:2). وبعد أن يصف إيرينيوس السموات السبعة مع الجمع غير المُحصى الذي للقوات الملائكية (الفصلان9و10)، فإن إيريناوس يصف الحق الخاص بالإنسان عن طريق شرح (تك3:1). فالله صنع من الطين مخلوقاً يحمل صورته في جسده وفي روحه نسمة الحياة، كما صنع له معيناً ووضعهما معاً في الفردوس (فصول 11-14). إن حقيقة العلاقة بين الخالق وخليقته تتضح من الوصية التي اعطاها الله للإنسان، والتي كان القصد منها أن يعلّمه “إن سيده وربه هو رب الكل” (فصل15). وكون أن الإنسان لم يحفظ هذه الوصية فهذه طبعاً هي الحقيقة الأخرى المختصة بالإنسان والتي تحدد حقيقة وضعه خارج الفردوس (فصل16).

deuxième partie: فصول (17-30)، يصف فيه القديس إيرينيوس تاريخ إعداد الله البشرية للخلاص الذي تمّ بابنه. فبعد موت قايين انتشر الشر في الأرض كلها وفي أيام نوح لم يكن غيره وحده إنسان بار (فصول 17-18). ثم بعد تطهير الأرض بواسطة الطوفان، فإن ابن نوح الأصغر “حام” لُعن لعدم تقواه، واللعنة امتدت إلى كل نسله، بينما ابنا نوح الآخران سام ويافث، فقد نالا بركة ورثها أحفادهما (فصول19-23). وبركة سام ورثها إبراهيم، الذي طلب الله وتبرر بالإيمان، وبعد ذلك ورث إسحق هذه البركة وبعده ورثها يعقوب (فصل24). ثم أنقذ الله أحفاد إبراهيم من مصر بواسطة موسى، وهكذا كشف لهم سر الفصح، وأعطى الوصايا العشر لموسى (فصول25-26). وقبل دخول أرض الموعد هيأ موسى الشعب بأن أعاد تذكيرهم بأعمال الله العظيمة، ووضع لهم ناموساً جديداً وهو التثنية (فصل28). وأخيراً فإن الله أتى بشعبه من البرية إلى أرض الموعد بواسطة يشوع بن نون الذي سُمى “يسوع”، ” الاسم الوحيد الذي يستطيع أن يُخلِّص” (فصول27 -29). وفي تلك الأرض، سكن داود الملك في أورشليم؛ وفيها بُنى الهيكل على اسم الله، والأنبياء كانوا يحثون الشعب أن يرجعوا إلى إله آباءهم مُعلنين لهم أيضاً عن الإعلان الآتي الخاص بالرب يسوع المسيح، ابن داود وإبراهيم حسب الجسد، وابن الله بحسب الروح (فصول29-30).

la troisième partie Les chapitres (31-40a) continuent à parler du salut accompli par le Fils de Dieu. Grâce à sa naissance d'une vierge, le Seigneur avait le même corps que notre premier père, Adam, issu d'une terre vierge. Mais pendant que le Seigneur était obéissant, Adam a désobéi, et c'est ainsi que le Seigneur est venu. Il nous apporte le salut et conduit l'homme à la communion avec Dieu (chapitres 31-32). Il fait également référence à la rencontre entre Ève et Marie, et entre l'arbre et la croix (chapitres 31-32). 33-34).

Grâce à cette œuvre de salut, les promesses faites à Abraham et à David se sont réalisées (chapitres 35-36), et Irénée confirme que le Christ est véritablement né, est mort et est ressuscité, montrant ainsi son progrès en toutes choses (chapitres 37-40a).

ثم يختم إيرينيوس القسم الأول في الفصول (40ب – 42أ) لكي يلخص كيف أن الذي بُشر به بواسطة الناموس والأنبياء، أي ابن الآب، قد وُلِد من العذراء مريم بالروح القدس. هذه العذراء التي من نسل إبراهيم وداود، وأن يسوع الذي هو مسيح الله هو في الحقيقة ذاك الذي سبق وأنبأ عنه الأنبياء (فصل 40ب). كما أن يوحنا المعمدان السابق له، قد أعدَّ الشعب لنوال كلمة الحياة. وقد أرسل المسيح تلاميذه ورسله والذين عاينوه إلى كل العالم لكي “يدعو الأمم ليسكنوا في مساكن سام” – هذه هي ثمرة بركة يافث التي أُعلنت في الكنيسة أي دعوة الأمم بحسب وعد الله (فصول41-42أ).

Deuxième partie :

بعد أن استعرض القديس إيريناوس تاريخ عمل الله الخلاصي، فإنه ينتقل إلى القسم الثاني من الكتاب، والذي يشمل كما ذكرنا الفصول (42ب -97). هذا القسم الثاني يختص بشرح “الكرازة الرسولية” عن طريق البرهنة عليها من الكتاب المقدس. وهذا واضحٌ تماماً في الفصل الافتتاحى (42ب) الذي يصف فيه إيرينيوس كيف أن كل الأشياء التي تمت في يسوع المسيح سبق التنبؤ بها بواسطة الأنبياء، وأنها تحققت في النهاية تماماً كما سبق التنبؤ بها وذلك يجعلنا نوقن أن الله هو الذي أعلن لنا خلاصنا.

Cette deuxième section peut être divisée en quatre parties distinctes :

la première partie Chapitres (43-52) dans lesquels Irénée s'efforce de clarifier l'existence éternelle de Jésus-Christ. Ici, il s'appuie sur l'insistance d'Ignace selon laquelle l'Ancien Testament est Jésus-Christ. Si la prédication apostolique de Jésus-Christ est la révélation décisive de Dieu, c'est-à-dire mot Dieu, vers qui tous les patriarches et prophètes ont regardé, nous pouvons voir les choses à l'envers et affirmer que le Seigneur Jésus-Christ est le même qui est apparu et a parlé à Abraham et Moïse (voir Contre les hérésies AH4:9:1). Pour Irénée, il existe une relation de réciprocité entre les patriarches, à qui les promesses ont été faites, et leurs descendants, qui ont vu cette promesse s'accomplir.(2).

وتبعاً لذلك ففي هذا الجزء من “الكرازة الرسولية” يوضح إيريناوس من نصوص الكتاب المقدس كيف أن الابن، الذي نعرفه الآن – كواقع تاريخى – هو يسوع المسيح، وأنه كان في البدء مع الآب (فصل43)، وكيف ظهر لإبراهيم (فصل44) ويعقوب (فصل45)، وتكلّم مع موسى من العليقة (فصل46)، وكيف يتكلّم داود وإشعياء عن الآب والابن (فصول47-51). ولكن بينما أن الابن بالنسبة لله هو كائن منذ البدء، قبل الخليقة فإنه صار معروفاً بالنسبة لنا الآن فقط، وذلك عندما كُشف لنا باسم يسوع المسيح (فصل43). وهكذا فإن كل الرؤى القديمة هي أحداث نبوية تنبأت بالأمور التي سوف تحدث (فصلى44-45). ويختم إيرينيوس بإعادة التأكيد بأن الكتاب المقدس يقول بوضوح إن المسيح هو ابن الله من قبل وجود العالم، وهو كائن مع الآب ومع الناس. وإنه هو يخلّص جميع الذين يؤمنون به (فصل52).

Et fidèle deuxième partie Dès la deuxième section (chapitres 53-66), Irénée parle de la naissance physique du Christ, en s'appuyant sur les témoignages d'Isaïe (chapitres 53-57, 59-61, 65), et sur les témoignages de Moïse (chapitres 57-58), Amos (chapitre 62), et Michée (chapitres 53-66), chapitre 63) et David (chapitre 64), ces témoignages confirment que le Fils de Dieu naîtra, et ils décrivent aussi comment il naîtra, et que il est le Messie et il est le seul roi éternel (chapitre 66).

Et fidèle la troisième partie من القسم الثاني، فإن إيرينيوس يوضح كيف أنه سبق التنبؤ (عن المسيح) بأنه سيُجرى معجزات وأشفية (فصل67 من مقاطع من سفر إشعياء)، وأنه سوف يُجلد (فصلى68- 69أ، من إشعياء وداود)، وأنه سوف يتألم، وسوف يُحكم عليه، وعن جيله الذي لا يستطيع أحد أن يخبر عنه (فصول69ب – 70، من إشعياء)، وأنه سيحضرونه مُقيداً إلى الملك (فصل77، من هوشع)، وأن ثيابه ستُقسّم (فصل80، من المزامير)، وأنه سيُباع بثلاثين من الفضة (فصل81، من إرميا)، وأنه سيُعطى مُراً ليشرب (فصل82، من مزامير داود)، وأنه يموت على الصليب (فصول71-76، 79، من إرميا، وإشعياء، وداود، وزكريا)، وأخيراً يقوم ويتمجّد ويرتفع إلى يمين الآب (فصول 72ب، 83-85، من مزامير داود).

ويختم إيريناوس القسم الثاني من “الكرازة الرسولية” Dans la quatrième partie (Chapitres 86-97) expliquant comment l'appel des nations par l'intermédiaire des messagers avait été prédit auparavant par les prophètes (Chapitre 86). Cet appel a été satisfait non pas par les obligations de la loi, mais par la simple parole de foi (chapitre 87). Ceux qui ont été sauvés ont été appelés par un nouveau nom (Chapitre 88), donc personne ne devrait revenir à la loi qui avait été accomplie par Christ (Chapitre 89). La loi de Dieu le Père est inscrite dans leurs nouveaux cœurs de chair afin que l'homme puisse désormais faire confiance à son Créateur (chapitres 90-93). C'est à travers cette invitation et le changement de cœur qui s'opère Par le mot Qui s'est faite chair et vit parmi nous, celle qui était auparavant stérile a donné naissance à un plus grand nombre d'enfants que l'ancien concile (chapitre 94). Ceux qui n'étaient pas un peuple sont maintenant le peuple de Dieu qui connaît le Seigneur de la Loi. Ils n'ont pas besoin de l'enseignant précédent (la Loi) (Chapitres 95-96). Le Christ, apparu sur terre et parlé aux hommes , avait intégré l'Esprit de Dieu à la création de Dieu (l'œuvre des mains de Dieu) qui a été créée avec la sagesse issue de la poussière, afin que l'homme puisse finalement devenir selon l'image et la ressemblance de Dieu (Chapitre 97).

Conclusion:

ويختم إيرينيوس كتابه “الكرازة الرسولية” بأن يكرر النصيحة التي أعطاها في المقدمة: أننا يجب أن نتمسك بكرازة الحق التي أعلنها الأنبياء، والتي ثبّتها المسيح، والتي سلّمها الرسل ونتجنب كل المعاملات مع أولئك الذين يفكرون في آلهة أخرى لأنفسهم، محتقرين الله الذي هو “الكائن” حقاً، ومنكرين مجيء ابنه وعطية الروح القدس.

L’approche de saint Irénée pour interpréter la Bible :

منهج القديس إيرينيوس في تفسير الكتاب هو أنه ينبغي أن يُشرح على أساس الكتاب نفسه، وهو يذكر هذا المبدأ صراحة في كتابه “ضد الهرطقات” بقوله: [تفسيرات نصوص الكتب المقدسة لا يمكن شرحها إلاّ من الكتب المقدسة نفسها] (ضد الهرطقات AH3:12:9)، وفي موضع آخر من نفس الكتاب يقول: [ فإن كانت بعض مقاطع الكتاب تبدو غامضةً، فيجب أن نحاول فهمها بواسطة ما هو واضح وظاهر في الكتاب نفسه وليس بأي طريقة تفكير خارجية] (ضد الهرطقات AH2:27-28). ولهذا السبب بالتحديد انتقد إيريناوس الغنوسيين لأنهم أسسوا تفسيرهم للكتب على أساس مبادئ غير كتابية، فبعد أن يفند القديس إيرينيوس بعض أساطيرهم، يقول:

[Telle est leur voie, que les prophètes n'ont pas prédite, que le Seigneur n'a pas enseignée et que les apôtres ne nous ont pas transmise. Ils se vantent haut et fort d'en savoir plus que les autres. Ils s’appuient sur des sources extérieures à la Bible et, comme le dit le dicton populaire, ils essaient de tresser des cordes de sable. Ils essaient de faire en sorte que les paraboles du Seigneur, ou les paroles des prophètes, ou les paroles des apôtres s'accordent avec leurs propres paroles, de telle manière que les gens les croiront, afin que leur fabrication ne paraisse pas sans autorité. Ils ignorent le système des Livres Saints et leurs relations les uns avec les autres. En ignorant cette connexion dans le livre dans lequel réside le fondement de la vérité, ils démantelent les membres de la vérité] (Contre les hérésies AH1 :8 :1).

ويوضح إيريناوس طريقة استعمال الكتاب، بأن يقارنها بما يفعله بشخص أو إنسان عندما يأخذ صورة جميلة من الفسيفساء لملك صنعها فنان ماهر من أحجار ثمينة، ثم يعيد ترتيب هذه الأحجار الكريمة التي فيها ليصنع منها صورة كلب أو ثعلب، ثم زعم أن هذه الصورة هي الصورة الأصلية التي صنعها الفنان الأول، ويعلّل قائلاً إن الحجارة أصيلة. والحق أن التصميم قد تهدم و”ضاع نموذج الإنسان الموضوع”. هذا بالضبط ما يفعله الهراطقة بالكتاب المقدس “ويقطعون أوصال الحقيقة”. إن كلماتهم وتعبيرهم وأمثالهم أصيلة، ولكن قياسهم (أو تصميمهم) مزاجى وخاطئ، فيقول: ” بنفس الطريقة فإن هؤلاء الناس يرقعون معاً خرافات العجائز ويقتلعون كلمات وأقوال وأمثال من هنا وهناك ويريدون أن يجعلوا كلمات الله تتكيف مع خرافاتهم” (ضد الهرطقات AH1:9:1).

Dans un autre exemple, Irénée décrit comment certaines personnes prennent différentes lignes de deux livres d'Homère et les réorganisent ensuite. Ces vers peuvent tromper ceux qui n'ont qu'une connaissance passagère d'Homère, mais ils ne trompent pas ceux qui connaissent bien sa poésie. Ces personnes peuvent pleinement reconnaître les lignes citées, connaître leur emplacement, puis les remettre dans leur contexte correct (Contre les hérésies AH1 :9 :4).

وبنفس الطريقة يواصل إيريناوس كلامه فيقول: [.. أي إنسان يحفظ في نفسه قاعدة الحق غير المتغيّر الذي استلمه بواسطة المعمودية فإنه سيعرف الأسماء والأقوال والأمثال المأخوذة من الكتب المقدسة… لأنه إن عرف الجواهر، فإنه لن يقبل صورة الثعلب على أنها صورة الملك، بل هو سوف يعيد كل مقطع من المقاطع إلى مكانه الصحيح، إذ يكون منسجماً ضمن جسم الحقيقة، وهكذا هو يفضح تلفيقهم ويبيّن أنهم بلا سند] (ضد الهرطقات AH1:9:4).

وبعد ذلك يعطى إيرينيوس وصفاً شاملاً ل-“قانون الحق المُسلّم في المعمودية”، الذي له ثلاثة بنود أساسية، وهى: الإيمان المُسلّم من الرسل بإله واحد الله الآب، والرب الواحد المصلوب والمُقام يسوع المسيح، والروح القدس” (انظر AH1:10:1).

وقانون الحق المُعطى في كتاب “الكرازة الرسولية” (فصلى6و7) رغم أنه مختصر عن ما ورد في كتاب “ضد الهرطقات”، إلاّ أنه مبنى على البنود المحورية الثلاثة: الآب، والابن، والروح القدس، الذين باسمهم تتم معموديتنا.

ومع ذلك، فإن هذه البنود الثلاثة هي جوهر قانون الحق، وليست مجرد عناصر منفصلة لمعتقدات لاهوتية. ولذلك فهي عند إيريناوس مرتبطة بلا انفصال مع ترتيب وترابط الكتب المقدسة (انظر AH1:8:1). وهذا الترتيب والارتباط هو طبعاً ما يصفه إيرينيوس بطريقة مختصرة في كتاب “الكرازة الرسولية” لكى: “بواسطة هذا الكتاب الصغير يمكنك أن تفهم كل أعضاء جسد الحقيقة” (فصل1 من الكرازة الرسولية) التي هي الكتاب المقدس نفسه. وبكتابته لكتاب “الكرازة الرسولية” فإن إيريناوس – الذي هو أكثر من أي كاتب آخر سابق له – حدّد وعرّف الكتاب المقدس كما نعرفه نحن الآن وثبته في مكانه الصحيح والأساسى. وبهذا فإن القديس إيرينيوس قد أعطانا نموذجاً لا مثيل له عن كيف نقترب من الحقائق المُعلنة في الكتاب وكيف نفهمها. وفي هذا تكمن الأهمية الفائقة لهذا الكتاب المختصر.

Le texte original du livre « L’évangélisation apostolique » et ses traductions :

Manuscrits, éditions et traductions :

كتاب “الكرازة الرسولية” هو مقال في صورة رسالة مُرسلة إلى شخص يُدعى ماركيانوس. وكان هذا المقال معروفاً منذ القديم إذ أن يوسابيوس المؤرخ أشار إليه في كتابه “تاريخ الكنيسة” (كتاب36:5). ولكن بعد هذه الإشارة منذ القرن الرابع يبدو أن هذا الكتاب اختفى تماماً، ولم يُعثر على أي آثار له. ولكن في شهر ديسمبر سنة 1904م عثر الأرشمندريت الأرمني “كارابت تيرمكيرتشيان” (Karapet Ter-Mekerttschian) على مخطوط في مكتبة كنيسة والدة الإله في إيرفان Erevan بأرمينيا، ثبت فيما بعد أنه يحوي ترجمة أرمينية قديمة للكتابين الرابع والخامس من كتاب “ضد الهرطقات” للقديس إيريناوس، وأيضاً كتابه “الكرازة الرسولية”. وهذا المخطوط محفوظ الآن في ماتينا داران بإيرفان (مخطوط رقم 3710). وبحسب ما وُجد مُسجلاً في نهاية المخطوط فإن المخطوط كان مِلكاً لرئيس الأساقفة تير جوهانس Ter Johannes” شقيق الملك المقدس” هذا الملك من المحتمل أن يكون Haïtoun I هايتون الأول (1226-1269م) الذي اشتهر شقيقه الأصغر بأنه كان عالماً كبيراً، وكان أسقفاً (1259م) إلى أن توفى سنة 1289م، لذلك يمكن أن يكون تاريخ المخطوط هو حوالى منتصف النصف الثاني من القرن الثالث عشر، رقم أن الترجمة – كما سنرى فيما بعد – قد تمت قبل هذا التاريخ بعدة قرون. ونص هذه المخطوط نُشر لأول مرة سنة 1907م مع ترجمة ألمانية ومُقدمة وملاحظات مختصرة قام بها العالِم اللاهوتي المشهور أدولف هارناك وهو الذي قسّم النص إلى مائة فصل.

Après cela, le texte arménien a été traduit en latin par S. Weber, et lorsque le texte arménien a été réimprimé en 1919 après JC, une traduction anglaise et française a été publiée avec. Cette édition, qui a été publiée en 1919 après JC, comprenait une description du manuscrit, et comprenait également quelques notes sur la présence de révisions dans le manuscrit arménien. D'autres traductions ont été publiées par la suite, dont une deuxième traduction anglaise par J. Armitage Robinson(3).

Après une période de stagnation de plusieurs décennies, deux autres traductions sont apparues, qui ont toutes deux contribué à améliorer notre compréhension du texte. La première traduction en anglais a été réalisée par JP Smith et contenait, outre le texte arménien, tellement de notes qu'elle remplissait plus de pages que le texte lui-même.(4)Ce qui a amené le professeur John Bher, professeur de patriarcat à l'Institut théologique orthodoxe Saint-Vladimir aux États-Unis d'Amérique, à dire que l'érudit Smith a fait de grands efforts dans la recherche du manuscrit arménien, a évalué toutes les traductions précédentes et a suggéré des révisions au manuscrit.

La deuxième traduction, achevée quelques années après la première, est une nouvelle traduction française préparée par L.M. Froidevaux et publiée dans la série SC des Sources chrétiennes en français. 62 ans 1959 après JC. Cette traduction a ajouté de nombreuses notes à ce que Smith a présenté, mais sa contribution la plus importante est l'annexe, qui contient une comparaison entre les traductions, préparée par Charles Mercier. Cette comparaison se trouve à l'origine dans le manuscrit PO 12:5 (avec microfilm du manuscrit Irvan 3710).

وقد اكتُشفت فيما بعد مخطوطتان بهما اقتبسات صغيرة من كتاب “الكرازة الرسولية”. المخطوط الأول يُسمى “ختم الإيمان”، اكتشفه نفس مُكتشف المخطوط الأول Bishop Karapet Ter-Mekerttschian لكن سنة 1911م في دير القديس اسطفانوس بداراشامب Darachamb، وهذا المخطوط يرجع تاريخ كتابته إلى القرن الثالث عشر. والمخطوط الثاني يرجع إلى القرن الرابع عشر ويُعرف باسم “جالاطا54” وُجد في دير القديس يعقوب للأرمن بأورشليم، وهو الآن محفوظ في مكتبة البطريركية الأرمينية بإسطنبول.

وأخيراً بعد فترة ركود ثانية قام A. Rousseau بعد أن أكمل نشره لكتاب “ضد الهرطقات” في سلسلة SC.، نشر ما يجب أن يُعتبر طبعة قياسية لكتاب “الكرازة الرسولية” باللغة الفرنسية طبعاً. وفي هذه الطبعة نشر روسو بالإضافة إلى النص الأرمني نفسه، ترجمتين إحداهما لاتينية والأخرى فرنسية. ويرى روسو صاحب الترجمة الفرنسية أن النص الأرمني قد تُرجم أصلاً عن اللغة اليونانية بتصرف. وتحتوى أيضاً طبعة روسو التي نُشرت في SC. سنة 1995، ملاحظات مستفيضة وصلت إلى عدد صفحات أكثر من النص نفسه، كما يختم طبعته هذه بستة ملاحق عن تعاليم القديس إيرينيوس اللاهوتية، ومقارنات بين الترجمات المختلفة للنص الأرمني. وبهذا يكون عمل روسو حسب رأي جون بهر John Behr إنجازاً ملحوظاً في مجال البحث الآبائى.

 

Références utilisées pour préparer l'introduction à la vie de saint Irénée et à son enseignement théologique

1- JOHANNES Quasten : PATROLOGY, publié en 1950, réimprimé par Christian Classic, INC., 1983, Westminster, Maryland USA Vol. Moi, ps. 287-315.

2- ANTE-NICENE FATHERS, 1884, réimprimé par Hendrickson Publishers, INC., 1994, PO Box 3473, Peabody, Massachusettes 01961-3473. États-Unis Vol. Moi, ps. 309-313.

3 – تاريخ الكنيسة – للأسقف يوسابيوس القيصري،

Livre quatre : Chapitre 21, page 190

Livre Cinq : Chapitre 4, p. 217

Livre cinq : chapitre 8, page 222.

Arabisation de l'hégumène Markus Daoud, publié par la Bibliothèque de l'Amour, deuxième édition, Le Caire 1970.

 

Les références que nous avons consultées pour traduire le livre « Explication de la prédication apostolique »

1- ΙΩΑΝΟΥΔ. ΚΑΡΑΒΙΔΟΠΟΥΛΟΥ Δ. Θ.,
    C'est vrai.
    ΕΠΙΔΕΙΞΙΣ ΤΟΥ ΑΠΟΣΤΟΛΙΚΟΥ ΚΗΡΥΓΜγ
    ΕΙΣΑΓΩΓΗ- ΜΕΤΑΦΡΑΣΙΣ- ΣΧΟΛΙΑ ΕΝ
     ΘΕΣΣΑΛΟΝΙΚΗ, 1965

2-St. Irénée de Lyon

SUR LA PRÉDICATION APOSTOLIQUE

Traduit et introduit par John Beher

St. Vladimir’s Seminary Press, Crestwood, NY 1997.

3- LES ÉCRIVAINS CHRÉTIENS ANCIENS,

St. Irénée Preuve de la prédication apostolique.

Traduit et annoté par Joseph P. Smith, SJ

Professeur à l'Institut Biblique Pontifical,

Rome, Newman Press. Non. 16.

Abréviations

 

BEPÈS :

Biblioq»kh ‘Ell»nwn Pat?rwn ka… ‘Ekklhsiastikîn Suggraf?wn

(œkd.; Apostolik?j Diakon…aj t?j ‘Ekklhs…aj t?j Ell£doj), Aq?vai 1955 ™x.

EPE :

”Ellhnej Pat?rej t?j ‘Ekklhs…aj, Paterika… ™kd?seij, « Grhg?rioj? Palam©j » , Qessalon…kh 1972 ™x.

ANF :

Ante-Nicene Fathers, édité par Alexander Roberts, D.D. et James Dondaldson, LL.D. Hedrickson Publishers, Mass. 01961-3473, États-Unis 1994.

A.H. :

Contre les hérésies Un livre contre les hérésies

PL :

Patrologia Latina.

P.O. :

Patrologia orientalis.

CS :

Sources Chrétiennes, cette édition chef, B.D. De Latour MAUBOURG, Paris

s : Soixante-dix

 

 


(*) علينا أن نلاحظ أن القديس إيرينيوس لم يكن يستعمل تعبيرات “العهد القديم” و”العهد الجديد” كعهدين منفصلين. بل بعكس أولئك الذين وضعوا فارقاً شديداً بين الإعلان الجديد (أي إعلان إله آخر وبين الإعلان القديم) – نموذج هؤلاء ماركيون الهرطوقى في القرن الثاني – بعكس هؤلاء فإن القديس إيريناوس هو أول من كتب من الآباء مؤكداً على وحدة معاملات الله مع الجنس البشري طوال التاريخ. أي أنه يقول إنه يوجد تدبير إلهي واحد فقط. فحينما يكتب إيريناوس عن مراحل أو عصور مختلفة فهو يفضل أن يتكلّم عن أربعة مواثيق: عهد مع آدم، عهد مع نوح، عهد بواسطة موسى، وأخيراً عهد الإنجيل (AH3:11:8)، وحينما يشير إلى الكتاب المقدس فهو كثيراً ما يميز بين ثلاثة أقسام هي: الكتب النبوية (ويقصد بها كل العهد القديم)، والكتابات الإنجيلية (أي الأناجيل) والكتابات الرسولية (أي الرسائل). انظر

Y.M. Blanchard, Aux Sources du canon: Le Témoignage d’ Irénée (Paris: Cerf, 1993) p. 132-145.

 

(1) وهذا الإصرار على أننا ينبغي أن نرى ونقبل ما هو موجود كما هو، يتكرر كثيراً في كتابه “ضد الهرطقات”، حيث يذكر أن هذا الكتاب الأخير يخص الحق عن الله والإنسان. ويشرح إيريناوس اننا ينبغي “أن نعرف ما هو الذي يستطيع الله أن يفعله؟ وما هي الفوائد التي يمكن أن ينالها الإنسان؟، وذلك لكي لا نضل بالمرة عن الإدراك الصحيح للأمور كما هي فعلاً فيما يخص الله والإنسان” ضد الهرطقات AH5:2:3 .

(2) [إن تهليل إبراهيم نزل على ذريته الذين جاءوا منه… ومن الجهة الأخرى يوجد تهليل متبادل انتقل من الأبناء إلى إبراهيم الذي اشتهى أن يرى يوم المسيح أن يأتي. إذن فبصواب شهد ربنا لإبراهيم قائلاً: ” أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومى فرأى وفرح”] (ضد الهرطقات AH4:7:1 وانظر يو56:8).

(3) J. Armitage Robinson, St. Irénée : La démonstration de la prédication apostolique (Londres et NY : SPCK, 1920).

(4) JP Smith, St. Irénée : Preuve de la prédication apostolique (ACW16 ; Londres et Maryland : Westminster, 1952). Une version anglaise supplémentaire a été préparée par J. Sparks (Brookline, MA : Holy Cross Orthodox Press, 1987), sur la base de la traduction antérieure.

Quitter la version mobile