Site icon شبكة أرثوذكس أونلاين

يوحنا السلّمي السينائي

هو يوحنا السينائي نسبة إلى سيناء وسمي السلمي لأنه ألّف كتاب “سلم الفضائل”.  وُلد القدِّيس يوحنا السلمي في فلسطين حوالي سنة 525 ميلادية. حداثته مجهولة سوى أن لقب العلاّمة الذي لقب به وهو على قيد الحياة يفترض تحصيلاً ثقافياً واسعاً، وجل ما يعرف عنه يُقتبس من كتاباته. في السادسة عشرة من عمره تتلمذ لراهب قديس من شيوخ دير جبل سيناء، أي دير القديسة كاترين، يُدعى (مرتيريوس) حيث سلم إليه قيادة أمره، ولم تمض عليه سنوات قليلة حتى كان قد بلغ إلى درجة سامية من الفضيلة لِما اتصف به من الطاعة لمرشده.

وفي سن العشرين وبعد أن تمرَّس في هذه السيرة كان أبوه الشيخ الروحي الذي درَّبه قد ترك الحياة، فأسف لفراقه ثم ترك الدير وانفرد في برية قاحلة تبعد عن الدير حوالي ثمانية كيلو مترات تُدعى “الثولا” في الصحراء متوحداً. قضى أربعين سنةً في خلوته مجاهداً جهاد التوبة والصلاة ومختبراً فنون الحرب اللامنظورة وحلاوة مناجاة الله. وكان في خلوته يستقبل من يأتونه للاسترشاد من رهبان وعلمانيين، ويزور المرضى المتوحدين متفقداً كما نعرف من كتابه. ثم انتخب رئيساً لدير جبل سيناء،  ولا يعرف بالضبط مقدار الزمن الذي تولّى فيه القديس يوحنا رئاسة دير جبل سيناء ولكنه استقال من الرئاسة ليعود إلى خلوته قبل وفاته. عاش حوالي خمس وسبعين سنةً وتوفي سنة 600 أو قبلها بقليل.

طلب إليه الأب يوحنا رئيس دير رايثو أن يكتب إرشادات للرهبان، فوضع كتاباً اسمه “السلم” سمي فيما بعد سلم السماء أو درجات الفضائل أو السلم المقدسة.

تسمية السلم مستوحاة من رؤيا يعقوب (تكوين28: 12-13)، هذا ويستشف من كتابه أنه كان ذا شخصية قوية حرّة لقد شاهد وسمع في حياته أموراً كثيرة فيرويها ويقيّمها تقيّماً شخصياً غير آبه بمخالفته للآراء السائدة أحياناً، ويبدو جليّاً أنه مطّلع كلّ الإطلاع على أحوال الناس العائشين في وسط العالم وعلى آرائهم وعاداتهم ونفسيتهم وأنه يعرف النفس البشرية معرفة عميقة ويحللها تحليلاً دقيقاً جديراً بعلماء النفس اليوم وهو مستعد دائماً للإقرار بضعفه مما يجعله من المعلّمين الروحانيين الأكثر إنسانية. رتّب القديس يوحنا في كتابه ثلاثين درجة إشارة إلى سني يسوع الثلاثين قبل ظهوره للعالم وترمز السلّم بصورة عامة إلى مسيرة الكمال باعتبارها صعوداً روحياً نحو الله و إلى صليب المسيح باعتباره الطريق الوحيد الذي يجمع بين الأرض والسماء فإن كتاب السلّم يعدّ أيضاً كتاباً فريداً من نوعه نظراً لشخصية مؤلفه القوية وسعة معرفته وعمق خبرته الروحية وطريقته في البحث متصفاً ومتميزاً بالانسجام والغنى معا. الكتاب نافع لكل مسيحي يبتغي طريق الكمال، ضمّنه القديس يوحنا السلمي خبرته، فقد شاهد وسمع في حياته أموراً كثيرة، يرويها ويقيمها تقييماً شخصياً غير آبه بمخالفته الآراء السائدة أحياناً.
رتّب القديس يوحنا السلمي في كتابه ثلاثين درجة يرتقيها طالب الكمال مجاهداً من الزهد بالعالم إلى الاتحاد بالله مروراً بمحاربة الأهواء واكتساب الفضائل: الصبر والوداعة والتواضع.

كافأ الله فضائل يوحنا بفعل العجائب ، فقد ظهر يوم تنصيبه رئيساً موسى النبي وصار يخدم الضيوف بنفسه، وأنقذ تلميذه موسى من موت محقق بصلاته، وفي زمن الجفاف بفلسطين صلّى فأمطرت السماء بغزارة وله عجائب كثيرة أخرى.

تعيّد له كنيستنا الأرثوذكسية في 30 آذار وفي الأحد الرابع من الصوم الكبير.

من كتاب السلم إلى الله: (ترجم الى العربية من قبل رهبنة القديس جاورجيوس دير الحرف وصدر عن منشورات النور)

طروبارية على اللحن الثامن
للبريّة غير المثمرة بمجاري دموعكَ أمرعتَ، وبالتنهُّدات التي من الأعماق أثمرت بأتعابك إلى مئة ضعفٍ، فصرتَ كوكباً للمسكونة متلألئاً بالعجائب، يا أبانا البار يوحنا، فتشفع إلى المسيح الإله أن يخلص نفوسنا.

أيضاً طروبارية على اللحن الثامن
إنَّ البريَّة الجدباءَ بهطل دموعكَ أخصبت. وأتعابك الشاقَّة بتصعيد زفَراتك أثمرت إلى مئَة ضعف.  فأصبحت كوكباً للمسكونة يتلألأ بالعجائب يا أبانا البارّ يوحنا. فتشفَّع إلى المسيح الاله في خلاص نفوسنا.

قنداق باللحن الأول
من كتاب تعاليمكَ الحاملة أثماراً دائمة نضارتها أيها الحكيم، تلذذ قلوب المصغين إليها بتيقظ أيها المغبوط لأنها سلَّم مُصعدة من الأرض إلى المجد السماوي الثابت نفوسَ المكرمين إياكَ بإيمانٍ

Exit mobile version