إن تقسيم ووضع عيد نصف الخمسين بين الأعياد الاثني عشر يؤهّلنا لرؤية عمل المسيح منذ اعتماده في نهر الأردن إلى تجلّيه وآلامه. نحن نعرف أنّ الكتاب المقدس يصف ما قاله المسيح وما فعله وما عاناه من أجل خلاص الجنس البشري. إن هذا العيد يؤهّلنا لأمر أساسي فعلاً وهو رؤية هذا الوجه، أي ما قال المسيح وما فعل. بكلام آخر، إنّه يغطّي كل الأحداث الخريستولوجية من معمودية المسيح إلى تجلّيه.
مما يظهر أهمية عيد نصف الخمسين، الذي فيه يُعيَّد للمسيح كحكمة الله، أنّ الكنائس التي تحمل اسم الحكمة الإلهية ليست مكرّسة على اسم أي قديس يحمل اسم “الحكمة”، بل هي مكرَّسة لحكمة الله التي هي المسيح. وبحسب دراسات مختلفة فإن هذه الكنائس تعيّد في نصف الخمسين. من الأمثلة النموذجية كنيسة الحكمة الإلهية (أيّا صوفيّا) في القسطنطينية التي تحمل اسم المسيح أي الحكمة الإلهية. وقد غدت هذه الكنيسة نموذجاً لكاتدرائيات أخرى أيضاً. وهكذا يظهر أن الإمبراطورية الرومانية كانت تتمركز حول كلمة الله وحكمته. فكل المسافات في الأمبراطورية الرومانية (البيزنطية) كانت تُقاس بدءً من كنيسة الحكمة الإلهية، ومن هنا نفهم دور كلمة الله وحكمته في حياة هذه الإمبراطورية.
لهذا، إنّ فهم معنى هذا العيد السيدي وأهميته يساعدنا على فهم عمل المسيح أيضاً.
يتزامن عيد نصف الخمسين مع عيد المظال اليهودي، الذي هو ثالث أعياد اليهود أهميةً، بعد الفصح والخمسين. يصف المؤرّخ اليهودي يوسيفوس هذا العيد بأنّه ” فائق القداسة والأهمية عند اليهود”. كان هذا العيد مُخصصاً لتذكّر إقامة اليهود في البرية في طريقهم من أرض مصر إلى أرض الميعاد. وإذا كان عيد الفصح قد خُصّص لتذكار عبور البحر الأحمر، وعيد الخمسين قد خُصّص لتذكار صعود موسى إلى جبل سيناء لتسلّم ناموس الله، فإن عيد المظال قد خُصّص ليتذكّر اليهود كيف حفظهم الله عجائبياً خلال رحلتهم إلى أرض الميعاد.
La Fiesta de los Tabernáculos recibió su nombre por la forma en que se celebraba. Los judíos solían instalar tiendas de campaña en las plazas, patios y en los tejados de sus casas, y vivían en ellas durante los siete días del período festivo. Al parecer, el nombre y el lugar de la celebración eran para reconocer la protección de Dios y la protección de ellos con la nube brillante durante su viaje por el desierto. Si consideramos que todas las apariciones de Dios en el Antiguo Testamento son apariciones del Verbo encarnado, y que la nube iluminadora era Cristo, entendemos que la Fiesta judía de los Tabernáculos se refiere a Cristo.
لقد خُصّص عيد المظال اليهودي لله نفسه من خلال الوصية التي أعطاها لموسى. فقد قال له: “كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: فِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ السَّابعِ عِيدُ الْمَظَالِّ سَبْعَةَ أَيَّامٍ لِلرَّبِّ. فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلاً مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلرَّبِّ. فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ تُقَرِّبُونَ وَقُودًا لِلرَّبِّ. إِنَّهُ اعْتِكَافٌ. كُلُّ عَمَلِ شُغْل لاَ تَعْمَلُوا.” (لاويين 34:23-36).
وبما أن العيد يتصادف أيضاً مع موسم جني الثمار فهم أيضاً يقدّمون الثمار كشكر لله مع أضاحيهم. وهكذا فقد سمّوه “عيد الحصاد” و”عيد الاجتماع”. وقد كانوا يقيمون المهرجانات احتفالاً وبالتالي كان عيداً محبوباً جداً عندهم. لم تكن فكرة قضاء فترة العيد في خيام فكرتهم بل كانت وصية الله التي أُعطيَت أيضاً لموسى: “فِي مَظَالَّ تَسْكُنُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. كُلُّ الْوَطَنِيِّينَ فِي إِسْرَائِيلَ يَسْكُنُونَ فِي الْمَظَالِّ. لِكَيْ تَعْلَمَ أَجْيَالُكُمْ أَنِّي فِي مَظَالَّ أَسْكَنْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.” (لاويين 42:23-43).
Lo que es importante para nosotros entre las cosas que mencionamos es que dos acciones simbólicas estaban ocurriendo durante la Fiesta Judía de los Tabernáculos. Primero, cada mañana ofrecían sacrificios con holocaustos, y al mismo tiempo los sacerdotes traían agua del estanque de Siloé, la mezclaban con vino y la vertían sobre el altar donde se ofrecían los sacrificios. Esto significó el derramamiento de los dones del Espíritu Santo, así como el agua que los israelitas bebieron milagrosamente durante su viaje por el desierto. En segundo lugar, durante el primer día de la fiesta, encendían lámparas en el patio de las mujeres del templo durante el sacrificio de la tarde, y estas lámparas eran visibles desde toda la ciudad porque tenían cincuenta codos de altura.
حمل هذان الحدثان الرمزيان أهمية كبرى لأنهما أشارا إلى المسيح. إلى هذا، كان المسيح مَن أعطاهم الماء خلال رحلتهما في الصحراء بحسب كلمات الرسول بولس: “وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ.” (1كورنثوس 4:10). والمسيح كان السحابة المنيرة التي غطّتهم خلال النهار وأنارت في الليل، بحسب الرسول بولس: “أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ، وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ، وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ” (1كورنثوس 1:10-2)
- أولاً، عندما تبع يسوع إخوته، أبناء يوسف أبيه بالرعاية، إلى أورشليم ولكن “لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ.” كان اليهود يبحثون عنه ربّما ليتّهموه بعدم حفظ ناموس موسى (يوحنا 10:7-13).
- ثانياً، لقد جعل حضوره محسوساً في الهيكل معلماً الناس “َلَمَّا كَانَ الْعِيدُ قَدِ انْتَصَفَ” (يوحنا 14:7-36). هذا يعني أنّه فيما كانوا في أورشليم خلال العيد، في منتصف الأيام السبعة، ظهر في الهيكل وعلّم الناس. إن اختياره لهذه الفترة من الزمن مُبَرّر لأنّه، من جهة، أراد أن يظهر غضب اليهود لأنّ عجائبه وتعاليمه أثارت اهتياجاً عظيماً في ما بينهم، ومن جهة أخرى، حتى يسمعوا له بانتباه، لأن عند بداية العيد كان من الطبيعي لهم أن يُحاطوا بالملهِيات (القديس ثيوفيلاكتوس).
- ثالثاً، عندما أعلن في اليوم الأخير من العيد بأنّه سوف يروي عطش الإنسان وحضّهم على المجيء إليه. في نهاية اليوم الأخير ذهب إلى جبل الزيتون (يوحنا 37:7-53).
- رابعاً، عندما عاد في صباح اليوم التالي إلى الهيكل. هذا سُميّ باليوم الثامن الذي به ينتهي عيد المظال. في ذلك اليوم أحضر الكتبة الفريسيون الزانيةَ إلى المسيح ليعرفوا ما سيكون موقفه. في ذلك اليوم علّم الشعب، في المقام الأول عن أنّه هو نور العالم وعن الحق الذي يحرر البشر (يوحنا 1:8-59).
تظهر حقيقتان رائعتان من خلال كل هذه المحادثات التي شارك بها المسيح في عيد المظال والتي كانت لاهوتية وزاخرة بالكشف. أولاً، أن المسيح أعلن بشكل ثابت أنّه مساوٍ للآب في الشرف، وأنّ الآب أرسله إلى العالم، وأنّه ابن الله، المسيح-المسيا الذي انتظره اليهود. هذه حقيقة عظيمة من الإعلان. لقد شدّد بوضوح على أنّه مُرسَل من أبيه: “وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ، بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌ، الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ” (يوحنا 28:7). وفي مكان آخر قال: “أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي، وَيَشْهَدُ لِي الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي” (يوحنا 18:8). وبعد هذه الشهادة يظهر في كل تعليمه أنّه يقدّم المعالم التي لله، كمثل “إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ” (يوحنا 37:7)، و”أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاة” (يوحنا 12:8). ثانياً، تظهر في كل هذه المحادثة ردّات فعل اليهود على أقوال المسيح الإعلانية. إجاباتهم هي دائماً أسئلة. في بعض الأحيان يشككون في ما يقوله، وفي أحيان أخرى يسألون أسئلة ساخرة استناداً إلى ناموس الله. لكن ردة فعلهم كانت إلى حد بعيد وكأنها لضربه وتعميته. فقد قالوا أن فيه شيطاناً: “أَلَسْنَا نَقُولُ حَسَنًا: إِنَّكَ سَامِرِيٌّ وَبِكَ شَيْطَانٌ؟” (يوحنا 48:8). في البداية أرادوا أن يأخذوه ولكن أحداً لم يستطع أن يلمسه لأن ساعته لم تكن قد أتت بعد (يوحنا 30:7). من ثمّ أرسل الكتبة والفريسيون الجند ليوقفوه، لكنهم لم يستطيعوا لأنّهم أُسِروا بأقواله (يوحنا 44:7-46). في النهاية حملوا الحجارة ليرجموه لأنّهم اعتبروا أنّه جدّف باعتباره نفسه مساوياً في الشرف لله الآب: “فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازًا فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هكَذَا.” (يوحنا 59:8). لا ينبغي فهم عبارة يوحنا الإنجيلي “اختفى” على أنّه التجأ إلى أحد البيوت أو الزوايا، بل أنّه بسلطانه الإلهي أخفى نفسه عن نظر الذين كانوا يضمرون شراً له، مع أنّه مضى مجتازاً في وسطهم (القديس ثيوفيلكتوس).
في هذا العرض السريع لما جرى خلال عيد المظال يمكننا أن نرى كلاً من ألوهية المسيح وردّة فعل اليهود، لأنهم عجزوا عن قبول وتحمّل فكرة أنّه منقذ إسرائيل المنتَظَر. هذا يظهِر أيضاً قساوة قلوبهم. علاوة على ذلك، يظهِر حقيقة استحالة أن يتعرّف الإنسان على المسيح إذا لم يكن قد تطهّر واستعدّ كما يليق، إذ من الممكن أن يتحوّل عدواً للمسيح عندما يعلن نفسه. في ما يلي سوف نجد تعليمين أساسيين للمسيح يظهران ألوهيته ويشكّلان حقيقتين خريستولوجيتين أساسيتين.
تظهر الحقيقة الأولى في إعلانه بصوت عالٍ: “إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي، كَمَا قَالَ الْكِتَابُ، تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ، لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ، لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.” (يوحنا 37:7-39). لقد سبق وشددنا على أن هذه الحقيقة مرتبطة بالعمل الرمزي الذي كان اليهود يقومون به خلال عيد المظال، حيث يسكبون المياه على مذبح التقدمات المحترقة. كان هذا العمل تعبيراً عن الشكر والامتنان من أبناء يهود ذاك الزمن لأن الله أروى عطشهم في الصحراء. فقد ضرب موسى صخرةً على جبل حوريب بعصاه، بحسب وصية الله، ما فجّر المياه وأشبع عطش الشعب الإسرائلي (خروج 1:17-7).
إن تفسير الرسول بولس لهذا الحدث خريستولوجي صرف. فهو يقول في الإشارة إلى الخلاص العجائبي لشعب إسرائيل، أنّ الإسرائيليين شربوا من الصخرة الروحية التي رافقتهم وهذه الصخرة كانت المسيح (1كورنثوس 4:10). إلى هذا، كما أشرنا تكراراً في هذه الدراسة، ظهر كلمة الله لموسى ولكل الأنبياء كغير متجسّد. إن الكلمة غير المتجسّد، الذي أروى عطش اليهود في الصحراء وبنعمته قاموا بهذا العمل الرمزي، قد جاء إلى الهيكل وأعلن أنّه الماء الذي يشبع عطش الإنسان الروحي. إن هذا المجيء والإعلان عملان ذوا دلالات كثيرة. ومع هذا قد اصطدم بردة فعل أبناء “المنقَذين”.
تشير طروبارية عيد نصف الخمسين إلى هذا الحدث وإلى شخص المسيح بكلمات مفعمة بالحيوية حيث ننشد: “في انتصاف العيد اسقِ نفسي العطشى من مياه العبادة الحسنة أيها المخلّص. لأنّك هتفتَ نحو الكلّ قائلاً: مِن كان عطشاناً فليأتِ إليّ ويشرب، فيا ينبوع الحياة أيها المسيح المجد لك”. وفي طروبارية مميزة جداً يظهر كاتبها على أنّه متوجع ومصاب بعطش مروع لا يحتمَل فيطلب الماء من المسيح الذي يمسك بوعاء العطايا: “يا مَن له كأس العطايا التي لا تفرَغ، امنحني أن أستقي ماءً لغفران الخطايا، لأني مضنوك عطشاً أيها المتحنن الشفوق وحدك” (إكسابستلاري العيد).
من ناحية ثانية، لا يعلن المسيح فقط أنه الماء واليننبوع الحي بل، في الوقت نفسه، يشدد على أن كلّ مَن يؤمن به “تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ” (يوحنا 38:7). وكما يشرح الإنجيلي، هذا يتعلّق بعطية الروح القدس والإله الثالوثي بشكل عام، ومَن يتقبّلها يصير لاهوتياً إذ سوف يمارس اللاهوت بكلّ كيانه. يفهَم مفسّرو الكتاب المقدس كلمة “بطن” بأنها تعني قلب الإنسان. في العهد القديم، لا تعني هذه الكلمة المعدة، بل الإنسان الداخلي المحدد بالقلب. يقول داود “أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي” (مزمور 8:40) أي في قلبي. على المنوال نفسه لا يتحدّث المسيح عن نهر، بل عن أنهار ماء حي، أي نعمة الروح القدس الغزيرة. وهكذا، كل نفس يدخلها الروح القدس ويتثبت فيها، تتدفق منها مياه غزيرة كما من ينبوع. الرسل الذين وُسموا بحكمة الله التي لا تقاوَم هم مثال على ذلك (القديس ثيوفيلكتوس).
تظهر مساواة المسيح بالشرف مع الروح القدس في كلامه، فكونه تكلّم عن المساواة بالشرف مع الآب كان عليه أن يتكلّم عن الأمر نفسه مع الروح القدس. إن عطية الروح القدس التي يعطيها المسيح للناس لكي يخمد عطشهم هي بالحقيقة إرساله الروح القدس إلى العالم وظهوره الفعلي. ليس اللاهوت دراسات وأطروحات، ولا هو معرفة عقلية، بل هو المشاركة في عطايا الروح القدس.
المسيح ليس نوراً مخلوقاً مُدرَكاَ بالحواس، ولا هو نور رمزي، كما أنّه ليس نوراً أخلاقياً على ما يرغب البعض في تصويره. النور الإلهي هو قوته غير المخلوقة التي متى أعطي للناس أن يروها، بعد أن يتطهروا، يرونها كنور. إنّه النور الحقيقي للعالم. هنا ليس المكان المناسب للمعالجة الشاملة لموضوع أن الله نور العالم وما هو النور، فهذا نتطرق إليه في فصل شرح عيد تجلّي المسيح على طور ثابور. هنا علينا أن نشدد على أمرين أساسيين. الأول، أن هذا النور مرتبط بالحياة. ففي الحديث عن الحياة لا نعني حياة الإنسان البيولوجية والعاطفية، بل تألّهه. مَن يرَ النور الإلهي ينتقل من ظلام النوس إلى الحياة التي هي استنارة وتألّه. بما أن النور الإلهي ليس أخلاقياً ولا رمزياً ولا مُدرَكاً للحواس، هذا يعني أن الظلام ليس أخلاقياً ولا رمزياً ولا مُدرَكاً للحواس، بل هو ظلام النوس أي موت عين النفس. ثانياً، لكي يُرى الله كنور، على الإنسان أن يكون في حالة روحية محددة وإلا فهو يراه كنار آكلة. يُختَبَر الله إمّا كنار تأسر النفس أو كنار تأكلها. في هذا تكمن رحلة الإنسان النسكية كاملةً.
لقد قلنا في البداية أيضاً أن عيد نصف الخمسين هو عيد حكمة الله الذي هو كلمة الله. وبدل أن نعالج النصوص التي تتكلّم عن المسيح كحكمة الله، علينا أن ننظر للحظة إلى كل الإشارة المعاصرة لموضوع الصوفيولوجي (علم الحكمة). يتكلّم الكتاب المقدّس، بعهديه القديم والجديد، عن حكمة الله. بعض المفكرين الروس الشباب، في محاولة لتفسير هذه النصوص، عزوا إلى الحكمة (Sophia) صفة غنوصية، ويمكن القول بأنها من مدرسة القول بوحدة الوجود (pantheistic). بولغاكوف هو مَن قام بأهم اجتهاد في هذه النظريات واستعمل نوعاً من اللغة الفلسفية-اللاهوتية والغنوصية. لم يماهِ الحكمة بالمسيح بل ماهاها بجوهر الله بشكل أساسي. فهو رأى أنّ الحكمة هي فكرة الله، اسم الله، المحبة، الأنثوية الخالدة… تماماً مثما تكلّم الصوفيولوجيون قبله. وفي كلامه بطريقة مجرّدة عن حكمة الله، اتُّهِم بأنّه يضيف شخصاً رابعاً إلى الثالوث القدوس، أي أنّه يضيف إلى الإله الثالوثي (الآب والابن والروح القدس) شخصاً رابعاً هو حكمة الله. إلى هذا، فالصوفيولوجيون السابقون، الذين تأثّر بهم، كانوا يصفون حكمة الله بطريقة شاعرية مثل “أنثى فائقة الجمال، محبة خالدة”… في ردّه على هذه التهمة ميّز بولغاكوف بين الأقنوم والصفة الأقنومية التي تشير إلى حكمة الله. وفي هذا أيضاً ارتكب خطأً كبيراً أيضاً.
في نظام بولغاكوف الصوفيولوجي، تتماهى حكمة الله أحياناً مع الله، أحياناً أخرى مع العلم، وأحياناً هي كائن وسيط بين الله والعالم. هذا يظهر مدى غياب الثقة في هذه الآراء. عندما تتماهى الحكمة مع العالم، يكون عندنا نوع من وحدة الوجود، وعندما تكون كائناً وسيطاً بين الله والعالم، يكون عندنا غنوصية، كونها تقود إلى نظرية خلق العالم من خلال دفق من الآلهة الوسيطة الصغيرة، ومن بينها كلمة الله.
لقد أدان سرجيوس بطريرك موسكو، ومعه مجمع الأساقفة الروسي، هذه الاراء. لا يمكن لهذه النظرية أن تقوم لأن كلمة “حكمة” إذا لم تُشِر إلى الفكر والتمييز وغيرها، فهي تُنسَب إلى ابن الله وكلمته، الذي هو الحكمة متشخصنة. إذاً إنها أقنوم محدّد يتوسّط بين الله والكون، وليست حالة مجردة، بل هي ابن الله وكلمته. إن حكمة الله هي أقنوم، إنها الشخص الثاني من الثالوث القدوس.
في المكان الأول، ثمّة تشديد قوي على حكمة غير مجردة بل حكمة تجلس عند الله: “هَبْ لي الحكمة الجالسة إلى عرشك” (حكمة 4:9). هذه الحكمة تجلس على عرش الله وتقدر على مساعدة الإنسان: “أرسِلْها من السماوات المقدّسة وابعثها من عرش مجدك لكي تقف إلى جانبي وتجدّ معي وأعلم ما المرضي لديك” (10:9). الحكمة تعرف كلّ شيء وتقود الإنسان إلى أعماله: “فإنّها تعلم وتفهم كلّ شيء فتكون لي في افعالي مرشداً فطيناً وبمجدها تحميني” (11:9). بهذه الحكمة خلق الله العالم. “مكوّن الإنسان بحكمتك” (2:9). حكمة الله المتشخصنة هي دائماً متّحدة بالله، تعرف إرادته، وتشاركه في خلق العام: “معك الحكمة العليمة بأعمالك والتي كانت حاضرة حين صنعتَ العالم” (9:9). وبالتأكيد، خلاص الإنسان يتحقق بها: “بالحكمة نلنا الخلاص” (19:9).
يظهر بوضوح من الدراسة المتأنّية لهذه النصوص التي أوردناها، أي صلاة سليمان إلى الله، أنّ حكمة الله هي شخص، مساعد لله، وكلمة الله. عند تفسير هذه المقاطع على أساس العهد الجديد، الذي فيه كشف الكلمة المتجسّد الحقيقة، يرى المرء الحقّ، الذي هو الحكمة متمثلة في شخص.
يتحدّث كتاب الأمثال عن حكمة الله، كلمة الله، التي بنت بيتها ودعّمته بسبع أعمدة. من ثمّ هيأت مائدة وذبحت ذبحها وسكبت خمرها في جرّة. من ثمّ دعت كثيرين من أتباعها إلى هذه المائدة العظيمة قائلة: “هَلُمُّوا كُلُوا مِنْ طَعَامِي، وَاشْرَبُوا مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي مَزَجْتُهَا.” (حكمة 1:9-6). في هذا المقطع نبوءة عن حكمة الله الذي هو ابن الله وكلمته، عن اتخاذه جسداً وتقديسه، تأسيس الكنيسة التي فيها الأسرار، وبالحقيقة فوق كل هذا، سر الإفخارستيا المقدسة. مَن يشترك في هذه المائدة يأكل جسد أسرة الحكمة ويشرب دمها، أي أنه يتّحد بكلمة الله الأقنومية.
في تفسير هذه المقاطع التي تشير إلى حكمة الله، يعلّم آباء الكنيسة أنّها بوضوح تدور حول المسيح. لن أورِد كل المقاطع، بل الأكثر دلالة منها فقط.
رداً على آريوس، الذي قال أن المسيح كان خليقة الله وتقدّم مع مرور الزمن في الحكمة والنعمة، قال القديس أثناسيوس الكبير أنّه ليس هناك تقدّم في اللوغوس ولا الجسد الذي اتخذه المسيح كان الحكمة، بل كان جسد الحكمة. لهذا يقول أن الحكمة لم تتكمّل لأنها الحكمة، بل الجسد البشري صار كاملاً في الحكمة. هذا يرتبط بما قلناه في مكان آخر بأن الحكمة التي في المسيح استبانَت مع التقدّم في عمره الجسدي. وعند نقطة أخرى، يقول بطل الأرثوذكسية العظيم، القديس أثناسيوس الكبير، أنّ ابن الله هو كلمة الله وهو الحكمة. إنّه التعقّل والإرادة الحيّة، وفيه إرادة الآب، هو حق الآب ونوره وقدرته. في تفسيره كلمات الأمثال “الحكمة بنت لنفسها بيتاً”، يقول أنّ هذه تشير أيضاً إلى المسيحيين الذين يصبحون هياكلاً للروح القدس. أخيراً، في كتابته ضد أريوس الذي شدّد على مخلوقيّة كمة الله، يشير القديس أثناسيوس مرات عديدة إلى أقوال الرسول بولس بأن المسيح هو حكمة الله المتجسدة.
يستعمل القديس باسيليوس الكبير، في جهاده ضد أفنوميوس، القول الرسولي بأن المسيح هو حكمة الله، فيقول أن هذه الجملة تعني أن كل قوة الآب تكمن في المسيح، وبالتالي كلّ ما يفعله الآب يفعله الابن بالطريقة نفسها.
يفسّر الآباء المقاطع الصوفيولوجية في الكتاب ضمن هذا المنظور. يتحدّث القديس كيرللس الأورشليمي عن “حكمة الله وقوته وبرّه المتجسّد”. يقول القديس أبيفانيوس: “حكمة الآب هو كلمة الله المتجسّد”. في إشارته إلى العذراء، يقول القديس يوحنا الدمشقي “والكلمة المتجسّد وحكمة الله، ابن الله، ظلّلها”. وفي إشارة إلى والدة الإله، يقول صوفرونيوس الأورشليمي “التي وحدها حملت حكمة الله المتجسّد في بطنها”. ولديديموس الأعمى قولٌٌ مهمّ في أنّه “يستحيل اقتناء النور إلاّ من النور، كذلك أيضاً يستحيل اقتناء الحكمة إلاّ من الحكيم، أي الابن من الآب”.
هذه الأمور ليست صوفيولوجيا مجردة تدور حول حكمة مجهولة، ولا هي حتى شيء يشير إلى قوة الله، بل حكمة الله المتجدة أي ابن الله وكلمته. في العهد القديم نبوءات عن تجسد الكلمة غير المتجسّد، وفي العهد الجديد امتداح له وتمجيد وحياة.
ب
إن كلمة الله هي قوته غير المخلوقة التي تطهّر وتنير وتقدّس الإنسان وبها يخلق الله العالم كله ويصونه. يقول المزمور “بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ” (مزمور 6:33). بالفعل، نحن لا نجهل أننا عندما نتكلّم عن كلمة الله (بمعنى قوله) نحن نعني أمرين، قوته غير المخلوقة، الكلمات والمعاني غير المنطوق بها، والثاني هو نقل الخبرة الإعلانية من خلال التعليم. في كل كلمة بشرية قوة مخبأة لأنها تعبّر عن الخبرة والمعرفة والقدرات الخاصة بكل شخص. هذا صحيح بالأكثر مع كلمة الله. كلمات المسيح نقلت، وما زالت تنقل، قوته غير المخلوقة. المسيح نفسه قال أن مَن يحفظ وصاياه يحبه الآب “وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً” (يوحنا 21:14-23). يقول القديس مكسيموس المعترف شارحاً هذه النقطة أن كلمة الله نفسه حاضر سرياً في كل وصية يعطيها. لكنّه معروف أن كلمة الله لا ينفصل عن الآب والروح القدس. لهذا مَن يحفظ كلمة المسيح يحصل على الثالوث في داخله ويشارك فيه سرياً.
إذاً، تعاليم المسيح هي “كلمات الحياة الأبدية” (يوحنا 68:6)، وليست مجرد تعليم. الكلمة غير المتجسد أعطى الكلمة لأنبياء العهد القديم ولهذا هو مألوف قولهم “هكذا قال الرب”. من ناحية ثانية، لا يتكلّم المسيح بهذه الطريقة بل يقول “أمّا انا فأقول”. وعندما تجد هذه الكلمة تربة ملائمة تثمر. المسيح كشف إرادة الآب. فكما أن للبذرة إمكانية وقدرة عظيمتين لأن ينبت منها شجرة ضخمة، كذلك لكلمة الله إمكانية وقدرة عظيمتين. إلى هذا، يوجد فرق بين القوة المخلوقة والقوة غير المخلوقة. يخبرنا القديس مكاريوس أن كلمة الله ليست كسولة “بل لديها عمل حين تصبح في التربة”. لهذا مَن يسمع كلمة المسيح “ينير المسيح طريقه”، بحسب القديس ثالاسيوس. إن الصفة النفّاذة لكلمة الله تعود لكونها بالتحديد قوته غير المخلوقة، وهذا يظهر في مقطع مدهش من عند الرسول بولس: “لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا” (عبرانيين 12:4-13). لا يمكن شرح هذا المقطع إلا بربطه بكلمة الله وقوته.
السؤال هو لماذا لا تعمل كلمة الله في كل الناس بالطريقة ذاتها. هذا يرتبط بأن النعمة الإلهية تعمل في الناس بشكل مختلف بحسب الحالة الروحية لكل منهم. يقول القديس مكسيموس بأن هنا أيضاً شيء مماثل لما هو الماء الحقيقي للنباتات والحيوانات. يدخل الماء في كل ما عنده حياة لكنه يؤدي إلى نتائج مختلفة. لكل شجرة ونبتة ثمرتها الخاصة، حلاوتها، مرارتها، حموضتها، مع أنها جميعاً تلقت الماء نفسه. هذا يتوقّف على تركيبة كل نبات. وهكذا تعمل الكلمة الإلهية وتظهر بما يتناسب مع نوعية فضيلة كل شخص ومعرفته، أي عملياً ومعرفياً. إذا كان المرء دنساً، تطهره كلمة الله، إذا كان في طور الاستنارة أو التألّه، تنيره وتؤلهه. هذا يفسّر معنى أن البعض يخلصون لسماعهم كلمة الله فيما يُدان آخرون.
تقدّم لنا الأمثال مثالاً مميزاً عن هذه الظاهرة. لم يتكلّم المسيح بأمثال لكي يجعل كلامه أكثر وضوحاً، بل بالضبط لكي يحجب الحقائق العظيمة، أي أن الانطباع بأن المسيح كان يتكلّم ببساطة لكي يفهم بسطاء زمانه ليس صحيحاً. عندما أورد المسيح مثل البذار، لم يفهم اليهود معنى المثل ومحتواه العميق. وعندما اقترب التلاميذ ليسألوه معنى هذا المثل قال لهم: “لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ.” (لوقا 9:8-10). يبدو واضحاً أن الصور في الأمثال استُعملَت لتخفي معاني الأمثال التي كانت تُشرَح للتلاميذ المهيئين لها.
القديس ثيوفلكتوس، في تفسيره لهذه النقطة، يقول أن التلاميذ كانوا مستحقين لمعرفة أسرار ملكوت السماوات، بينما الآخرون كانوا يُخبَّرون “على نحو غامض”، حتى إذا ما رأوا وسمعوا لا يستوعبون المعنى. لكن المسيح فعل هذا ليس من باب الانتقائية، بل من باب المحبة والعناية. فلأنه كان يعرف أنهم سوف يزدرون أسرار الملكوت بعد أن يعرفوها، فقد أخفاها “حتى لا تزيد دينونتهم”. إذاً نرى من مثل البذار أن البعض، مثل الجموع، يسمعون كلمة الله في الأمثال، وآخرون، مثل التلاميذ، يعرفون أسرار ملكوت الله، وغيرهم، مثل التلاميذ الثلاثة الذين صعدوا على طور ثابور، يرون المسيح المتجلّي. يتوقّف الأمر على حالة المستمعين الروحية.
La Palabra de Dios viene como mandamientos para la salvación del hombre. Existe la impresión de que los mandamientos de Dios son construcciones legales que limitan la libertad humana. Pero después de todo lo que hemos visto acerca de la Palabra de Dios, que es poder divino, parece que los mandamientos sanan al hombre y le dan salud. Cristo, que es el primer modelo de la creación humana, sabe cómo fue creado y a qué estado lo llevó el pecado. Generalmente no nos damos cuenta de este estado, precisamente porque no conocemos nuestra imagen original, es decir, cómo era Adán en el Paraíso. Por eso dice San Gregorio del Sinaí que si no supiéramos cómo nos creó Dios, no podríamos entender cómo el pecado nos destruyó. A través de los mandamientos de Cristo, dados en el Antiguo y el Nuevo Testamento, se espera que el hombre sea restaurado a su estado anterior y conducido hacia arriba.
Así, los mandamientos de Dios suponen que una persona está enferma y, a partir del conocimiento del funcionamiento del ser humano, le ayudan a pasar de la enfermedad a la salud. También aquí es similar a cuando el médico nos da mandamientos, ya que no despojan a la persona de su libertad, sino que la desarrollan y desarrollan. ¿Qué libertad para el paciente? La enfermedad de su cuerpo limita todas sus libertades y movimientos. San Juan Damasceno enseña que solemos pensar que guardamos los mandamientos de Dios y que ellos nos limitan, pero en realidad los mandamientos nos protegen. Quien guarda los mandamientos de Dios no los guarda. Además, los mandamientos no necesitan ser guardados, sino que es preservado y protegido de enemigos visibles e invisibles que conspiran contra la vida de nuestras almas y cuerpos. Por tanto, quien guarda los mandamientos no sólo es preservado por la gracia de Dios, sino que al mismo tiempo no pierde las riquezas que Dios le ha confiado.
La enseñanza de Cristo, como mencionamos, es poder de Dios, y más que eso es poder que sana al hombre. Entonces, estudiamos la Palabra de Dios contenida en la Santa Biblia, y por eso la Iglesia lee los Evangelios y las Epístolas en la Divina Misa, así como los textos del Antiguo Testamento se leen en la Vigilia y otros servicios. El Sermón de la Montaña de Cristo, Sus palabras antes y después de cada milagro, todos los mandamientos que Él mismo dio a los discípulos y apóstoles, las palabras de los discípulos y de los santos padres, son todos maravillosos porque Cristo habló a través de ellos.
ثمّة تمييز في الأناجيل بين العلامات والمعجزات. المعجزة الحقيقية هي غفران الخطايا، لأن لا أحد غير المسيح يستطيع ذلك. كما يقول القديس يوحنا الدمشقي، ما من أحد من بطاركة العهد القديم وأبراره، بمعزل عن شركتهم مع الله والنعمة الخاصة التي كانت لهم، استطاع أن يغفر الخطايا. هذا عمل المسيح لأنّه الإله الحقيقي. لهذا، إن غفران الخطايا هو المعجزة العظمى التي تثير الإعجاب. من ناحية ثانية، بما أن اليهود شكّوا في هذه الإمكانية، فقد أتمّ العلامة بعد الغفران، فشفى الجسد ليؤكّد أنّه قادر على شفاء صحة النفس. يظهر هذا بوضوح في معجزة المخلّع، أولاً غفر خطاياه وعندما شكّك اليهود بهذا شفى الجسد “«وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ:«قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ!»” (متى 6:9).
لم يأتِ المسيح إلى العالم ليتمّ العجائب مع أنّه تأثّر بألم الناس وتشوشهم، لكنّه أتّمها لكي يفهم اليهود أنّه أتى ليخلّصهم من الخطيئة والموت والشيطان. لم يأتِ المسيح ليشفي أجسادهم فقط بل ليرعى أنفسهم إلى الفلسفة. الفرق بين شفاء النفس وشفاء الجسد هو على نفس القدر من الأهمية كالفرق بين النفس والجسد. لكن شفاء النفس هو الأعظم والأكثر غموضاً، فيما شفاء الجسد أكثر جلاءً وظهوراً. لهذا يقوم المسيح بما هو جلي وواضح، أي العجائب، لكي يبرهن ما هو أكثر عظمة وأقلّ ظهوراً، أي غفران الخطايا وخلاص الإنسان (القديس يوحنا الذهبي الفم).
في حالات شفاء الأرواح النجسة، كان المسيح أكثر اهتماماً بإفهام اليهود، من جهة بوجود الأرواح الشريرة، ومن جهة أخرى بأنّ سلطانه هو أقوى من هذه الأرواح. بحسب القديس غريغوريوس بالاماس، يخرج المسيح الأرواح من الممسوسين لكي نفهم أنّه هو الذي يخرج الشياطين ويمنحنا الحرية الأبدية. لهذا نصح القديس يوحنا الذهبي الفم: “لا تطلبوا العلامات بل خلاص النفوس”. ومن ناحية أخرى، غالباً ما يكون في العلامات شبهة التخيّل، أي قد يتمّ تفسيرها بطريقة مختلفة، ويمكن للشياطين أيضاً أن تنجز عجائب بتدبير إلهي، لكنها مختلفة عن تلك المتلازمة مع الحياة الطاهرة التي تسكِت كل الذين يرون الإنسان الموسوم بالفضيلة. لهذا السبب أيضاً، العلامات وأشفية الجسد هي لغير المؤمنين وليست للمؤمنين (القديس يوحنا الذهبي الفم).
تظهر العلاقة بين تعليم المسيح وعجائبه في الكثير من العلامات. لقد شفى العمى ومن ثمّ أعلن أنّه نور العالم. لقد أشبع خمسة آلاف بخمس أرغفة وسمكتين ومن ثمّ أعلن أنّه الخبز النازل من السماء، فيما كان يتحدّث فعلياً عن الإفخارستيا المقدسة. لقد ظهر للمرأة السامرية وفي الوقت نفسه كشف أنّه الماء الحي. أقام لعازر والآخرَين، ابنة ياييرس وابن أرملة نايين، وأعلن أنّه القيامة والحياة. يمكننا إيجاد هذه الصلات والارتباطات من بداية الأناجيل إلى نهايتها. يلاحظ القديس يوحنا الذهبي الفم أن المسيح لم بثبت على واحد فقط من التعليم أو إنجاز المعجزات بل كان يستعمل هذا أو ذاك ليقدّم الخلاص. وهكذا، في بعض الأحيان أراد أن يظهر كمعلّم ذي سلطان بالعلامات التي أنجزها، وفي أحيان أخرى أراد من خلال تعليمه أن يزيد فائدة العلامات التي أنجزها. وهكذا فإن لعجائبه كما لتعليمه الصفة الخلاصية. يرى القديس نيقولا كاباسيلاس في الصلوات الليتورجية نبالة آلام المسيح التي من خلالها تحقق خلاص البشر. نحن نعرف أن في الأنافورا الجملة التالية: “ذاكرين أوامر الخلاص وكل الأمور التي صارت لنا: الصليب والقبر والقيامة في اليوم الثالث والصعود إلى السماوات والجلوس عن الميامن والمجيء الثاني المجيد…” نحن نرى هنا أن الآلام والصليب والقيامة والصعود والمجيء الثاني التي نتذكّرها ليست العجائب. يقول نيقولا كاباسيلاس أننا في هذا لا نتذكّر المعجزات، لأن الآلام والصليب أكثر أهمية منها لأنها أعمال الخلاص التي بدونها لم يكن الإنسان ليقوم، بينما المعجزات هي مجرد دلالات على الخلاص وليست منتِجَة له ما يعني أن اليهود كانوا قادرين أن يؤمنوا بأن المسيح كان المخلّص الذي انتظروه.
Anteriormente hablamos de la Palabra de Dios, es decir, el poder increado de Dios, y también de la relación entre la Palabra de Dios y los milagros. Ahora tenemos que mencionar algunas cosas sobre los milagros que Cristo realizó, es decir, estudiar su valor y carácter teológico.
Algunas personas ven que los milagros son una exclusión de la ley natural. Es decir, creen que cuando Dios creó el mundo, puso leyes naturales en Su creación, y cuando se realizan milagros, estas leyes quedan suspendidas. Este punto de vista es teológicamente incorrecto. Primero, debemos mencionar que los Padres de la Iglesia tienen dos doctrinas básicas sobre la creación del mundo y la relación de Dios con él. La primera es que Dios creó el mundo de la nada, y la primera es que Él lo dirige no por medios creados sino por Su poder increado. Esto significa que no existen leyes naturales que gobiernen la creación, lo que significa que Dios no creó el mundo y lo dejó a su suerte, sino que lo administra personalmente con su poder increado, cohesivo y solidario. No hay leyes naturales en la creación, pero sí leyes espirituales, que son poder divino. Si no vemos las cosas desde esta perspectiva, alejamos a Dios del mundo o atribuimos la necesidad a Dios.
Cristo siempre enfatizó que el Padre Celestial está obrando, que Él alimenta a las aves del cielo y viste la tierra (Mateo 6:26-28), y que Él se preocupa por todo. Cuando hay algunas cosas que se repiten de manera natural, esto no se debe a una ley natural, sino al mérito del poder divino, es decir, Dios quiere actuar siempre de la misma manera. Por lo tanto, los milagros no son una violación de las leyes naturales, como si Dios dudara de sí mismo, sino que, si bien Él siempre obra de una manera, en un momento determinado, realiza el milagro de otra manera. Se trata de la intervención personal de Dios en el mundo, como lo hace siempre, cada vez de manera diferente. Sin embargo, al hablar de los milagros de Cristo y los asociados con él, debemos señalar dos puntos.
La primera es que, siendo Cristo plenamente humano y plenamente Dios, y la naturaleza humana que asumió de la Virgen fue santificada desde el momento de su primera concepción, Él siempre es capaz de realizar milagros, incluso desde el nacimiento. Pero se suponía que no debía hacer milagros a una edad temprana para que no pensaran que no era humano. Por eso hubo embarazo por un período de nueve meses, parto, lactancia y un paso tranquilo del tiempo, y Él esperó hasta la edad apropiada para comenzar Su obra entre los hombres. Todo esto lo hizo para que se aceptara el secreto de la gestión (San Juan Crisóstomo).
El segundo punto es que los milagros realizados por los santos son fuerzas de la gracia divina que actúan a través de ellos. Los santos son moradas del Dios Trino y Dios obra milagros a través de ellos. Hay personas que creen que el don de hacer milagros es el más bendito, pero no saben que hay muchos dones mayores que se encuentran escondidos. Al estar oculta, permanece libre de error (San Juan de la Escalera). La renovación, la purificación, la iluminación, la deificación y la contemplación de la luz y la divinidad increadas como un don de la gracia son superiores a la gracia de realizar milagros. Aquí sucede lo mismo que con Cristo el milagro o señal es la confirmación de que él es el Salvador de la humanidad, y también la gracia de realizar milagros en las personas es la prueba de que son morada del Dios Trino. Por ello, consideramos las reliquias que rezuman bondad y realizan milagros como prueba de la santidad de su dueño. Lo malo es que en nuestros días carecemos de los estándares de santidad y por eso consideramos a todo ser humano un santo. El fariseo era un buen hombre, pero la gracia de Dios no estaba en él.
بما أننا نتناول في هذا الفصل بشكل محدد أن ابن الله وكلمته هو حكمة الله، فسوف نلخّص ما يقوله القديس غريغوريوس النيصصي عن هذا الاسم بشكل محدد. خلق الله كل المخلوقات. وبما أن الكلمة هو حكمة وقوة، فالحكمة مرتبطة بالقوة. لو لم يكن الحكمة قد صوّر الخليقة، ولو لم تكن القوة التي بها تحوّلت الأفكار إلى أعمال قد تبعت الحكمة، لَما كانت عندنا في الطبيعة هذه العجائب العظيمة التي لا تُوصَف. وهكذا، عندما نرى أهمية تركيبة الأشياء المخلوقة نفهم قوة الكلمة التي لا تُوصَف وعندما نفكّر في خلق الكائنات من العدم فسوف نخرّ أمام حكمة الخالق الغامضة.
إن الإيمان بأن المسيح هو حكمة وقوة يساعدنا على بلوغ الصلاح. إذ إن ما يستحضره أي كان في صلاته وما يراه بأعين نفسه، يحصل عليه بالصلاة. فعندما يتطلّع إلى المسيح كقوة يبلغ إلى قوة أعظم في عالمه الداخلي، ومَن يستحضر حكمة الله يصبح حكيماً. ما يعنيه القديس غريغوريوس بهذا هو أن كلّ مَن يصلّي إلى المسيح على أنّه حكمة الله وقوته يشترك مع الله بإسم مشترك، أي أنّه يصبح قوياً وحكيماً ويبلغ كمال الحياة لأنّه بالحكمة يختار الصلاح وبالقوة ينجح في خياره.
إذاً ضروري جداً أن نصلّي إلى المسيح بأسماء مختلفة، ولكن أن نسعى إلى التمثّل بالمسيح في ما تعنيه الأسماء، إذ بهذه الطريقة أي بالمشاركة نبلغ ماهية الله بالجوهر. وطالما أن أسماء المسيح هي قواه، يعني أننا بالصلاة إليه بالأسماء نحصل على قواه.
إن كمال الحياة المسيحية هو التمثّل بالمسيح. وبالتأكيد، في الحديث عن التمثّل لا نعني الانسجام الخارجي مع حياة المسيح الأرضية، بل الاشتراك في قوى المسيح، المشاركة والاتحاد معه. القديس غريغوريوس النيصصي، محللاً ماهيّة الكمال، يقول أنّنا مُطالَبون بتمييز أنفسنا في حياتنا بواسطة أسماء المسيح. ينبغي بنا تلخيص هذه الفكرة من عند القديس غريغوريوس النيصصي لأنها معبّرة إلى حد بعيد.
اتّخذ الشخص الثاني من الثالوث الإلهي اسم المسيح عند تجسّده. وكوننا مدعوين مسيحيين، هو يمنحنا أن نشترك في اسمه الموقّر من خلال المحبة والإحسان اللذين يظهرهما للجنس البشري. وهكذا، بالرغم من أنّ لكل منّا ميّزات مختلفة، كالثراء والغنى والنبل والشرف والفقر والشهرة والمسؤولية وغيرها، إلاّ إن الكلّ يُسمّون مسيحيين. فقبل كل شيء نحن مدعوون مسيحيين، وقد أُعطينا هذه الهبة العظيم بأن نتّخذ اسم المسيح. علينا أولاً أن نعترف بعظمة الهبة التي حصلنا عليها وأن نشكر الله، ومن ثمّ نظهر بحياتنا أننا على المستوى الذي يطلبه منّا هذا الاسم العظيم.
وللمسيح، كما ذكرنا سابقاً، أسماء عديدة. لكن بما أنّه قد بارك تسميتنا مسيحيين فعلينا أنّ نحقق وجود كل هذه الأسماء في ذواتنا التي تفسّر هذا الاسم، حتى لا يكون اسم المسيح مستعاراً. فعلى الإنسان أن يكون رجلاً ومن ثمّ يتقبّل تسمية طبيعته. إذا وجدنا اسم الإنسان على شجرة أو صخرة، فهذا لن يجعلها إنساناً. شيء واحد يشابه الإنسان، كتمثال له، وهو الإنسان. الطبيعة البشرية وحدها هي ما يظهر التسمية الحقيقية. لهذا كلّ الذين يسمّون أنفسهم باسم المسيح، أي مسيحيين، عليهم أولاً أن يكونوا ما يتطلبه هذا الاسم ومن ثمّ فليتّخذوا الاسم. ينبغي أن تلمع في حياة المسيحي كل الأسماء التي تعبّر وتفسّر معنى اسمه: القوة، الحكمة، السلام، الافتداء وغيرها…
يوجد بعض الذين يخلقون مسوخاً بجمعهم كائن واحد من عناصر مختلفة متغايرة الخواص، كمثل المسخ ذي الرأسين والرجل الحصان وغيرها. كذلك الإنسان لا يمكن أن يُسمّى مسيحياً إذا كان جيّداً في كل شيء إلا أنّه ذو رأس غير عاقل لأنّه لا يضع إيمانه في رؤوس الجميع أي الكلمة. كذلك ليس مسيحياً مَن لا يتلاءم جسده مع رأسه إذ يؤمن بالمسيح لكنّه يعكس في جسده غضب التنانين وغيظ الزواحف، أو يضمّ إلى الطبيعة البشرية شهوانية غير عقلانية، وهكذا يصبح مزدوج التركيب، أي من عناصر عاقلة وأخرى غير عاقلة. المسيح هو عضو في جسد المسيح وعليه أن يماثل الرأس، الذي هو المسيح، ويكون مرتبطاً به. ولكي يُعرَف الإنسان أنّه مسيحي، يجب أن توسَم طريقة حياته بميزات الفضائل المعروفة باسم المسيح. لهذا، فالذين دعاهم المسيح إلى الشركة معه وقبلوا هذه العطية العظيمة بقبول اسمه وأن يُسَمّوا مسيحيين، عليهم دائماً أن يفحصوا أفكارهم وأقوالهم وأفعالهم، ليروا إذا كانوا مرتبطين بالمسيح أو متغرّبين عنه. يختم القديس غريغوريوس النيصصي بقوله أنّ كمال الحياة المسيحية يكمن في الشخص الذي يشترك في كل الأمور التي يعنيها اسم المسيح بروحه وأقواله وأفعاله في حياته.
ليست الطبيعة المسيحية مجرّد عطية من النعمة بل هي أيضاً جهاد نسكي. على الأكيد، المسيح أعطانا هذه الهبة لكن علينا أن نكون على مستواها. كل الذين ينضمّون إلى المسيح يصبحون مسحاء الرب، أي مسيحيين حقيقيين. المسيح هو حكمة الله الحقيقية والمتجسدة. بتجسده، وتضحيته على الصليب وقيامته أعطى كل إنسان إمكانية الاتّحاد به وبلوغ الحكمة الروحية. بحسب الرسول يعقوب أخي الرب، هناك حكمتان: “الحكمة التي من العلاء”، الطاهرة السلامية اللطيفة، الراغبة في العطاء، المملوءة من الرحمة والثمار الصالحة، التي بلا محاباة ولا رياء. أمّا الحكمة الثانية فهي الأرضية الحسية والشيطانية (يعقوب 15:3-18). هاتان الحكمتان يحللهما أيضاً القديس غريغوريوس بالاماس في أعماله، لأنها تظهر اختلاف اللاهوت عن الفلسفة والمعرفة التي يمنحها الله من خلال المعرفة البشرية المخلوقة.
بحسب القديس غريغوريوس اللاهوتي، الحكمة هي ثمرة الحياة الفاضلة المتطهرة أمام الله. الله أكثر طهارة وصفاءً، وهو يطلب الطهارة كتضحية فريدة. إذاً الحكمة الأولى هي في تخطي الحكمة التي في المنطق، وأقوال حدة الذهن، والفروقات الخدّاعة غير الضرورية. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أنّه يفضّل حكمة التلاميذ المتواضعين الذين أخذوا الروح القدس وأسروا العالم ضد حكمة حكماء العالم. فمَن يكون حكيماً بالأقوال وذا لسان بليغ فيما نفسه غير مستقرة وغير مثقّفة، فهو ليس حكيماً، بل مثل القبور الجميلة من الخارج فيما هي مملوءة بأجساد الموتى. الحكيم هو الذي يتحدث عن الفضيلة لكنّه يقوم أيضاً بأعمال كثيرة ويثبّت بحياته جدارة كلمته بالاعتماد.
ينبغي أن نكون أصحاب ميل للامتلاء من الحكمة بحكمة الله المتجسد أي المسيح.
تعريب الأب أنطوان ملكي
Citado de: Revista de herencia ortodoxa