قايين وهابيل:
17 – طُرد آدم من الفردوس وكذلك امرأته حواء، فأتت عليهما أحزان ومصاعب، وحياتهما في هذا العالم سادها حزن شديد وتطلبت عملاً شاقاً. حقيقةً، لقد أفلح آدم الأرض تحت أشعة الشمس، ولكنها أنبتت له شوكاً وحسكاً كعقاب للخطية. بعد ذلك نقرأ ” وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت اقتنيت رجلاً من عند الرب. ثم عادت فولدت هابيل”(63). لكن الملاك المتمرد (الشيطان)، الذي قاد الإنسان إلى العصيان وجعله خاطئاً وكان هو سبب طرده من الفردوس، لم يكتفِ بهذا الشر الأول، إذ ملأ روح الشر قايين وجعله يقتل أخيه. هكذا مات هابيل، مقتولاً من أخيه، وهذه إشارة بأنه منذ ذلك الوقت فإن بعض الناس سوف يُضطهدون ويُقهرون ويُقتلون، بينما الظالمون سوف يطردون ويقتلون الأبرار(64). عندئذٍ غضب الله ولعن قايين ونتيجة لهذا، صارت قبيلته من جيل إلى جيل مثل أبيهم (يقصد صاروا قتلة مثل أبيهم قايين). وعوضاً عن هابيل المقتول أعطى الله ابناً آخر إلى آدم(65).
تكاثر الشر:
18 – واتسع الشر وانتشر(66) بلا انقطاع حتى سيطر على كل الجنس البشري، لدرجة أنه لم يبقِ إلاّ القليل جداً من الأبرار بينهم. حقيقةً صار هناك زيجات مخالفة على الأرض، ملائكة صنعوا علاقات زيجة مع بنات الناس وانجبوا منهم أبناء، الذين بسبب قامتهم غير المعتادة (في الطول) دُعوا جبابرة(67). والملائكة أعطوا لزوجاتهم دروساً للشر، لأنهم علّموهم عن كيفية استخدام الجذور والأعشاب في أعمال السحر، واستخدام الألوان وتزيين الوجوه، واكتشاف طريقة البحث عن الكنوز، والسحر، والكراهية، والزنى، والشهوات، والإبداعات الشريرة، وأسرار السحر، وكل أنواع التنجيم وعبادة الأوثان، التي هي عداوة لله. كل هذا تفاقم داخل العالم فتزايد تيار الشر بينما البر كان يتناقص.
نوح والطوفان:
19- بعد عشرة قرون من خلق الإنسان الأول أرسل الله الطوفان لكي يعاقب العالم، لأنه لم يجد إلاّ باراً واحداً فقط هو نوح(68). وبسبب بره خلّصه مع امرأته وثلاثة من أبنائه وزوجاتهم الثلاثة(69). وأغلق عليهم داخل الفلك مع كل الحيوانات التي أراها الله لنوح لكي تدخل معه. وعندما سقط هذا السوط المدمر على كل البشر والحيوانات التي وُجدت على الأرض، فإن بذرة الحياة حُفظت في الفلك. وبواسطة الثلاثة أبناء سام وحام ويافث، تكاثر الجنس البشري من جديد ومنهم أخذ البشر بدايتهم بعد الطوفان.
لعنة حام:
20 – أحد الثلاثة وقع تحت اللعنة بينما الاثنين الآخرين نالوا بركة بسبب أعمالهم. فالأصغر منهم المدعو حام أهان أبيه(70) وبسبب السلوك المشين تجاه أبيه أُدين لعدم تقواه واستحق اللعنة التي انتقلت إلى أحفاده، وهؤلاء كانوا يزدادون لعنة كلما انغمسوا في الخطية. وعلى العكس، فإن سام ويافث أخواه بسبب تقواهما كابنين وفيّين تجاه أبيهما أخذا بركة عظيمة. وكانت لعنة الأب نوح الموجهة إلى حام كالآتي: ” فقال ملعون كنعان. عبد العبيد يكون لإخوته”(71). فكان له أبناء وأحفاد كثيرون على الأرض، حتى أربعة عشر جيلاً في منطقتهم، حتى عاقبهم الله وأدانهم. فالكنعانيون والحثيون والفرزيون والحوريون والأموريون واليبوسيون، والجرجاسيون والسدوميون، والعرب والساكنون في فينيقية، والمصريون واللوديميون انحدروا من قبيلة حام(72)، كل هؤلاء وقعت عليهم لعنة الله التي استمرت لمدة طويلة على غير الأنقياء.
البركة لسام ويافث:
21 – وكما أن اللعنة تعاقبت على هذه الأجيال الشريرة هكذا أيضاً استمرت البركة للأحفاد المُباركين، كل واحد بدوره. سام، الأول منهم نال بركة بالكلمات الآتية: ” مبارك الرب إله سام وليكن كنعان عبداً له”(73). نتيجة هذه البركة صار سام يعبد الله سيد الكل. هذه البركة الممتدة ازدهرت حين وصلت إلى إبراهيم، الحفيد المطيع لسام في الجيل العاشر. ولذلك فإن الله أبو الجميع قَبِل أن يُدعى ” إله إبراهيم واسحق ويعقوب”(74)، لأن بركة سام امتدت واتسعت ووصلت حتى إبراهيم. بالنسبة لبركة يافث كانت هكذا: ” ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام وليكن كنعان عبداً لهم”(75). وقد حقق الرب هذه البركة في نهاية الأزمنة، إذ امتدت دعوته حتى الأمم بظهور الرب حسب المكتوب: ” في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة كلماتهم”(76). ليفتح الله ليافث يعني دعوة الأمم أي الكنيسة، وعبارة ” فيسكن في مساكن سام” تعني أن يسكن (الأمم) في إرث البطاركة في المسيح يسوع، ويحصلون على حقوق البكورية. هكذا كل واحد نال البركة بنفس الترتيب إذ قَبِل بواسطة أحفاده ثمار البركة(77).
العهد مع نوح:
22 – قطع الله عهداً بعد الطوفان مع كل الكون خاصةً الحيوانات والبشر ووعد بأنه سوف لا يدمر بالطوفان كل قائم على وجه الأرض مرة أخرى، وأعطاهم علامة: ” فيكون متى أنشر سحاباً على الأرض ويظهر القوس في السحاب. أنى أذكر ميثاقي الذي بيني وبينكم وبين كل نفس حية في كل جسد. فلا تكون أيضاً المياه طوفاناً لتهلك كل ذي جسد”(78). ثم غيّر غذاء البشر، إذ سمح بأكل اللحم، إذ أنه منذ خلق آدم حتى الطوفان تغذى البشر فقط بالخضروات وثمار الأشجار، ولم يكن مسموحاً لهم بأكل اللحم. ولأن الأبناء الثلاثة لنوح يمثلون جذور الجنس البشري، باركهم الله قائلاً: ” وبارك الله نوحاً وبنيه وقال لهم اثمروا واكثروا واملأوا الأرض. ولتكن خشيتكم ورهبتكم على كل حيوانات الأرض وكل طيور السماء مع كل ما يدب على الأرض وكل أسماك البحر قد دُفعت إلى أيديكم. كل دابة حية تكون لكم طعاماً. كالعشب الأخضر دُفعت إليكم الجميع. غير أن لحماً بحياته دمه لا تأكلوه. واطلب أنا دمكم لأنفسكم فقط. من يد كل حيوان أطلبه. ومن يد الإنسان أطلب نفس الإنسان. من يد الإنسان أخيه. سافك دم الإنسان بالإنسان يُسفك دمه. لأن الله على صورته عمل الإنسان”(79). صورة الله هي الابن(80)، والذي على صورته خُلِق الإنسان. لذلك ظهر الابن في الأيام الأخيرة(81) لكي يجعل الإنسان، الذي خُلِق على صورته، مشابهاً له(82). تكاثر الجنس البشري المنحدر من الثلاثة أبناء بعد الطوفان، وكانت الأرض لها شفاه واحدة أي لساناً واحداً(83).
برج بابل:
23- ارتحل البشر وابتعدوا من أرض المشرق ووصلوا إلى بقعة في أرض شنعار(84). هناك شرعوا في بناء برج، وكان قصدهم أن يرتفعوا بواسطته حتى السماء، تاركين هكذا هذا البرج إلى الأجيال الآتية نصباً تذكارياً دائماً لهم(85). وعملوا البناء من اللبِن والحُمِر. ومما زاد تهورهم وجرأتهم أنه كان لهم فكر واحد وإرادة واحدة وساعدتهم وحدة اللغة أن يحققوا ما قصدوه. لكن الله إذ لم يَرِد أن يستمر هذا العمل، فإنه بلبل ألسنتهم(86)، بطريقة لا تُمكِّن الواحد من أن يفهم الآخر. هكذا انفصل الواحد عن الآخر وتبدَّدوا على كل وجه الأرض مرتحلين لينزلوا في أماكن مختلفة. وسكنوا في مجموعات حسب لغة كل مجموعة، ومن هنا صارت شعوب كثيرة ولغات مختلفة على الأرض. ثلاث قبائل (أجناس) من البشر سكنوا الأرض: واحدة منها حلّت عليها اللعنة، والاثنين الآخرين نالتا البركة، أعطيت البركة أولاً لسام الذي سكن أحفاده في الشرق وامتلكوا أرض الكلدانيين.
إبراهيم واسحق ويعقوب:
24 – بعد مرور سنين كثيرة، في الجيل العاشر بعد الطوفان، أراد إبراهيم أن يعلم ما سوف يعود عليه من تحقيق النبوة المعطاة إلى جده، متشوقاً لمعرفه الله الذي ينتظره. وبسبب رغبة نفسه هذه طاف كل العالم باحثاً لعله يجد الله، وعندما نَفَدت محاولات البحث، رحمه الله. إذ بينما كان يطلبه في صمت ظهر الله له معلناً نفسه بالكلمة كشعاع نور. إذ تحدث إليه من السماء وقال:” اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك”(87). آمن إبراهيم بصوت السماء وبالرغم من أنه كان متقدماً في العمر إذ كان له سبعون عاماً وكان متزوجاً، خرج من بلاد ما بين النهرين مع امرأته، آخذاً معه لوط ابن أخيه المتوفى. عندما وصل إلى المكان المًسمى اليوم اليهودية والذي كانت تسكنه سبع قبائل من نسل حام، ظهر الله له وقال: ” لنسلك أعطى هذه الأرض”(88)، وأخبره بأن نسله سوف يتغرّب في بلاد غريبة، وسوف يكابد شراً فيها، ويعاني في عذاب وعبودية أربعة قرون وأنه في الجيل الرابع سوف يعود إلى الأرض، التي وُعد بها إبراهيم. وسوف يعاقب الله الأمم التي استعبدت نسله. ولكي يجعل الله إبراهيم عارفاً بمقدار كثرة نسله، دعاه في الليل وقال له: ” انظر إلى السماء وعِد النجوم إذ استطعت أن تعدها. هكذا يكون نسلك”(89) ورأى الله أن إبراهيم لم يشك لكن آمن من كل نفسه فشهد له بواسطة الروح القدس قائلاً في الكتاب المقدس: ” فآمن بالرب فحسبه له براً”(90). كان (إبراهيم) غير مختون، عندما أخذ هذه الشهادة، ثم أُعطِى له الختان كختم للبر الذي حققه بالإيمان إذ كان بعد غير مختون(91). بعد هذا فإن سارة – التي كانت عاقراً – ولدت اسحق، بحسب وعد الله لها وقام إبراهيم فختن إسحق، حسب العهد الذي قطعه الله معه، وإسحق ولد يعقوب(92). وهكذا البركة القديمة، المعطاة من البداية إلى سام، انتقلت من إبراهيم إلى اسحق ومن اسحق إلى يعقوب كميراث مُعطى لهم من الروح. لذا دُعي الله ” إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب”. ثم أن يعقوب ولد اثني عشر ابناً الذين بأسمائهم سُميت أسباط إسرائيل الاثني عشر.
موسى والفصح والتحرر من العبودية:
25 – لقد اجتاح الجوع في كل الأرض ولم يوجد بعد طعام إلاّ في مصر فقط. عندئذٍ هاجر يعقوب مع عائلته وأتى ليسكن في مصر(93) ، وكان عدد المهاجرين خمسة وسبعون. وبعد مرور أربعمائة عام وبحسب النبوة التي أعطيت من قبل(94)، أصبح عددهم ستين ألفاً وستمائة نسمة. ولأنهم كانوا مقهورين(95) من المعاملات السيئة تحت نير العبودية القاسية تنهدوا وصرخوا إلى الله، إله البطاركة إبراهيم واسحق ويعقوب، فأخرجهم الله من مصر بواسطة موسى وهارون(96)، وضرب المصريين بعشرة ضربات. وأرسل في الضربة الأخيرة الملاك المُهلك الذي قتل كل أبكار البشر والحيوانات(97)، لكنه أنقذ أبناء إسرائيل من الهلاك، معلناً آلام المسيح في سرٍ(98)، إذ أمرهم أن يذبحوا حملاً بلا عيب، ويدهنوا بدمه(99) أبواب بيوتهم لينجوا من العقاب. هذا السر يُدعى “فصح”(100)، وهو سبب التحرر. وقد شق الله البحر الأحمر، وقاد أبناء إسرائيل إلى الصحراء بكل أمانة. بينما حكم بالموت غرقاً في البحر على المصريين الذين أرادوا أن يلحقوا بهم(101). وبهذه الطريقة عاقب الله هؤلاء الذين استعبدوا أبناء إبراهيم ظلماً.
البرية والناموس:
26 – استلم موسى الناموس من الله في الصحراء، أي الوصايا العشرة مكتوبة بإصبع الله على لوحي حجر(102)– بإصبع الله أي الروح القدس(103)– ثم بعد ذلك سُلّمت وصايا الناموس بواسطته إلى أبناء إسرائيل (ليحفظوها). وصنع موسى بأمر الله خيمة الشهادة وفق المثال الذي رآه وهي شبيهة بالأشياء الروحية وغير المنظورة التي في السموات وهي رمز لصورة الكنيسة(104) ونبوءة عن الأمور العتيدة. وتحتوى الخيمة أواني للعبادة، والمذابح وتابوت العهد الذي وُضع داخله لوحا الشريعة. وعُيّن هارون وأولاده ككهنة وأُعطِى الكهنوت إلى السبط المنحدر من لاوي. وقد دعي هذا السبط بحسب أمر الله لكي توضع على عاتقه واجبات العبادة داخل هيكل الله، وأُعطى لهم شريعة اللاوي لكي يُظهر لهم الطريقة التي يجب أن يحيا بها الذين يقومون بخدمة الله داخل هيكل الله باستمرار(105).
تجسس الأرض، وتذمر الشعب:
27 – عندما اقترب العبرانيون إلى الأرض التي وعد الله بها إبراهيم ونسله، فإن موسى اختار واحداً من كل سبط وأرسلهم لكي يتجسسوا الأرض والمدن والساكنين فيها. عندئذٍ كشف الله له الاسم العتيد الذي يستطيع وحده أن يخلّص المؤمنين باسمه. ثم عمل موسى كل الترتيبات، واختار هوشع بن نون ودعاه يشوع(106). ثم بعد ذلك أرسله بكل قوة الاسم مقتنعاً بأنه بقيادة هذا الاسم سوف يرجع إليه المُرسلون سالمين. وعندما رجع المُرسلون من مهمة التجسس حاملين معهم عناقيد العنب، فإن البعض من هؤلاء الاثني عشر(107) أرعبوا كل الجماعة قائلين لقد رأينا مدناً عظيمةً محصنةً بأسوارٍ وسكان هذه الأرض هم أبناء عمالقة(108)، لذا من المستحيل أن نأخذ هذه الأرض. عندئذٍ بدأ كل الشعب في البكاء وفقدان الأمل في أن يعطيهم الله القوة، وأن يُخضِع الكل تحت سلطانهم. وأضافوا قائلين بأن هذه الأرض لا تستحق المخاطرة لأجل الاستيلاء عليها. لكن اثنين من الاثني عشر، يشوع بن نون وكالب بن يفُنّة، وهما ينظران النتيجة السيئة لهذه الأقوال، مزقا ثيابهما متوسلين إلى الشعب ألاّ يفقد شجاعته، لأن الله دفع كل شيء في أيديهم، وأن هذه الأرض فائقة الخصوبة. لكن بسبب أن الشعب لم يصدقهما وبقى في يأسه، فإن الله غيّر مسارهم وسمح بأن يتوهوا داخل الصحراء كعقاب لهم. ولأن الجواسيس قد ظلوا يتجسسون الأرض لمدة أربعين يوماً، فإنه بالمثل أتاههم أربعين سنة، إذ استبدل الله كل يوم بسنة. حيث لم يكن أحد من المتقدمين في العمر والناضجين عقلياً كان مستحقاً أن يدخل هذه الأرض بسبب عدم إيمانهم، إلاّ الاثنين اللذين شهدا بحق عن الميراث الموعود، وهما يشوع بن نون وكالب بن يفُنّة، أما الذين كانوا صغاراً بعد، فلم يكونوا يميزون بعد يمينهم من شمالهم. وهكذا فإن كل الشعب غير المؤمن انقرض وهلك ومات في الصحراء تدريجياً. لكن خلال فترة الأربعين عاماً نما الأطفال وكبروا حتى وصلوا إلى الحد الذي يمكنهم أن يملأوا الفراغ الناتج عن موت آبائهم.
التثنية:
28 – بعد مرور أربعون عاماً، وصل الشعب بالقرب من الأردن وعسكروا أمام أريحا. هناك جمعّهم موسى وقصّ عليهم تاريخ كل ما حدث، إذ روى لهم كل الحوادث المعجزية التي صنعها الله بينهم، وكيف قاد أولئك الذين ترعرعوا في الصحراء حتى أرشدهم إلى مخافة الله وحفظ وصاياه، مستخدماً تجاه هذا الشريعة التي أُعطيت لهم أولاً بالإضافة إلى ما يمكن ان يُسمى شريعة ثانية. وما يسمى بسفر التثنية الذي يحتوى أيضاً على نبوات كثيرة تشير إلى ربنا يسوع المسيح، وإلى الشعب، وإلى دعوة الأمم وإلى ملكوت الله.
أرض الموعد:
29 – عندما وصل موسى إلى نهاية حياته، قال له الله ” اصعد إلى جبل… وانظر أرض كنعان التي أعطيتها لبنى إسرائيل… ومُت في الجبل الذي تصعد إليه وانضم إلى قومك…”(109). مات موسى بحسب كلام الرب، وخلفه يشوع بن نون، الذي عبر الأردن وقاد الشعب إلى أرض الميعاد، الذي طرح ودمر واستعبد الشعوب السبعة التي كانت تسكن هناك. وهناك كانت أورشليم التي صار داود ملكاً عليها وابنه سليمان الذي بنى الهيكل لتكريم الله على مثال خيمة الشهادة، التي صنعها موسى وفق صورة الأشياء السماوية الروحية.
الأنبياء:
30 – هنا أرسل الله الأنبياء الذين بإلهام الروح القدس قادوا الشعب إلى إله الآباء، الكلي القدرة، وتنبأوا عن مجيء ربنا يسوع المسيح، ابن الله معلنين أنه سوف يأتي من نسل داود، بحسب الجسد وهكذا يكون المسيح هو ابن داود، الذي هو من خلال سلسلة من الأنساب من نسل إبراهيم، أما حسب الروح فهو ابن الله الكائن أزلياً، مولود من الآب قبل (كل الدهور) وكل الخليقة، ثم ظهر كإنسان في العالم في الأزمنة الأخيرة، فهو كلمة الله الذي يجمع في ذاته كل الأشياء ما في السماء وما على الأرض(110).
(63) تك1:4.
(64) وقد عبّر عن ذلك القديس كيرلس فيما بعد: [ هكذا صار قايين معلّماً لطريق قتل البشر] تعليقات لامعة (جلافيرا)، المرجع السابق، مارس 2004، ص25.
(65) راجع تك25:4.
(66) بحسب القديس كيرلس: [ انعطف الجميع ناحية الخطية الجامحة] تعليقات لامعة (جلافيرا)، المرجع السابق، مايو 2004، ص20و21
(67) راجع تك2:6-4.
(68) تك8:6. حكمة سيراخ 17:44.
(69) راجع 1بط20:3، وقد شرح القديس كيرلس هذا الأمر فيما بعد قائلاً: [أن نوحاً نفسه وعناية الله الحكيمة والسرية بالفلك يمثل صورة الخلاص بواسطة المسيح] تعليقات لامعة (جلافيرا)، المرجع= =السابق، مايو 2004، ص23.
(70) انظر القديس كيرلس الأسكندري، تعليقات لامعة (جلافيرا)، المرجع السابق، أغسطس2004 ص16-18.
(71) تك25:9.
(72) انظر تك6:10-20.
(73) تك26:9.
(74) خر6:3.
(75) تك27:9.
(76) مز5:18، رو18:10.
(77) يشرح القديس كيرلس التفسير الروحي للبركة التي أُعطيت للابنين قائلاً: [إن كل الشعوب كانت ثلاثة، الشعب الأول الذي يمثله سام والمتوسط يرمز له حام الملعون والثالث الأخير هو يافث الذي يفسر بمعنى “المتسع”. عندما أعلن لنا الله الآب ابنه الذي يُرمز إليه بجسد نوح العاري وبينما هو محتقر وتعيس من جهة الشكل البشري، فهو من جهة المفهوم الروحي يشير إلى جمال الألوهة. كما يقول النبي: ” وكمستر عنه وجوهنا محتقر فلم نعتد به” (إش2:53) فهذا قد تم بالضبط كما تؤكده طبيعة الأمور: الشعبان الأول والأخير – أي الابنان (سام ويافث) اللذان في البداية وبالطبع اللذان دعيا أخيراً – نالا رحمة من عمانوئيل الذي بواسطته صارا مباركين من الله الآب. لكن ذاك الذي كان بينهما (أي حام) – فلأنه استهزأ بنوح (الذي يشير للمسيح) بسبب منظره المحتقر من جهة طبيعته البشرية، فإنه ظل في العبودية وفقد الحرية التي كانت للآباء] تعليقات لامعة (جلافيرا)، المرجع السابق، أغسطس 2004، ص18.
(78) تك14:9-15.
(79) تك1:9-6.
(80) يدعى يسوع المسيح “صورة الله” في رسائل بولس الرسول (2كو4:4، كو15:1). آباء كثيرون للكنيسة يميزون بين “صورة الله” و” بحسب صورة الله” فالأولى للمسيح والثانية للبشر. راجع أوريجينوس، ضد كيلسوس63:6، أثناسيوس، ضد الآريوسيين 1, 20:2. 49:3,10
(81) راجع 1بط 21:1: ” ولكنه قد أُظهر في الأيام الأخيرة من أجلكم “
(82) راجع AH5:16:2. يوضح القديس أثناسيوس الرسولي نفس هذا المعنى قائلاً: [ ولم يكن ممكناً أن يعيد خلق البشر ليكونوا على صورة الله إلاّ الذي هو على صورة الآب] تجسد الكلمة، المرجع السابق، 1:20 ص56.
(83) راجع تك1:11: ” وكانت الأرض كلها لساناً واحداً ولغة واحدة”.
(84) راجع تك2:11-4.
(85) أو بحسب تعبير القديس كيرلس: [ أرادوا أن يفعلوا شيئاً للتفاخر] تعليقات لامعة (جلافيرا) الكتاب الشهرى أغسطس 2004، ص20.
(86) يقول القديس كيرلس في تعليقه على بلبلة الألسنة، إن الله يظهر بلبلة الألسنة لأن الأفكار التي تتجاوز قدرات الإنسان لا يتركها الله بدون توبيخ، إذ بحسب قول القديس كيرلس: [بلبل الألسنة لأن هذه الأعمال التي تحتاج فقط لقوة الخالق، وأيضاً لسلطانه، ليس لأحد سلطان عليها إلا هو فقط] تعليقات لامعة (جلافيرا)، الكتاب الشهرى أغسطس 2004، ص20.
(87) تك1:12، يشرح القديس كيرلس الأسكندري سر عن دعوة الله لإبراهيم بالهجرة من أرضه قائلاً: [إن الله عندما يدعو أُناساً لكي يتبعوه روحياً، يريد أن يبعدهم عن حياة العالم، وأيضاً بعيداً عن حياة الملذات وحب الجسد، هؤلاء أراد الله أن يكرّمهم، فهل هناك شيء أفضل من هذا؟ فليتصاغر إذن أمام عيوننا، الوطن والعشيرة والبيت العائلى والتكالب على الخيرات الأرضية] السجود والعبادة بالروح والحق، المقالة الأولى، ترجمة الباحث جورج عوض، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، ديسمبر 2001، ص 44.
(88) تك7:12، 15:13، 8:17. يقول القديس كيرلس الأسكندري: [عندما كان (ابرآم) في وطنه أُعطى له الأمر النافع والوحيد، أنه يجب أن ينتقل إلى أرض أخرى مهاجراً من وطنه. لكن عندما وصل إلى أرض كنعان ومعه كل عائلته واحتياجاته، وصعد إلى الأرض المقدسة، أُعطيت له نعمة الرؤيا الإلهية وثقة الرجاء في الحرية الثابتة، ثم التصريح له بعد ذلك ببناء مذبح] السجود والعبادة بالروح والحق، المرجع السابق ص46.
(89) تك5:15.
(90) تك6:15 ، رو3:4 ، غلا6:3.
(91) راجع رو 11:4.
(92) راجع تك1:21-4 ، 25:25.
(93) تك41:4 ، 6:46-7 ، أع 11:7-15.
(94) تك5:15.
(95) يفسر القديس كيرلس الأسكندري هذا القهر تفسيراً روحياً قائلاً: [إن مشقة الإسرائيليين تمثل الصورة الواضحة المتكررة لأطماعنا الباطلة الدنسة هنا على الأرض، كما أن الشيطان وقواته الشريرة يمارسون ضغوطاً وهجوماً علينا] السجود والعبادة بالروح الحق، المرجع السابق، ص62.
(96) نفس المعنى يقوله القديس كيرلس الأسكندري باستفاضة: [لكن الله أظهر حينذاك رحمته لهؤلاء الذين أصابهم شر بواسطة مقاصد المصريين الشريرة، لأن الله أعد موسى العظيم ليكون خادماً لإحسانه نحوهم] السجود والعبادة بالروح والحق، المرجع السابق ص62.
(97) خر28:7 ، 3:12.
(98) أيضاً يُفضل القديس كيرلس الأسكندري تعبير “سر المسيح”، إذ يقول: [ وأُمر أن يُحتفل بالفصح الذي يشير إلى سر المسيح قبل إعلان غضبه على أبكار المصريين] المسيح فصحنا الجديد،= =ترجمة د. جورج عوض إبراهيم، مراجعة د. نصحى عبد الشهيد، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، مايو 2005، ص9.
(99) دم الحمل هنا يشير إلى دم المسيح لأنه كان من المستحيل – بحسب قول القديس كيرلس – أن يُبطل الموت بواسطة موسى والناموس [ بل إن دم المسيح الكريم وحده هو الذي يُبعد المُهلِك ويحرر المُقدَّسين من هلاك الموت. لأن المسيح هو الحياة وهو إله الكل إذ أنه إله من إله] المسيح فصحنا الجديد، المرجع السابق ص9.
(100) كلمة “فصح” بمعنى عبور في اللغة العبرية، ويشرح القديس كيرلس هذا المعنى قائلاً: [” إنه فصحٌ للرب” (خر12: 11)، أي العبور من الحياة الحاضرة إلى المدينة التي يُسرُّ بها الله] المسيح فصحنا الجديد، المرجع السابق، ص23.
(101) خر15:14-31
(102) خر31:18.
(103) لقد ترجم Wilson ” إصبع الله هو الروح القدس لأنه ينبثق من الآب “. لكن هذه الترجمة – بحسب رأي البروفيسور جون كارافيدبولس – لا تُفهم من سياق النص، طالما أن إيرينيوس هنا لا يتحدث عن انبثاق الروح القدس، بل عن قوة الله، المرموز لها بالإصبع. راجع متى 28:12، لو 20:11. إن البروفيسور L.M Froidevaux الذي قام بالترجمة الفرنسية التي نُشرت في SC سنة 1959م، يرى أن إيريناوس يقتبس هنا آية خروج18:31 لكن على أساس الترجمة السبعينية.= =ونص إيرينيوس نجده في رسالة برنابا (2:14) “لوحي (الحجر) مكتوبين بإصبع يد الرب في الروح”.
(104) يرى القديس إيريناوس أن الخيمة رمزاً لأورشليم السماوية مسكن الله مع الناس: [عندما تزول هذه الأشياء من على الأرض، يقول يوحنا تلميذ الرب: إن أورشليم الجديدة العُليا سوف تنزل (من السماء) كعروس مزينة لرجلها (رؤ2:21)، فهذا هو مسكن الله حيث يسكن مع الناس… وهذا المسكن تَقبّل موسى مثاله على الجبل…] (AH4:35:2).
(105) أيضاً يشرح القديس إيرينيوس الهدف الذي من أجله أمر الله موسى ببناء الخيمة وتشييد الهيكل واختيار اللاويين، وتقديم الذبائح والقرابين، وسائر مطالب الناموس التشريعية، قائلاً: [بالرغم من أن الله نفسه لا يحتاج بالحقيقة لأي شيء منها، لأنه ممتلئ دائماً بكل صلاح، وينبع منه كل عبيق الجود والسخاء، وكل عطر طيب، حتى قبل أن يأتي موسى إلى الوجود، إلاّ أنه قصد أن يوصى الشعب الذي كان ميالاُ بطبعه إلى عبادة الأوثان – مكرراً لهم تعليماته بين الحين والآخر لكي يثابروا على عبادة الله، داعياً إياهم بواسطة الأمور الثانوية إلى الأشياء التي لها الأهمية الرئيسية، أعنى بذلك جذبهم إلى الأشياء الحقيقية بواسطة ما هو رمزى، وعن طريق الأشياء الزمنية يأتي بهم إلى الأبديات، وبالجسديات يقودهم إلى الروحيات، ومن الأرضيات يرفعهم إلى السمائيات، كما قال هكذا لموسى: انظر فاصنعها على مثالها الذي أُظهر لك في الجبل (خر40:25)] (AH4:14:3).
(106) عد16:13.
(107) يقارن القديس كيرلس الأسكندري بين هؤلاء الجواسيس الاثني عشر وبين الاثنين والسبعين المبشرين بملكوت الله، حيث هناك نرى المناداة بالخوف والذعر من أشياء لا ينبغي الخوف منها، بينما نجد تلاميذ المسيح يتقبلون منه القدرة على هزيمة (كل قوة العدو) انظر تعليقات لامعة (جلافيرا) على سفر العدد PG69, 606-615.
(108) انظر عد20:24، تث17:25و18. الاسم “عماليق” معناه “شعب يدمر كل ما هو أمامه”. وقد دعاهم يوسيفيوس المؤرخ اليهودي من القرن الأول الميلادى “جوبوليتس Gobolitis”. ومازالت القبائل المقيمة في برية سيناء حول منطقة دير سانت كاترين تُدعى باسم “الجُبلية”، مما يؤكد صحة التقليد اليهودي الذي نقل عنه يوسيفوس. واسم “عماليق” قد ذُكر في تك12:36 في قائمة أنساب عيسو (المُلقب أدوم). ويرى القديس كيرلس في الجبابرة بنى عناق أنهم يرمزون إلى الرؤساء والسلاطين وولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماوات (انظر تعليقات لامعة (جلافيرا) على سفر العدد PG69, 606-615).
(109) تك49:32-52.
(110) راجع أف 10:1. انظر فقرة 6.