الفصل (56): يختلف إيمان الذين تحت الناموس من إيمان الآخرين
ولكن مع ذلك يوجد اختلاف آخر يجب أن نلاحظه :
بما أن الذين هم تحت الناموس كل يسعى ليعمل بره خلال الخوف من العقاب، ويفشلون في عمل بر الله لأن هذا تم بواسطة المحبة للذي يسر فقط بما هو ليس شرعياً، وليس بالخوف الذي يجبر بأن يكون في عمله الشيء الشرعي- بالرغم من أنه عنده شيئاً آخر في إرادته الذي يفضله إذا كان هذا ممكنا أن هو ليس شرعياً يصبح شرعياً. هؤلاء أيضاً يثقون في الله لأنهم لو لم يكن عندهم إيمان بالله بالطبع أيضاً لا يكون عندهم أي خوف من عقاب ناموسه ومع ذلك فليس هذا هو الإيمان الذي يمدحه الرسول فهو يقول: ” إذا لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبانا الآب” (رو15:8)
إذاً فالخوف الذي نتكلم عنه هو استعبادي ولذلك مع وجود إيمان بالرب إلا أنه لا يحب البر به بل يخاف العقاب. مع ذلك ينادي أولاد الله: “أبانا الآب” إحدى الكلمات التي ينطق بها الختان، والأخرى إحدى كلمات الغرلة. اليهودي أولا ثم اليوناني (رو9:2) “لأن الله واحد هو الذي سيبرر الختان بالإيمان والغرلة بالإيمان” (رو30:3)
وفي الحقيقة عندما نطقوا هذا النداء فإنهم يطلبون شيئاً، وماذا يطلبون غير ذلك الذي يجوعون ويعطشون إليه؟ وماذا يكون هذا غير ذلك الذي قيل عنهم: “طوبى للجياع والعطاش إلى البر لأنهم يشبعون” ؟ (مت6:5) – دع إذاً هؤلاء الذين تحت الناموس يجتازوا إلى هنا ويصبحوا أبناء بدل العبيد، وأيضاً لا يبطلون أن يكونوا عبيداً فقط بل أيضاً بينما هم أبناء مازالوا يخدمون ربهم وأبيهم بحرية لأن Only begotten : “وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه” (يو12:1) وقد نصحهم الله أن يسألوا ويطلبوا ويقرعوا لكي يعطوا ويجدوا ويفتح لهم (مت7:7)
لذلك فإن ذلك الناموس الذي هو قوة الخطية يشعل شوكة الموت وحتى الخطية وهي متخذه فرصة بالوصية أنشأت كل شهوة فيهم، فمن الذي يجب أن يطلبون منه عطية العفة تسوى الله الذي يعرف كيف يعطي أولاده عطايا صالحة؟
ربما مع ذلك يكون إنسان في حماقته غير دارٍ بأن لا أحد يستطيع عفيفاً إلا إذا أعطاه الله هذه العطية وفي الحقيقة لكي يعرف هذا فهو يطلب الحكمة نفسها (الحكمة 21:8) لماذا إذاً لم ينصت لروح أبيه متكلما على لسان رسول المسيح أو حتى المسيح نفسه الذي يقول في إنجيله ” اطلبوا تجدوا ” (مت7:7) والذي يقول أيضاً بواسطة رسوله: ” إن كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطي له ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة” (يع 5:1، 6) هذا هو الإيمان الذي يحيا به البار (رو 1: 17) هذا هو الإيمان الذي به يؤمن بالذي يبرر الفاجر (رو5:4) – هذا هو الإيمان الذي بواسطته انتفى الافتخار (رو27:3) إما بتقهقر ذاك الذي به نصبح منتفخين بأنفسنا أو بقيامة ذاك الذي معه نتمجد في الرب. هذا أيضا هو الإيمان الذي به ننال هبة “الروح” الذي قيل عنها: “فإننا بالروح من الإيمان نتوقع رجاء بر” (غلا5:5) ولكن هذا يسلم أيضا بسؤال إذا قصد “برجاء بر” ما يرجوه البر أو الذي به يكون البر هو نفسه ما نرجوه؟ لأن البار الذي يحيا بالإيمان يرجو الحياة الأبدية دون أدنى شك وكذلك الإيمان الذي يجعل الجياع والعطاش إلى البر يتقدمون به بتجديد الداخل يوما فيوما (2كو16:4) ويرجو أن يشبع به في الحياة الأبدية. حيث يتحقق ما قيل عن الله في المزمور: “الذي يشبع بالخير عمرك” (مز5:103).
وأيضا هذا هو الإيمان الذي به خلصوا والذين قيل عنهم: “لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله. ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد. لأننا نحن مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها”(أف8:2-10) وهذا باختصار هو الإيمان الذي لا يعمل بالخوف بل بالمحبة (غلا6:5) ليس بالخوف من العقاب ولكن بمحبة البر.
لذلك من أين تنشأ هذه المحبة – أي الود – بأي إيمان تعمل إذا لم يكن من نفس المصور الذي يأخذ منه الإيمان نفسه؟ لذلك لا يمكن أن يكون داخلنا حتى تتسع فينا إلا إذا انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا (رو5:5).
والآن “محبة الله” وقد انسكبت في قلوبنا ليس لأن الله يحبنا ولكن لأنه جعلنا أحباء له بالضبط مثل “بر الله” (رو21:3) تستعمل بمعنى أننا نصير أبراراًَ بواسطة عطية الله.”وأيضاً خلاص الرب” (مز3: 8) بمعنى أننا به نخلص وأيضاً “الإيمان بيسوع المسيح” (غلا16:2) لأنه يجعلنا مؤمنين به – هذا هو بر الله الذي لا يعلمنا إياه فقط بوصية ناموسه بل أيضا يمنحنا إياه بروحه القدوس.
الفصل (57): من أين تأتي الإرادة التي تجعلنا نؤمن
باختصار يبقى لنا أن نسأل, هل الإرادة التي بها نؤمن تكون نفسها عطية من الله أم إنها تنشأ من تلك الإرادة المطلقة التي غرست طبيعيا فينا؟
إذا قلنا إنها ليست عطية من الله فلابد إذاً أن نتعرض للخوف من افتراضنا إننا اكتشفنا بعض الإجابة على نداء الرسول التوبيخي: “لأنه من يميزك وأي شيء لم تأخذه. وإن كنت قد أخذت فلماذا تفتخر كأنك لم تأخذ؟ (1كو7:4) وحتى مثل هذه الإجابة: “انظر أن لدينا الإرادة أن نصدق الذي لم نأخذه انظر في أي شيء تفتخر حتى فيما لم نأخذ!
ومع ذلك سيكون سخيفا لو قلنا أن هذا النوع من الإرادة لا يعتبر شيئا بجانب عطية الله كي لا يستطيع الغير المؤمنين والفجار أن يجدوا بعض العذر لعدم إيمانهم في حالة رفض الله إعطائهم هذه الإرادة والآن هذا الذي يقوله الرسول: “لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرة” (في13:2) يخص تلك النعمة التي يحميها الإيمان لكي تكون الأعمال الصالحة في مقدرة الإنسان حتى الأعمال الصالحة التي يتممها الإيمان بالمحبة التي تنسكب في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا إذا آمنا إنه يمكننا أن ننال هذه النعمة (وطبعا نؤمن اختياريا) حينئذ يظهر السؤال. من أين نحصل على هذه الإرادة؟ إذا كانت من الطبيعة فلماذا لا تكون تحت أمر كل إنسان لأن الله هو وحده خلق كل الناس؟
وإذا كانت من عطية الله, فلماذا إذاً لم تتح (تمنح) هذه العطية للجميع لأن: “الله يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون”؟ “(1تي4:2).
الفصل (58): إرادة الإنسان الحرة هي قوة متوسطة
دعنا أول كل شيء نطرح هذا الاقتراح ونرى هل يكفي الموضوع الذي هو أمامنا: الإرادة الحرة التي هي طبيعيا أعطاها الله لعقلنا السديد في مثل هذه القوة المتوسطة مثل استطاعتها أما أن تميل ناحية الإيمان أو تتحول إلى عدم الإيمان ونتيجة لذلك فلا يمكن أن يقال أن الإنسان له تلك الإرادة التي بها يؤمن بالله دون أن يأخذها لأن هذا صور في نداء الله بعيدا عن الإرادة الحرة الذي يأخذها الإنسان طبيعيا عندما خلق. لأن الله بدون شك يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1تي4:2) ولكن مع ذلك لا ينتزع منهم الإرادة المطلقة لأن الاستعمال الصالح أو السيئ لما يستطيعون عمله لابد أن يقدر على أساس من البر وتكون هذه هي حالة من لا يؤمنون الذين يفعلون ضد إرادة الله عندما لا يؤمنون بإنجيله ومع ذلك لا يخضعون لإرادة ولكن يسلبون أنفسهم من الصلاح العظيم بل الأعظم ويومتون أنفسهم في استحقاقات العقاب وبالخبرة مقضي عليهم بسلطان الله في العقاب الذين استهانوا برحمته في عطاياه.
وهكذا فإن إرادة الله لا تقهر على الأبد ولكن تقهر إذا لم تدبر ماذا تفعل مع مثل هؤلاء الذين يستهينون بها أو إذا استطاع هؤلاء المستهينون بأي طريقة الهروب من العقاب الذي رسمه الله لمثل هؤلاء وعلى سبيل المثال. افترض أن سيدا جاء يقول لخدامه أريدكم أن تعملوا في كرمي. وبعد إتمام العمل ستعيدون وتأخذون الراحة. ولكن الذي في نفس الوقت يستدعى آخر رفض أن يعمل في المعصرة على الدوام. من الواضح أن الذي أهمل مثل هذا الأمر سيتصرف عكس (ضد) إرادة السيد, ولكنه سيفعل أكثر من ذلك ويقهر تلك الإرادة إذا هرب من المعصرة. ومع ذلك فإن هذا لا يمكن أن يحدث تحت تدبير الله لذلك كتب “الكلمة كان عند الله” وهذا لا ينقض بالرغم من أن العبارة يمكن أن تشير إلى “كلمة الله الواحدة” (يو1:1) وحينئذ يضيف ما نطقه الله والذي لا ينقض قائلا: “مرة واحدة تكلم الرب وهاتين الاثنتين سمعت أن العزة لله ولك يارب الرحمة لأنك تجازي الإنسان كعمله” (مز12,11:62).
وبناءاً على ذلك سيكون مذنبا عند دينونة الله تحت سلطانه, من يفكر بازدراء لرحمة الله لكي يؤمن به. ولكن كل من يثق في الله ويخضع له لأجل غفران كل خطاياه, لأجل شفاء كل فساده, لأجل تحسين وإضاءة نفسه بحرارة الله ونوره سينال أعمالا صالحة بنعمته وبهذه الأعمال (Exquilus) سوف يكون متخلصا من فساد الموت حتى في جسده, راضيا بالبركات ليس وقتيا بل أبدياً. أكثر مما يطلب أو يدرك.
الفصل (59) الرحمة والعطف في حكم الله
هذا هو الأمر الذي رأيناه في المزمور. حيث قيل: “باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة والرأفة الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك (مز2:103-5) ولئلا بأي فرصة تضيع هذه البركات العظيمة لعيب إنساننا العتيق وهذا يكون حالة مميتة ويقول المرتل في الحال: “يتجدد مثل النسر شبابك” (مز5:103) وكأنه يقول أن كل ما سمعته يخص الإنسان الجديد والعهد الجديد.
والآن لنتأمل معا باختصار هذه الأشياء وبتأمل مفرح مدح الرحمة التي هي لنعمة الله. فهو يقول: “باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته” لاحظ إنه لم يقل بركاته (Non tributiones sed retributions) لأن الله يجازي عن الشر بالخير.
“الذي يغفر جميع الذنوب” وقد تم هذا في سر العماد. “الذي يشفي جميع أمراضك” وهذا يتأثر به المؤمن في الحياة الحاضرة بينما الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد حتى لا نفعل الأشياء التي نريدها وبينما أيضا ناموسا آخر في أعضاءنا يحارب ناموس ذهننا. (رو23:7) بينما في الحقيقة الإرادة حاضرة عندنا ولكن ليست لعمل ما هو صالح (رو18:7) هذه هي أمراض الإنسان ذو الطبيعة القديمة الذي مع ذلك لو تقدمنا بفرض مثابر سنشفى بنمو الطبيعة الجديدة يوما فيوما بالإيمان العامل بالمحبة (غلا6:5).
“الذي يفدي من الحفرة حياتك” وسيكون هذا عند قيامة الأموات في اليوم الأخير “الذي يكللك بالرحمة والرأفة” وسيتم ذلك في يوم الدينونة إذ عندما يجلس ملك المجد على عرشه ليجازي كل واحد حسب أعماله, حينئذ من سيفتخر بأن له قلبا نقيا. أو من سيفتخر بأنه نظيفا من الخطية؟
بناءاً على ذلك فإنه من الضروري أن نذكر رحمة الله ورأفته هناك حيث يتوقع الإنسان مطالبة ديونه ومكافأة ثوابه بطريقة دقيقة جداً كأنه لا يكون موضع للرحمة. لذلك فهو يكلل بالرحمة والرأفة ولكن أيضا حسب الأعمال لأنه سيقف على اليمين الذين قيل لهم: جئت فأطعمتموني” (مت 35:25) ومع ذلك فسيكون أيضا: “الحكم بدون رحمة” ولكن لأجله “الذي لم يعمل الرحمة” (يع13:2) ولكن “طوبى للرحماء لأنهم يرحمون” من الله (مت7:5) حينئذ بينما يذهب من هم على اليسار إلى النار الأبدية سيذهب الأبرار أيضا إلى الحياة الأبدية (مت46:25) لأن الله يقول: “هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته” (يو3:17) وبهذه المعرفة وبهذه النظرة وبهذا التأمل ستشبع رغبة نفوسهم لأنها لا ترغب في شيء غير ذلك فلا يكون لها هناك شيئا أكثر من ذلك لترغبه, تشتاق إليه أو تطلبه. لقد كان اشتياقا بعد هذا السرور الكامل حتى أن قلبه اشتعل الذي قال للرب يسوع: “أرنا الآب وكفانا” وكان رده عليه: “الذي رآني فقد رأى الأب” لأنه الله نفسه هو الحياة الأبدية لكي يعرف الناس الإله الحقيقي وحده ويسوع المسيح الذي أرسله.
ومع ذلك لو أن الذي رأى الابن فقد رأى الآب أيضا إذاً بكل تأكيد أن الذي يرى الآب والابن يرى أيضا الروح القدس للأب والابن. لذلك لا نبطل الإرادة الحرة مادامت نفوسنا تبارك الرب ولا ننسى كل حسناته (مز2:103) ولا يجهلها ببر الله تريد إثبات برها الخاص (رو3:10)
ولكنها تؤمن بالله الذي يبرر الفاجر (رو5:4) وعندما تصل إلى الاضطلاع تحيا بالإيمان بل الإيمان العامل بالمحبة (غلا6:5)
وهذه المحبة تنسكب في قلوبنا لا بمقدرة إرادتنا ولا بحرف الناموس ولكن بالروح القدس المعطي لنا (رو5:5)
الفصل (60) الإرادة التي تجعلنا نؤمن هي من الله
ليت هذه المناقشة تكفي لو قابلت المشكلة التي يجب علينا حلها طبق المرام. مع ذلك قد يكون هناك معارضة في الإجابة حتى أنه يجب أن نتخذ حذرنا لئلا يفترض البعض أن الخطية التي ترتكب بإرادة مطلقة ننسب إلى الله لو في العبارة التي فيها يكون السؤال: “لماذا تفتخر كأنك لم تأخذ”؟ (1كو7:4) نفس الإرادة التي بها نؤمن تحسب كعطية من الله لأنها تقوم من الإرادة المطلقة التي أخذناها عن خلقتنا ومع ذلك ليت الذي يعارض يدرك جيداً أن هذه الإرادة تنسب إلى العطية الإلهية ليس فقط لأنها تنشأ من إرادتنا المطلقة التي خلقت معنا طبيعيا, ولكن أيضا لأن الله يؤثر فينا بدوافع شعورنا أن نريد وأن نؤمن إما خارجيا بواسطة نصائح إنجيله حيث تفعل أوامر الناموس شيئا لو أنها للآن تنذر الإنسان بضعفه حتى أنه يسلم نفسه للنعمة التي تبرر بالإيمان. أو من داخلنا حيث لا يكون لأحد حكما على ما يدخل من أفكاره بالرغم من كونها تقبل أو ترفض بإرادته الخاصة.
لأن الله لذلك في مثل هذه الطرق يؤثر في الفعل السديد لكي يؤمن به ( بالتأكيد ليس هناك مقدرة للإيمان مهما تكن في الإرادة المطلقة إذا لم يكن هناك إقناع أو أوامر تجاه من نؤمن به) وبالتأكيد فإن الله هو الذي يحرك في الإنسان الرغبة للإيمان ويمنعنا برحمته من كل الأشياء. وفي الحقيقة إن تسليمنا لأوامر الله أو مخالفتنا لها هو (كما قلت) من عمل إرادتنا وهذا لا يبطل فقط ما قيل! “لماذا تفتخر كأنك لم تأخذ ” (1كو7:4 ) ولكنه في الحقيقة يؤكدها ويثبتها. لأن العقل لا يقدر أن يأخذ ويملك هذه العطايا التي أشير إليها هنا إلا بتسليمه رضاه وهكذا كل شيء يملكه وكل شيء يأخذه يكون من الله وأيضا بالطبيعة عمل الأخذ والملكية يرجع لمن يأخذ ولمن يملك.
والآن لعل أي إنسان يمنعنا من دراسة هذا السر العميق لماذا هذا الشخص اقنع حتى الاستسلام وشخص آخر لم يقتنع, يوجد شيئان يخطران لي وهما ما أحب تقديمهما كإجابة: “يا لعمق غنى الله” (رو33:11).
“وألعل” عند الله ظلما؟” (رو14:9).
إذا لم يرض أي إنسان بمثل هذه الإجابة فيجب عليه أن يطلب مناظرات أكثر علما ولكن ليته يحذر لئلا يكون مناظرات جسوره.
الفصل (61) خاتمة العمل
وأخيرا دعنا نضع نهاية لكتابنا – اعتقد أننا أكملنا غرضنا كله بإسهابنا الكثير – ليس هذا الشك من جهتك يا “مرسيلينوس” إذ إنني أعرف إيمانك ولكن من جهة عقول أولئك الذين لأجلهم طلبت مني أن اكتب الذين يعارضون دائما فكرتي ولكن (أن أتكلم دون ذكر الله الذي يتحدث عن رسله) وخصوصا ضد ليس فقط أن الرسول العظيم بولس. ولكن أيضا ضد غيرته القوية وجداله العنيف مفضلين التمسك بإصرار على وجهة نظرهم دون الاستماع لله عندما “يطلب منهم برأفة الله” ويخبرهم قائلا: “بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم أن لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي بل يرتئي إلى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان” (رو3,1:12).
الفصل (62) عودته إلى السؤال الذي وجهه إليه مارسيلينوس
لكني أرجوك أن تلتفت إلى السؤال الذي وجهته لي وأيضا إلى ما استخدمناه من الأساليب المطولة لهذه المناقشة إنك كنت مرتبكا لما قلته بأنه كان من الممكن للإنسان أن يكون بدون خطية بمساعدة الله إذا أراد – بالرغم من أن لا أحد في الحياة الحاضرة يمكنه أن يحيا, كان حيا أو سيحيا بمثل هذا وقد قلت: “لو سئلت هل من الممكن لإنسان أن يكون بدون خطية في هذه الحياة. فإنني سأسمح بالإمكانية بنعمة الله وبإرادة الإنسان المطلقة وبدون شك فإن الإرادة المطلقة هي في حد ذاتها من نعمة الله التي هي ضمن عطايا الله ليس فقط بالنسبة لوجودها بل أيضا من جهة صلاحها. التي هي تلتمس بنفسها تنفيذ وصايا الله ولذلك فإن نعمة الله لا تبين فقط ما يجب أن يفعل بل أيضا تساعد على إمكانية فعل ما تبينه”.
(see his work preceding this, De peccat Meritis 11.7.)
يبدو أنك تظن أنه غير معقول أن شيئا كان ممكنا لا يكون له مثالا من هنا نشأ الموضوع الذي نعالجه في هذا الكتاب.
وهكذا قد دار في نفسي أن أظهر شيئا كان ممكنا بالرغم من عدم وجود أي مثال له. ولذلك فقد اقتبسنا بعض حالات من الإنجيل ومن الناموس في بداءة هذا العمل. مثل مرور جمل من ثقب أبره (مت24:19).
والاثنى عشر جيشا من الملائكة الذين يقدرون الدفاع عن المسيح. إذا أراد (مت53:26) وأيضا تلك الأمم الذين قال عنهم الله أنه يقدر أن يبيدهم في الحال من وجه شعبه – لم تتحول أبدا إحدى هذه الاحتمالات إلى حقيقة ويمكن أن يضاف إلى هذه الحالات تلك التي أشير إليها في كتاب الحكمة (حكمة16) مفترضا كثرة الآلام والعذابات التي كان الله قادرا أن يستعملها ضد الفجار باستخدام المخلوق الذي كان طوع إشارة الله. ومع ذلك لم يستعملها.
وأيضا يستطيع إنسان أن يشير إلى ذلك الجبل الذي بالإيمان يطرحه في البحر. بالرغم من أنه لم يتم أبدا لغاية ما قرأنا وسمعنا.
وقد رأيت كيف أنه يكون الإنسان غافلا وجاهلا إذا قال أن إحدى هذه الأشياء غير مستطاعة عند الله. وكيف تكون معارضته لمعنى الكتاب المقدس هي تأكيده – وحالات أخرى كثيرة من هذا النوع يمكن أن تخطر لأي إنسان يقرأ أو يفكر في مقدرة الله التي لا يمكننا إنكارها بالرغم من عدم وجود أي مثال لها.
الفصل (63) معارضة
ولكن نظرا لأنه قد يقال أن تلك الحالات التي ذكرتها الآن هي أعمال إلهية بينما رغبتنا في الحياة الباره هي عمل من اختصاصنا. وقد تعهدت بأن أظهر أن حتى هذا أيضا هو عمل إلهي. وقد فعلت هذا في الكتاب ربما بتقرير قصار عن أن يكون ضروريا. بالرغم من أنه يبدو لي إنني تحدثت قليلا جدا ضد معارضي نعمة الله. وأنني لم أسر أبدا في معالجتي لموضوع مثل هذا عندما جاء الكتاب المقدس بغزارته لمساعدتي وعندما يطلب السؤال المطروح للمناقشة أن “من يفتخر فليفتخر بالرب” (2كو17:10) وأننا يجب أن نترك قلوبنا ونعطي الشكر للرب إلهنا الذي منه “كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازلة من عند أبي الأنوار” (يع17:1).
والآن إذا كانت عطية ليست عطية الله لأننا نصنعها بأنفسنا أو لأننا نعمل بعطية الله ثم لا يكون عملا من الله أن “جبلا يطرح في البحر” نظرا لأن, بناءاً على تقرير الرب أنه بإيمان الناس يكون هذا ممكنا.
وعلامة على ذلك فإن الله ينسب الفعل إلى عملهم الحالي: لو كان إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل وانطرح في البحر فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم [قارن (مت20:17), (مر23:11), (لو6:17)] لاحظ كيف أن الله قال: “لديكم” وليس “لدى الله” أو “لدى الآب” ومع ذلك فإنه من المؤكد أنه لا أحد يستطيع أن يفعل مثل هذا لاشيء بدون عطية وعمل الله.
انظر أن حالة البر الكامل ليس لها مثال بين الناس وأيضا هي ليست مستحيلة لأنها ممكن أن تتم إذا طلبت كثيرا كما يتطلب مثل هذا الشيء العظيم ومع ذلك يمكن أن يكون حسنا جدا لو خفي عنا إحدى تلك الظروف التي تخفي البر, وفي نفس الوقت أن هذا يبهج عقلنا حتى أنه مهما كان عائق السرور أو الألم قد يحدث هذه البهجة في القداسة سيشمل كل محبة منافسة
وإن هذا لا يتحقق ولا ينشأ من أي استحالة ذاتية ولكن ينشأ من عمل الله القضائي لأن من يقدر أن يكون جاهلا حتى أن ما يجب أن يعرفه ليس هو في مقدرة الإنسان, ولا يتبع ما قد اكتشف أن يكون موضوعا مرغوبا فيه هو الآن مطلوبا إذا لم يشعر هو أيضا بالبهجة في هذا الموضوع مطابقا بحقوقه على محبته؟. إذ أن هذا يخص حالة النفس.
الفصل (64) عندما تتم وصية المحبة
ولكن ربما يظن أحدا أننا لا نحتاج شيئا لمعرفة البر لأن الرب عندما شرح باختصار كلمته على الأرض. معلما إيانا أن كل الناموس والأنبياء يعتمدون على وصيتين (مت40:22) ولم يسكت عن بيانهما بل أعلنهما في الكلمات الواضحة: “تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك وتحب قريبك كنفسك” (مت39,37:22) ماذا يكون أكثر تأكيدا من ذلك إذا تمت هذه يكون قد تم كل البر؟.
ولكن الذي يصنع تفكيره في هذه الحقيقة يجب أن يصغي جيدا إلى حقيقة أخرى في أشياء كثيرة نعثر جميعنا (يع2:3) بينما نفترض أن ما نفعله هو مبهج أو على كل حال ليس محزنا لله التي نحبه وبعد ذلك بتعلمنا (خلال كلمة الله الملهمة أو أخرى مع التحذير بطريقة واضحة وأكيدة بعض الشيء) ما هو ليس مسرا به لله فنصلي إليه لكي يسامحنا عند توبتنا.
إن حياة الإنسان مليئة بأمثلة هذا. ولكن من حيث يأتي إننا تعوزنا معرفة ما يسر به الله إذا لم يكن الله إلى هذه الدرجة غير معروفا لنا؟ “فإننا ننظر الآن في مرآة في “لغز” لكن حينئذ وجها لوجه” (1كو12:13) ومع ذلك من يتجاسر ويقول: “الآن أعرف بعض المعرفة ولكن حينئذ سأعرف كما عرفت”؟ (1كو12:13) كالتفكير في أن الذين هم سيرون الله لا يكون لديهم المحبة العظيمة له كالتي عند من يؤمنون به الآن؟ أو أنه يجب مقارنة الأولى بالثانية كأنهم قريبين جدا من بعضهما؟
والآن لو زادت المحبة تماما على قدر معرفتنا لفرضها تصبح أكبر خلاصا, ويجب علينا بالطبع أن نؤمن أنه كما أن هناك الآن نقصا كثيرا لإتمام البر هناك أيضاً نقصا في محبتنا له. في الحقيقة أن شيئا قد يكون معروفات أو يمكن تصديقه ومع ذلك ليس محبوبا ولكنه من المستحيل أن شيئا يمكن أن يكون محبوبا وهو ليس معروفا أو مصدقا ولكن لو القديسين في ممارسة إيمانهم استطاعوا الوصول إلى المحبة العظيمة أكثر التي (كما بين الرب نفسه) يمكن بيانها في الحياة الحاضرة. حتى يضعوا حياتهم لأجل الإيمان أو لأجل أحبائهم (يو13:15) ثم بعد سفرهم هنا حيث يكون سيرهم بالإيمان عندما سيصلون إلى “العيان” للنهاية السعيدة (2كو7:5) التي نترقبها ولكن إن كنا نرجو ما لسنا ننظره فإننا نتوقعه بالصبر (رو23:8) إذاً وبدون شك فإن المحبة ذاتها ستكون ليست فقط أعظم من التي نختبرها هنا ولكن أكثر مما نطلب أو نفتكر (أف20:3) وأيضا تكون ممكنة أكثر من: “من كل قلوبنا ومن كل نفسنا ومن كل فكرنا”.
إذ أنه لا يبق فينا شيئا يضاف إلى الكل لأنه لو بقى شيئا لا يكون هو الكل لذلك فإن أول وصية عن البر التي تأمرنا بمحبة الرب بكل القلب والنفس والفكر (مت37:22) (والثانية إننا نحب أقربائنا كأنفسنا) وسنكمل تماما, في تلك الحياة عندما نكون وجها لوجه (يع2:3).
وحتى الآن تبقى هذه الوصية لكي نقدر أن نتذكر بها ما يجب أن نطلبه بالإيمان وما نترقبه في رجائنا “وننسى ما هو وراء ونمتد إلى ما هو قدام” (في13:3) وهكذا كما يبدو لي أن الإنسان قد تقدم كثيرا حتى في الحياة الحاضرة في البر الذي سيكتمل بعد ذلك الذي اكتشف بنفس هذا السير كيف إنه نقل بعيدا من إتمام البر.
الفصل (65) في أي مغزى يمكن أن يتحقق البر الطاهر في هذه الحياة
ومع ذلك نظرا لأن براً أقل يمكن أن يقال أنه مناسبا لهذه الحياة, بينما يحيا البار بالإيمان (رو17:1) مع أنه غائبا عن الرب, ولذلك نسلك بالإيمان لا بالعيان (2كو7:5) وقد يقال دون عبث, بدون شك بخصوص أنه حرا من الخطية لأنه يجب أن لا تنسب له كخطأ, حتى لا يكون حتى الآن كافيا لمثل عظمة المحبة لله كأنه يرجع إلى الحالة النهائية, الكاملة. الصحيحة منها. إنه شيء واحد للفشل في الحاضر من الوصول إلى كمال, وشيئا أخر يكون منقادا للشهوة لذلك يجب على كل إنسان أن يمتنع عن كل رغبة محرمة بالرغم من إنه يحب الله الآن أقل كثيرا مما يمكنه أن يحبه عندما يصبح الله شيئا منظورا بالضبط مثل الحالات المرتبطة بمعانٍ جسدية, العين لا تأخذ أي سعادة من أي نوع من الظلام بالرغم من أنها قد لا تقدر أن تنظر بنظرة حادة وسط الضوء البراق.
دعنا فقط نفحصها لكي نرتب نفس الإنسان في هذا الجسد القابل للفساد, لكي مع أنه لم يبتلع حتى الآن ولم يفن حركات الشهوة الأرضية في ذلك الكمال السامي لمحبة الله. مع ذلك فإنها البر الأقل من الذي أشرنا إليه لا تعط أي رضا, قبول للشهوة السابق ذكرها لغرض أحداث أي شيء محرم. لذلك بخصوص تلك الحياة الباقية فإنه حتى الآن يمكن تطبيق الوصية : “حب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك” (تث5:6) ولكن بخصوص الحياة الحاضرة يكون الآتي: “لا تملكن الخطية في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته” (رو12:6) وأيضاً بالنسبة للأولى “لا تشته” (حز17:2) وبالنسبة للأخرى “لا تتبعوا شهواتكم” (Ecclus xv111.30) بالنسبة للأولى يكون عدم البحث عن شيء أكثر من الاستمرار في حالته الكاملة وبالنسبة للأخرى تخص بنشاط عمل الواجب المؤتمن عليه وأن يتمنى مكافأة له على كمال الحياة المستقبلة لكي في الأولى قد يحيا الإنسان البار إلى الأبد أكثر من تلك السعادة التي كانت في هذه الحياة موضوع رغبته. وفي الأخرى قد يحيا بذلك الإيمان الذي تبقى عليه رغبته لأقصى السعادة كنهايته الأكيدة. وبكون هذه الأشياء كذلك فسيكون خطية في الإنسان الذي يحيا بالإيمان ليرضى بفرح مُحَّرم بارتكابه ليس فقط أفعال مخفية وجرائم بل أيضاً أخطاء زهيدة, خاطئا, لو أعطى أذنه لكلمة لا يجب سماعها, أو لسانه لعبارة لا يجب نطقها, خاطئا, إذا قبل فكره في قلبه مثل رغبته في أن تكون اللذة الشريرة مباحة مع أنه معروف أن الوصية تحرمها إذ أن هذا يؤدي إلى قبول الخطية التي تنفذ بكل تأكيد ما لم يمنعها خوف العقاب بوجود مثل هؤلاء الناس الأبرار بينما يحيون بالإيمان فليس هناك الحاجة أن نقول: “أغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا”؟ (مت12:6) وهل يثبتون عدم صحة ما هو مكتوب “إن قلنا أن ليس لنا خطية نضل أنفسنا وليس الحق فينا؟” (1يو8:1) و “ليس إنسان لا يخطئ” (1مل46:8) وأيضا “لا إنسان صديق في الأرض يعمل صلاحا ولا يخطئ” (جا20:7) قد عبر عن كل هذه الحالات بصيغة المستقبل وليس في الماضي وكل مواضع هذا المال في الكتاب المقدس؟ لأن مع ذلك هذه العبارات لا يمكن أن تكون كاذبة, وتأتي لي فكرة واضحة أنه مهما يكن نوع أو درجة البر التي قد ننسبها حتميا للحياة الحاضرة لا يوجد إنسان يحيا فيها حرا من كل خطية وأنه من الضروري لكل إنسان أن يعطي حتى يعطى له (لو38,30:6).
وأن يغفر حتى يغفر له (لو4:11) ومهما كان بره لا يجب أن يحبه من نفسه ولكن من نعمة الله التي تبرره وما يزال في عطشه وجوعه للبر (مت6:5)من الله الذي هو خبز الحياة (يو51:6) والذي به ينبوع الحياة (مز9:36) الذي يعمل في قديسيه بينما يجاهدون وسط إغراء هذه الحياة, إن تبريرهم في مثل هذه الطريقة حتى أن الله يعطيهم بسخاء عندما يطلبون ويسامحهم عندما يعترفون.
الفصل (66) بالرغم من أنه لا يوجد هنا في الأرض البر الكامل إلا إنه غير مستحيل
ولكن دع المعارضين لو استطاعوا أن يجدوا أي إنسان بينما يعيش تحت سطوة هذا الفساد حيث لا يغفر له الله شيء إذا لم يعترفوا أن مثل هذا الشخص في نواله الصفة الصالحة أُعين ليس فقط بواسطة تعليمه الناموس الذي أعطاه الله, ولكن أيضا يسكب روح النعمة وسيتعرضون لتهمة الشر نفسها ليس لهذه أو لتلك الخطية.
وبالطبع فإنهم غير قادرين تماما لاكتشاف مثل هذا الإنسان إذا أخذوا بطريقة مناسبة البرهان على كتابه الله وأيضا لكل ذلك لا يجب بأي وسيلة أن يقال أن ليس عند الله الإمكانية التي بها تعضد إرادة الإنسان حتى تكتمل في كل جهة حتى الآن في الإنسان ليس ذلك البر الذي يكون بالإيمان فقط (رو6:10) بل أيضا ذلك الذي يتفق مع ما يجب علينا في القريب أن نحيا إلى الأبد في نظر الله. إذ أننا لو أردنا الآن أن هذا الفاسد في أي إنسان يلبس عدم فساد (1كو53:15) ونطلب منه أن يعيش بين إناس فانيين (بشريين) (ليس مقضي عليه بالموت) حتى يسترد تماما وكلية طبيعته القديمة. ولا يكون في أعضائه ناموسا يحارب ناموس ذهنه. (رو23:7) وعلاوة على ذلك فإنه سوف يكتشف وجود الله في كل مكان كما سيعرفونه القديسين ويشاهدونه بعدئذ. من يستطيع أن يخاطر بحماقة ويؤكد أنه هذا مستحيل؟ ومع ذلك فإن الناس يسألون لماذا لم يفعل الله هذا ولكن الذين يقدمون السؤال لا يحسبون كما يجب حقيقة أنهم بشر كما إنني متأكد تماما أنه كما أن ليس شيء مستحيل عند الله (لو37:1) وكذلك أيضا ليس عند الله ظلما (رو14:9) وأنني متأكد أيضا أن الله يقاوم المستكبر ويعطي نعمة للمتواضع (يع6:4) وأنني أعرف أيضا أن الذي كانت له شوكة في الجسد, ضربه الشيطان لئلا يتعظم بلا حد قيل, عندما تضرع إلى الله أن يشفيه مرة, ومرتين وثلاث: “تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل” (2كو7:12-9) لذلك فيوجد في عمق أحكام الله الخفية سبب أكيد لماذا يستد كل فم عن مدح نفسه ويفتح فقط لشكر الله. ولكن ما هو هذا السبب الأكيد من يقدر أن يجيب, من يفحص, من يعرف؟
لذلك: “يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه. ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء. لأن من عرف فكر الرب أو من صار له مشيرا. أو من سبق فأعطاه فيكافأ. لأن منه وبه وله كل الأشياء.
له المجد إلى الأبد أمين (رو33:11-36″)