Facebook
Twitter
Têlxiram
WhatsApp
PDF
☦︎
☦︎
☦︎

التزام النفس باليقظة

38. يلزمنا أن نكون دومًا يقظين ساهرين، لأن كلمة الله يقفز كغزال أو كالإيل (نش 2: 9) يليق بالنفس التي تطلبه وتتوق إلى امتلاكه أن تكون في يقظة دائمة، وتحافظ على وسائل دفاعها. “في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي” (نش 3: 1)، كأنه يتسلل إليها.

يلزم أن من يطلب باهتمام، يطلب وهو في فراشه، يطلب في المساء، فلا تكون له ليالٍ ولا أجازات، لا يخلو وقته من خدمة صالحة. وإن لم يجده في بادئ الأمر فليثابر في البحث عنه. لهذا تقوم النفس: “إني أقوم وأطوف في المدينة، في الأسواق، وفي الشوارع” (نش 3: 2). ربما لا تجده الآن، لأنها بحثت عنه في الأماكن العامة حيث دعاوي الحكم والقضاء وفي الشوارع والأسواق، حيث بضائع للبيع، فالمسيح لا يمكن أن يُقتنى بأي قدر من المال.

أين تجد النفس عريسها؟

[يرى القديس أمبروسيوس أن النفس المؤمنة تجد عريسها السيد المسيح في الأماكن التالية:

  • أ. في الأماكن العامة للمدينة: حيث يُقدم زيت النعمة المجانية للجميع، وحيث يشرب المؤمنون من الينابيع الحية في الشوارع.
  • ب. داخل النفس، بكونها المدينة المسوَّرة بالسيد المسيح والساكن فيها في نفس الوقت.
  • ج. في الكنيسة، أورشليم السمائية، حيث كلمة التعليم الصادقة وروح العبادة.]

39. يمكننا أيضًا أن نفسر العبارة على النحو الآتي: النفس التي تطلب المسيح على فراشها، أي تطلبه وهي في هدوء وسلام، تبحث عنه ليلاً، لأنه تحدث بأمثال (كما في غموض الليل) (مت 13: 13؛ حز 21: 5). “جعل الظلمة ستره” (مز 18: 11)، و “الليل إلى ليل يُبْدي علمً” (مز 18: 11). وأيضًا “لأن ما نقوله في قلوبنا نندم عليه في مضاجعن” (مز 4: 4). لكنها لا تجده بهذه الوسيلة، لهذا تقول: “سأقوم”، أي أقوم وأضاعف جهدي، لأبحث عنه بلا هوادة، سأبحث عنه بدقة، سأدخل المدينة (أي تدخل أعماقها بكونها مدينة الله). تقول النفس: “أنا مدينة قوية، مدينة مسوّرة” (إش 27: 3LXX ). وهي المدينة المسوَّرة بالمسيح؛ المدينة هي أورشليم السمائية (عب 12: 22) التي يوجد فيها مُفَسِّرُو ناموس الله ورجال حاذقون في التعليم بوفرة عظيمة، خلالهم يطلب الإنسان كلمة الله.

“أطوف في الأماكن العامة للمدينة“، أي في الساحات التي يمارس فيها المحامون القانون، وحيث يُباع الزيت الذي تشتريه عذارى الإنجيل الحكيمات (مت 25: 8-9) لكي تستضيء مصابيحهن على الدوام، ولا يُطفئها دخان الإثم.

أطوف في الشوارع حيث تفيض المياه المتدفقة من تلك الينابيع، التي يقول سليمان بأنه ينبغي على الإنسان أن يشرب منها.

لنتطلع إلى ما وراء الملائكة

40. وبينما تطلب (النفس) المسيح، تجد الحراس الذين في خدمته (نش 3: 3)؛ لكن النفس التي تطلب الله تتجاوز أيضًا الحراس، فإنها تطلب الأسرار التي تشتاق حتى الملائكة أن تطَّلع عليها. في هذا الصدد يقول بطرس: “التي أُخبِرْتم بها أنتم الآن بواسطة الذين بشروكم بالإنجيل في الروح القدس المرسل من السماء التي تشتهي الملائكة أن تَطَّلع عليه” (1 بط 1: 12) الإنسان الذي يتجاوز إلى ما وراء الحراس يجد الكلمة. لقد تجاوز يوحنا فوجد الكلمة مع الآب (يو 1: 1).

المسيح حاضر في ضيقات مؤمنيه

41. يوجد كثيرون يطلبون المسيح في تَرَفِهِم فلا يجدونه، إنما يجدونه في الاضطهادات، يجدونه سريعًا… لأنه حاضر في ضيقات مؤمنيه. تقول النفس: “فما جاوزتهم إلاَّ قليلاً حتى وجدت من تحبه نفسي فأمسكته ولم أُرخِه (لم أَدَعه يذهب)” (نش 3: 4 LXX)، لأن من يطلب يجد (مت 7: 8)، ومن يجد يليق به أن يظل قريبًا منه حتى لا يفقده.

المسيح ليس في القبر!

42. إذ نرى الأسرار السماوية تُمثَّل رمزيًا على الأرض من خلال الإنجيل فلنأْتِ إلى مريم المجدلية ومريم الأخرى (مت 28: 1؛ لو 24: 3، 10). فلنتأمل كيف طلبَتا المسيح ليلاً في سرير (فراش) جسده، الذي رقد عليه ميتًا، حين قال لهما الملاك: “إنكما تطلبان يسوع المصلوب؛ ليس هو ههنا، لأنه قام… لماذا تطلبن الحي بين الأموات؟” (مت 28: 5-6؛ لو 24: 5). لماذا تطلبْن في القبر ذاك الذي هو الآن في السماء؟ لماذا تطلبْن في قيود القبر من يحرر الجميع من رباطاتهم؟ ليس القبر سكناه إنما السماء! لهذا تقول إحداهن: “طلبته فما وجدته” (نش 3: 1).

اِمسكيه أيتها النفس بالإيمان!

43. إذ ذهبتا تخبران الرسل أشفق يسوع على طالبيه، إذ قابلهم وقال لهم: “سلام!”. نهضوا وأمسكوا بقدميه بقوة وسجدوا له (مت 28: 9). يُمْسِك يسوع بقوة، وهو يُسَرُّ بذلك، أن يُمسك بقوة بالإيمان. أيضًا المرأة التي لمسته قد أَبْهجته، وقد شفيت من نزيف الدم؛ إذ قال عنها: “قد لمسني واحد، لأني علمت أن قوة قد خرجت مني” (لو 8: 46).

المسوه وامسكوه بقوة الإيمان.

امسكوه بالإيمان جيدًا بقدميه، فتخرج منه قوة وتشفى نفوسكم.

مع أنه يقول “لا تلمسيني، لأني لم أصعد بعد إلى أبي” (يو 20: 17). امسكوه بقوة! إنما قال مرة واحدة فقط: “لا تلمسيني!”

في وقت قيامته… قالها لمن ظنت أنه سُرِق ولم يقم بقدرته الذاتية! لكنكم تقرأون في إنجيلٍ آخر أنه قال للنسوة اللواتي كن يمسكْن قدميه بقوة ويسجدْن له: “لا تخفْن” (مت 28: 10).

لتمسكيه أيتها النفس بقوة كما فعلت مريم (المجدلية)، وقولي: “أمسكته ولم أرخه”، وكما قالت المرأتان أيضًا: “نحن نمسكك بقوة”.

اذهب إلى الآب، لكن لا تترك حواء خلفك لئلا تسقط مرة أخرى! خذها معك، لأنها الآن لا تجول شاردة بل تتمسك بقوة بشجرة الحياة. أمسك بها فتلتصق هي بقدميك وتصعد معك. لا تَدعْني أذهب (بعيدًا عنك) لئلا تنفث الحية سمَّها مرة أخرى، وتحاول لدغ قدم المرأة فتُسْقِط آدم (تك 3: 5).

لتقل نفسك: “فأمسكته ولم أرخه حتى أدخلته بيت أمي وحجرة مَنْ حبلت بي” (نش 3: 4، 8: 2).

لأعرف أسرارك وأنهل من تعاليمك.

خذ حواء، ولكن ليست وهي مغطاة بأوراق التين (تك 3: 7). وإنما وهي مكسوَّة بالروح القدس ومجيدة بنعمة جديدة. لذلك فهي لا تختبئ كمن هي عريانة (تك 3: 8-13)، إنما تأتي لمقابلتك متسربلة بثوب بهي ساطع، إذ تصير النعمة ثوبها. وذلك كما كان آدم في البداية حيث لم يكن عاريًا لأنه كان مرتديًا البراءة.

التصقي به واصعدي معه بالصلوات الورعة والإماتة

44. تراها بنات أورشليم (نش 3: 5) وهي ملتصقة بالمسيح ولا تزال تصعد معه، إذ يَقْبل أن يلتقي مع مَنْ يطلبونه ويستجيب لهم ليرفعهم؛ فيقلْنَ: “من هذه الطالعة من البرية؟” (نش 3: 6)، إذ تبدو هذه الأرض برية قاحلة. فهي مملوءة بحسك خطايانا وأشواكها. إنهن يتعجَّبْن كيف أن نفسًا قد هُجِرت قبلاً في الجحيم تلتصق بكلمة الله وترتفع كغصن الكرمة الذي يعلو في المناطق المرتفعة أو كدخانٍ صادر من النار يطلب المرتفعات، وهي معبَّقة بأطياب زكية. ها رائحة صلاة ورعة ذكية تنبعث كبخور قدام الله. نقرأ في الرؤيا أنه قد “صعد دخان البخور مع صلوات القديسين” (رؤ 8: 4، مز 141: 2). ويُقدَّم البخور – أي صلوات القديسين – بواسطة ملاك “على مذبح الذهب الذي أمام العرش” (رؤ 8: 3).

إنها بحق معبقة بالدهن الحلو للصلاة الورعة، فقد أُعِدَّ الدهن بالصلوات لأجل الأبديات غير المنظورة، وليس لأجل الأمور الجسدانية.

أكثر من هذا، فإن النفس معطَّرة بالبخور والمرّ (نش 3: 6)، لأنها ميتة عن الخطية وحيّة لله (رو 6: 2، 11).

45. تراها (بنات أورشليم) تصعد دون عائق، فتفرحْنَ لشذى(لشذا) استحقاقاتها الطيب، إذ يعرفْن أيضًا أنها عروس سليمان صانع السلام، لهذا تتبَعْها في موكب موالٍ حتى تخت سليمان (نش 3: 7)، لأن الراحة الحقيقية اللائقة بها هي في المسيح الذي هو تخت القديسين، الذي فيه تستريح قلوب جميع المثقلين بحروب العالم. على هذا التخت استراح إسحق، وبارك ابنه الصغير (تك 27: 27)، قائلاً: “الكبير يُستعبد للصغير” (تك 25: 23). وإذ اتكأ يعقوب على هذا التخت بارك الاثني عشر بطريركًا (تك 48: 2، 49). وبالاستلقاء على هذا التخت قامت ابنة رئيس المجمع من الموت (مز 5: 35-43). وبالرقاد على ذلك التخت حطم ابن الأرملة الميت قيود الموت حينما دعاه صوت المسيح (لو 7: 11-17).

تمتعي بأغنية الحب الزيجي

46. وحينما اُقْتِيدتْ العروس إلى موضع الراحة في عرسها غنت بنات أورشليم لها أغنية الزواج وعبَّرْن عن الحب: “اُخرجْن وانظُرْن الملك سليمان بالتاج الذي توَّجْته به أمه في يوم عرسه” (نش 3: 10-11). إنهن يُرنّمْنَ أغنية الزفاف ويدعون القوات السمائية الأخرى أو النفوس لترى حب المسيح نحو بنات أورشليم (نش 3: 11). بهذا استحق أن تُتوِّجه أمه، كابن مُحبّ، وكما يوضح بولس قائلاً: “أَنقذَنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابنه المحب (ابن محبته)” (كو 1: 13). فهو إذن ابن المحبة وهو محبة. إنه لا يقتني الحب عرضًا لكنه يملكه في جوهره…

يُقال: “اُخرجْنَ” أي “اُخرجْنَ من حدود الجسد”، اُخرجْنَ من أباطيل العالم، وانظرْنَ كيف يحمل ملك السلام الحب في يوم عرسه، كيف هو مملوء بالمجد، إذ يَهَب قيامة للجسد ويوحّد النفس به (بالمسيح). هذا هو إكليل الجهاد العظيم. هذه هي الهبة الرائعة لزواج المسيح: دمه وآلامه! ماذا يمكن أن يُعطى أكثر من هذا؟ إنه لم يبخل بنفسه بل بذل ذاته بالموت لأجلنا (رو 8: 32).

استوطني مع العريس السماوي

47. إذ يفرح الرب يسوع نفسه بإيمان هذه النفس واعترافها ونعمتها، يمتدح استحقاقها، ويدعوها إلى الاقتراب منه، قائلاً: “هلمي معي من لبنان يا عروسي. تعالي معي من لبنان، ستأتين. أجل، تعالي آمنة من المنبع الذي هو الإيمان، من رأس شير وحرمون، من خُدور الأسود، من جبال النمور” (نش 4: 8LXX ). أي اخرجي من الجسد، وتجردي منه تمامًا، فإنه لا يمكنك أن تكوني معي ما لم تخرجي عن الجسد، لأن الذين هم في الجسد متغربون عن ملكوت الله (2 كو 5: 8).

“تعالي… تعالي”. التكرار هنا حسن، لأنكم سواء كنتم حاضرين (في الجسد) أم غائبين (عنه) يلزمكم أن تستوطنوا عند الرب إلهكم وأن تسرّوه. تعالوا عندما تكونون حاضرين، وتعالوا عندما تكونون غائبين، وأنتم لا تزالون في الجسد، لأنه بالنسبة لي فجميعكم حاضرون يا مَنْ إيمانهم معي.

إنه معي، ذاك الذي يخرج من العالم.

إنه حاضر معي مَنْ غاب عن ذاته.

إنه مستوطن عندي مَنْ ينكر نفسه (مز 8: 34).

هو معي مَنْ ليس داخل نفسه، لأنه مَنْ كان في الجسد لا يكون في الروح.

إنه معي مَنْ يخرج عن ذاته.

إنه يقترب مني مَنْ كان خارجًا عن ذاته.

إنه بكلّيته لي مَنْ فقد حياته لأجلي (مت 10: 39).

تعالي، تعالي، يا عروسي. إنك ستأتين أمان تعالي آمنة من المنبع الذي هو الإيمان. إنها تأتي، أجل تأتي في أمان من الأرض، تأتي في أمان إذ تجيء إلى المسيح. تأتي باستحقاق الإيمان، ومجد الأعمال التي تُشرق مثل شير وحربون، أي تأتي في طريق نور وقد غَلبت تجارب العالم، وقهرت أرواح الشر (أف 6: 12). تطلب إكليل الجهاد القانوني وتستحق أن تُمدح من المسيح الديّان.

عريسك يمتدح طهارتك

48. “أنتِ جنة مغلقة يا أختي العروس، جنة مغلقة، ينبوع مختوم، أغراسك فردوس رمان مع أثمار أشجار ونباتات عطرة” (نش 4: 12-13 LXX).

تُمدح العروس لأنها جنة، لها في داخلها أريج حقل مثمر، يقول عنه إسحق: “رائحة ابني كرائحة حقل مبارك (مثمر)” (تك 27: 27). النفس الصالحة تكسب شذى البرّ…

الجنة مغلقة حتى لا تغزو الحيوانات الضارة النفس، والينبوع مختوم لتغْسِل آثامها بكمال الختم (ختم المعمودية) وبثباتها في الإيمان.

الينبوع الذي ينبع من الكنيسة يحمل ما يُنسَب إلى نعمة البتولية. دُعِيَ بحق ينبوعًا مختومًا، لأن صورة الله غير المنظور (كو 1: 15) متمثلة فيه.

يوجد أيضًا مديح للنفس التي يرسلها العريس فتأتي متشحة بها. عطايا النفس الورعة هي الأطياب الذكية التي للمرّ والزعفران التي تفوح في الجنات الجميلة والتي تنزع نتانة الخطايا.

عريسك يطلب ثمرك

49. إذ لا تنزعج بهذا الإعلان العظيم تسأل ريح الشمال العاتية أن تسكن حتى لا تحطم الزهور، وأن تهبّ ريح الجنوب، أي أنها تريد أن ينتهي الشتاء وتحل نسمات فصل ألطف هو الربيع (نش 4: 16، 2: 11). […..]

إنها تدعو عريسها إلى جنتها (نش 4: 16)، لينزل ويبتهج بتنوّع ثمارها، يفرح إذ يجد طعامًا أقوى وأحلى. يوجد نوع من خبز الكلمة والعسل، يوجد حديث أكثر غيرة وإقناعًا. يوجد إيمان يُعطي دفئًا أكثر من الخمر، وأكثر نقاوة يشبه مذاق اللبن. يقتات المسيح فينا من هذا الطعام ويشرب من هذا الشراب.

يطالبنا بالخمر المسكر الذي به نرحل عن الأمور الدنيا إلى ما هو أفضل.

Facebook
Twitter
Têlxiram
WhatsApp
PDF
ckbKurdish
Scroll to Top