النص:
8 صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ. وَأُرِيدُ أَنْ تُقَرِّرَ هذِهِ الأُمُورَ، لِكَيْ يَهْتَمَّ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً. فَإِنَّ هذِهِ الأُمُورَ هِيَ الْحَسَنَةُ وَالنَّافِعَةُ لِلنَّاسِ. 9 وَأَمَّا الْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ، وَالأَنْسَابُ، وَالْخُصُومَاتُ، وَالْمُنَازَعَاتُ النَّامُوسِيةُ فَاجْتَنِبْهَا، لأَنَّهَا غَيْرُ نَافِعَةٍ، وَبَاطِلَةٌ. 10 اَلرَّجُلُ الْمُبْتَدِعُ بَعْدَ الإِنْذَارِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ، أَعْرِضْ عَنْهُ. 11 عَالِماً أَنَّ مِثْلَ هذَا قَدِ انْحَرَفَ، وَهُوَ يُخْطِئُ مَحْكُوماً عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ.
12 حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ، بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ. 13 جَهِّزْ زِينَاسَ النَّامُوسِيَّ وَأَبُلُّوسَ بِاجْتِهَادٍ لِلسَّفَرِ حَتَّى لاَ يُعْوِزَهُمَا شَيْءٌ. 14 وَلْيَتَعَلَّمْ مَنْ لَنَا أَيْضاً أَنْ يُمَارِسُوا أَعْمَالاً حَسَنَةً لِلْحَاجَاتِ الضَّرُورِيَّةِ، حَتَّى لاَ يَكُونُوا بِلاَ ثَمَرٍ. 15 يُسَلِّمُ عَلَيْكَ الَّذِينَ مَعِي جَمِيعاً. سَلِّمْ عَلَى الَّذِينَ يُحِبُّونَنَا فِي الإِيمَانِ. اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ.
الشرح:
يأتي نص رسالة اليوم تلخيصا للنقاط الرئيسية التي وردت في مجمل الرسالة الموجهة الى تيطس. يشدد الرسول بولس على الالتزام بالتعليم الصحيح والابتعاد عن التعليم المنحرف ويوصي بسلوك السيرة التي تليق بالقداسة.
“صادقة هي الكلمة” اي كلمة البشارة وقد لخص الرسول فحواها في الآيات التي تسبق هذه الآية إذ قال: “ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس، الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا حتى اذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية” (تيطس 3: 4-7). الكلمة اذاً تبشّر بالخلاص بيسوع وهي “صادقة”.
“اياها اريد ان تقرر” في الأصل اليوناني “ان تتحدث بها بثقة تامة وبإصرار”. “حتى يهتم الذين آمنوا بالله في القيام بالأعمال الحسنة” ذلك لأن الايمان القويم قاعدة لا غنى عنها للسلوك القويم.
“هذه هي الأعمال الحسنة والنافعة” لا تذكر هذه الأعمال في النص اذ قد سبق ذكرها في سياق الرسالة ومما أوصاه الرسول: “ذكرهم ان يخضعوا للرياسات والسلاطين ويطيعوا ويكونوا مستعدين لكل عمل صالح ولا يطعنوا في احد ويكونوا غير مخاصمين حلماء مظهرين كلّ وداعة لجميع الناس” (تيطس 3: 1-2).
“اما المباحثات الهذيانية والأنساب والخصومات والمماحكات الناموسية فاجتنبها” الأرجح ان تيطس كان يواجه مجموعة من المعلمين الكذبة الذين أخذوا يفسرون العهد القديم بصور رمزية كما كانت تفسر الأساطير اليونانية. دعاهم الرسول “بالمتمردين الذين يتكلمون بالباطل ويخدعون العقول… وهم معلمون ما لا يجب من اجل الربح القبيح” (تيطس 1: 10-11). اما تعليمهم فهو مجرد “خرافات يهودية ووصايا أناس مرتدين عن الحق” (تيطس 1: 14).
“رجل البدعة” هو الرجل الذي ينتقي من التعاليم ما يراه مناسبا ويفسره بحسب افكاره وأهوائه. ويستقي الأفكار من اي مصدر يستسيغه جاعلا نفسه المرجع النهائي في التعليم. تكمن الخطورة في انه يستعمْل البشارة لإفساد أذهان المؤمنين. “اعرض عنه” اي لا تقبله ضمن الجماعة الكنسية المؤمنة، افرزه عنها لعلّه يرتدع ويعود عن ضلاله.
“اعتَسَف” اي انحرف ومال عن التعليم القويم “وهو في الخطيئة يقضي بنفسه على نفسه” اي انه اذا استمر في انحرافه فهو يحكم على نفسه بنفسه وبالتالي حكم الكنيسة عليه بالفرز ليس سوى ترجمة لحكمه على نفسه.
كان الرسول بولس قد ترك تيطس في جزيرة كريت وأوصاه ان “يكمل ترتيب الأمور الناقصة وان يقيم في كل مدينة شيوخا وأساقفة” (انظر تيطس 1 : 5 – 9). يظهر ان مهمته انتهت اذ يستدعيه الرسول ويرسل مكانه مساعديْه ارتماس وتيخيكوس.
“اجتهد في تشييعهما متأهبين لئلا يعوزهما شيء” اي واظب على تأمين الحاجات الضرورية لسفرهما والأرجح ان الرسول بولس يتكلم عن تزويدهما بالمال ويدعو المؤمنين في كريت الى تأمينه اذ يتابع قائلا و”ليتعلم ذوونا ان يقوموا بالأعمال الصالحة للحاجات الضرورية”.
“النعمة معكم اجمعين” وجه الرسول بولس الرسالة الى تيطس ولكنه ختمها بعبارة تشمل الجميع وهذا يعود الى ان الرسول يتوقع ان تقرأ الرسالة في الكنيسة.
نقلاً عن نشرة رعيتي
الأحد 17 تشرين الأول 1993 / العدد 42