عيد القيامة في 12 أبريل 347
لقد انتهت أعياد اليهود
“مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح(1)“، فأن مثل هذه مناسبة لأن تكون مقدمة للرسالة، خاصة الآن، حيث تقدم الشكر لله بكلمات الرسول، لأنه أحضرنا من مكان بعيد، ووهبنا مرة أخرى أن نكتب إليكم بصراحة كما هي العادة في رسائل العيد.
لأنه قد اقترب موسم العيد يا أخوتي، فلا نعلن عنه بالأبواق كما يسجل لنا التاريخ، بل عرفنا به وقربنا إليه المخلص، الذي تألم لأجلنا وقام أيضًا كما بشر بولس قائلاً “لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذبح لأجلنا”(2).
فعيد الفصح هو عيدنا… ولم يعد بعد لليهود. لأنه قد انتهى، والأمور عتيقة تلاشت. والآن جاء شهر الأمور الجديدة، الذي فيه يلزم على كل إنسان أن يحفظ العيد، مطيعًا ذاك الذي قال “احفظ شهر (الأمور الجديدة) واعمل فصحًا للرب إلهك”(3).
فأنه حتى الوثنيين يحفظون عيدًا واليهود في ريائهم يعيدون. لكن الرب انتهر أعياد الوثنيين ناظرًا إليها كخبز الحزن، وحول وجهه عن أعياد اليهود بكونهم مرفوضين قائلاً “رؤوس شهوركم وأعيادكم (سبوتكم) بغضتها نفسي”(4).
فالأعمال التي لا تنفذ بطريقة سليمة وبورع تصبح غير مفيدة. فبالرغم من تكريمهم لها، إلا أنهم ينفذون ما أمروا به بطريقة ريائية. لذلك فأنه بالرغم من أن مثل هؤلاء الأشخاص يتظاهرون بتقديم ذبائح، لكنهم يسمعون من الآب بأن كل ذبائحهم غير مقبولة وتقدماتهم لا تبهجه، وإن كانوا يقدمون دقيقًا فاخرًا لكنهم يعملون باطلاً. وبخورهم أيضًا هو مكرهة له(5) لأن الله غير محتاج إلى شيء، كل شيء بالنسبة له طاهر.
وقد أوجد الشريعة الخاصة بهذه الأمور لأجل تعليم الناس ولكي تشير إلى الأمور المقبلة، وكما قال بولس لأهل غلاطية “ولكن قبلما جاء الإيمان كنا محروسين تحت الناموس مغلقًا علينا إلى الإيمان العتيد أن يعلن. إذ قد كان الناموس مؤدبنا إلى المسيح لكي نتبرر بالإيمان”(6)
لكن اليهود لم يعرفوا ولا فهموا، لهذا ساروا في اليوم المعين (عند مجيء المسيح) في الظلام، شاعرين بالحقيقة التي نلمسها نحن التي (كانت في الناموس) لكنهم لم يتلامسوا معها، مطبقين الحرف، غير خاضعين للروح.
انظروا كيف وبخهم الرب بلطف “لأنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عني؟! فأن كنتم لستم تصدقون كتب ذاك، فكيف تصدقون كلامي؟!”(7). وإذ هم غير مؤمنين استمروا في الناموس باطلاً، مصدقين الأمور حسب ملذاتهم، غير فاهمين الكتاب المقدس. وأكثر من هذا إذ في رياء وضعوا تفسيرًا للنصوص الواضحة من الكتاب المقدس ووثقوا في ذلك، لهذا غضب الله عليهم قائلاً على لسان إشعياء “من طلب هذا من أيديكم؟!”(8) وعلى لسان أرميا هددهم إذ كانوا متجاسرين جدًا، قائلاً “ضموا محرقاتكم إلى ذبائحكم وكلوا لحمًا لأني لم أكلم آباءكم ولا أوصيتم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة”(9) لأنهم لم يفعلوا كما يجب، ولم تكن غيرتهم حسب الناموس، بل طلبوا لذاتهم في مثل تلك الأيام كما يتهمهم النبي، إذ ينزلون من قدر الضامنين، حاملين أنفسهم إلى المحاكمات والمنازعات، ضاربين المتواضع بالأول، صانعين كل الأمور حسب ملذاتهم.
لهذا السبب فأنهم سيبقون بغير عيد إلى النهاية، مع أنهم يقومون بدور تمثيلي بأكل اللحم خارج المكان وفي غير الميعاد. فبدلاً من تقديم الحمل الذي بحسب الناموس، تعلموا أن يقدموا ذبائح البعل، وبدلاً من الفطير الحقيقي “يلتقطون حطبًا والآباء يوقدون النار والنساء يعجن العجين ويصنعن كعكًا لملكة السموات ولسكب سكائب لآلهة أخرى لكي يغيظوني (يقول الرب)”(10).
إنهم ينالون جزاء عادلاً بسبب هذا السلوك، فإنهم وإن تظاهروا بحفظ الفصح، لكن الفرح والشرور ينتزعان من أفواههم، كما يقول أرميا “وابطل من مدن يهوذا ومن شوارع أورشليم صوت الطرب وصوت الفرح صوت العريس وصوت العروس لأن الأرض تصير خرابًا”(11).
لذلك “فمن يذبح ثورًا فهو قاتل إنسان، ومن يذبح شاه فهو ناحر كلب. من يصعد تقدمة يصعد دم خنزير. من أحرق لبانًا فهو مبارك وثنًا (مجدفًا)”(12).
والآن فإن هذه الأشياء أن تسر الله، ولا يطلبها منهم، لكنه يقول “هم اختاروا طرقهم وبمكرهاتهم سرت أنفسهم”(13).
اعتراض
ماذا يعني هذا يا أخوتي؟! لأنه يحق لنا أن نتحقق من قول النبي وخاصة فيما يختص بالهراطقة الذين حولوا فكرهم ضد الناموس، معترضين.
لقد أمر الله موسى باحترام الذبائح، ويقوم سفر اللاويين بكليته بترتيب هذه الأمور حتى يقبل الله مقدمي الذبائح، ويوبخ الله عن طريق الأنبياء من يحتقر هذه الأمور كعصاة على الوصايا قائلاً “حينما تأتون لتظهروا أمامي من طلب هذا من أيديكم أن تدوسوا دوري” “لأبي لم أكلم آباءكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة”(14). غير أن البعض ظن أن الكتاب المقدس بهذا غير متفق مع بعضه البعض، وأن الله الذي أعطى هذه الوصايا باطل.
لكن الحقيقة أنه لا يوجد تعارض في الكتاب، حاشا، ولا يمكن للآب الذي هو “الحق” أن يكذب كما يؤكد الرسول(15)…
ولكن هذه الأمور واضحة بالنسبة للذين يتأملونها حسنًا، ويتقبلون كتاب الناموس بإيمان.
والآن يظهر لي –بنعمة الله وبصلواتكم- أن الملاحظات التي أبديها ليست بعيدة عن الحق، إذ أن الوصايا والشريعة الخاصة بهذه الذبائح لم تكن من البداية. ولا يهم فكر الله واهب الشريعة هذه الممزقات، ولكن هذه الأشياء التي أشير إليها إنما هي رموز لغيرها “لأن الناموس إذ له ظل الخيرات العتيدة”(16) وموضوعة إلى وقت الإصلاح”(17).
لذلك فأنه لم يعالج الناموس كله الذبائح، رغم وجود وصايا خاصة بالذبائح في الناموس، لكي بهذا يعلم الناس، وينقذهم من الأوثان، ويجلبهم بالقرب من الله، معلمًا إياهم لأجل أيامنا الحاضرة(18)…
(1) أف3:1.
(2) 1كو7:5.
(3) تث1:16.
(4) إش14:1.
(5) إش13:1، أر2:6.
(6) غلا23:3، 24.
(7) يو46:5.
(8) إش12:1.
(9) أر21:5،22.
(10) أر18:7.
(11) أر34:7.
(12) إش3:66.
(13) إش3:66.
(14) إش12:1، أر22:7.
(15) عب18:6.
(16) عب1:10.
(17) عب10:9.
(18) تحدث بعد ذلك بإطالة كيف وجه الله أنظار الشعب لتقديم الذبائح له لا للأوثان. وأنه يهدف بالذبائح إلى رفع أنظارهم وأنشغال قلبهم لله. ثم تحدث عن الهراطقة وشرهم، ووصايا للعيد خاصة بالفرح والصلاة والشكر الدائم ثم موعد العيد ثم أسماء الأساقفة الحقيقيين.