يعرف هذا القديس بسمعان العجيب أو العجائبي، و هو غير سمعان العامودي و غير سمعان اللاهوتي الجديد. ولد القديس سمعان العجيب في مدينة أنطاكية في أواسط القرن السادس الميلادي من أبوين مسيحيين، وقد مال منذ نعومة أظافره إلي التقوي و محبة الله و لما بلغ أشده هجر العالم و ذهب إلي دير قريب من أنطاكية في جوار جبل يدعى”الجبل العجيب” هناك نسك و تعرف على ناسك يدعى يوحنا فتتلمذ له و أخذ عنه طرق الكمال حتى بلغ إلي درجة سامية من القداسة الرهبانية وعاش مع معلمه سنين طويلة يتباريان في ممارسة أسمى الفضائل المسيحية فكان الصمت و الصيام و الصلاة و مناجاة الخالق أساس حياتهما و نور قداستهما. إتخذ سمعان له عموداً عالياً خارج الدير، و عاش فيه يقتات من حشائش الجبل و كان دائم الصلاة فتتلمذ له كثير من الرهبان وطار صيت قداسته فأخذ الناس يفدون إليه من كل البلاد حاملين إليه أمراض النفوس و الأجساد فكان يرشدهم و يشفيهم، فقد منحه الله صنع العجائب إذ كان يشفي مرضاهم و يطرد الشياطين من أجسامهم بكلمة من فمه أو بإشارة الصليب يرسمها عليهم بيديه.
كان كلما ازداد الناس إقبالاً نحوه ازداد تواضعاً و إماتة لحواسه، و كثيراً ما ذهب بالروح إلي مسافات شاسعة و حضر أمام مرضى كانوا يطلبون شفاعته فشفاهم. ترك سمعان كتابات كثيرة في الشؤون الروحية و إرشاد النفوس كما كتب عدة رسائل دحض فيها البدع التي ظهرت في أيامه، وينسب القديس يوحنا الدمشقي إليه مقالاً في إكرام الأيقونات يبين فيه كيف أن المؤمنين لا يكرمون في الأيقونات الخشب، الذهب، النحاس، الأقمشة أو الورق بل يكرمون السيد المسيح و أمه الطاهرة و الشهداء و القديسين الذين تمثلهم تلك الأيقونات.
بقي القديس سمعان ملازماً حياته الملائكية على العمود مدة خمس و أربعين سنة تكمل فيها بالقداسة و صنع العجائب، و قد عرف بروح الوحي مكنونات القلوب و تنبأ عن الحوادث المستقبلة إلي أن رقد بالرب سنة”596م”.
تحتفل كنيستنا الأرثوذكسية بعيده في اليوم الرابع و العشرين من شهر آيار شرقي (6 حزيران غربي) من كل عام.