耶稣基督人

بعد اعترافها بالمسيح إلهاً وربّاً، تقرّ الكنيسة في دستور إيمانها بإنسانيته معلنةً: “الذي من أجلنا ومن أجل خلاصنا، نزل من السماء، وتجسّد من الروح القدس ومن مريم العذراء، وتأنس”. يستند هذا الاعلان اساساً على الكتاب المقدس وبخاصة مقدمة إنجيل يوحنا الذي بعد قوله بأزلية الكلمة وألوهته، يتابع قائلاً:” والكلمة صار بشراً فسكن بيننا فرأينا مجده مجداً من لدن الآب لابنٍ وحيد ملؤه النعمة والحق” (1: 14). ولنا عند الانجيلي يوحنا ايضاً سند آخر لهذا القول بألوهة المسيح وبإنسانيته الكاملة في آن، حيث يقول في رسالته الاولى:” ذاك الذي كان منذ البدء، ذاك الذي سمعناه، ذاك الذي رأيناه بعينينا، ذاك الذي تأملناه ولمسَتْه يدانا من كلمة الحياة لأن الحياة ظهرت فرأينا ونشهد ونبشّركم بتلك الحياة الأبدية التي كانت لدى الآب فتجلّت لنا” (1: 1 – 2).

هذا يعني ان المسيح يسوع، قبل ظهوره الأرضي، كان له كيان إلهي موجود منذ الأزل ثم ظهر بالجسد في فلسطين أيام الحكم الروماني. الإله الأزلي، سيّد الخليقة، ظهر في التاريخ والزمان إنساناً كسائر البشر. الأقنوم الإلهي أخذ الطبيعة البشرية بكاملها ” ما عد الخطيئة” (عبرانيين 4: 15)، من دون أن يتخلّى عن طبيعته الإلهية، فصار أقنوما إليها واحداً بطبيعتين كاملتين: إلهية وإنسانية.

من أولى الهرطقات التي ظهرت في الكنيسة منذ القرن الأول بدعة المظهرية التي نفت بأن يكون المسيح قد تجسّد حقيقةً، بل ادّعى اصحابها انه اتخذ مظهر جسد او شبه جسد. نجد في انجيل يوحنا، في الآيات المذكورة أعلاه، دحضاً لتعليم هذه البدعة، حيث يؤكد الإنجيلي على حقيقة تجسد ابن الله. تصدّى القديس أغناطيوس الانطاكي (+108) للمبتدعين المظريين فقال في رسالته الى أهل إزمير عن الميسح انه:” هو حقيقة من نسل داود بالجسد، ووُلد حقيقة من العذراء واعتمد من يوحنا ليتم به كل برّ…… تألم حقا وقام حقا بقدرته. انه لم يتألم ظاهريا كما يقول بعض الجاهدين…..”.علّم القديس اغناطيوس ان الاعتراف بتجسد الإله بالحقيقة ضروري لخلاص البشر.

اما القديس ايريناوس اسقف ليون (+202) فيقول مؤكدا على حقيقة التجسد لأجل خلاصنا:”اذا كان لم يولد، فهذا يعني ايضا انه لم يمت، واذا كان لم يمت، فهذا يعني كذلك انه لم يقم من الموت، واذا كان لم يقم من الموت، فذلك يعني انه لم ينتصر على الموت. فكيف بإمكاننا نحن ان نرتفع الى الحياة نحن الذين، منذ البدء، سقطنا تحت ضربات الموت؟ إذاً، الذين لا يؤمنون ان الله سيقيمهم من الموت، هؤلاء وحدهم هم الذين يرفضون ولدت إليهنا ومخلصنا”. الخلاص مرتبط بالإيمان بيسوع المسيح الإله الذي صار انساناً، فإنكار التجسد ليس سوى انكار لسرّ التدبير الإلهي برمّته. والتشكيك بتجسده ليس له غاية سوى التشكيك بقيامته من بين الأموات، وتاليا التشكيك بقدرته على خلاصنا. لهذا يقول القديس ايريناوس نفسه:” المسيح امتلك لحماً ودماً كي يسترجع فيه ما صنعه الآب الى حالة البرارة الاولى”.

استمر الصراع بين المؤمنين بحقيقة تجسد الإله وصيرورته إنساناً من دون ان يُمسّ ألوهته وبين المهرطقين المشككين إمّا بألوهته وإما بإنسانيته، الى ان التأم المجمع المسكوني الرابع في خلقيدونية (451) وحدد العقيدة الأرثوذكسية في ما يخصّ شخص المسيح. فأقرّ الآباء المجتمعون آنذاك بأن المسيح إله حق وإنسان حق، تامّ في الألوهة وتامّ في البشرية. وقالوا:” انه مساوٍ للآب في الألوهة ومساوٍ لنا فب البشرية، شبيه بنا في كل شيء ما عدا الخطيئة. وُلد من الآب قبل كل الدهور بحسب الألوهة، وفي الأيام الأخيرة هو نفسه، لأجلنا ولأجل خلاصنا، وُلد من مريم العذراء والدة الإله، بحسب البشرية. واحد هو، وهو نفسه المسيح، الابن الوحيد، الرب، الذي يجب الاعتراف به في طبيعتين متحدتين من دون اختلاط ولا تحوّل ولا انقسام ولا انفصال”.

يسوع المسيح هو “الكلمة ” الذي أراد الله ان يقوله لنا. التجسد ميزة المسيحية. الله سكن جسداً بدل أن يسكن في كتاب. يقول راعي هذه الأبرشية في مقالة عنوانها “الكلمة والجسد” (النهار 29/3/1987): إزاء التوحيد الابراهيمي – الموسوي قالت المسيحية ان الإله الذي يتكلم كلاما انما يكتفي ببعث الرسل لكنه لا يجيء بكيانه كله. فالكلمات مهما سَمَت تبقى بين الله والانسان وسطا ًووسيطا. انها ليست هي الإله…غير ان الانسان يطلب الله نفسه، لا شيئا منه. يريده بلا وسيط الا اذا كانت طبيعة الانسان المكان الذي تتجلّى فيه الطبيعة الإلهية.

关于我的教区公告
الأحد 7 كانون الثاني 1996
العدد 1

zh_CNChinese
滚动至顶部