اصدر الامبراطور الروماني مكسيميانوس (286 – 305) مرسوما حظر فيه عبادة المسيح وشدّد على السجود للآلهة، آمرا الولاة بان لا يتورعوا عن استعمال العنف والقتل في حق المخالفين.
وكان في مصر والٍ اسمه انبليلنوس، أذاق المؤمنين فيها عذابا مريرا ونكل بهم. ولكي يبرهن الوالي عن غيرته لأوامر مكسيميانوس، أمر بأن يساق عدد من المؤمنين الى تسالونيكي مقر الامبراطور ليمْثلوا امامه. فلما وصلوا الى هناك كان اكثرهم قد اضناه التعب وما لحق بهم من تعذيب. فأمر مكسيميانوس بقتل المرضى وكان عددهم اثنين وثلاثين رجلا. وإن رجلا مسيحيا اسمه افسافيوس سمع باستشهادهم فأخذ اصدقاء له، في الخفية، ودفنهم. اما الذين أبقي عليهم فكانوا اربعة، وهم ثاون وإيرن وبولس وإبلو.
حاول الامبراطور اول الامر ان يحملهم على نكران المسيح فأخفق، فأمر بتعذيبهم. الا ان هؤلاء القديسين رفعوا عيونهم الى السماء وقالوا: “ايها الرب يسوع المسيح، يا من اعان الفتية الثلاثة في أَتّون النار أعنا نحن الخطأة ايضا وأعطنا هبة الشكر لنغلب باسمك القدوس”.
اغتاظ مكسيميانوس من ذلك، وأمر بتعليقهم وتمشيط اجسادهم بأمشاط من حديد وكيّها. وبعد ذلك امر جنده بسوق القديسين الى خارج المدينة. فلما وصلوا الى هناك، وكان كثيرون من اهل البلد يرافقونهم، أعطى الامبراطور الامر ان تطلق على القديسين الوحوش. الا ان الوحوش مسحت وجوه القديسين باذنابها ولحست اقدامهم كانها تتبرك بهم. فلما ابصر الحاضرون ما كان اندهشوا وصاحوا: “عظيم هو اله المسيحيين”. فأحس مكسيميانوس بالإهانة فامر بقتل الناس والوحوش.
احتار مكسيميانوس في امر القديسين فأشار عليه مستشاروه بان ُتقطع رؤوسهم بالسيف. وهكذا كان، فكان استشهادهم في اليوم الثالث من شهر تموز، وهو اليوم الذي تعيّد لهم فيه الكنيسة. اما رفاتهم فقد بذل رجل مصري اسمه يوحنا، مؤمن بالمسيح مقتدر، فاخذ الاجساد الطاهرة ولفها باثواب تليق بها وعطرها ونقلها الى مصر.
ان سيرة هؤلاء القديسين نجدها في السنكسار السينائي، والسنكسار القبطي، والتقويم الجيورجي الفلسطيني. هؤلاء القديسون سقطوا من دائرة الإكرام في العبادة في الكرسي الانطاكي فقط، وكانوا يكرَّمون في باقي الكنائس. كتب سيرتهم الارشمندريت توما في كتاب “القديسون المنسيون في التراث الانطاكي” (1995)، ومنه أُخذ هذا المختصر لحياتهم.