Facebook
Twitter
Têlxiram
WhatsApp
PDF
Email
☦︎
☦︎

عيد القيامة في 11 أبريل 331م

لنعيد رغم ضيقتنا (1) ووجودي معكم

أخوتي الأحباء

لقد اقترب منا يوم العيد مرة أخرى، الذي أن صمتنا فيه نجعله غير مقدس، إنما يلزم أن يكون مكرسًا للصلاة أكثر من كل الأيام، وفيه نحفظ الوصايا. لأنه وإن كنا في ضيق من أولئك الذين يحزنوننا، وبسببهم سوف لا نخبركم عن هذا الموسم (إذ لا يكون بين شعبه)، لكن شكرًا لله الذي يعزي الحزانى، حتى لا ننهزم بشرور أولئك الذين يتهموننا فنصمت، ففي طاعتنا لصوت الحق نصرخ معكم عاليًا في يوم العيد، لأن إله الكل قال بأن يتكلما (موسى وهارون) مع الشعب لحفظ الفصح، ويعلن الروح في المزامير قائلاً: “انفخوا في رأس الشهر بالبوق عيد الهلال كيوم عيدنا” (2) . ويصرخ النبي قائلاً: “عيدي يا يهوذا أعيادك” (نا 15:1).

وأنا لا أرسل إليكم الكلمة كأنكم جاهلين، بل أعلنها للذين يعرفونها، حتى يدركون بأنه وإن كان بعض البعض يفرقنا، لكن الله يجمعنا، فإننا نعيد بنفس العيد، ونتعبد لنفس الإله على الدوام.

ونحن لسنا نعيد كمتفرجين، عالمين أن الرسول يوبخ أمثال أولئك قائلاً: “أتحفظون أيامًا وشهورًا وأوقاتًا وسنين” (غل 10:4)، بل بالحري نكرم هذا اليوم العظيم من أجل العيد، حتى نرضي الله – نحن جميعًا الذين نخدم الله في كل مكان – وذلك بصلواتنا الجماعية. وقد أعلن بولس الطوباوي عن قرب سرور كهذا، وهو في هذا لم يعلن عن أيامٍ بل عن الرب الذي من أجله نحفظ العيد، إذ يقول “المسيح قد ذبح لأجلنا” (1 كو 7:5)، فإذ نتأمل أبدية الكلمة نقترب منه لخدمته.

تاجروا في الوزنات شاكرين

لأنه ماذا يعني العيد سوى خدمة النفس؟! وما هي هذه الخدمة إلا الصلاة الدائمة لله والشكر المستمر؟! فغير الشاكرين، البعيدين عن هذا هم بالحق محرومون من الفرح النابع من هذا، لأن الفرح والبهجة منزوعان عن أفواههم، ولذلك فإن الكلمة (الإلهية) لا تسمح لهم أن يكونوا في سلام، إذ لا سلام للأشرار قال الرب (إش 22:48)، إنما يعملون في ألم وحزن.

لهذا، حتى الذي كان مدينًا بعشرة آلاف وزنة لم ينل الصفح في نظر الرب (مت24:18)، لأنه عندما صفح عنه في الكثير، عاد فاستحق القصاص حتى عما صفح عنه بسبب نسيانه الرحمة…فإذ اختبر الرحمة، كان يلزم أن يكون هو أيضًا مترفقًا بالعبد زميله!

والذي أخذ الوزنة الواحدة، ولفها في منديل وخبأها في الأرض طرد أيضًا لتذمره وعدم شكره، سامعًا تلك الكلمات “أيها العبد الشرير والكسلان عرفت أني أحصد حيث لم أزرع واجمع من حيث لم أبذر. فكان ينبغي أن تضع فضتي عند الصيارفة. فعند مجيئي كنت آخذ الذي لي مع ربا. فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذي له العشر وزنات (مت26:25). لأنه عندما طلب منه أن يعطي سيده حساب الوزنة كان يلزمه أن يعرف شفقة سيده الذي أعطاه هذه الوزنة ويعرف قيمة هذه العطية. فالذي أعطاه ليس برجل قاسي، لأنه لو كان كذلك لما أعطى عبيده الوزنات منذ البداية. ولا العطية التي قدمها هي بالأمر غير النافع أو باطلة، إذ ليس فيها خطأ.

فالذي أعطى هو صالح، والعطية كان يمكن أن تأتي بثمار. لذلك ملعون من يخفي القمح في وقت البذار (راجع أم26:11)، إذ يطالبنا المثل الإلهي ألا نهمل العطية أو نخبئها من غير إكثارها ومضاعفاتها، وإلا بحق نطرد خارجًا كأشرار متذمرين. على هذا ألأساس مدح الرب أولئك الذين ضاعفوا وزناتهم، قائلاً: “نعمًا أيها العبد الصالح الأمين. كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك (مت23:25).

أضرموا الموهبة التي فيكم

هذا كان صحيحًا وبحق، إذ يعلن الكتاب المقدس أنهم ربحوا قدر ما أخذوا. والآن ينبغي علينا يا أحبائي أن نخضع إرادتنا حسب لطف الله ولا نقصر عن العمل، لئلا إذا ما تركنا إرادتنا عاطلة ترحل عنا النعمة التي وهبت لنا فينا. وإذ يجدنا العدو (الشيطان) هكذا فارغين وعراة يدخل فينا، فيكون حالنا كتلك الحالة التي وردت في الإنجيل، ذلك الرجل الذي خرج منه الشيطان. فإنه بعد ما خرج الشيطان منه وذهب إلى أماكن جافة، عاد ومعه سبعة أرواح أشر منه إلى المنزل فوجده فارغًا، لذلك سكن هناك، وصارت أواخر ذلك الرجل أشر من أوائله.

فعدم التحلي بالفضائل يعطي للأرواح الشريرة فرصة للدخول فينا. وأكثر من هذا توجد وصية من الرسول إلى تلميذه يلزمه ألا تكون النعمة المعطاة لنا عاطلة بلا نفع. ويؤكد قائلاً له ألا يهمل الموهبة المعطاة له. لأن الذي يفلح أرضًا يُسر بالخبز، وأما طريق الكسلان فمملوء أشواكًا. ويحذرنا الروح ألا نسقط في هذا (الكسل) قائلاً “احرثوا لأنفسكم حرثًا ولا تزرعوا في الأشواك” (إر3:4)… ويوضح النبي نهاية مثل هذا الكسل قائلاً: “ملعون من يعمل عمل الرب برخاء” (إر10:48) لأنه يلزم على خادم الله أن يكون مجتهدًا حريصًا. نعم، وبالحري يكون ملتهبًا كالنار، حتى عندما يحطم الشهوات الجسدية بروح ملتهبة يكون قادرًا على الاقتراب من الله الذي يلقبه القديسون بـ “النار الآكلة”.

لنضرم نار الروح الذي فينا

لذلك فإن إله الكل هو “الصانع ملائكته رياحًا وخدامه نارًا ملتهبة”(3).

كذلك منع الجمهور عند رحيله عن مصر من أن يلمسوا الجبل الذي فيه يعلن الله الشريعة، لأنه ليس لهم هذه الصفة (نارًا ملتهبة). لكنه نادى موسى الطوباوي إليه، إذ كان ملتهبًا في الروح ومملوء بالنعمة غير المنطوق بها، قائلاً “ويقترب موسى وحده”(4) ودخل موسى السحاب أيضًا، وعندما كان الجبل يدخن ولم يصبه أذى بل بالعكس تنقى بفاعلية كلمات الله التي هي كفضة مختارة منقاة في الأرض(5).

لهذا عندما رغب بولس الطوباوي ألاَّ تبرد نعمة الروح المعطاة لنا، حذرنا قائلاً: “لا تطفئوا الروح” (1 تس 5: 19)، حتى نبقى شركاء مع المسيح. ذلك إن تمسكنا حتى النهاية بالروح الذي أخذناه، إذ قال: “لا تطفئوا…” ليس من أجل أن الروح موضوع تحت سلطان الإنسان أو أنه يحتمل آلامًا منه، بل لأن الإنسان غير الشاكر يرغب في إطفاء الروح علانية، ويصير كالأشرار الذين يضايقون الروح بأعمال غير مقدسة..

فإذ هم بلا فهم، مخادعين، ومحبين للخطية، وما زالوا سائرين في الظلام، فإنه ليس لهم ذلك النور الذي يضيء لكل إنسان آت إلى العالم (يو 1: 9).

 لقد أَمسكت نار كهذه بإرميا النبي عندما كانت الكلمة فيه كنارٍ، قائلاً إنه لا يمكن أن يحتمل هذه النار (إر 20: 9)…

وجاء سيِّدنا يسوع المسيح المحب للإنسان لكي يلقي بهذه النار على الأرض، قائلاً: “ماذا أريد لو اضطرمت؟ (لو 12: 49).

لقد رغب الرب – كما شهد حزقيال (حز 18: 23، 32) – توبة الإنسان أكثر من موته، حتى ينتزع الشر عن الإنسان تمامًا، عندئذ يمكن للنفوس التي تنقت أن تأتي بثمر. فتثمر البذار التي بذرها (الرب) البعض بثلاثين والبعض بستين والآخر بمائة.

وكمثال، أولئك الذين مع كليوباس (لو 24: 32) مع أنهم كانوا ضعفاء في بداية المر بسبب نقص معلوماتهم، لكنهم أصبحوا بعد ذلك ملتهبين بكلمات المخلص، واظهروا ثمار معرفته.

وبولس الطوباوي أيضًا عندما أمسك بهذه النار لم ينسبها إلى دم ولحم، ولكن كمختبر للنعمة أصبح كارزًا بالكلمة (المسيح).

أناس رفضوا النعمة

ولكن لم يكن هكذا التسعة البرص الذين شفوا، لأنهم لم يشكروا الرب الذي طهرهم.

ولا يهوذا الذي حصل على الرسولية ودعي بتلميذ الرب، ولكن أخيرًا بينما كان يأكل مع المخلص رفع عقبه ضده، وصار خائنًا. (6)

أمثال هؤلاء ينالون جزاءهم عن غباوتهم، حيث أن رجاءهم يصير باطلاً لعدم اعترافنا بالجميل، فإن النار الأخيرة المعدة للشيطان وجنوده تنتظر أولئك الذين أهملوا النور الإلهي. هكذا تكون نهاية الإنسان غير الشاكر.

اشكروا الله في كل شيء

لكن خدام الله الأمناء الحقيقيين، لا يكفوا عن تمجيد الله، إذ يعرفون أنه يحب الشاكرين. وهم يقدمون له الشكر في وقت الضيق كما في الفرح يقدمون التسبيح لله بشكر غير مبالين بهذه الأمور الزمنية، بل متعبدين لله إله كل الأزمنة.

هكذا منذ القدم كان أيوب الذي وهب أكثر من كل رجال عصره يشكر الله عندما كان في نعيم. ولما حلت به الضيقة أحتملها بصبر، وإذ تألم كان يشكر الله.

وأيضًا داود المتواضع في وقت الحزن يتغنى قائلاً “أبارك الرب في كل حين”(7).

وبولس الطوباوي لم يكف في كل رسائله عن أن يشكر الله ففي وقت الفرح لم يتوقف عن الشكر، وفي وقت الحزن كان يزداد تسبيحه لله عالمًا أن الضيق ينشئ صبرًا، والصبر تزكية والتزكية رجاء، والرجاء لا يخزى(8).

إذن لنقتف آثار هؤلاء الرجال فلا يمر علينا وقت دون أن نشكر الله، خاصة الآن فإذ نحن في شدة بسبب الهراطقة الأريوسيين الذين يضادوننا، نسبح الله وننطق بكلمات القديسين قائلين “هذا كله جاء علينا وما نسيناك”(9).

نعم فإننا حتى وإن كنا نتضايق محزونين فأننا نشكر الله، لأن الرسول الطوباوي الذي يقدم الشكر في كل وقت يحثنا أن نسلك في نفس الطريق على الدوام بقوله “في كل شيء…. مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله”(10).

وإذ يرغب في أن نثبت على هذا الموقف يقول “صلوا بلا انقطاع. اشكروا في كل شيء”(11) لأنه عارف أن المؤمنين يكونون أقوياء طالما هم يشكرون، وأنهم يفرحون هادمين حصون الأعداء (الشياطين) كأولئك القديسين الذين قالوا “لأني بك اقتحمت جيشًا وبإلهي تسورت أسوارًا”(12).

إذًا لنثبت في كل الأوقات، خاصة الآن رغم ما يحيق بنا من أحزان وما يثيره الهراطقة ضدنا.

دعنا إذن أيها الأخوة الأحباء نعيد بشكر ذلك العيد المقدس الذي يقترب منا الآن، ممنطقين أحقاء أذهاننا، متشبهين بمخلصنا يسوع المسيح الذي كتب عنه “ويكون البر منطقة متينة والأمانة منطقة حقوية”(13)

ليمسك كل واحد منا بالجذع الذي من يسى، وليحتذي باستعداد الإنجيل(14).

لنحفظ الرسول –كقول الرسول- “ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والمحبة”(15)، واثقين أننا قد اصطلحنا خلال المسيح، غير منفصلين عن الإيمان به، ولا مدنسين أنفسنا مع الهراطقة والغرباء عن الحق، هؤلاء الذين نشهد مناقشاتهم ورادتهم عن خستهم. أما نحن فنفرح في أحزاننا وندخل أتون الحديد ونعبر ذلك البحر الأحمر المرعب دون أن يصيبنا أي أذى.

هكذا أيضًا عندما ننظر إلى ارتباك الهراطقة نغني مع موسى بأغنية المسيح قائلين “أرنم للرب لأنه قد تعظم” خر1:15. فنسبح مرتلين، إذ نرى الخطية التي فينا قد طرحت في البحر، وأما نحن فنعبر إلى البرية.

وإذ نتنقى بصوم الأربعين مع الصلوات والتداريب والأعمال الصالحة نستطيع أن نعبر إلى أورشليم لنأكل الفصح المقدس.

موعد العيد

يبدأ صوم الأربعين في الخامس من شهر Phamenath (أول مارس)، وكما قلت إذ قلت أنه إذ نتنقى ونستعد بواسطة هذه الأيام التي للصوم، نبدأ في الأسبوع المقدس الذي للفصح العظيم في 10 برمودة (5 أبريل)، حيث يلزمنا أن نزيد من صلواتنا زيادة عظيمة، ونزيد من أصوامنا وأسهارنا حتى يمكننا أن ندهن مقدمة منازلنا بالدم الثمين فيهرب المهلك(16).

وفي الخامس عشر من برمودة (10 أبريل) لنستريح، لأنه في ليلة الأحد نسمع رسالة الملائكة “لماذا تطلبون الحي من بين الأموات. إنه قام”(17).

نستقبل بعد ذلك يوم الأحد العظيم – أقصد في السادس عشر من شهر برمودة (11 أبريل) الذي إذ فيه قام ربنا، ووهبنا أن يكون لنا سلام مع اخوتنا.

إذًا لنحفظ العيد حسب مشيئته، ولنصف إلى ذلك اليوم الأول من الأسبوع المقدس السبع أسابيع التي للبنديكست، وإذ في هذا اليوم (عيد العنصرة) تسلمنا نعمة الروح القدس، فلنشكر الرب في كل حال…

قبلوا بعضكم بعضًا بقبلة مقدسة. يسلم عليكم الأخوة الذين معي.

وإنني أصلي من أجلكم أيها الأخوة المحبوبين الذين أشتاق إليهم، أن تكونوا في صحة، راجيًا أن تذكرننا في الرب…


(1) يبدو أن البابا أثناسيوس كان مستبعدًا عن شعبه بسبب بعض المضايقات التي مرت بها الكنيسة من الهراطقة.

(2) استحسنت كتابة نص الآية من الكتاب المقدس (مز3:81).

(3) مز4:104

(4) خر2:24

(5) مز6:12

(6) لو24

(7) مز1:34.

(8)  رو3:5-5.

(9) مز17:44.

(10) في6:4.

(11) 1تس17:5،18.

(12) مز29:18.

(13) 1بط13:1.

(14) أش5:11.

(15) أف15:6.

(16) خر7:2،23.

(17) راجع لو5:24.

Facebook
Twitter
Têlxiram
WhatsApp
PDF
☦︎
Scroll to Top