وهذا يعّلمنا إياه الآباء القديسون ومنهم الأنبا إشعيا القائل: “إذا لم يكن هناك توبة فلن يخلص أي بشر، فكما تطهّرنا المعمودية من كل خطيئة حاصلة قبل إتمامها، كذلك التوبة والاعتراف بخطايانا، تطهّرنا من كل عصياننا الذي ارتكبناه بعد المعمودية”.
فكم نحن ضعفاء حتى إننا لا نعترف بخطايانا، ليس فقط لأننا ننسى ذلك ولكن لأننا لا نمارسه حتى عندما نتذ ّ كر ذلك. يا لعدم اليقظة والفطنة!.
اعتراض: البعض يعترض على الاعتراف ويقول:
لماذا عليّ أن أذهب إلى الاعتراف؟ فأنا لا أحمل خطايا كبيرة ومميزة ! دعَ الذين يرتكبون الجرائم ويسرقون ويفسقون أو يرتكبون أنواعاً أخرى من الخطايا يذهبون إلى الاعتراف؟
الجواب:
عندما يقيم إنسان في غرفة مغلقة تماماً لزمن طويل، يتغير مناخها ويسوء، ويعتاد، هذا الإنسان جوّها الرديء، ولا يعود يحسّ كم صارت رائحتها كريهة . ولكن إذا دخلها أحد من الخارج فلن يحتمل رائحة نتنها ولا الصمود فيها للحظة واحدة بل تراه يهرب منها خارجاً بأقصى سرعة.
دَعْ أولئك الذين يقولون: “ليس عندي خطايا كبيرة ومميزة ” يجيبون إذا كان المسيح يسكن في قلوبهم المليئة بروائح الخطيئة؟
إن المسيح يا أخي يحبّ السكنى في قلوب نقية، فهل قلبك طاهر يليق بالمسيح؟
ما نتخيله عن أنفسنا ليس بالضرورة أن يكون كمثل واقعنا، فكيراً ما يخالف التخيل الواقع، “إن قلنا أنه ليس لنا خطيئة نضلّ أنفسنا وليس الحق فينا” ( 1يو 1: 8).
وحيث يسود الكذب يغيب المسيح. فماذا علينا إذاً أن نفعل؟
“إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين عادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهّرنا من كل إثم. إن قلنا إنا لم نخطئ نجعله كاذباً وكلمته ليست فينا” ( 1يو 1: 9-10).
بالنتيجة، من يعتبر نفسه أنه ليس عنده خطايا عظيمة هو أعمى روحياً وعليه أن يصّلي إلى الله كي يشفي بصره ويمنحه الرؤية الصحيحة لخطاياه ومعرفتها، وأن يحفظ نفسه من الغرور الروحي المميت والمهلك بسبب قوله “ليس عندي خطايا كبيرة ومميزة”.
نقلاً عن نشرة مطرانية اللاذقية
الأحد الخامس بعد العنصرة
2004/7/4