Apokryficzna Ewangelia Barnaby

لا نجد في الجداول المسيحية القديمة أن برنابا (راجع أخباره في: أعمال الرسل: 4: 9و 11-15)ترك مؤلفا (إنجيلا أو رسالة…) كما فعل رفيقه بولس أو بعض الرسل الآخرين. غير أن ثمة أناسا شَوَّش عقلَهم، منذ وقت غير بعيد، إنجيل منحول – لا يمتّ للمسيحية بصلة – نَسَبَه كاتبه إلى الرسول برنابا (عرّبه، عن الإنكليزية، د. خليل سعادة، في العام 1908)، معتبرين أنه الإنجيل الحق وأن كل ما عداه محرَّف.

سنحاول، في هذا المقال، أن نعرّف القارئ بحقيقة هذا الكتاب الذي سُمِّي زوراً: “الإنجيل الصحيح ليسوع المسمّى المسيح”.

يتّفق العلماء اليوم أن أول نسخة أصلية لإنجيل برنابا المنحول وُضعت باللغة الإيطالية، وقد ظهرت، في العام 1709، لدى كريمر أحد مستشاري ملك بروسيا، ثم أُخذت منه وأُودعت في مكتبة فيينا العام 1738 م. ويقول العلامة الإنكليزي د. سال إنه وجد نسخة من هذا الكتاب باللغة الإسبانية تخبر أن رجلا أروغانيّا اسمه مصطفى العرندي يدّعي إنه ترجمها عن النسخة الأصلية، ونورد هنا، بتصرف، بعض ما جاء في مقدمة الكتاب، وهو: أن راهبا يدعى مارينو، كان مقرَّبا من البابا سِكْستُس الخامس (1585 – 1590)، اختلس الكتاب (إنجيل برنابا) من مكتبة البابا بعد أن “ران الكرى على أجفان قداسته”، غير أن علماء كثيرين يميلون إلى الاعتقاد بأن الراهب مارينو نفسه هو الذي ألّفه، وذلك بعد أن اعتنق الإسلام وتَسمّى باسم مصطفى العرندي.

وتزيدنا أمور عدّة (أسلوب الكتاب، وفحواه ونوع الورق والحبر….) اعتقادا بأن إنجيل برنابا وُضِعَ في القرون الوسطى. دونكم هذا المثل: ينسب مؤلف الكتاب إلى يسوع أنه قال: “إني حقا أُرسلتُ إلى بيت إسرائيل نبيّ خلاص، ولكن سيأتي بعدي مسيّا (ويقصد محمّداً) المرسَل من الله لكل العالم الذي لأجله خلق الله العالم، وحينئذ يُسجد لله في كل العالم وتُنال الرحمة حتى إن سنة اليوبيل التي تجيء الآن كل مئة سنة سيجعلها مسيّا (محمد) كل سنة في كل مكان” (82: 16-18). والمعلوم أن أول من احتفل بهذا اليوبيل المئوي كان البابا بونيفاكيوس الثامن (1294-1303) وذلك العام 1300، وقال بوجوب تكراره في كل مطلع قرن جديد.

ولا يخفى أن هذا الكتاب يروي تاريخ يسوع بأسلوب يتّفق ونصوص القرآن وكتابات المسلمين القدماء، وتاليا يشوّه فحوى البشارة الصحيحة (يدّعي، مثلا، أن المسيح لم يُصلب ولأنه ألقى شبهه على يهوذا الأسخريوطي فصُلب بدلاً منه…). ونلمس هذا بوضوح في تفضيله محمّداً على يسوع، فقد جاء فيه أن يسوع قال:” مع أني لستُ مستحقاً أن أحل سير حذائه (محمد)، فقد نلت نعمة ورحمة لأراه “(97: 1، 39: 14-26، 41: 29-31، 44: 30-31و97: 14-18. وهناك لمسات إسلامية أخرى ظاهرة في الكتاب، وأبرزها: 112: 13-17 124: 8-10).

وواقع الحال أن كاتبه الذي خرج على الحق تفضحه أمور كثيرة، ومنها أنه يجهل جغرافية فلسطين والبلاد التي كانت مسرحا للأحداث الخلاصيّة، نقرأ: “وذهب يسوع إلى بحر الجليل ونزل في مركب مسافراً إلى الناصرة مدينته” (20: 1)، من المعلوم أن الناصرة مدينة قائمة على جبل مرتفع في الجليل وليست مدينة بحرية. ويجهل أيضا التاريخ الخلاصي، نقرأ: حين وُلد يسوع” كان بيلاطس حاكما في زمن الرياسة الكهنوتية لحنان وقيافا” (3: 2)، وهذا غير صحيح، لأن بيلاطس تولى الحكم من العام 26 إلى العام 36 ب. م، أما حنان فكان رئيسا للكهنة من السنة 6 إلى 15 ب. م، وقيافا من 18 إلى 36 ب. م، وجاء في الكتاب أن “مسيّا لا يأتي من نسل داود” بل من نسل إسماعيل، وأن الموعد صُنع بإسماعيل لا بإسحق” (142: 17و18)، وهذه غلطة تشجبها ببساطة الروايات الإنجيلية (انظر مثلا متّى 1 و2). وهو (أي الكاتب) يجهل تاليا تاريخ الأنبياء والأحزاب الدينية، فقد ورد في الكتاب أنه” كان في زمن إيليا خليل الله ونبيه اثنا عشر جبلا يقطنها سبعة عشر ألف فريسي”، (145: 1، راجع أيضا 148: 6و 7..)، وهذا خطأ لا يمكن أن يقع فيه برنابا الذي يعرف، كونه، في الأصل لاوياً (أعمال 4: 36)، أن إيليا عاش في القرن التاسع ق. م وأن حركة الفريسيين بدأت بعد الجلاء البابلي وتبلورت حزبا دينيا قوميا في القرن الثاني ق. م وتاليا لا يمكن أن يكون الفريسيّون معاصرين لإيليا النبي. ناهيك عن أن الكتاب مليء بالقصص والروايات الخرافية التي لا علاقة لها لا من قريب أو بعيد بالفكر أو الأدب المسيحيين (35: 25-27، 51: 4-40…).

غير أن البحث على إيجازه، لا يكمل، إن لم نذكر بعض المقاطع التي يذكرها الكتاب وهي تخالف صراحة تعاليم القرآن كتاب المسلين. نقرأ:” سافر يوسف من الناصرة إحدى مدن الجليل مع امرأته وهي حبلى… ليكتتب عملا بأمر قيصر. ولمّا بلغ بيت لحم لم يجد فيها مأوى… فنزل…في نزل جُعل مأوى للرعاة. وبينما كان يوسف مقيما هناك، تمّت أيام مريم لتلد، فأحاط بالعذراء نور شديد التألق، وولدت ابنها بدون ألم” (3: 5-10). في حين أن” سورة مريم”، في القرآن، تؤكد أن مريم” فاجاءها المخاض (وهو وجع الولادة) إلى جزع النخلة” (32-23). ونقرأ أيضا: “فليقنع الرجل إذاً بالمرأة التي أعطاه إياها خالقه ولينسَ كل امرأة أخرى” (115: 18)، وهذا يناقض تعليم الإسلام الذي يعلّم بتعدد الزوجات (سورة النساء 3). وأيضا: “فحينئذ يقول رسول الله: يا رب يوجد من المؤمنين في الجحيم من لبث سبعين ألف سنة. أين رحمتك يا رب. إني أضرع إليك يا رب لأن تعتقهم من هذه العقوبات المرة. فيأمر الله حينئذ الملائكة الأربعة المقربين لله أن يذهبوا إلى الجحيم ويُخرجوا كل من على دين رسول الله ويقودوه إلى الجنة” (137: 1-4)، وهذا يُخالف القرآن الذي ينفي مسألة العفو نفياً كاملا (سورة الأحزاب 64-65). وأيضا” فاعترف يسوع وقال: الحق أقول لكم إني لست مسيّا. فقالوا: أأنت إيليا أو ارميا أو أحد الأنبياء القدماء؟ أجاب يسوع: كلا. حينئذ قالوا: من أنت قل لنشهد للذين أرسلونا؟ فقال حينئذ يسوع: أنا صوت صارخ في اليهودية… أعِدّوا طريق رسول الرب” (42: 5-11)، وهذا القول يخالف القرآن الذي يعترف بأن عيسى(يسوع) هو المسيح (سورة آل عمران 45)…

ما لا شك فيه أن هذا الكتاب يشوّه الحقيقة الواحدة، وأعني بها الكتب المقدسة القانونية التي هي شهادات للرب يسوع الذي خلّص العالم بموته وقيامته وختم بمجيئه تاريخ البشر، الذي سيأتي هو ثانية- وليس أحد غيره –ليدين كل خداع، ويدخل الذين استناروا بكلمته الحق إلى خدر حبّه الأبدي.

Z biuletynu parafialnego z 1999 r

pl_PLPolish
Przewiń na górę