إن جسدنا مادي. من الأرض أخذ والى الأرض يعود. أما حياتنا الروحية فتولد من االله. غذاء الجسد شيء، وغذاء الروح شيء آخر: الروح التي تنمو وتحتفظ بالحياة في المسيح. يتغذى الجسم بخيرات مادية. أما الإنسان الجديد، الإنسان الروحي فيغذيه السيد بجسده لهذا يعود الجسد إلى الأرض التي أخذ منها وتتحد النفس أزلياً بالمسيح الذي أخذت منه حياتها الروحية. يصبح الإنسان المتحد بالمسيح سماوياً “كما هو السماوي كذلك هم السماويون” يقول الرسول بولس (1 كورنثوس 15: 48). يصير المسيحي سماوياً لا بروحه فقط بل بجسده أيضاً. يصبح الجسد سماوياً لأنه عضو في المسيح السماوي. فكما أن المسيح الذي قام من بين الأموات” لا يموت ولا يتسلط عليه الموت” (رومية 6: 9). كذلك المسيحيون هم أعضاء حية للمسيح أنهم لا ينتهون إلى الموت بل إلى الحياة لأنه كيف يمكن أن تنتهي بالموت الأعضاء المرتبطة بالرأس والقلب الحيين أبداً؟
ما هي قيمة جسدنا وما قدرته؟ كل الأجساد غبار ورماد ولكن في أعماق هذه الأجساد غنى روحياً عجيباً يكمن فيها وهذا الغنى هو ما نسميه بالإنسان” حياتكم مختبئة بالمسيح” (كولوسي 3: 3). إن جسدنا وعاء من خزف تنطوي فيه الكنوز. “ولنا هذا الكنز في آنية خزفية ليكون فضل القوة الله لا منّا” (2 كورنثوس 4: 7). إن جسدنا، هذا الطيف الخفيف الرخيص سيلبس جمالاً أزلياً عندما يتحد بالمسيح وسيكون في أحد الأيام شعاعاً نيراً من أشعة الشمس العدلية وسيطلع الصديقون مشعين بالبهاء والمجد وسيصعقون فرحاً وتهليلاً لان خبز الحياة، جسد المسيح، النور الحقيقي سينير المختارين وسيكون مع الصديقين دائماً وسيلمع في الحياة الأخرى أولئك الذين اجتازوا حياتهم متحدين بالمسيح، وسيظهر السيد بمجدٍ فوق السحب وسيأخذ منه أولئك الذين صاروا أعضاء من أعضائه وسيكون االله وسط آلهة، وسط مختاريه، سيكون الجميل على رأس الجمال. إن أجساد القديسين تلحد الآن وتسلم إلى الفناء لكن عندما يظهر المسيح الغالب للفناء سنعيش حينئذ أحراراً مع العادم الفساد. “نخطف جميعاً في السحب لاستقبال الرب في الهواء وهكذا نكون مع الرب دائماً” (1 تسالونيك 4: .(16
سيخطفنا السيد. لن ينتظر أن نطلبه. سيفتش عنّا بذاته حيث نكون وسط خطايانـا غـارقين ويرشـدنا على الطريق التي يجب أن نسلكها ويحملنا على كتفيه إذا لوت ركبنا ضعفاً ووهناً، ويقيمنا بعـد كـل سقطة ويدعونا عندما نبتعد، ويستعمل كل السبل لخلاصنا وسيقيمها بحضوره الثاني وسيعطينا أجنحـة لنطير لاستقباله وسيطير أولئك الذين يتناولون جسده الطاهر ودمه الكريم بعـد الاسـتعداد لملاقاتـه. هؤلاء سيأخذون النعمة والخلاص والفرح الرباني وسيدخلون إلى الخدر الـسماوي المـشع بـالأنوار وسيتمتعون بالخيرات الأبدية الخالدة.