غريغوريوس الأول -الذيالوغوس- بابا روما

غريغوريوس الأول (الذيالوغوس)

غريغوريوس الأول (الذيالوغوس)يُنسب إليه القداس المعروف ب “السابق تقديسه” الذي يقام في أيام الصوم الكبير ما عدا يومَي السبت والأحد. يُلقّب القديس غريغوريوس بـ “الذيالوغوس” والتي تعني المتكلم باللاهوت.

وُلد في رومية حوالي العام 540 م لعائلة مسيحية تبوأ بعض أفرادها سدة البابوية. بعد إنهاء دراسته العالية صار والياً لمدينة رومية. نشأ على حبّ قراءة الكتاب المقدَّس والتأمل فيه.

بعد أن توفي والداه ترك غريغوريوس وظيفته ووزع القسم الأكبر من ثروته على الأديار والمحتاجين واعتزل راهباً بسيطاً في دير أنشأه في قصره وجعله بشفاعة القديس أندرواس الرسول.

لم ينعم غريغوريوس بالسلام الديري طويلاً. لأن البابا بيلاجيوس (579- 590م) المختار للبابوية حديثاً أختاره سفيراً له وأوفده إلى القسطنطينية في مهمة لدى الإمبراطور والبطريرك هناك. كانت بشأن ما تتعرض له البلاد الإيطالية من ظلم اللمبارديين وتعسُّفهم.

بعد أن قضىَ غريغوريوس ست سنوات في القسطنطينية، عاد إلى رومية، واختير رئيساً لديره. حيثُ عرف خلال رئاسته بصرامته في حفظ التراث الرهباني بلا هوادة.

بعد وفاة بيلاجيوس، إثر وباء تفشىَّ سنة590م، رفع الإكليروس والمشيخة والشعب الصوت وألزموا غريغوريوس بقبول السدة الأولى في كنيسة رومية رغم احتجاجه وتهربه.

الزمن الذي تولىَّ فيه قديسنا سدّة الأسقفية الأولى في رومية كان مضطرباً جداً، لكنه عرف، بنعمة الله، أن يوظف طاقاته ومواهبه في حفظ قطيع المسيح كراعٍ ممتاز.

غريغوريوس الأول (الذيالوغوس)عمل غريغوريوس على نظم الحياة في داره الأسقفية على صورة الحياة في الدير. اهتمَّ بالخدم الليتورجية اهتماماً كبيراً، وشجَّع إكرام رفات القدّيسين، كما أصلح الترتيل الكنسي. كذلك اهتمَّ بملاحظة اختيار الأساقفة وتصدى للسيمونية ولم يسمح لأي من الأساقفة أن يقيم خارج أبرشيته، وعقد مجامع محليَّة اهتمت بمحاربة الهرطقات وإصلاح الأخلاق وعمل على الحؤول دون تدخل السلطات المدنية في الشؤون الكنسية والأساقفة في الشؤون الديرية. نطاق رعايته كان في اتساع وكان يطوف على الكنائس واعظاً. والتي كان لا يتسنىَّ له الكرازة فيها بالحضور الشخصي كان يوفد إكليريكيين ليتلوا على الشعب رسائل منهُ. وإلى مهامه الرعائية كانت له مراسلات عديدة في كل العالم المسيحي، وله أيضاً مقالات روحيَّة قيَّمة.

اتشح غريغوريوس بثوب الإتضاع في كل ما كان يفعله. كان يدعو الكهنة إخوة والمؤمنين أسياداً. في كل رسائله كان يعتبر نفسه “خادم خدَّام الله”. ناظراً إلى نفسه كخاطئ كبير.

على صعيد المقالات، وضع العديد القيِّم منها نظير “عِبَر أيوب” التي هي تعليقات على الكتاب المقدَّس بسَّط فيه أسلوبه المميز في التفسير الاستعاري الأخلاقي. كما عرض لكافة جوانب الحياة المسيحية بدءاً من الشؤون العلمانية وامتداداً إلى أسمى المسائل الروحية. وله أيضاً كتاب قيم هو “عجائب الآباء في إيطاليا” أو ما يعرف “بالحوارات”. أيضاً له كتاب يتحدَّث عن استمرارية الحياة بعد الموت، وفعالية الصلوات في تعزية نفوس الراقدين. كذلك يُنسب إليه القداس المعروف بـ “السابق تقديسه”. كما أنه كتب سيرة القديس البار بنديكتوس الذي نعيّد له في 14آذار.

رقد قديس الله غريغوريوس بالرَّب في 12 آذار سنة 604م. بعد أن أقام في الخدمة الأسقفية أربعة عشر عاماً لم يتوقف فيها عن اشتهاء الحياة الرهبانية لو كانت تعود إليه.

أخبار عن القديس:

كانت الكنيسة – يوم جُعل أسقفاً سنة 590 م- على أشقى ما تكون الأحوال: الهرطقات في كل مكان، الانقسامات، ظلم البرابرة، الاساءة.. والمجاعة. فاهتمَّ غريغوريوس بتوزيع المؤن على المحتاجين… وكان هو كل يوم يستقبل إلى مائدته اثني عشر فقيراً يغسل أيديهم معتبراً نفسه مسؤولاً عن كل مَن يحدث أن يقضي جوعاً. وإليكم حادثة وقعت للقديس حين كان رئيس للدير:

ذات يوم فيما كان جالساً في قلاّيته يكتب، جاءه فقير، فأمر تلميذه أن يعطيه 6 قطع نقدية، َفَفعَل. وبعد ساعة عاد الفقير نفسه وقال للقديس: ارحمني يا عبد الله العليّ. لقد أعطيتني أقلّ مما خسرت.. فأمر تلميذه أن يعطيه ست قطع أخرى، َفَفعَلَ. وبعد قليل عاد الفقير وقال للقديس: ارحمني يا عبد الله العلي واعطني بَرَكة أخرى فإن خسارتي كبيرة.فدعا تلميذه وأمره أن يعطي الفقير ست قطع أيضاً. فأجابه التلميذ بأن المال نفذ. فقال للتلميذ: اعطه، إذاً، أي وعاء، أو لباس ليسدّ حاجته. وإذا لم يكن في الدير غير الطست الفضي الذي أرسَلْته والدة القديس مع بعض الحبوب فقد أمر أن يُعطى للفقير. فأخذ الفقير المال والطست ومضى.

فلمّا صار غريغوريوس أسقفاً، كالعادة أمر بإعداد مأدبة لاثني عشر شخصاً.. فلمّا حضر معاونه وسأله لماذا خالف أوامره؟!.. فاستولى عليه الخوف، وعدّ المدعوّين فكانوا اثني عشر.! وَحده غريغوريوس رَآهم ثلاثة عشر.. وفيما هم يأكلون نظر الأسقف، الثالث عشر فرآه جالساً على طرف المقعد ووجهه يتبدّل من شكل رجل شيخ إلى شكل شاب. فلمّا نهضوا عن المائدة، أطلق الأسقف الجميع إلاَّ الثالث عشر الذي دخل به غرفته الخاصة وقال له: أُقسِمُ عليك بقوة الله العظيم مَنْ أنت وما اسمك؟ فقال له: أنا هو ذلك الفقير الذي أتى إلى الدير وأعطيته الاثني عشر نقداً والطست الفضي الذي أرسلته لك أمّك.

إعلم أّنك منذ ذلك اليوم عيَّنك الرب رئيساً للكنيسة وأن تكون خليفة لبطرس الهامة. فقال له غريغوريوس : وكيف علمت بذلك؟ فأجاب : لأني أن ملاك الرب الضابط الكل. وقد أرسلني الرب لأمتحن نيّتك إن كنت محباً للبشر بالحقيقة ولا تتصدّق بدافع الظهور.. لا َتخف.. فقد بَعَث بي الرب إليك لأكون معك ما دُمت في هذه الحياة وتطلب منه ما تحتاج إليه بواسطتي.

فخرَّ غريغوريوس بوجهه على الأرض وسجد قائلاً: إن كان الرب الكلي الرحمة مِنْ أجل قليل من هذا الخبز قد أظهر ما لا يُعدَّ من المراحم بإرسال ملاكه ليكون معي.. فأي مجدٍ يناله الذين يُثابرون على وصاياه ويعملون البرّ؟

فبشفاعة قديسك غريغوريوس اللهمَّ ارحمنا وخّلصنا آمين.

طروبارية باللحن الرابع
لنمدَحْ جَميعُنا بالنشائِدِ بشَوقٍ، غريغوريوسَ الذيالوغوسَ الحكيم, بابا روميَّة, الخادِمَ الشريف, وخليفَةَ بطرسَ الهامة, وكاتبَ خِدمَةِ القدُساتِ السابِقِ تقديسُها. لأنَّهُ يتشفَّعُ بلا انقطاعٍ إلى المسيحِ في خلاصِنا.

قنداق باللحن الرابع
لنمدحِ الآنَ باستحقاقٍ غريغوريوسَ الذيالوغوس, الحكيمَ الإلهيَّ المتقدِّس, بابا روميَّة, وكاتبَ الخِدمَةِ ومعلِّمَها.

sv_SESwedish
Rulla till toppen