عيد القيامة في 7 برمودة 48 (1) / 2 أبريل 332م
(أرسلت هذه الرسالة من البلاط الإمبراطوري بواسطة أحد الجنود(2))
أرسل إليكم يا أحبائي رسالتي متأخرًا وليس كما اعتدت؛ واثقًا أنكم ستسامحونني على تأخيري وذلك لطول رحلتي وبسبب مرضي. فقد أعاقاني هذان السببان عن الإرسال، هذا مع حدوث عواصف شديدة على غير العادة. فأرجأت الكتابة إليكم.
وبالرغم من طول مدة السفر مع مرضي الشديد، لكنني لا أنسى أن أقدم لكم تعاليم العيد، إذ من واجبي أن أخبركم عن العيد.
ومع أن هذه الرسالة قد جاءت متأخرة عما اعتدت عليه، لكنني أظن أنه لا زال الوقت مناسبًا، خاصة وأن أعداءنا(3). قد صاروا في عار، ووبختهم الكنيسة لأنهم اضطهدونا بلا سبب فلنرنم الآن بترنيمة العيد ناطقين بتسبحة النصرة ضد فرعون قائلين “أرنم للرب فأنه قد تعظم. الفرس وراكبه طرحهما في البحر”(4).
انتعشوا بالغذاء الروحي يوم العيد
حسنًا يا أحبائي أن نخرج من عيد إلى عيد، فأن احتفالات العيد والأسهار المقدسة التي ترتفع في عقولنا، تدعونا إلى حفظ السهر على التأمل في الأمور الصالحة.
ليتنا لا نترك هذه الأيام تمر علينا مثل تلك التي حزنا فيها، إنما إذ نتمتع بالغذاء الروحي تخمد شهواتنا الجسدية.
بهذه الوسيلة نقدر أن نغلب أعداءنا (الشياطين والشهوات كما صنعت يهوديت المباركة(5)، إذ تدربت أولاً على الأصوام والصلوات، وبهذا غلبت الأعداء وقتلت أليفاناذ.
وعندما كان الخراب سيحيق بكل جنس استير… لم تفسد ثورة الطاغية إلا بالصوم والصلاة إلى الله، وهكذا حولت هلاك شعبها إلى حفظهم في سلام(6).
وإذ كانت الأيام التي فيها يقتل العدو أو تباد مؤامراته، تعتبر بالنسبة لهم أعيادًا… لذلك أمر موسى المبارك أن يعيد بعيد الفصح العظيم، لأن فرعون قد قتل والشعب خلص وتحرر من العبودية…
اليوم قد قتل الشيطان عدونا
والآن يا أحبائي.. قد ذبح الشيطان، ذلك الطاغية الذي هو ضد العالم كله، فنحن لا نقترب من عيد زمني بل عيد دائم سمائي. معلنين إياه لا خلال ظلال (وحرف) بل في الحق. لأن أولئك بعد ما شبعوا من جسد الخروف الأبكم تمموا العيد، وإذ مسحوا قوائم بيوتهم بالدم نجوا من المهلك. أما الآن فإذ نأكل “كلمة” الآب وتمسح قلوبنا بدم العهد الجديد نعرف النعمة التي يهبنا إياها المخلص الذي قال “ها أنا أعطيكم سلطانًا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو” (لو19:10) لأنه لا يعود يملك الموت، بل تتسلط الحياة عوض الموت، إذ يقول الرب “أنا هو الحياة” (يو6:14)، حتى أن كل شيء امتلأ بالفرح والسعادة، كما هو مكتوب “الرب قد ملك، فلتفرح الأرض”.
لأنه عندما ملك الموت “على أنهار بابل جلسنا فبكينا” (راجع مز1:97، 1:137) ونحنا، لأننا قد شعرنا بمرارة الأسر. وأما الآن إذ بطل الموت وانهدمت مملكة الشيطان، لذلك امتلأ كل شيء بالفرح والسعادة. ولم يعد الله معروفًا في اليهودية وحدها بل في كل الأرض “في كل الأرض خرج منطقهم وإلى أقصى المسكونة كلماتهم” (مز1:76، 4:19).
الأمور الباقية واضحة يا أحبائي. أنه يلزمنا أن نقترب إلى عيد كهذا لا بثوب مدنس، بل أن تلتحف نفوسنا بأثواب طاهرة.
يلزمنا أن نلبس ربنا يسوع(7)، حتى نستطيع أن نعيد العيد معه.
والآن نحن نلبسه عندما نحب الفضيلة ونبغض الشر؛ عندما ندرب أنفسنا على العفة ونميت شهواتنا، عندما نحب البر الآثم، عندما نكرم القناعة، ويكون لنا عقلاً راسخًا، عندما لا ننسى الفقير بل نفتح أبوابنا لجميع البشر، عندما نعين الضعفاء وننبذ الكبرياء.
بين الفصح الحقيقي والفصح الرمزي
لقد كان هذا لإسرائيل القديم(8) في رموز، محاربين لأجل النصرة، معيدين في ظلال وحرف.
أما نحن أيها الأحباء فقد تحقق لنا ما كان ظلالاً، وتم ما كان حرفًا، لذلك يلزمنا ألا ننظر إلى العيد كرمز، ولا نذهب إلى أورشليم التي هي هنا أسفل (في الأرض) لكي نقدس خروف الفصح… لئلا عندما يعبر الوقت (الموسم) ينظر إلينا أننا نصنع أمرًا غير مناسب. ولكن بحسب أمر الرسل يلزمنا أن نتعدى حدود الحرف، ونترنم بأغنية التسبيح.
فبإدراكنا هذا، مجتمعين مع بعضنا البعض بالحق (المسيح) يقتربون إلينا ويقولون لمخلصنا “أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح؟!”(9).
فإنه لا تعود هذه الأمور تصنع في أورشليم التي هي أسفل ولا هناك فقط بالعيد بل أينما يريد الله. إنه يريد الآن أن يكون العيد في كل مكان حتى أنه “في كل مكان يقرب لاسمي (لأسمه)” (مل 11:1).
فمع أنه في التاريخ لم يكن يحفظ الفصح إلا في أورشليم لكن لما جاء ملء الزمان وعبرت الظلال وانتشرت الكرازة بالإنجيل في كل مكان، ونشر التلاميذ الأعياد في كل الأماكن كأنهم يسألون المخلص “أين تريد أن نعده؟!” والمخلص أيضًا إذ حول الحرف إلى روح، وعدنا أنهم لا يعودون يأكلون جسد الخروف، بل يأكلون جسده هو قائلاً: خذوا كلوا واشربوا هذا هو جسدي ودمي (راجع مت26:26-28).
فإذ ننتعش بهذه الأمور، فأننا بالحق يا أحبائي نحفظ عيد الفصح الحقيقي.
موعد العيد
أننا نبدأ في أول برمودة (27 مارس) ونستريح في السادس منه (أول أبريل)، في عشية اليوم السابع، في أول أيام الأسبوع المقدس أشرق علينا في السابع من برمودة (2 أبريل) فنعيد أيضًا عيد البنديكستي المقدس بعد ذلك معلنين في هذه الأيام العالم الآتي، حتى يكون مع المسيح إلى الأبد، مسبحين الله فوق الكل في المسيح يسوع وخلالهن قائلين مع كل القديسين “آمين”
قبلوا بعضكم بعضًا بقبلة مقدسة.
يسلم عليكم كل الأخوة الذين معي.
إننا نرسل لكم هذه الرسالة من البلاط بيد الضابط officer المساعد، الذي أعطى له بواسطة Ablavius إلى مقاطعة Praetorium الذي يخاف الله بحق. لأنني وأنا البلاط دعاني الإمبراطور قسطنطين أن أراه، ولكن الـ Meleteins الذين كانوا هناك حاولوا إهلاكي وتحطيمي أمام الإمبراطور وذلك بدافع الحسد. ولكنهم قد صاروا في خزي وطردوا كموشين إذ انكشفوا متلبسين في أمور كثيرة.
الذين طردوا هم Callinicus، Ision، Sudaemon وGeloeus Hieracamon (10) الذي بحسب اسمه المخزي يدعى أولجيوس.
(1) جاء في النص السرياني 17 برمودة بدلاً من 7، وقد ذكر التاريخ الصحيح في صلب الرسالة وهو 7 برمودة.
(2) جاء هذا في نص الخطاب.
(3) يقصد بالأعداء الهراطقة الذين وشوا به.
(4) خر1:15.
(5) يهوديت 8:13.
(6) أس16:4.
(7) رو4:13.
(8) هنا نلاحظ عدم اعتراف الكنيسة الأولى باسرائيل بعدما صلبوا الرب وتشتتوا وانتفت عنهم كلمة “اسرائيل”.
(9) مت17:26.
(10) هذا الاسم يعني “الضاحك أو الكثير الضحك”.