(1) 1 – الرسالة الفصحية
غب المصافحة الأخوية بالفادي يسوع والتحيات الزكية وافتقاد الخاطر الكريم نبدي:
نشكر الله تعالى على نعمه الغزيرة التي يغدقها علينا ومحبته المتجلية بافتقادنا.
فبقلب مفعم بالسرور نبادلكم القبلة الفصحية عربون امتزاجنا بدم المسيح وقيامته، وتحولنا في نشوة الارتياح أمام الجلجلة والقبر إلى محفل روحي تجمعه المحبة مرنماً بخشوع لمن لطف بنا فصار لنا فصحاً أبدياً نتناوله بالشكر ساجدين. جعله الله لكم عيد سرور أبدي.
إن هذا الأيام الخلاصية التي نتذكر فيها آلام الرب ودفنه وقيامته ما كانت إلا لتدمجنا في حياة المسيح الرب فتعيش معه لحظة بعد لحظة الصليب المجيد الذي تنكبه منذ تنازل لخلاصنا، فهو خروفنا المذبوح قبل الدهور. أخلى نفسه ووضعها محتملاً كل شيء لأجل خلاصنا حتى الموت على الصليب وقد دعانا إلى جمل صليبنا كل يوم واقتفاء آثاره.
فلتكن ذكرى الصلب لنا إرساخاً لأقدامنا في حمل الصليب على مناكبنا والوقوف معه على الجلجلة مصلوبين للعالم مصلوباً لنا حتى نبلغ به انتفاضة قيامة مجد أبدي، ماحقين قوى الشر والجحيم جميعاً.
يا لها من حقائق تنقل الغنسان من عالم المادة والفساد، إلى عالم الفضيلة في رفعة الروح وبهاء التحلي بالنعمة الإلهية المخلصة. فالقلم، كل قلم، عاجز عن وصف أمجاد العيد، واللسان، كل لسان، عاجز عن منحه حقّه من الثناء والمديح.
والآن ليس لنا سوى أن نسجد خاشعين مهللين مذهولين لمن فتح لنا أبواب الفردوس ونقلنا من أرض عبودية الخطيئة إلى حرية ابناء النور والحق. فلنبارك ولنمجد من هو علّة هذه الخيرات أي غله آبائنا تبارك وتمجد وحده.
لقد اشترانا بدمه المسفوك عنا فتحولنا بدمه من مائتين فاسدين غلى خالدين في نور الروح القدس. فهل تكون لنا كأس الخلاص غرقاً في لجة دم المحبة المضحاة لنبذل نحن أيضاً أنفسنا عن الرعية كما بذل هو نفسه عن الجميع.
إن البشرية تنسى دوماً أن يسوع ذاته هو هو الطريق، فيه نحيا ونتحرك ونوجد. هو مركز ثقلنا الأوحد المتحكم في حركاتنا وسكناتنا. يقوم في وسط كل منا حياة جديدة مندفعة إلى العلاء، متشوقة إلى الأصل، الآب السماوي.
نسأل يسوع الناهض من القبر في اليوم الثالث أن تتحقق قيامته المجيدة فينا وأن يديم نعمته الإلهية معنا وفيما بيننا، آمين.
2 – المسيح قام… حقاً قام
في صبيحة يوم الفصح، يتبارى المسيحيون في الهتاف بعضهم لبعض: “المسيح قام” ليسمعوا رداً أقوى “حقاً قام” (2).
الهاتف الأول مبشر مؤمن بالقيامة، مغتبط بالغلبة فرح بالنصر، ممتلئ بالرجاء، مذهول بملاشاة الموت وبزوغ الحياة الجديدة. وهناف الثاني الجوابي تعبير أقوى عن إيمان حيّ أوعب النفس بشعور واقعية القيامة. القيامة بالنسبة إليه حقيقة راهنة لا تقبل الجدل ولا يقف في وجهها اعتراض: “حقاً قام”. ليس بعد هذا التأكيد مجال للشك ولا باب لجعل القضية من باب الأمل أو الرجاء. “حقاً قام” أي أن القيامة وقعت فعلاً، وفهيا نعيش مذهولين من شدة فرح غمر القلوب، ونقل النفوس من حال اليأس والبؤس إلى حال التلألؤ بغبطة ليست من هذا العالم.
فلا غرابة أن يكون عيد القيامة عيد الأعياد وموسم المواسم وأن تكون قيامة المسيح الموضوع الأول في بشارة الرسل: “إن كان المسيح لم يقم فكرازتنا إذاً باطلة وإيمانكم باطل” (1كو 15: 14). فلو لم يقم المسيح لما كانت الديانة المسيحية. ولكنه قام وهو باكورة الراقدين.
في آدم مات الجميع، بآدم انتقل الموت إلى الجميع، أما في المسيح فقد قام الجميع، بالمسيح انتقل الجميع من الموت إلى الحياة (1 كو 15: 20-21 ورومية 5: 1-21). فالمسيح فصحنا الأبدي أجازنا من ارض عبودية الخطيئة والشيطان والموت إلى حياة الطهارة والمجد والنصر والخلود. ولم نجُزْ بواسطته كأنه شيءٌ خارج عنا إنما جزنا فيه لأنه هو حيّزنا الطبيعي. فيسوع الإله المتجسد أتى إلى الأرض ليتخذنا مسكناً له “فيه نحيا ونتحرك ونوجد” (أعمال 17: 28).
وإذا ما سمعنا يوم الفصح تلاوة من الفصل الأول من إنجيل يوحنا فلنفهم أن عمق أسرار الله تجلى لنا في يوم القيامة، يوم ملكوت الله على الأرض في مجد عظيم. “فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس… والكلمة صار جسداً وسكن فينا وقد أبصرنا مجده… ومن امتلائه تحن كلنا أخذنا نعمة فوق نعمة”. وفي هذا الفصل نفسه يبشرنا يوحنا الإنجيلي بأن يسوع أولى المؤمنين أن يكونوا أبناء الله. نعم، إن الله صار إنساناً لكي يصير الإنسان إلهاً. في التجسد الإلهي ارتدى يسوع جسد تواضعنا فعاش الفقر الروحي ووضع نفسه وأطاع حتى الموت على الصليب. فحمل هكذا الصليب منذ تجسده حتى دفنه. أما في القيامة فقد بزغ من القبر قيامة وحياة جديدة لتابعيه. على الصليب وفي القبر بادت شوكة الخطيئة وسلطة الموت وجبروت الشيطان وقوة الجحيم. وتلاشى الفساد والبلى، وانبعثنا لحياة جديدة خالدة في محد إلهي بهي. وما لي أقول انبعثنا؟ إنما انبعث المسيح فينا. فما جرى للمسيح منذ تنازله العظيم للتوشح بجسدنا، حتى صعوده المجيد إلى السماء، يجري لكل واحد منا في المسيح وبالمسيح ومع المسيح. ولنسمع بإمعان وروية ما صدح به غريغوريوس اللاهوتي من بعد الرسول بولس: “بالأمس كنت مصلوباً مع المسيح، واليوم أنا ممجد معه بالأمس كنت أموت مع المسيح، واليوم أحيا معه من جديد. بالأمس كنت مدفوناً مع المسيح. واليوم أخرج معه من القبر. فلنحمل إذاً بواكيرنا إلى من تألم وقام من أجلنا… لنقرب إذاً أشخاصنا بالذات: هذه هي الهدية الأنفس في عيني الله والأقرب إليه. لنجعل بحسب صورته ما يشبهه بالأكثر… لنكن كالمسيح بما أن المسيح صار مثلنا، لنصر آلهة من أجله بما أنه صار إنساناً من أجلنا” (مين 36: 397).
وكان الثاولوغس مغرماً بتعمق سر اتحادنا بجميع دقائق حياة المسيح، فتحدث عن الموضوع بشغف واختطاف مراراً: “كن مصلوباً مع المسيح، كن مماتاً معه، كن مدفوناً معه، لكي تقوم معه، وتمجد معه، وتملك معه” (مين 36: 332-333).
أما الرسول فسبق وقال: “دفنا معه في الموت حتى أننا كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب كذلك نسلك نحن أيضاً في جدة الحياة. لأنا إذا كنا قد غرسنا معه على شبه موته، فنكون على شبه قيامته أيضاً… فإن كنا قد متنا مع المسيح نؤمن أننا سنحيا أيضاً معه” (رومية 6: 4-6)، “حين كنا أمواتاً بالزلات أحيانا (الله) مع المسيح. فإنكم بالنعمة مخلَّصون. وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماوات في المسيح يسوع” (أفسس 2: 5-6)، “إذاً إن كنتم مع المسيح فابتغوا ما هو فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله” (كولوسي 3: 1).
فهذا الارتباط الكياني بين مصيرنا ومصير المسيح يجعل قيامته منطلقاً لنا نحو حياة جديدة على رجاء القيامة العامة. ونحن الذين رسخنا معه في تجسده وصلبه ودفنه وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب، سنكون راسخين فيه يوم مجيئه الثاني المجيد. فلا نتمتع بوجود خاص منفصل عن المسيح، إنما نملك تمام كياننا في المسيح حيث نحن خليقة جديدة مجبولة بدم المسيح المسفوك على الصليب هذا الدم عقد الله به مع كل منا عهداً جديداً ابدياً وفصحاً خلاصياً. فجميعنا نشترك في خروف الفصح الجديد، فنأكل منه نائلين الصفح عن خطايانا وممتلكين في ذواتنا يسوع المصلوب الناهض من القبر وقوة للخلاص والفوز بالنعيم الأبدي. جميعنا نشترك، جميعنا نقتحم قدس أقداس الله، بلا تفريق ولا تمييز لأن المسيح جاء ليخلص الإنسان، كل إنسان، وكل الإنسان. فالعيد للجيمع والفرح للجميع والظفر للجميع. وفرحنا روحيّ في المسيح الواحد الذي جمعنا في ذاته لرجاء واحد. فلا صغير ولا كبير، لا غني ولا فقير، لا ملك ولا عبد، لا سيد ولا مسود. الجميع أخوة متساوون أمام يسوع وأقربهم إليه هو أكثرهم تواضعاً وإنسحاقاً أمامه، هو أعمقهم محبة للأخوة وأسخاهم بذلاً للذات في خدمة الآخرين. وأقدر الناس على التمتع بالمواهب الروحية إنما هم الذين ينهمكون أقل من غيرهم في مشاغل الحياة، هم الزاهدون في الدنيا الراغبون في الآخرة، لأن المواهب الروحية توزع بحسب عواطف القلب، كما قال الذهبي الفم، لا بحسب مناصب الناس. وقد طرق موضوع المساواة بين الناس ببراعة ووضوح رائع. قال: “النعمة السماوية لا تعرف التمييز بين الأشخاص” (3). فإذ نجتمع في يوم الفصح -والزمان كله بعد قيامة المسيح قيامة وفصح (4)– أمام مائدة خلاصية واحدة، لنتناول المسيح الواحد الذي يضمنا إليه صانعاً منا نحن الكثيرين واحداً في جسده الواحد، فلنرفع الأيادي شاكرين ومسبحين للذي نصرنا في ذاته على أعداء الجنس البشري جميعاً، ولنتذكر على الدوام أن من بذل ذاته من أجلنا إنما بذلها لكي يقدسنا لذاته شعباً جديداً يعبد الله بخلوص النية وصفاء القلب. فلنظهر ذواتنا إذن من الخطايا جميعاً ولنكرس نفوسنا لله الذي صرع الموت من أجلنا لكي لا نبقى تحت عبودية الخوف من الموت. وإذ نتبادل الهتاف والتحيات “المسيح قام… حقاً قام”، فلنجعل قيامة المسيح صبغتنا وعلامتنا الفارقة، وإلا فلا عيد لنا. العيد روحي فلنبتهج به في الروح لا في مسرات الجسد وموائد الطعام والشراب. بهذه المشاعر الفصحية، وبهذا الفرح الروحي المتفجر عن هذا العيد المبارك نبارككم جميعاً ونعايدكم بهذه الذكرى المجيدة سائلين الله الناهض من القبر في اليوم الثالث أن يرمقكم بعين عنايته ويرافقكم في جميع مراحل حياتكم فيجعل ذكرى قيامته حية في قلوبكم ويشملكم دائماً بنعمته الإلهية. آمين.
3 – المنشور الفصحي
“المسيح قام“. بكل ما تحمله هذه العبارة من معنىً لصميم الوجود، نتوجه بها اليوم مبشرين ومؤمنين بقيامة المسيح. فافرحوا إذاً ثم نقول أيضاً افرحوا. فقيامة المسيح بسلطانه الذاتي معجزة المعجزات لجميع الذين استولى عليهم الخوف من الموت. وكلنا مائتون نعيش منتظرين ساعة الموت الرهيبة. ولكن قيامة المسيح قد برهنت مرة واحدة ولمدى الدهور أن هناك ما جعل القبر مصدر قيامة وحياة جديدة. لقد داس الموت وأعطانا أن ندوسه، فهل من نصرٍ أعظم من ذلك؟ كل انتصار من أي لون كان يذوي أمام هذا الانتصار العظيم. لم يعد الموت غولاً، لم يعد الموت انحلالاً تنتهي معه الحياة في لحد وانتان، لم يعد الموت دوراً نهائياً من أدوار وجودنا نختفي معه إلى الأبد بدون أثر. قام المسيح، فالخلود إذاً حقيقة. قام المسيح، فالروح إذاً خالدة لا تموت. قام المسيح، وسنقوم نحن معه. كان الموت يتحدى كل الناس فيصرعهم. أما الآن فإننا نتحدى الموت غير عابئين بشيء لأننا نؤمن أن الموت هو انتقالنا من عالم الفساد إلى عالم البقاء. فلنسبح المسيح إلى الأبد في عيد الأعياد وموسم المواسم منشدين له أناشيد النصر والظفر.
وفي غمرة الإنشاد والتسبيح، لا تنسوا أن قيامة المسيح حادثة حقيقية في حياة كل مؤمن منكم. فالمسيح أتى الأرض من أجلكم، وتألم ومات ودفن وقام من أجلكم. لم يكن هو محتاجاً إلى هذا التنازل العظيم ولكنه قام به من أجلنا. نزل إلينا لكي يرفعنا نحن الساقطين إلى نور مجده. تألم من أجلنا لكي يمحو خطايانا التي باعدت بينه وبيننا. دفن من أجلنا لكي يبيد الموت بموته. قام من أجلنا لكي يقيمنا ويجلسنا معه في السماء. كل ما صنعه ربنا يسوع منذ تجسده في الناصرة حتى إرساله الروح القدس يوم العنصرة، إنما فعله من أجلنا تحدوه محبة لنا يعجز عن تصورها الملائكة أنفسهم.
فأمام هذه المحبة التي تسمو على كل وصف وتقدير، تقف خطأة غير مستحقين، لا حول لنا سوى الانسحاق الخاشع والتلعثم ببعض كلمات الشكر. لا نستطيع وفاء ما علينا من ديون الشكر لأن الله غمر جنسنا البشري بلطف أعيا ألسنتنا وبهر عقولنا حتى صرنا بحاجة إلى نعمته الإلهية لكي نستطيع أن نتحمل بريق لطفه وإحساناته.
فماذا نكافئ الرب عن كل ما أعطانا؟ ليس الله بحاجة إلى مكافآتنا ولكنه متشوق إلى اهتدائنا إليه. وليس الاهتداء نظرة خاطفة إليه بل تمخضاً زلزالياً بنعمته فتنهار بروح الخطيئة فينا وتنبعث في أحشائنا حياة جديدة في المسيح. هذا الاهتداء يجري وسط عاصة توبة تزلزل كياننا. فالصليب أثبت أن خطايانا فادحة جداً حتى أن التطهر منها تطلب موت المسيح. ولكن الصليب هو أيضاً عامل انقلاب حياتنا في توبة صادقة تسكب فينا آلام المسيح فتجعل آلامه آلامنا ودفنه دفننا. وكما أن الصليب والدفن كانا مقدمتي القيامة، فكذلك يكون اشتراكنا في صلب المسيح ودفنه عبر توبة عاصفة مبعث القيامة. فمنذ الآن نحن مصلوبون ومائتون وقائمون مع المسيح وجالسون معه في السماء بصورة خفية اليوم ولكنها ستظهر علانية يوم مجيئة المجيد. المسيح أقرب إلينا من قرب رأسنا إلى جسمنا. المسيح فينا أكثر مما قبلنا في جسمنا. وما لنا من الحياة الحقة إنما هو فيه. وذهولنا عن هذه الحقائق لا يبدل شيئاً من طبيعة القضية. ولكن الواجب والإخلاص لذواتنا يتطلبان أن ندير عقولنا وأفكارنا دوماً نحو يسوع لكي نراه فينا. فلنطهر ذواتنا ليكون مشعشعاً دائماً في ألبابنا.
4 – العظة المنسوبة إلى يوحنا فم الذهب
ختم لوسكي كتابه في “اللاهوت الصوفي” بالعظة المنسوبة إلى الذهبي الفم التي نتلوها في قداس عيد الفصح المجيد. وأُوردها أنا هنا لأنها تتمة طبيعية لهذا الفصل. فالفصح في رأي غريغوريوس اللاهوتي هو عيد الأعياد وموسم المواسم الذي هو أسطع لمعاناً من جميع أعيادنا بما فيه الأعياد السيدية الأخرى بمقدار ما الشمس أسطع من النجوم (5).
وقد اقتصرت على تنقيح الترجمة المتداولة لئلا أبتعد كثيراً عما ألفه المؤمنون، وتممت ما فيها من نقص.
العظة
من كان حسن العبادة، ومحباً لله، فليتمتع بهذا الموسم البهيج والمضيء.
من كان عبداً حصيفاً فليدخل فرح ربه مسروراً.
من تجشم مشقة الصوم فلينل الآن ديناره.
من عمل من الساعة الأولى فليتقاضَ اليوم دينه العادل؛ من قدم في الساعة الثالثة فليعيّد شاكراً؛ من قدم في الساعة السادسة فلا يشك، فإنه لا يخسر شيئاً؛ من تأخر إلى الساعة التاسعة فليتقدم غير مرتاب؛ من لم يأتِ إلا في الساعة الحادية عشرة، فلا يخف الإبطاء، فإن السيد جوّاد؛ يقبل الأخير مثل الأول؛ ويريح العامل من الساعة الحادية عشرة مثل العامل من الساعة الأولى؛ يرحم الأخير ويهتم بالأول؛ يعطي ذاك ويهب هذا؛ يقبل الأعمال ويرحّب بالنيّة؛ يكرم العمل ويمدح القصد الحسن.
فادخلوا، إذاً، جميعكم إلى فرح ربكم. أيها الأولون والأخيرون خذوا اجرتكم، أيها الأغنياء والفقراء اطربوا معاً؛ أيها المتعنفون والمتوانون أمرموا هذا النهار؛ أيها الصائمون وغير الصائمين، تنعّموا اليوم.
المائدة مترعة فتمتعوا كلكم. العجل سمين فلا يخرجنَّ أحد جائعاً، تمتعوا كلكم بوليمة الإيمان، تمتعوا كلكم بغني الصلاح
لا يرثينّ أحد فقره، فإن الملكوا المشترك قد ظهر.
لا ينوحن أحد على زلاته، فإن الصفح قد بزغ من القبر.
لا يخف أحد الموت، فإن موت المخلص قد حرّرنا.
لقد أطفأه ذاك الذي قبض عليه (الموت).
لقد سبى الجحيم ذاك الذي نزل إلى الجحيم.
لقد مرمرها لما ذاقت جسده.
فإذ سبق أشعياء فعلم ذلك، صاح:
تمرمرت الجحيم لما التقتك أسفل؛ تمرمرت لأنها أبيدت؛ تمرمرت لأنها صارت هزاء؛ تمرمرت لأنها صُرعت؛ تمرمرت لأنها قيِّدت
تناولت جسماً فصادفت إلهاً، تناولت أرضاً، فألفت سماءً؛ تناولت ما نظرت، فسقطت من حيث لم تنظر.
أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا جحيم؟
قام المسيح فصرعتِ أنتِ.
قام المسيح فسقط الشياطين.
قام المسيح فيجذل الملائكة.
قام المسيح فتتقلد الحياة الحكم (6).
قام المسيح فما من ميت في القبر.لأن المسيح القائم من بين الأموات صار باكورة الراقدي، له المجد والقدرة إلى دهر الداهرين آمين!
(1) [حاشية مرتبطة بعنوان الفصل “القيامة”… (الشبكة)]
راجع أناشيد القيامة في الصفحات السابقة حيث أوردناها بعد أناشيد الآلام لتكون جميعاً إلى جانب بعضها بعضاً.
(2) إن هذه التحية كانت عند القديس سيرافيم ساورفسكي، هي التحية المعتادة التي يقولها كل يوم لكل من يقابله… (الشبكة)
(3) من عظة رائعة له في مجموعة مين 50: 417-432؟
(4) الذهبي يقول مثل هذا أيضاً في العنصرة فالسنة كلها عيد متواصل للمسيحيين… لأن الروح القدس ينزل كل يوم على الذين يحبون الله ويحفظون وصاياه.
(5) العظة 42: 2
(6) اللفظة اليونانية من القاموس الحقوقي وتعني “حكم”، “أدار إدارة”. ترجمها المرحوم مسرة “تستقر”. وسواه “انبثت” والبنديكستاري “استسارت” ولوسكي “تنتصر”. ومعنى “الحكم” متناسق مع النص لأن حكم الحياة ألغى حكم الموت بقيامة يسوع.