Facebook
Świergot
Telegram
WhatsApp
PDF
E-mail
☦︎
☦︎

ننتقل الآن من ملكية داود إلى المرحلة الأخيرة قبل التجسد، السبي والأنبياء، وهي مرحلة مأساوية مهمة جداً، مرحلة حاسمة قبل مجيء المسيح. إنها تؤلف قسماً كبيراً من الكتاب المقدس، أكثر من نصف العهد القديم (بما فيها سفر أيوب والمزامير والأمثال.)، إنها بمثابة مفرق طرق بل هي خلق جديد لإسرائيل، وخلق مؤلم، إن إسرائيل بعد إقامته في أرض الميعاد بدأ ينسى دعوته ومواعيد الله له وأن قصد الله إنما يتعالى على ما يمكن أن يراه هو ويعتقده. فصار يبتعد وينحرف عن وضعه الماضي، كشعب كهنوتي وملوكي مخطوب لله، ويجاري الشعوب الآخرين. وفي الوقت نفسه كان الشعوب حوله يتغيرون. كان تاريخ العالم آنذاك يتغير. مجيء الله يقترب. وقبل مجيئه بثمانمائة سنة كان هذا الجزء من العالم يتكون بالنسبة للتجسد الإلهي ومن أجله. الممالك الكبرى تتوالى وتبدل جغرافية المنطقة. مصر وأشور يحل محلهما البابليون والفرس. والتجربة التي وقع فيها اليهود كانت التحالف السياسي مع هذه المملكة أو تلك، ونسيان عهد الله، كانت التحول إلى السياسة والاصطفاف مع أناس ضد أناس آخرين. ومن جراء ذلك فقد الشعب المختار وحدته الروحية والداخلية وانقسم إلى مملكتين: مملكة الشمال ومملكة الجنوب. ولذا يصبح جلياً أن على شعب الله أن يتغير تغيراً عميقاً ومؤلماً ليعود إلى حمل رسالته. في خروجه من مصر إلى أرض الميعاد كان قد اتضح أن “بقية” فقط تتمسك بالأمانة للرب، والآن، بعد انقسام إسرائيل إلى اثنين، فهذا يزداد وضوحاً. مملكة الشمال تنمو وتتوغل في الوثنية. تمتزج مع الأمم وتتبنى ديناً يختلط فيه دين يهوه مع دين آلهة الأمم: وبواسطة الملكات الغريبات يدخل البعول إلى بيوت اليهود. فلا بد بالتالي من تغيير، من محنة جديدة تعيد للشعب نقاوته الأولى، نقاوة خطبته لك في البرية: “لذلك هاأنذا أسيج طريقها بالشوك وأحوطه بحائط فلا تجد سبلها، فتقفو عشاقها فلا تدركهم وتطلبهم فلا تجد” (هوشع 2: 6- 7).

إن تحالف شعب الله مع الممالك السياسية عوض الله هو فجور. “لذلك هاأنذا أتملقها وآتي بها إلى البرية وأخاطب قلبها” (هوشع 6:2- 17) أتى بها إلى البرية: إنه شرط لا مناص منه، للعودة إلى البرية لاستعادة الحب الأول. أما البرية فهي السبي، هي فقدان كل متاع: الملك الزمني والهيكل (الذي يهدمه المحتلون) والمدن والثروات والسعادة الأرضية وكل شيء، هي العودة إلى العبودية من جديد. شعب الله من جديد شعب غريب بين الشعوب. إنها المحنة الجديدة.. فماذا ينجم عنها؟

أ- الوجه الرؤيوي (Apocalyptique): على شعب الله أن يتوقع تحقيق وعد الله وقصده لا في الزمن بل في نهاية الأزمنة. فالمُلك المعد له مَلك أبدي لا زمني. والتاريخ الزمني بممالكه الأرضية، أشور وبابل ومصر وغيرها، سوف يدينه الله ولن يبقى منه شيء، وفي الوجه الرؤيوي هذا عدة أفكار ثانوية:

(1) يوم الرب: كان اليهود يعتبرون “يوم الرب” يوم مجد لهم وظفر على الأعداء، إن أعداء الرب في نظرهم إنما هم أعداء إسرائيل، وكل ظفر على الأعداء منذ خروجهم من مصر كانوا يعتبرونه بمثابة يوم الرب. كانوا ينظرون إلى يوم الرب العظيم كيوم عيد وتحرير… ولكن الأنبياء يأتون الآن ويغيرون مفهوم يوم الرب ويقولون لليهود: أيها الأغبياء إن يوم الرب لن يكون يوم فرح وسعادة بعد الآن بل يوم رعب ودينونة لكم أنتم أولاً…: “أدخل في الصخر وتوار في التراب من أمام رعب الرب..” (أشعياء 2: 10). “ويل للمتمنين يوم الرب. لم ذلك؟ إن يوم الرب هو لكم ظلمة لا نور..” (عاموس 5: 18) “إن يوم الرب قريب.. يوم حنق ذلك اليوم، يوم ضرر وضيق، يوم إبادة وإتلاف، يوم الظلمة وديجور” (صفينا 1: 7-18). ونتذكر هنا سفر الرؤيا حيث ملوك الأرض وعظماؤها وأغنياؤها وأقوياؤها يتوارون في المغاور “وهم يقولون للجبال والصخور أسقطي علينا وأخفينا من وجه الجالس على العرش ومن غضب الحمل لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم..” (رؤيا 6: 16).

فالأنبياء إذاً يدخلون شيئاً جديداً كل الجدة على مفهوم يوم الدينونة.. وفي الحقيقة عند مجيء الرب ليدين الأرض، عند مجيء “ساعته” “لقد أتت الساعة التي يمجد فيها ابن البشر، يا أبت نجني من هذه الساعة، ولكن من أجل هذا أتيت إلى هذه الساعة..” (يو 12: 23 و27)، يتبين أن الساعة إنما هي الصلب. إن الصليب هو يوم الرب ودينونة العالم، إنه يوم غضب على قوى الشر التي قهرها يسوع، يوم غضب للمشككين كما أنه يوم محبة وتضحية “محبة مصلوبة” للمؤمنين أحباء الرب.. نعم إن العالم قد دين بموت الرب على الصليب، والشر قد قهر غير أن الوقت لا يزال وقت صبر الله على البشر إلى أن نبلغ نهاية الأزمنة: “حتى متى أيها السيد القدوس الحق لا تقضي ولا تنتقم لدمائنا من سكان الأرض. فأعطي كل واحد منهم حلة بيضاء وأمروا أن يستريحوا مدة يسيرة”.

(2) البقية، المساكين: كان إسرائيل قبل السبي والأنبياء يرى في السعادة الأرضية علامة البركة: بقدر ما كان المرء غنياً ووجيهاً كان الله معه في نظر الناس، ثم تغيرت هذه النظرة شيئاً فشيئاً، وأول من تبنى وجهة النظر الجديدة هو أيوب، إن سفر أيوب سفر سرْي من أعظم أسفار الكتاب، أيوب رجل بار عبد لله يتألم مجاناً، إن آلامه كلها من الله لا منه، يسلمه الله للمجرب ليمتحنه فيفقده كل سعادته الأرضية، كلها تماماً ولا يبقى له أية تعزية بشرية، فيدخل في المحاكمة مع الله. وتجري في السفر شبه محاكمة فيتكلم أصدقاء أيوب الثلاثة وفقاً لنظرة الشعب: إنهم يبرون الله لأن الله يجازي من يخطئ. أما أيوب فيرفض ذلك ويأبى أن يقبل آلامه. إن ألم البريء “أثقل من رمل البحار..” (أيوب 6). إنه يجاهد ضد الله، وفي ألمه يكبر وينمو.. إلى أن يقبل الله الدخول في حوار معه.. وبعد ذلك يهتدي: “كنت قد سمعتك سمع الأذن، أما الآن فعيني قد رأتك. فلذلك أنكر مقالتي وأندم في التراب والرماد” (42: 5- 6)، ذلك لأن الله إنما يهيئ رفع الضيم والظلم عن الأبرياء، إن هناك باراً سينتقم للأبرياء: “اعلموا أن الله هو الذي عرقلني ولف عليّ أحبولته.. إني لعالم بأن فادي حي وسيقوم أخيراً على التراب وبعد ذلك تلبس هذه الأعضاء بجلدي ومن جسدي أعاين الله” (19: 6 و25- 26).

إن الفكرة الجديدة هي أن الله إنما يقترب من الفقير والمتألم لا من الغني الوجيه في هذا العالم. وستؤدي هذه الفكرة إلى فكرة “عبد يهوه” في سفر أشعياء: “هوذا عبدي الذي أعضده مختاري الذي سرت به نفسي. لا يصيح ولا يجلب ولا يسمع صوته في الشوارع” (أشعياء42: 10) إن “المساكين”، إن “بقية” فقط تبقى أمينة (أنظر أشعياء 1: 9 و 37: 4 وارميا 39: 10 الخ). وستقتصر هذه البقية على شخص واحد هو يسوع المسيح. هذا ويتم بعد انتهاء السبي (سفر عزرا ونحميا) بناء هيكل جديد لا يضاهي الأول ويختلف عنه: “كلم بقية الشعب قائلاً من الباقي فيكم الذي رأى هذا البيت في مجده الأول وكيف ترونه الآن أليس هو عيونكم كلا شيء. فالآن تشددوا. فأملأ هذا البيت مجداً” (حجي 2: 3- 8). ولكن بقية فقط تتجه نحو أورشليم لبناء الهيكل. وتظهر جماعة قمران الرهبانية، ويظهر معها أدب جديد يضاد اتجاهات العالم. إنها شبه أزمة في إسرائيل. فهناك جماعة يناضلون من أجل مملكة أرضية هم الفريسيون والصدوقيون والأغنياء، وآخرون يعتزلون العالم هم البقية الصغيرة الأمينة. وأخيراً تقتصر البقية على واحد هو الرب يسوع، ومن الرب يسوع يخرج إسرائيل الجديد، الكنيسة، وهكذا بظهور ابن الله يختم العهد القديم لأن ابن الله قد حقق كل خط الأنبياء، كل العهد القديم، حتى النهاية.

ب- في مرحلة السبي والأنبياء تظهر أيضاً فكرة العدل: “لقد أبغضت أعيادكم ورذلتها ولم تطب لي احتفالاتكم. إني إذا أصعدتم لي محرقاتكم وتقادمكم لا أرتضي ولا ألتفت إلى ذبائح السلامة من مسمناتكم. بل ليجر القضاء كالمياه والعدل كنهر لا ينقطع” (عاموس 5: 21-24). الفكرة الجديدة هي أن الله لا يريد الذبيحة بل العدل والإنصاف إنهما يرضيان الله أكثر من الذبائح الخارجية.

ج- الرحمة: إن فكرة الرحمة تظهر أكثر ما تظهر عند النبي هوشع الذي تزوج بزانية بأمر الله (1). “وفي ذلك اليوم يقول الرب تدعينني رجلي ولا تدعينني بعد بعلي، فإني أزيل أسماء البعليم من فيها..” (هوشع 2: 16- 18). إن حب الله يغفر كل شيء لأنه بالضبط حب. الشعب المختار لا يستحق من ذاته أن يكون مختاراً ولكن محبة الله مجانية: “تدعينني رجلي”. بل “وأتزوجك إلى الأبد أتزوجك بالعدل والحكم والرأفة والمراحم. وأتزوجك بالأمانة فتعرفين الرب.. وأرحم غير المرحومة وأقول لليس شعبي أنت شعبي وهو يقول أنت إلهي| (هوشع 2: 19- 23). يأتي وقت تتحول فيه خطبة البرية إلى زيجة روحية، إلى اتحاد كلي، فالله أحبنا أولاً، حتى بذل نفسه من أجل خلاص العالم “من أجل أحبائه” وعندئذ من جنبه تخرج حواء الجديدة، بالماء والدم السائلين من جنبه على الصليب تصنع الكنيسة بسريها الأساسين: المعمودية والشكر. الكنيسة نفسها تزوج لختنها البريء من العيب في اتحاد سرّي طاهر، في جسد واحد.

د- تسامي الله وديانة القلب: إن فكرة تسامي الله نراها خاصة عند النبي أشعياء، الله متعال جداً ونحن لا نستطيع أن نقترب منه بدون تطهير، “ويلي لقد هلكت لأنني رجل دنس الشفتين وأنا مقيم بين شعب دنس الشفاه، وقد رأت عيناي الملك رب الجنود” (أشعياء 6: 5). ولكن الله يرسل من يطهرنا، “فطار إليّ أحد السيرافيم وبيده جمرة أخذها بملقط من المذبح ومس فمي وقال ها إن هذه مست شفتيك فأزيل إثمك وكفرت خطيئتك” (أشعياء6: 6-7). إن كل سفر أشعياء يظهر خطيئة الشعب وغسلها من قبل الرب إلى أن تبنى أورشليم الجديدة وتبنى على المسيح، “إن الجبال تزول والتلال تتزعزع أما رأفتي فلا تزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع، قال راحمك الرب. أيتها البائسة المقلقة الغير المتعزية هاأنذا أرصص بالأثمد حجارتك وأؤسسك باللازورد..” (أشعياء54: 10-11)، إن اللازورد الأزرق لون السماء النقي هو لون المسيح الكلمة حسب الآباء القديسين (أنظر رؤيا 21: 19 وحزقيال 1: 26).

يضاف إلى ذلك أن النبي أرميا يؤكد على أن مكان اقتراب من الله المتسامي إنما هو القلب، هو داخل الإنسان، “ها إنها تأتي أيام يقول الرب أقطع فيها مع آل إسرائيل وآل يهوذا عهداً جديداً.. هو أني أجعل شريعتي في ضمائرهم وأكتبها على قلوبهم..” (أرميا31: 31). ونرى الفكرة نفسها عند النبي حزقيال (18: 31 و36: 26). إن ديانة العهد الجديد ستكون ديانة داخلية.

هـ- خليقة جديدة: وفي مرحلة الجلاء والأنبياء أيضاً، فكرة خلق الشعب خلقاً جديداً، نراها خاصة في الإصحاح السادس والثلاثين من سفر حزقيال النبي، حيث يتنبأ على العظام اليابسة فيدخل فيها الروح: “ها هم قائلون قد يبست عظامنا، وهلك رجاؤنا وانقطعنا، لذلك تنبأ وقل لهم هكذا قال السيد الرب: هاأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي، وآتي بكم إلى أرض إسرائيل”. (حزقيال 37: 1-14).

و- ملك الله الأبدي: هذه الفكرة نجدها في سفر دانيال، دانيال هو النبي “الرائي” بالدرجة الأولى. فإذا كان سفر أشعياء هو “إنجيل العهد القديم” (2) فسفر دانيال هو “رؤيا” العهد القديم. إنه يرينا مجيء ابن الإنسان. يجب الملاحظة هنا أن في الأنبياء عامة عدم تفريق بوضوح، بل هناك مزج بين الأزمنة الماسيوية الخاصة بمجيء المسيح الأول والأزمنة الأخروية في آخر الأزمان. “وبينما كنت أرى إذ نصبت عروش فجلس القديم الأيام.. وجلس أهل القضاء وفتحت الأسفار.. ورأيت في رؤى الليل فإذا بمثل ابن البشر آتياً على سحاب السماء، فبلغ إلى القديم الأيام وقرب إلى أمامه وأوتي سلطاناً ومجداً وملكاً فجميع الشعوب والأمم والألسنة يعبدونه، وسلطانه سلطان أبدي لا يزول، وملكه لا ينقرض..” (دانيال 7: 9-14).

لنذكر الرب يسوع عندما وقف صامتاً أمام رئيس الكهنة فاستحلفه هذا بأن يقول لهم هل هو المسيح ابن الله فأجاب: “أنت قلت وأيضاً أقول لكم إنكم من الآن ترون ابن البشر جالساً عن يمين القدرة وآتياً على سحاب السماء”. (متى 26: 63-64).

إن عبارة “ابن الله” كانت سارية في ذلك الحين ولم تكن غير عادية، فهي تعني رجل الله. إن آل إسرائيل هم “أبناء الله” وكان “مسحاء” كثيرون قبل المسيح. ولكن عبارة “ابن البشر” (3) كانت تعني بالضبط ذلك الملك الذي يتنبأ عنه دانيال والذي سيسود على الأرض كلها. ولذا لما أجاب يسوع: ترون “ابن البشر” فهم رئيس الكهنة الإشارة إلى سفر دانيال وغضب وشق ثيابه قائلاً: “لقد جدّف”. إنه وشعبه لا يتصورون أن الرجل المسكين الواقف أمامهم هو الذي سيدين الأرض ويملك عليها. إن “ابن البشر” هو يسوع المسيح. إلا أن ملك ابن البشر لا يأتي بالصورة التي يظنها العالم بل بصورة صليب كما رأينا. ولكنه ملك بالرغم من ذلك لأن العدو الأخير، الموت، به يقهر. لذا يسوع المصلوب يرسم مفتوح العينين (4) في التقليد الأرثوذكسي: إن ألمه ألم ظافر. (لقد تم). كل شيء قد تغير، الموت غلب الموت، والمساكين يملكون.


(1) {هل تزوج هوشع في الحقيقة بزانية كما يؤكد النص، أم أن القصة مجرد وسيلة استعارية لإدخال موضوع الزنى في رسالته؟

كان هذا السؤال موضوع نقاش استمر قروناً، و حتى اليوم الحاضر ليس هناك إجماع علمي حوله.

ما يؤيد الطرح الأول أن أنبياء كثيرين قاموا بأعمال رمزية لكي ينقلوا الرسالة الإلهية بحيوية أكبر. (أشعيا مشى حافياً ثلاث سنين «اش20» و انظر أيضاً حزقيال 27، 28 و أيضاً حزقيال 4 و5) غير أنه من المرجح أيضاً أن يكون هذا نوعاً من مثل رمزي، أو قصة خيالية، هدفها التعبير عن أن إسرائيل بكامله، بمن فيه هوشع و عائلته، يخطئون وسوف يتلقون، بكل تأكيد، العقاب المناسب.

 حتى نحاول إعطاء جوابنا الخاص على هذا السؤال القديم فلنبدأ بتفحص التعابير الفعلية المستعملة في النص العبري الأصلي. ينصّ هوشع 1:2 أَوَّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ!».

لاحظ ما يأتي:

لو كان قصد المؤلف أن يقول إن جومر كانت بالفعل زانية، لكان النص العبري أورد “أيشا زوناه” (إمرأة/زوجة زانية). لكن بدلاً من ذلك نجد التعبير الفريد “ايشيت زونيئيم”(إمرأة/زوجة زنى). يُدعى نسلُ هوشع بمن فيه ابناه، «أولاد زنى» (زُنيئيم). لو كان كاتب هذا النص عنى «بشخص زنى» مجرّد “زانٍ”, لانطوى هذا التعبير على أن أولاد هوشع كانوا زناةً، بمن فيهم الصبيان! ماذا يعني إذاً «شخص زنى»؟ إذا استعرضنا الأمثلة الأُخر لاستعمال “زُنيئيم” في هوشع يتضّح لنا أنها تشير كلها إلى تصرف إسرائيل الخائن تجاه الرب، ونزوعه إلى التخلي عنه و الذهاب وراء آلهة أُخر (2: 2، 4 / 4: 12/ 5: 4) –تحمل كلمة “زنى” المعنى ذاته في حزقيال 23: 11، 19. و 2ملوك 9: 22.

يأتي الاستشهاد الأول من كتاب نبوي، والثاني من تاريخ التثنية المتأثر بالتقليد النبوي. هل لهذه العبارة المعنى ذاته عندما تطبق على عائلة هوشع؟ نعم تتورط زوجة هوشع وأولاده “بالزنى” بقدر ما هم جزء وقسم من الأمة “الزانية”، إسرائيل بكاملها. فلا حاجة لنا إذاً أن نعتبر زواج هوشع وإنجابه استعاريين. أو أن نتصور أن الله أرغمه على الزواج بزانية. فالأشياء الوحيدة التي فرضت عليه هي أسماء أولاده، فرسالة الاصحاح الأول بكاملها تتمحور حول القيمة الرمزية لهذه الأسماء.

عن كتاب : مدخل إلى العهد القديم، ج 2 – ص 129، للأب بولس نديم طرزي و من تعريب نقولا أو مراد… (الشبكة)}.

(2) يُسمى أيضاً بـ “الإنجيل الخامس”… (الشبكة)

(3) أو “ابن الإنسان”… (الشبكة)

(4) {“إن هذا النموذج القديم الذي يرسم المسيح مفتوح العينين منتشر دون استثناء في العالم المسيحي حتى القرن الحادي عشر وأيضاً حتى القرنين الثاني والثالث عشر في الغرب. إلا أنه ظهرت بعد ذلك نزعة جديدة تقوم على تصوير المصلوب مغلق العينين… يبدو أن ظهور هذا النموذج الجديد كان له دواع دفاعية ضد الهرطقات مثل البوغوميل (Bogomil) وغيرها”. المطران سلوان موسي، سلسلة: إيماننا في الكلمة والأيقونة، الجزء الثالث: سرّ الآلام، صفحة 415… وبالنسبة لاهوت كِلا الرسمين “مغلق العينين” أو “مفتوح العينين” ولاهوت “أيقونة الصلب” فلتراجع في نفس الكتاب المذكور من الصفحة 407 حتى 422… (الشبكة)}

Facebook
Świergot
Telegram
WhatsApp
PDF
☦︎
Przewiń na górę