☦︎
☦︎

A. تعريÙ:

موضوع علم الوعظ هو الدراسة العلمية لمنهجية ومناهج الوعظ المسيحي Ùهو يدرس تاريخ الوعظ ومراجعه كما يدرس تطوره، ويبحث ÙÙŠ مناهجه وطرق تكوين العظات وإلقائها.

1. علاقة الوعظ بالخطابة

ÙÙ† الوعظ هو ÙÙ† التخاطب ولو بدا أنه كلمة موجهة من طرÙ٠واحد. وذلك كما ورد ÙÙŠ (لوقا 15ØŒ24). ÙÙ† الخطابة إذن هو مخاطبة الآخرين ومحاورتهم ولكن يتكلم Ùيه الواعظ Ùقط. وإذا لم تصير العظة مخاطبة تبقى مجرد سرد لمعلومات وآراء لا تصل إلى غايتها. ÙØ§Ù„مخاطبات الصالحة تبني والمخاطبات الرديئة ØªÙØ³Ø¯ الأخلاق الصالحة (1كور 23:15).

ولكن المعنى الأخص للوعظ، أي ضمن الصلوات اللتيورجية (أعمال 11:20). بقي حتى القرن الرابع يعني خطاباً تربوياً ودّياً طبيعياً مبنياً على علاقة مباشرة وخاصة بين معلم روحي وتلاميذه، و إلهام الصلاة والمصلين معه.

منذ أيام أوغسطين دخل التمييز بين نمطَين من الوعظ الـ homilia والمعني بها التعليق ÙˆØ§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± على القراءة الكتابية خلال الاجتماع الليتورجي والـ sermon والمقصود به العظة المستقلة عن النص الإنجيلي (كلمة-لوغوس) التي تعالج موضوعاً ما يناسب الاجتماع الليتورجي Ùˆ الكنسي الذي يتطلّبه.

لا بد من الإشارة أن Ø§Ù„ØªÙØ¶ÙŠÙ„ هو أن تكون العظة ميالة إلى التوجيه الروحي المستنتج من Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± الكتابي أكثر من اتجاهها إلى الخطابة ذات الطابع الشخصي للواعظ.

هناك إذن ارتباط وثيق بين الوعظ ÙˆÙÙ† الخطابة، وبالوقت ذاته هناك تمايز دقيق. ÙØ§Ù„وعظ يتبّع مناهج ومنهجيات الخطابة لكنه ليس بالضرورة ملزماً بها ما دام شرطه الأول هو الوصول إلى مخاطبة الناس الذين تربطنا بهم علاقة روحية وليتورجية تقوم على المباشرة والبساطة والتواضع ولا تطلب إعجاب الناس وإدهاشهم. قوانين الوعظ والخطابة هي أدوات مساعدة يستطيع الواعظ اعتمادها غالباً لإيصال نداء إلهي بالطرق الأمثل.

قوة العظة لا تكمن ÙÙŠ استخدام أساليب الخطابة واللغة القوية، يقدر ما هي ÙÙŠ قوة الكلمة الإلهية المبّشر بها. ÙØ§Ù„ÙØ§Ø¹Ù„ هو نعمة الروح القدس والأداة هي قوانين الوعظ. هنا تكمن النقطة Ø§Ù„ÙØµÙ„ بين الوعظ والخطابة. ÙØ§Ù„واعظ باللغة الكنسية هو مبشّر وليس خطيباً ÙÙŠ الناس. دور الواعظ إيصال الكلمة الإلهية وليس تعليم كلمته البشرية بحسب قول المزمور “يا ربّ Ø§ÙØªØ­ Ø´ÙØªÙ‘ÙŠ Ùيخبر Ùمي بتسبحتك”.

2. علاقة الوعظ بمواد اللاهوت

لا بد أن المنهجيات الموجودة ÙÙŠ ÙÙ† الخطابة تساعد الواعظ، وخاصة ÙÙŠ تحديد تماماً ماذا يريد أن يقول وكي٠يجب أن يوصله لسامعيه. وهي تحمل خبرة بشرية واسعة وغنية يمكن للواعظ استخدامها كقالب لكلمة إلهية ثمينة يريد نقلها.

من الواضح أن كل مواد اللاهوت تشكل المصنع والمواد الأساسية التي يجب أن يخرج منها بالنهاية “كلمة تعزية” (لوغوس باراكليسيوس). Ùكل مواد اللاهوت تشكّل للاهوتي الطاقة والإمكانيات التي يجب أن تخدم عظته. إن الوعظ هو الباب الذي سيخرج منه كل علم اللاهوت إلى الناس. يشكّل إذن اللاهوت المادّة، ويشكل الواعظ الباب.

يندرج علم الوعظ ÙÙŠ القسم اللاهوتي الرعوي، يرتبط الوعظ مع الدور الطقسي بشكل عضوي من حيث تكوين العظة. ويحتاج Ù„Ù…Ø¹Ø±ÙØ© ÙÙŠ علم الرعاية والعقائد وعلوم Ø§Ù„Ù†ÙØ³ وبالأخص ØªÙØ³ÙŠØ± الكتاب المقدس. وقوة العظة تتحدد بمقدار قدرتها على إيصال الرسالة الروحية والإنجيلية للناس لتوضع ÙÙŠ موقع التنÙيذ والحياة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

B. تاريخ الوعظ

1. كرازة يسوع المسيح

“بدء بشارة إنجيل يسوع المسيح ابن الله ” (مرقس 16:1)

لقد بدأ يسوع بشارته ÙÙŠ المجامع اليهودية واعظاً. ويذكر لوقا الإنجيلي أولى العظات ليسوع حين دخل المجمع حسب عاده يوم السبت وقام ليقرأ (…) ثم طوى Ø§Ù„Ø³ÙØ± وسلمه إلى الخادم وجلس، وجميع الذين ÙÙŠ المجمع كانت عيونهم شاخصة إليه، ÙØ§Ø¨ØªØ¯Ø£ يقول لهم أنه اليوم قد تم هذا المكتوب ÙÙŠ مسامعكم (لوقا 16:4-21). وهذا النص يوضح لنا أن يسوع قد بدأ بشارته واعظاً ÙÙŠ المجامع (على عادته) يوم السبت. ولكن ÙÙŠ عظة يسوع هناك Ø§Ù„ÙØ±Ø§Ø¯Ø© والميزة الخاصة أنه ÙÙŠ يسوع يتم ملء كل شيء وهو متمّم النبوءات ومن تشير إليه النبوءة (1:61-2) والكرازة.

كانت عظة يسوع المختصرة “توبوا Ùقد أقترب ملكوت السماوات” وبها ابتدأ وعظه وبشارته (متى 17:4 ومرقس17:1). عظة يسوع هذه تمثل خلاصة الوعظ، الذي يحمل الدعوة إلى التوبة والرجاء بحلول الملكوت لذلك هي بشرى تتطلب لاستقبالها التوبة. وكانت عظته ليست نقضاً للكتاب قبله (ع.Ù‚.) وإنما إكمالاً له (راجع العظة على الجبل). إن استخدام يسوع لآيات الكتاب المقدس توضح أنه يتمّم ويستخدم العهد القديم ولكنه أيضاً يضيÙ.

يسوع يكمل الشريعة والأنبياء، وذلك بمعنيين الأول أنه يضي٠على تعاليمها تعاليماً Ø£ÙØ¶Ù„ØŒ حيث يشكل الناموس مدربنا إلى المسيح. والثاني أنه بدون يسوع تبقى كل هذه النبوءات والشرائع تشير وتهيّئ إلى شيء لم يأتÙ. بيسوع اكتملت أي تحققت أهدا٠الكتاب.

هناك ØµÙØ§Øª مميزة ÙÙŠ عظات وكلمات يسوع نستطيع الاهتداء بها كونه المثل الأعلى.

لقد كانت كلماته تهز الكيان وتبدل حياة الإنسان وكان سامعوه “يتحيرون كلهم ويسأل بعضهم بعضاً قائلين ما هذا”ØŸ ما هو هذا التعليم الجديد؟ لأنه بسلطان “يأمر الأرواح النجسة ÙØªØ·ÙŠØ¹Ù‡” (مرقس27:1)ØŒ ويعلم كمن بسلطان ليس كالكتبة ÙˆØ§Ù„ÙØ±ÙŠØ³ÙŠÙŠÙ† (مرقس 22:1)ØŒ وكلماته ملآنة نعمة وحكمة وكلمة “حياة أبدية” .

لقد أستخدم يسوع ÙÙŠ وعظه الطرق Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠØ© وطريق العظة “الكلمة”. مرات عديدة أنطلق ÙÙŠ وعظه من نصوص كتابية، ومرات أخرى كان يوجه كلماته بما تتطلبه اللحظة والسامعون.

وكما كان يعلم ÙÙŠ لحظات واعظ، كان أيضا يعظ بشكل منهجي ومتتابع وبشكل خاص مع تلاميذه الإثني عشر والآخرين السبعين.

تبقى عظات يسوع (راجع عظاته الخمسين ÙÙŠ متى – كلمات يسوع ÙÙŠ يوحنا) هي القدوة للوعظ، لذلك سنعود إلى ميزاتها دائما عندما نبحث ÙÙŠ أشكال الوعظ خاصة.

2. عهد الرسل

أهم الميزات الخاصة بهذه Ø§Ù„ÙØªØ±Ø© الزمنية هو ظهور العظة كعمل للروح القدس ØªÙ†Ø¯ÙØ¹ بشكل طبيعي على لسان الرسول، وكأنها هبة إلهية ÙÙŠ ظر٠محدد من أجل البشارة وخدمة الخلاص .

ومن هذه العظات الهامة : عظة بطرس ÙÙŠ العنصرة (أع 14:2-41) وبعد Ø´ÙØ§Ø¡ المخلع (أع 12:3-26) ومثلها نجد أيضا عظة بطرس ÙÙŠ مجمع أورشليم ( أع 9:4-12) وهناك عظة Ø§Ø³ØªÙØ§Ù†ÙˆØ³ (أع 2:7-53) وعظات بولس الرسول ÙÙŠ مجمع أنطاكية بسينية (أع 15:13-41) ÙˆÙÙŠ ليسترة (أع 15:14-17) ÙˆÙÙŠ أريوس باغوس (أع 22:17-32) وإلى كهنة Ø£ÙØ³Ø³ ( أع 17:2-35).

أهم مواضيع هذه العظات هي الدعوة إلى الخلاص والتوبة والإيمان بيسوع المسيح وأنها موجهة إلى مستمعين محدّدÙين بإيمان ÙˆÙ…Ø¹Ø±ÙØ© محددَين. تراعي العظة خصوصياتها. وهي صادرة عن واعظ بسلطان “الشاهد المباشر”.

تشكل الرسائل نماذجاً للعظات المكتوبة. وبعضها بشكل مميّز مثل بطرس، ورسالة يعقوب ومقاطع من الرسالة إلى العبرانيين، التي تعتبر تدويناً لعظات Ø´Ùهية كما هي الأناجيل بالذات .

لقد ÙØ¶Ù„ الرسل العظة وشرح الكلمة أكثر من خدمة الموائد (أع 2ØŒ6) وحتى أكثر من التعميد (1كور17:1). وكانوا يعظون ÙÙŠ الاجتماعات الليتورجية ÙˆÙÙŠ البيوت. ويخصص بولس الرسول ÙÙŠ (1كور 14) كلاماً مسهباً عن آداب الوعظ والكلام ÙÙŠ الكنيسة، دليلاً على انه كان يحتلّ مكانة أساسية ÙÙŠ الاجتماع الليتورجي.

3. ÙÙŠ القرن الثاني:

ما هو جديد ÙÙŠ هذه المرحلة هو توجه الواعظ إلى التركيز على ØªÙØ³ÙŠØ± مضمون الإنجيل. وذلك لسببين: الأول انه شكل الوعظ ÙÙŠ العهد الرسولي استمر ÙÙŠ هذه المرحلة دون تبديل يذكر، والثاني أن المستوى الثقاÙÙŠ للسامعين والوعاظ كان يتطلب ذلك.

هناك شهادات من يوستينوس ومن ترتليان أن “المتقدم” كان يقرأ الكتاب ÙÙŠ الاجتماع الليتورجي ويتابع شرحه لها .

تعتبر رسالة القديس أغناطيوس إلى بوليكاربوس (ÙØµÙ„5) أحدى نماذج العظات البسيطة والطبيعية. وكذلك بعض رسائل إيرينوس .

هناك نماذج عظات يرد ÙÙŠ الأدب الرسولي مثل “تعليم عن الطريقتين ” ÙÙŠ تعليم الرسل الأثني عشر (1-6) ورسالة برنابا (18-20) ورسالة أقليمس الثانية إلى رومية.

ما نلاحظه هنا انحسار أشكال النبوءات والمواهب وانحصار الوعظ ÙÙŠ الاكليروس، وذلك بعد ظهور المعلمين الكذبة وبدايات الهرطقات.

4. ÙÙŠ القرن الثالث :

أهم مرحلة ÙÙŠ تطوير الوعظ جاءت مع ظهور المدرسة اللاهوتية الإسكندرية. حيث أن أباء ورجال هذه المدرسة امتلكوا Ù…Ø¹Ø±ÙØ© علمية وأدبية عالمية إلى جانب Ù…Ø¹Ø±ÙØªÙ‡Ù… اللاهوتية. واستخدموا بشكل واضح المناهج والأساليب والخطابة مشددين على ضرورة تلبيس العظة رداء جميلاً من اللغة والخطابة والÙنون الأدبية.

يعتبر أوريجنس أب الوعظ الكنسي، الذي أثّر بشكل ملحوظ على بنية الوعظ بعده. يعتقد أنه كان يعظ على الأقل كل أحد وأربعاء وجمعة Ø¨Ø§Ù„Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© إلى الأعياد، ولربما كل يوم. لدينا ما يقارب 500 عظة سَلÙمَتْ باللغة اليونانية واللاتينية. دارت عظاته بشكل أساسي حول شرح الكتاب المقدس (بشكل ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠ ØªØ­Ù„ÙŠÙ„ÙŠ) متدرجة على كلمات النص، ومن ثم على المواضيع الأخلاقية والروحية والليتورجيا.

أدخل أوريجنس Ùكرته عن المستويات الثلاثة ÙÙŠ Ùهم الكتاب المقدس (الجسداني-Ø§Ù„Ù†ÙØ³Ø§Ù†ÙŠ-الروحي). هد٠الوعظ هو ترتيب حياة المؤمنين بحسب الكتاب. ولا تخلو عظاته مرات عديدة من Ø§Ù„Ø¯ÙØ§Ø¹ عن الإيمان والتهجّم على الهراطقة ÙÙŠ سبيل Ø§Ù„Ø­ÙØ§Ø¸ على عقيدة الإيمان عند مستمعيه.

مال أوريجنس إلى البساطة والعÙوية وأعتبر التصنع ÙÙŠ الوعظ نوعاً من Ø§Ù„ÙØ±ÙŠØ³ÙŠØ©. ÙØ§Ù„واعظ عليه أن ÙŠÙهم “غنى الروح وقوته” (1كور 4:2) وميز ÙÙŠ عظاته بين التعليم Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠ ÙˆØ§Ù„ØªØ¹Ù„ÙŠÙ… الأخلاقي وبرأيه يجب أن يجتمع الاثنان. يلعب الواعظ دوراً أساسياً ÙÙŠ العظة.

اتبع أوريجنس المدرسة التأويلية ÙÙŠ Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ØŒ وهذا ما أعطاه قدرة رهيبة على بناء تعاليم أخلاقية رائعة وكثيرة Ùوق أيات الكتاب المقدس وبنيته Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠ (راجع عظته ÙÙŠ الميلاد -عند الرعاة).

اتبع أوريجنس تلامذتÙÙ‡ غريغوريوس العجائبي وديونيسيوس الاسكندري وميثوديوس الصيداوي، لكنهم استخدموا Ùنون الخطابة أكثر منه.

ÙˆÙÙŠ الغرب لمع هيبوليتوس أسق٠روما وكبريانوس وترتليان الذين أمتازت عظاتهم بالبلاغة والغيرة والعذوبة وشكلوا بداية تقليد ÙÙŠ العالم الغربي .

التطور الذي تم ÙÙŠ هذا القرن تّركز على محاولة تطوير المنهجية ÙÙŠ الوعظ بعد عهود العÙوية والمواهبية. وأيضاً ظهر Ø§Ø±ØªÙØ§Ø¹ مميز ÙÙŠ المستوى الثقاÙÙŠ والأدبي ÙØ±Ø¶ØªÙ‡Ø§ الظرو٠الجديدة الداخلية ÙÙŠ الكنيسة (تشكل المدارس اللاهوتية) والظرو٠الخارجية (الهرطقات).

5. العصر الذهبي: القرن الرابع والخامس

مع تنصير الإمبراطورية وظهور قادة روحانيين مميزين وتوجه الكنيسة إلى سائر طبقات الناس ومنها أعلى الطبقات العلمية والاجتماعية والسياسية، كان لا بد أن تعر٠هذه الظرو٠الجديدة مستوى مميزاً أيضاً ÙÙŠ الوعظ. أضÙÙ’ إلى ذلك بناء الكنائس الكبير وتحديد أعياد جديدة والطابع Ø§Ù„Ø§Ø­ØªÙØ§Ù„ÙŠ الكبير بها. كما تميزت هذه Ø§Ù„ÙØªØ±Ø© Ø¨Ø§Ø±ØªÙØ§Ø¹ المستوى العلمي للاكليروس .

من جهة ثانية إن دخول جميع الطبقات دون تمييز ÙÙŠ الكنيسة وتهديدها بالعلمنة جعل الوعظ أمراً ضرورياً جداً وحاجة ماسة. حيث كان لا بد من شرح الارتباط بين الحياة والأيمان، بعد شرح الإيمان عينه لجمهور لم يتعلم ÙƒÙØ§ÙŠØ© عند دخوله الإيمان الجديد.

آباء المرحلة درسوا ÙÙŠ مدارس وثنية وامتلكوا الآداب العالمية السائدة ÙÙŠ مدارس أنطاكية والإسكندرية خاصة .

هذه العوامل Ø±ÙØ¹Øª من مستوى الوعظ من الناحية الأدبية والمنهجية ووسعت Ø¢ÙØ§Ù‚Ù‡ ومواضيعه من الناحية Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠØ© لأسباب رعوية. ولم تغب اللحظات والعظات التي غلب عليها الطابع الخطابي والأدبي بسبب الظرو٠الجديدة. لكن ظهور بعض الآباء الكبار الذين سخّروا الخطابة والأدب ÙÙŠ خدمة Ø§Ù„ÙØ­ÙˆÙ‰ ÙˆØ§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± والإرشاد أعاد التوازن إلى مسيرة الوعظ الكنسي وتجاوز تلك المخاطر. وقد ساعدهم بذلك وبشكل خاص التصاقهم بالكتاب المقدس وبناء عظاتهم على قراءاته وآياته .

توسع ÙÙŠ هذه المرحلة الوعظ Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠ ÙˆØ§Ù„ØªØ­Ù„ÙŠÙ„ÙŠ بشكل خاص لذلك لم تأت٠عظاتهم غالباً بموضوع واحد، إلا إذا كان النص يساعد على ذلك. وتميّز وعظ هذه المرحلة باعتداله تجاه المنهجية التأويلية ÙÙŠ Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ØŒ وأيضاً بطابعه الرعوي وملامسته لحياة الناس مباشرة أكثر. حتى العظات العقائدية منها تحمل طابعاً Ø¯ÙØ§Ø¹ÙŠØ§Ù‹ وليس تأليÙÙŠØŒ أي رعوياً.

والشكل الثاني للوعظ (الكلمة) غلب عليه الاستناد على النص الكتابي وحين تحرر منه لم تغبْ منه الآيات العديدة ÙÙŠ مجراه. وتناولت هذه العظات بشكل خاص المناسبات كالشرطونيات ورثاء الشهداء Ùˆ Ø§ÙØªØªØ§Ø­ الكنائس.

وأض٠إلى ذلك أن نشوء التعليم للموعوظين قبل المعمودية كوّنت أدباً كاملاً ÙÙŠ الوعظ تميّز بالمنهجية والمواضيع الثابتة.

إن الأصوام الأساسية والطويلة التي تحدّدت ÙÙŠ هذه المرحلة، ÙØªØ­Øª مجالاً واسعاً للوعظ إن كان من جهة المواضيع وغناه ومن جهة المناسبات والأوقات الأوسع التي تسنح الأصوام للوعظ Ùيها. هكذا نجد عظات تشرح كتب بكاملها كالتكوين مثلا وسواه… تمّت خلال أيام الصوم بشكل متسلسل ومنهجي.

ما نعرÙÙ‡ أن الواعظ كان بالأساس الأسق٠والكاهن وأيضا الشماس وكان يتطلب منهم Ù…Ø¹Ø±ÙØ© لاهوتية وكتابية. القانون (58) الرسولي يهددّ بالحرمان الكهنة الذين يهملون التعليم.

أما ÙÙŠ الغرب، Ùلم تظهر بعد مدارس لاهوتية كبيرة ولا ÙلسÙية. لذلك تشير الدلائل أن الوعظ لم يزدهر كثيراً آنذاك هناك. واستمر على طابعه الرعوي البسيط المتمحور حول النصوص الكتابية.

6. من القرن السادس إلى القرن الخامس عشر

تعتبر هذه المرحلة مرحلة الانحطاط، ما Ùيه جيد هو إعادة للعظات القديمة لذلك لا يسلم لدينا مادة واسعة ÙÙŠ الوعظ من هذه الحقبة. وهذا ما يريد أن يصححه القانون (19) من المجمع الخامس-السادس ÙÙŠ ترولو (692) حين يوعز إلى المتقدمين ÙÙŠ الكنائس أن يعظوا ويعلموا عدا الآحاد أيضاً ÙÙŠ الأعياد. ويتابع القانون مشدداً أن تكون العظة مبنية على التقليد الآبائي وألا تحمل الآراء الشخصية وينصح القانون بمطالعة العظات ÙˆØ§Ù„ØªÙØ§Ø³ÙŠØ± الآبائية. هذا التشديد يؤكد أن هذه المرحلة كانت تنوء تحت ضع٠تواتر الوعظ وتحت دخول ØªÙØ§Ø³ÙŠØ± غير علمية وشخصية كما يمنع هذا المجمع ÙÙŠ قانون 74 الوعظ من العلمانيين.

ÙÙŠ هذه Ø§Ù„ÙØªØ±Ø© ظهرت بعض المجموعات “مختارات” من العظات ÙÙŠ سلاسل ومجلدات تضم أهم العظات الآبائية ÙÙŠ أهم المناسبات. والمميز ÙÙŠ هذه المرحلة ظهور “عظات الآحاد”ØŒ أي مجموعة عظات على المقاطع الكتابية التي تقرأ أيام الآحاد.

ازدهرت ÙÙŠ هذه المرحلة العظات Ø§Ù„Ø§Ø­ØªÙØ§Ù„ية، ورثاء الشهداء. ÙØªÙ…يزت بطابع البلاغة ÙˆØ§Ù„ÙØµØ§Ø­Ø© والتقريظ، وحملت عناصر كثيرة من السنكسارات والأدب الأبوكريÙÙŠ.

من أهم وعاظ هده المرحلة نورد ØµÙØ±ÙˆÙ†ÙŠÙˆØ³ بطريرك أورشليم، أندراوس الكريتي، يوحنا الدمشقي، جرمانوس بطريرك القسطنطينية، ثيودوروس الستوذيتي، أيضاً Ùوتيوس الكبير، ليون الحكيم، سمعان المترجم، سمعان اللاهوتي الحديث، ثيوÙÙلاكتوس أسق٠بلغاريا ÙˆÙيلوثيوس كوكينوس بطريرك القسطنطينية، ثم غريغوريوس بالاماس ونيقولاوس كاباسيلاس.

ÙÙŠ الغرب، كان الوضع مشابهاً لما جرى ÙÙŠ الشرق، أي التقليد لعظات المرحلة السابقة والتأثر الكبير بأوغسطين وبغريغوريوس الكبير، حيث عظاتهم لم تكن تشكل مرجع للتقليد وحسب وإنما تقرأ كما هي من المنابر ÙÙŠ الكنائس. ومن أيام كارلوس الكبير بدأ جمع هذه العظات ÙÙŠ سلاسل ومجلدات سÙمّيت (Homilaria) (قرن 11).

يلاحظ أنه من القرن الثاني عشر يبدأ الوعظ يترك الطريقة Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠØ© التحليلية ليتجه إلى الطريقة Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±ÙŠØ© التركيبية، ويأخذ موضوعا محدداً.

وما تميزت به هذه المرحلة ÙÙŠ الغرب هي عظات السخولاستيك (السكولاستيك)ØŒ التي يمثلها توما الأكويني، التي أخذت طابعا منهجياً يتناول Ùقط المنطق والعقل ويستنتج نتائج هي مسائل Ùكرية للمعالجة وليست للحياة.

على العكس ظهرت أيضاً حركة ميستيكية ÙÙŠ الأديار شددت على الطابع الشخصي والحياتي والخبرات الروحية ويمثلهم برنارد دو كليرÙÙˆ. وشكّل ÙØ±Ù†Ø³ÙŠØ³ الأسيزي تياراً جديداً ألتزمت به رهبانيّة Ø§Ù„ÙØ±Ù†Ø³ÙŠØ³ÙƒØ§Ù† عبر العصور، ويميل هذا التيار للتشديد على ØªÙØ³ÙŠØ± الكتاب وبشكل شعبي. بينما الدومينيكان مالوا إلى الوعظ العقائدي.

7. من القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر:

ÙÙŠ الشرق، كانت الكنيسة الأرثوذكسية تحت الحكم التركي. كان للوعظ دور هام جداً ÙÙŠ Ø­ÙØ¸ الإيمان ÙÙŠ تلك الظروÙ. ولكن تدهور الأحوال العامة أثَّر كثيراً على عدد ومستوى الإكليروس. بينما القليل من الإكليروس المثق٠كان يستمدّ مصادره وعلمه من الغرب.

ظهرت عدة مجموعات ÙÙŠ الوعظ أهمها مجموعة “الكنز” لدمسكينوس ستوذيتس عام 1528 Ùˆ”المجموعة الرسولية” ليوحنا الذي من لندن عام 1875. ومن أهم الوعاظ كان نيكيÙوروس ثيوطوكيس (1731-1800) وأشهر Ù…Ø¤Ù„ÙØ§ØªÙ‡ هي “عظات الآحاد” التي أثرت كثيراً على هذه المرحلة.

ÙÙŠ الغرب، شاهدت المرحلة تبدلات كنسية وإضطرابات عديدة. Ùلقد حولت البروتستانتية مركز الحياة المسيحية من العبادة والليتورجية إلى الوعظ والكلمة. وهذا ما Ø¯ÙØ¹ بÙÙ† الوعظ إلى الأمام. المصلحون الكبار أمثال لوثر وكالÙين ظهروا كوعاظ مصلحين. وأخذ الوعظ منحى التمحور حول المسيح والكتاب المقدس. ونشأت أصول محددة وعلوم ÙÙŠ الوعظ، ولكنها بنيت على الموروث القديم من علوم الخطابة.

ÙÙŠ الكنيسة الكاثوليكية وأمام التحدي البروتستانتي كان لا بد من إعطاء أهمية خاصة للوعظ، مما جعله يشهد مرحلة نمو وازدهار وخاصة من قبل الرهبنات الغربية. وأشتهر بينهم كبار الوعاظ Ø§Ù„ÙØ±Ù†Ø³ÙŠÙˆÙ† مثل BourdalueØŒ BossuetÙˆMassilon.

8.من القرن التاسع عشر إلى اليوم

إن تيارات كالعقلانية (Rationalism) والتحرر أثرت على الوعظ، بالوقت ذاته كان التراث الآبائي الغني والطويل مصدراً هاماً له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

C. ØµÙØ§Øª العظة والوعظ:

1. غاية العظة

من الواضح عندما نتكلم عن العظة وهي أداة البشارة والتعليم المسيحي لا بد أن نعني بها ØµÙØ§Øª أساسية تحقق هاتين الغايتين. وهذا ما يميز العظة المسيحية عن أي خطاب سياسي وتربوي وسواه، ما هي إذن هذه Ø§Ù„ÙØ±Ø§Ø¯Ø§Øª التي على أي عظة أن تتحلى بها.

2. ØµÙØ§Øª العظة

أ. كتابية

من حيث أن الكتاب هو نبع الكش٠الإلهي ومصدره. وهو الطريق التي تسير بنا إلى Ø­ÙØ¸ الوصية الإلهية وعيشها. هكذا يشكل الكتاب بالوقت ذاته أداة” للوعظ ولكن أيضاً غاية من غاياته. ÙØªÙسير الكتاب بحد ذاته يعني إيصال الكش٠الإلهي للناس.

من ناحية أحرى يمتلك الكتاب المقدس عصمة ÙÙŠ قلوب الناس تعطي الوعظ مصداقيته ووحيه الإلهي. لذا كلما استوحت العظة واحتوت من الآيات الكتابية كلما حملت روحاً وامتلكت ثقة المستمعين. إن العظة تستخدم الآيات الكتابة لبينتها ولكن بالوقت ذاته ØªÙØ³Ø± هذه الآيات. من أجمل ما ÙÙŠ عظات القديسين هو كيÙية ربطهم لأحداث الكتاب ÙÙŠ المواضيع المطروحة.

من هنا علينا استخدام الآيات الكتابية ÙÙŠ معناها الدقيق ÙÙŠ نصها وليس كجزء مقتطع من النص لخدمة سياق العظة (مثال: الريح – الروح تهب حيث تشاء…).

بالنهاية إن الخطر المطروح بين الكتاب والوعظ ليس هو Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„ العظة عن الآيات الكتابية – وهذا نادراً ما يحصل، ولكن بالعكس Ø¥ÙØ³Ø§Ø¯ العظة للآيات الكتابية. مثال حيّ عن ذلك هو التجربة على الجبل، حيث كان الشيطان يستخدم الآيات الكتابية ويستشهد بها تجاه المسيح، وكان المسيح يردّ عليه Ù…ÙØ³Ø±Ø§Ù‹ هذه الآيات بعكس ما يعنيه الشيطان وبآيات كتابية أيضاً (راجع متى 4). هذه كانت محنة الكنيسة مع الهرطقات كلها.

دراسة ØªÙØ³ÙŠØ± الكتاب المقدس دراسة واÙية هي شرط أساسي للواعظ. واستخدام آيات يجب أن يكون أميناً للمعاني.

ب. محورية المسيح

أنه الطريق والحق والحياة. الإنجيل كرواية عن حياة المسيح ووصاياه وعمله وأقواله هو أداتنا لكش٠الحق. وهذا الحق حين نكتشÙÙ‡ يجعلنا “نحيا به” Ùيصير هو الحياة. ÙØ§Ù„مسيح بالإنجيل هو أداة الواعظ والمسيح من الإنجيل هو غاية الواعظ.

يجب ألا يقع الوعظ ÙÙŠ ÙØ® التعليم الأخلاقي Ùيقلب المسيحية إلى علم اجتماع. بولس الرسول يعر٠إنجيله (بشارته) بكلمات محددة أن “الرب يسوع مات وقام”. إذا كان دور الواعظ هو إيضاح الكش٠الإلهي، ÙØ¨Ø­Ø³Ø¨ ما قال يسوع لأندراوس: “من رآني Ùقد رأى الأب”ØŒ يكون عمل الواعظ هو إظهار الابن ÙÙŠ محبته ومصالحتنا به مع الآب. المسيح هو المعلم وهو الواعظ بÙÙ… الواعظ وهو الموعوظ به. هو ملء الزمان “وإكمال الناموس وهو يملأ قلوبنا ÙØ±Ø­Ø§Ù‹. المسيح كلمة الله وتعبير إرادته،Ùهو الكلمة المشروحة والكلمة المدلول عليها. المسيح هو “الكل ÙÙŠ الكل” (1كور 28:15).

ج. آبائية

يشكل Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± الآبائي ØªÙØ³ÙŠØ±Ø§Ù‹ حياً للإنجيل. التقليد والإرث الآبائي هو الإنجيل ÙÙŠ التاريخ Ù…ÙØ³Ø±Ø§Ù‹ ومعاشاً. بالروح القدس قرأ الآباء الكتاب وبهذا الروح ÙØ³Ù‘روه وبهذا الروح عينه كتبوا وأجابوا على مشاكل وأسئلة زمنهم.

لا يشرح الكتاب إلا الكنيسة، والمتمثلة بآبائها القديسين، Ùكما أن مصدر الوحي ÙÙŠ الكنيسة هو الروح ومادة الوحي هي الكتاب ÙØ¥Ù† مصدر Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± هم الآباء.

يقدم لنا الأدب الآبائي أمرَين، أولاً Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± الصحيح، أي كي٠تقرأ الكنيسة الإنجيل والكتاب عموم، وثانياً نماذج ÙÙŠ الرعاية والوعظ مثالية تؤمن لنا مصدراً ومرجعاً للوعظ غنياً جداً.

قراءة الآباء لا تعني “اجترار” الآباء ولا “نسخ” الآباء. ÙØ§Ù„أب ÙÙŠ زمنه لم ينسخ من قبله، بل حمل الروح ذاته الذي نطق Ùيه أجوبة على أسئلة سامعيه. ÙÙŠ عودتنا إلى المصادر الآبائية ننهل إلى جانب Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± “طريقة” معالجة الحاجات والمسؤوليات الرعائية والتاريخية التي سلكها الآباء. إنهم “Ø£Ùواه الكلمة”ØŒ وقراءة الأدب الآبائي تجعلنا مثلهم “Ø£Ùواهاً للكلمة”.

لا نغني العظة بمجرد نسخ أقوال آبائية، وإشباع العظة بأقوال لهم. وأيضاً لا يكÙÙŠ استخدام أسماء آبائية كبيرة وحسب لإعطاء الأنطباعات وإمتلاك عصمة الكلام. ولكن ما يجب أن تحمله العظة هو “التعليم الآبائي” وأن تمتاز بالروح الكنسية الآبائية.

د. ليتورجية

بالأساس الليتورجية هي الإطار الأساسي للوعظ، زمناً ومكاناً. وتحتوي الليتورجيا على أهم أسس العقيدة ÙˆØ§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± الكتابي. الليتورجية هي بالنهاية “عمل الجماعة الكنسية” التي تسمع الكلمة وتتأمل بها. ÙØ§Ù„كلمة تقود إلى الليتورجية والليتورجية ØªÙØ­ÙŠ Ø§Ù„ÙƒÙ„Ù…Ø©. لذلك غاية الوعظ ليست ØªÙØ³ÙŠØ± الكلمة وحسب، وإنما استخدام هذا Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± لتقود المؤمن إلى الليتورجيا. الوعظ يهيّئ إلى المشاركة ÙÙŠ الليتورجيا. ÙØ§Ù„وعظ يهيّئ للمعمودية، والوعظ يهيّئ لسر الشكر الإلهي. والوعظ سيجعل المؤمنين يمارسون كل الأسرار الكنسية بوعي ÙˆÙ…Ø¹Ø±ÙØ© روحية. لأن الأسرار دون ممارسة واعية تنقلب إلى لون من ألوان السحر.

كما أن الأسرار تقدم للوعظ مواضيع هامة وعديدة ومادة غنية قريبة من حياة الناس وعبادتهم. وتعتبر طقوس الأسرار الإلهية هي المناسبات Ø§Ù„Ø£ÙØ¶Ù„ زمناً ومكاناً وموضوعاً لممارسة التعليم والوعظ. بقدر ما تتراÙÙ‚ الأسرار مع التعليم والوعظ بقدر ما تصبح ÙØ¹Ù„اً “عبادة ناطقة” والعكس بالعكس.

ه. عملانية

من حيث أن المسيحية علم تطبيقي وليس دينا نظري، ÙØ£Ù† ممارسة الوعظ يجب أن تمس حياة الناس ÙÙŠ حاجاتها ومشاكلها ورجائها. والخطر ÙÙŠ العظات هو أن تبتغي العملانية ولكن أحياناً تصل إلى حد التدخل ÙÙŠ كل حياة المؤمنين الأخلاقية الصغيرة. الأمر الذي يسيء إلى شعور المستمع ويدل على عدم ثقة الواعظ بسامعيه. ويدني من جهة ثانية مستوى التعليم. وأن تتطر٠العظة إلى التنظير والإسهاب ÙÙŠ مسائل ÙلسÙية وإيمانية ليست هي مشاغل الناس اليوم ولا تجيب على حاجاتهم الروحية.

يجب أن يميز الواعظ بين ما “يجب أن يعرÙÙ‡” وما “يجب أن يقوله”. وهذا الأمر طبيعي ÙÙŠ كل مجالات العلوم. Ùما يعرÙÙ‡ الواعظ هو بالأساس أدوات له وليست المادة التي يجب أن تعطى لسامعيه. يجب أن يمتلك الواعظ Ù…Ø¹Ø±ÙØ© واسعة نظرية ÙˆÙلسÙية متعددة وعميقة، لكنها هذه هي المواد الخام وليست المادة والغذاء المحضر الذي يجب أن يقدم للسامعين. من كل تلك Ø§Ù„Ù…Ø¹Ø±ÙØ© على الواعظ تهيئة موضوع ومضمون له يغذي سامعيه ويجعلهم ينهلون من كلماته نعمةً وروحاً.

من الجيد أن تعالج العظة أمثلة حياتية واضحة، ولكن دون أن تمس بكرامة سامعيه. وعلى العظة أن تدين الأخطاء وتقدم الحلول وألا تميل إلى التهكم والتهجم بسبب من العملانية. وأن يكون دائماً الحكم ÙÙŠ الأمور هو ضوء الإنجيل وتعاليمه. يجب ألا تنقلب العملانية إلى علمنة. وألا ينقلب الوعظ من الباب الملوكي إلى دردشة صالونات. يمكن للواعظ أن يعالج أدنى الأمور قيمة وكرامة ولكن بشكل كريم ورÙيع، وهذا طبيعي Ùقط عندما يلتزم بالتعليم الإنجيلي كحل وتعليم.

يساعد ÙÙŠ جعل العظة عملانية استخدام٠“الأمثلة” اليومية، ولكن السامي منها بالحياة. ÙˆÙŠÙØ¶Ù„ أن نلجأ بالأول إلى القصص الكتابية منها ÙˆØ§Ù„Ù…Ø¹Ø±ÙˆÙØ©. وأن نعود إلى التاريخ الكنسي ونستنبط منه أمثلة، ومن ثم أمثلة الحياة اليومية، وأمثلة الخبرات البشرية العامة والسامية والإنسانية.

لا يستحسن خلق قصص وهمية لإنشاء عظة عليها. Ùهذا يجعل العظة تبدو وكأنها غير واقعية. نستطيع غالباً أن نجد أمثلة حقيقية تجري ÙÙŠ الحياة اليومية ولها واقعيته، ونستخدمها من الخبرة الإنسانية من أجل توضيح Ùكرة العظة وجعل المستمعين يشاركون بالشعور بها. هذا ما أستخدمه الرب ÙÙŠ أمثاله، التي كانت حقيقية من الحياة اليومية وواقعية (ما يجري تماماً مع الزارع وتماماً مع الغني ولعازر وما يشعره الراعي ÙØ¹Ù„اً وهو يبحث عن الخرو٠الضال ويجده…).

و.الوضوح والتحديد

لعل أدق مسألة يجب على الواعظ استيعابها والانتباه إليه، هي أن غنى العظة لا يقوم على امتدادها وإنما على عمقها. والمقصود أن تعدد المواضيع ووعظ كل شيء عن كل أمر هو بالنهاية عظة لا “شيء”. ويلاحظ تماماً كي٠يبدأ البعض عظتهم بموضوع ويخرجون إلى آخر ثم آخر Ùيثقلون العظة بالمعاني وتكون ثمرتها Ø¶Ø¹ÙŠÙØ© جداً. ÙØ£Ø¯Ù‚ مسألة هي تحديد الÙكرة من العظة ومن ثم التعاليم التي سو٠توضحها هي حصراً.

كل Ø§Ù„ØªÙØ§ØµÙŠÙ„ والجوانب ÙÙŠ العظة عليها أن تنصب ÙÙŠ سبيل إيضاح الÙكرة الأساسية وإلا لجعلتها تضيع من ذهن السامع. والأÙكار والتعاليم Ø§Ù„ØªÙØµÙŠÙ„ية يجب ألا تكون أقوى من الÙكرة الأساسية وإلا لجعلت العظة غير واضحة. أي نقص من مميزات العظة يوصلها ناقصة. ÙØ¶Ø¹Ù اللغة ينقص منها وغياب نص كتابي وآيات يقلّل من الثقة بها مثلاً… ولكن عدم وضوحها يلغي كل قيمتها. ÙØ¥Ù†Ù‡ من Ø§Ù„Ø£ÙØ¶Ù„ أن ننطق بكلمات خمس بوعي ÙˆÙهم لكي نعلّم الآخرين من أن ننطق الكثير ومن اللسان Ùقط، كما يقول الرسول بولس. لذلك لا بد للواعظ قبل أن يحدّد Ù„Ù†ÙØ³Ù‡ ما هي الأÙكار المحددة التي يريد أن يوضحها لسامعيه، وأن يحدد ترتيبها وكي٠سو٠يشرحها. يساعد على وضوح الÙكرة الابتعاد عن الإسهاب ÙÙŠ Ø§Ù„ØµÙØ§Øª والبلاغات المصطنعة، Ùهذه كلها تقطع الÙكرة ÙÙŠ ذهن المستمع. والعظة يكون نجاحها أسهل كلما تناولت مواضيع أقل، حتى الموضوع الواحد والواضح. أي موضوع آخر يجب أن يكون مساعداً وليس ثانياً.

ز. كلمة تعزية

الكلمة اللاهوتية هي التي تصل الإنسان بالله. والعظة الحقيقية هي التي تنقل الإنسان إلى الله وتنقل نعمة الله إليه. الواعظ وسيط سلام بين الموعوظ وإله السلام “إله كل تعزية” (روم 15ØŒ5 Ùˆ2كور 3ØŒ1). ÙˆÙŠÙØªØ±Ø¶ أن يكون استخدام للكلمة الإلهية بالواقع صحيحاً ومعزياً. لأن هذه هي أداة الله المعبر عنها بالكلمة “أن جميع الناس يخلصون”.

لهذا ÙŠÙØ¶Ù„ أن يبتعد الوعظ عن لغة التهديد والتأنيب، وأن يلتزم لغة التهذيب والوداعة. إن قوة العظة ÙˆÙØ§Ø¹Ù„يتها ودعوتها للتوبة تكمن ÙÙŠ قوة الكلمة الإلهية وليس ÙÙŠ قساوة التعبير. ويجب ألا يخلط الواعظ بين تأنيب الخطيئة وتأنيب الخاطئ.

غاية العظة هي Ø±ÙØ¹ قدرة المستمعين على التزام الحياة المسيحية، وأن تسكب ÙÙŠ قلوبهم النعمة التي تقودهم إلى التوبة والرجاء. الواعظ ليس حاكماً بل هو “المعزي”.

من الجيد أن نتذكر دائماً أن الشعب الحاضر ÙÙŠ الكنيسة جاء إليها ينتظر تعزية ولا يطلب شيئاً أخر. والعظة جانب أساسي من الطقس الليتورجي يمكنها أن تقدم الكثير من خلال شرح الكلمة والأسرار الإلهية.

ح. متزامنة

قد تبدو كلمة “تزامن” Ùˆ”معاصر” للبعض معاكسة لما هو تقليدي Ùˆ “تقليد”. وأنها تعني تغييرات وتبديلات تعاكس الأصول المتبعة والإيمان والمبادئ الأساسية. وهي ليست كذلك. وإنما هي وضع هذه المبادئ الأساسية بلغة سامعيها أي ÙÙŠ عصرهم ومسائل زمنهم. العصرنة غير الدهرية. ÙØ§Ù„دهرية هي عكس الأبدية، والمقصود بها الأسس التي لا تعنى بأمور الحياة الأبدية. وهي بالتالي ضد التقليد الذي يعني الاهتمام بمسائل ملكوت الله. ولكن العصرنة تعني تماماً التقليد، التقليد الذي لم يكن يوماً نسخاً للماضي، ÙØ§Ù„تقليد هو واحد، وهو أن يعمل الروح القدس Ùينا. هذا الروح عمل ÙÙŠ القديسين والآباء. والتقليد هو أن تستمر هذه الطريقة ÙÙŠ أن نجعل ذواتنا قيثارات للروح تعز٠عليها الكلمة الإلهية ÙÙŠ زمنها.

لذلك التزامن والعصرنة لا تعني Ø±ÙØ¶ التقليد والتعليم الكنسي وإنما وضعه ÙÙŠ مواجهة اليوم وإخراجه بلغة اليوم. “المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد” (عب 8ØŒ13) وكلمته هي هي “باقية إلى الأبد” (ا بط 25:1). ولكن كلمة الله بالأساس هي جواب على سؤال العطش البشري، وبالتالي حين تجيب على السؤال الإنساني يجب أن تصل إليه بلغته وطريقته.

يجب أن ÙŠØ­Ø§ÙØ¸ الوعظ على الكلمة الإلهية واللغة الإنسانية. Ùهناك ثوابت وهناك متحولات. ÙØªØ­Ø±ÙŠÙƒ الثوابت سوء كتثبيت المتحركات. ÙØ§Ù„عصرنة أساس ضروري كالتقليد تمام، على أن تحددّ الثوابت وكذلك المتحولات. عدا ذلك تÙقد العظة دورها الروحي. ÙØ¥Ù…ّا تصير معلمنة (عند تحريك الثوابت) Ùˆ خطابة ÙØ§Ø±ØºØ© (حين نثبت المتحركات). الكلمة الإلهية ليست من هذا العالم ولكنها إليه ÙˆÙيه. إذا دهرنت الكلمة الإلهية وإذا عزلت عن الدهر Ùقدت دورها.

أن عصرنة العظة لا تعني أبداً وحصراً تبنّي كل ما هو جديد واللغة والتقنيات “الدارجة”. عصرنة العظة تنبع بالأساس ليس من Ù…Ø¹Ø±ÙØ© الأساليب الحديثة والأمور الدارجة Ùقط، هذه قد تساعد. إنَ عصرنة العظة تنبع من قلب الراعي الحقيقي الذي يعيش مع رعيته كما هي اليوم ويشارك ÙÙŠ مسائلهم ويشعر بحاجاتهم ويعر٠ألامهم ويÙهم لغتهم ويÙهمون ثم لغته. الرعاية الحقيقية تضمن عصرنة العظة.

يجب أن يكون الراعي والواعظ متجدداً مع أجيال رعيته، وإلاّ لصار جموده لغة صماء لا تÙهمها رعيته. لذلك خبرة الراعي الروحية والرعوية هي الأساس لتزامن وعظه مع زمن سامعيه. إن خبرة الواعظ ذاتها هي العلم الأساسي الذي يشرح له كي٠يزامن عظته. إن غياب الخبرة الشخصية للواعظ حول المواضيع التي يعالجها ÙÙŠ وعظه لا بد ستجعله من الÙمنظّرين الذين يسأم الناس سماعهم بسرعة. يجب أن يكون الواعظ ذاته ابن زمنه ودنياه Ùيمتلك هو خبرة شعبه، وما يميّزه عنهم ليس عزلته عنهم ولكن خبرته الخاصة الإضاÙية مع الله.

Facebook
Twitter
Telegramma
WhatsApp
PDF
☦︎

informazioni Informazioni sulla pagina

Indirizzi L'articolo

contenuto Sezione

Tag Pagina

الأكثر قراءة

Torna in alto