☦︎
☦︎

عندما نشترك في الأسرار فإننا نجعل حياة المسيح حياتنا وتعطي المعمودية والمسحة المقدسة وسر الشكر هذه الحياة. وعندما نصبح مساهمين في الأسرار الإلهية يدخل المسيح إلى نفوسنا ويسكن فيها ويلتصق ويتحد ويحل الخطيئة الموجودة في النفس ويعطيها حياته ويجعلنا شركاء له في ظفره (يا للصلاح!) ويعلننا غالبين ظافرين. إن الغلبة والإكليل هما نتيجة الآلام والعرق. لماذا نظهر غالبين في اشتراكنا في الأسرار وننال الأكاليل والجوائز؟ لأنه وإن كنا لا نتعب ولا نجاهد فإننا باشتراكنا في الأسرار نمجد جهـاد المسيح ونعجب بغلبتـهونسجد للراية ونظهر محبة حارة لا توصف نحو الغالب والظافر الأبدي. أن كلومه وجراحاته وموتـه هـي كلومنـا وجراحاتنـا وموتنا ونصير جسداً واحداً مع جسد المسيح الذي مات وقام لذلك نتمتع بالخيرات النابعة من جهاد المسيح وموته.

لنفرض أن مجرماً طاغياً قد وقع في يد العدالة. لا شك أن الموت سيكون من نصيبه. ماذا يكون الحكم على إنسان يتقدم من المحكمة ليدافع عن الطاغي وعن جرائمه ويطلب إخلاء سبيله ويكيل له المدائح ويعتبر أن الحكم على الطاغي البريء حكم عليه وأن المحكمة قد تجردت من كل وجدان وصورت القوانين ظلماً وتعسفاً؟ تصوروا إنساناً كهذا واحكموا أنتم على فعله. ألا يستحق من يدافع عن المجرم بوقاحة وصفاقة وجه الحكم الذي يستحقه المجرم؟ لنأحذ الصورة المعكوسة. تصوروا إنساناً خيراً صالحاً تمكن أن يحوز على إكليل الظفر وإنساناً آخر يفرح بهذا إنسان فرحه بنفسه، يتهلل ويفرح ويركع على الأرض إجلالاً واحتراماً، يضمه إلى صدره ويقبله، ألا يستحق هذا الإنسان أن يكون شريكاً في مجد هذا الإنسان الصالح؟

أننا نحمل الأشرار مسؤولية نواياهم وأعمالهم، ترى لماذا لا نعطي وزناً لكل عمـل صـالح وتعبيـر خير؟ من الضروري أن نضيف ما يأتي: لا يحتاج المسيح الذي نصب هذه الراية إلى جـوائز، إنـا يرغب ويرجو أن يرى إكليل غلبته فوق رؤوسنا. لماذا نرفض أن نحوز على الإكليل الـذي احتـاج للحصول عليه الصراع الطويل المضني؟ لماذا نرفض أن نناله بدون تعب وأخطـار؟ إن المعموديـة تهب لنا هذا الإكليل وكذلك المسحة المقدسة والاشتراك في دم يسوع المسيح وجسده. عنـدما نـصير شركاء في الأسرار نستنكر الظالم، الشيطان ونتهمه ونبصق عليه، وفي الوقت نفسه نمـدح المـسيح الغالب ونعجب به ونسجد له ونحبه من أعماق قلوبنا.

من الواضح أن المسيح جاهد وغلب من أجلنا. قبل الموت لنغلب نحن، لذلك أسس الأسرار. أسسها لنأخذ بواسطتها إكليل الظفر ضد الخطيئة. ما نفعله نحن هو إظهار رغبتنا ونيتنا الصالحة في قبولنا المعمودية بإيمان، أما المسيح فلا يعطينا إكليلاً ومجداً نحن المعمدين فقط بل يعطي ذاته مكللاً وغالباً أزلياً. في الواقع عندما نخرج من جرن المعمودية نحمل المسيح في أرواحنا وعيوننا ورؤوسنا. نحمل المسيح البريء من الخطأ وحده، الغريب عن كل فساد، نحمله كما قام تماماً من بين الأموات وظهر إلى تلاميذه وصعد، المسيح الذي سيأتي ليطالبنا بهذا الكنز الذي لا يثمن. المسيح وحده يملك المدخل إلى الحياة الحقيقية. وكما نُدخل الهواء والطعام بواسطة الأعضاء لنقوي جسدنا كذلك، وبالطريقة نفسها، يدخل المسيح إلى أرواحنا ويصير لها أريجاً وعطراً وغذاء. إن روحنا تتنشق المسيح وتتغذى به. وهكذا نصبح مع المسيح جسداً واحداً، ويصير المسيح لنا كالرأس لأعضاء الجسد. ولأن المسيح هو رأسنا لذلك نصير شركاء في خيراته. خيرات الرأس توزع على كل الجسد. عندما كان المسيح يكافح ويقبل الجراحات والموت وحيداً لم يشركنا في آلامه. وعندما أراد أن يتوج بإكليل الظفر لم يرد أن يبقى وحده بل دعانا جميعاً لمشاركته في الأكاليل وخيرات الظفر جميعها. وهذا برهان على محبته وإحسانه غير المتناهي لأننا بعد موت الصليب اتحدنا بالمسيح. قبل ضحية السيد لم يكن الاشتراك مع المسيح ممكناً. فالمسيح كان الابن الحبيب وكنا نحن عبيداً خطأة، أعداء الله، ولكنه عندما مات وأعطى البدل وقضى على أغلال الشيطان نلنا حريتنا وصرنا أبناء الله بالنعمة وأعضاء لرأس المسيح المغبوط. والآن إن خيرات الرأس هي خيراتنا وفي هذه الحياة ننعتق من ثقل الخطيئة ونصير مساهمين بكل مواهب المسيح بواسطة الأسرار، ونحيا حياة المسيح بمناولة جسده ودمه وسنكون في الحياة المستقبلة آلهة حول االله وارثين ومالكين مع المسيح. لكي نربح الحياة المستقبلة علينا أن نساهم، أو بالأحرى أن نقبل نعم المسيح وإلا نطرح عن رأسنا إكليله الذي حاكه بالألم والعرق. هذه هي الحياة التي ننالها بالأسرار وللحصول عليها على الإرادة البشرية أن تسهم مساهمة فعالة.

Facebook
Twitter
Telegramma
WhatsApp
PDF
☦︎

informazioni Informazioni sulla pagina

Indirizzi L'articolo

contenuto Sezione

Tag Pagina

الأكثر قراءة

Torna in alto