Hans liv:
ولد باسم فالنتاين فيليكسوفيتش في 27-نيسان -1877 في كيريتش ( شرقي شبه جزيرة القرم) و كان أفراد عائلته موظفين مدنيين لدى الملوك الليتوانيين و البولدنيين و أسرته كانت فقيرة .
يذكر القديس لوقا أنه ورث عن والده الورع و التقوى أما فهمه الحقيقي للايمان المسيحي فجاء من خلال دراسته للعهد الجديد التي تلقاها على يدي المشرف على تخرجه من المدرسة الثانوية.
التعليم:
تميز بوجود قدرات استثنائية لديه من حيث تعلم الرسم و تخرج من أكاديميية كييف للفنون الجميلة و لكنه بالنهاية تخلى عن الفن و الرسم كمهنة لصالح القيام بمساعدة المحتاجين و الفقراء.و اختار أن يكون طبيباً ،لذلك و في عام 1903م و حينما كان في ال 26 من عمره تخرج من كلية الطب في جامعة كييف و عمل لمدة طويلة كطبيب في المقاطعة المحلية و طالباً للدراسات العليا كما أنه برع في علم التشريح مما ساعده حين القيام بالعمليات الجراحية.
تعاطف مع المتسولين الذين أصيبوا بالعمى نتيجة مرض (التراخوما) مما دفعه لدراسة طب العيون في عيادة العيون في كييف و خلال فترة قصيرة اكتسب مهارة كبيرة في المعالجة و ساعدت معارفه في هذه التخصصات الفرعية في علاج ليس فقط مرض (التراخوما) و لكن العديد من إصابات العين الأخرى.
زواجه:
حدث مهم آخر في حياته و هو زواجه من آنا التي كانت ممرضة و رزقا بأربعة أطفال ، انتقلت الأسرة عدة مرات بين مختلف مرافق الرعاية الصحية في الاقليم و خلال تلك الفترة لم يكن يسعى لجمع المال من مرضاه و لم يكن يهتم إلى خلفيتهم العرقية و أحوالهم الشخصية.
بعدما توفيت زوجته أرسل الرب صوفيا سيرجيفنا في درب عائلته لتكون بديلاً عن الأم يدخل البهجة على قلوب أطفاله ، أما فالنتاين فلم يتزوج مرة أخرى.
حياته المهنية:
خلال بداية مسيرته المهنية نشر العديد من الأطروحات العلمية و أصبح في نهاية المطاف كبيراً للجراحين و أستاذ الجراحة في مشفى طشقند في آذار عام 1917م.
في تشرين الأول من عام 1917م استولى لينين على الحكم و اندلعت الحرب الاهلية في طشقند عام 1919م و قررت حكومة لينين إزالة كل المظاهر الدينية في الدولة لذلك كان فالنتاين في ظل تهديد دائم خصوصاً حين قيامه بمعالجة أعضاء الحزب الحاكم و لكنه رفض تحت أي ظرف أن يقوم بالجراحة دون أن يضع أيقونة والدة الإله لذلك نجحت جميع العمليات التي قام بها و كانت نتائجها باهرة.
” ينبغي أن أخبركم أن ما صنعه الرب معي كان مذهلاً و لا أجد له تفسيراً فقد نجحت جميع العمليات التي قمت بها و التي كان هدفي منها خدمة الفقراء و المعوزين حيث وضعت كل قواي من اجل اراحتهم من الألم و سد احتياجاتهم”.
هذه بعض من عباراته التي قالها و التي حفظها سكرتيره و هي ليست للتفاخر و لكنها لتبيان كيفية تحقيق مخطط الله في حياة الانسان كمثال القديس لوقا.
خلال الفترة التي كان يسود فيها الحكم الشيوعي على أوكرانيا وقف القديس لوقا بجانب زملائه الاطباء كطبيب و كانسان مسيحي و خلال تلك الفترة قصده حتى الشيوعيين طلباً لمواهب الأشفية التي لديه.
رسامته و اضطهاده:
على الرغم من الخطر المتأتي من نظام حكم لينين إلا أنه حضر بلا خوف المناقشات اللاهوتية التي أعد لها رئيس الكهنة ميخائيل آندييف ،خلال هذه الفترة كان على رجال الدين و المؤمنين أن يشهدوا لايمانهم بالدم و قد دعت العناية الإلهية رئيس الكهنة آندييف أن يدعو فالنتاين للكهنوت و هكذا في عام 1921م و عن عمر 44 سيم فالنتاين كاهناً باسم لوقا و خلال عامين قام بأعمال استثنائية ليس فقط في مجال العمل الرعوي ولكن في النشاط العام و العلمي أيضاً.
أخيراً تم اعتقاله و محاكمته و اتهم زوراً بتقديم علاج غير مناسب لجنود الجيش الأحمر و في محاكمته دافع بلاخوف عن مطالبة الإدعاء بحقه قائلاً:”إذا كنت قد قطعت أطراف بعض الناس فذلك كي أنقذ حياتهم، أنت سيدي المدعي لماذا تقطع رؤوسهم؟؟”.
بالرغم من عدم ثبوت التهم ضده إلا أن الحزب الحاكم أصر على تلفيق التهم له و صدر قرار بسجنه ونفيه مدة 16 سنة.
الطبيب، العالم، الاسقف ،السجين:
في عام 1923م قام الأسقف أندريه أوفيمسكي الذي لاحظ المواهب الروحية لدى القديس لوقا و قبيل أن يغادر طشقند (بسبب الاعتقال و النفي الى سيبيريا) ، قام بسيامته راهباً و أسقفاً و بعدها مباشرة أرسل القديس لوقا لقضاء سنوات السجن الثلاث الأولى.
نظراً لمواهبه الفذة كجراح فقد كان يوضع دوماً في مرافق مراقبة طبية حيث كان زملاءه مندهشون من أن شخصاً بهذه الإمكانات يقبع تحت إرادة و نزوات السلطات المحلية .و بالرغم من انتقادات الجراحين الأقل مرتبة منه إلا أنه تابع بمهارة عملياته الجراحية و بنعمة الرب أدهش جميع رفاقه بنتائج عملياته في طب العيون و مجالات أخرى كانت تعتبر غير قابلة للشفاء.
عام 1926 عاد من منفاه إلى طشقند إلا أنه في عام 1930م عاد و نفي مرة أخرى لثلاث سنوات و حينما عاد ثانية إلى طشقند تابع ممارسة الطب .و كطبيب و أستاذ درب العديد من الأطباء على فن الجراحة و كعالم أيضا وجد الوقت لنشر العديد من الأطروحات العلمية و ثمرة هذه الأبحاث كانت كتابه الذي أطلقه عام 1934 بعنوان” ملاحظات حول الجراحة المتقيحة” و التي وضعت الاساس لتخضض طبي كامل و نال بسبب هذا العمل درجة الدكتوراه في العلوم الطبية عام 1936م ولا تزال مؤلفاته يعمل بها حتى يومنا هذا و كانت مؤلفاته و ملاحقها تعتبر بالنسبة لزملائه ” مراجع قياسية” في ذلك العصر.
و كقائد روحي و أسقف استطاع أن يعضد الابرشيات و المجالس الكنسية و الكهنة، ولان شهرته الرعوية و الطبية كانت في ازدياد قامت السلطات الشيوعية بنقله و مع ازدياد ظلم السلطات ضد المسيحيين و السجناء السياسيين فقد بدأ اضرابا عن الطعام.
عام 1937 اعتقل القديس لوقا و قضى أكثر من عامين من الاستجواب و التعذيب و الاذلال و مع ذلك وضع رجاؤه على الرب و استطاع بشجاعة تجاوز هذه المحن ليس فقط برفض قبول التهم المزيفة الموجهة له و لكن لكي يعضد بقية المضطهدين فأضرب عن الطعام و أرسل خطابات إلى السلطات العليا ضد تصرفات النيابة العامة الغير قانونية و كان يخاطب رفاقه السجناء:إنهم يطالبونني بأن أخلع ثوب الكهنوت وأنا لن أفعل ذلك لإنها ستبقى معي حتى مماتي لقد خدمت الناس كطبيب و أخدمهم أيضا كخادم للكنيسة…”
كان جميع ممن عاصره خلال هذه المحن شاهداً على شخصيته الحقيقية فقد كان رحوماً كطبيب وكان يعالج بدون مقابل و بمحبة ، شارك جميع مرضاه آلامهم و كان ينظر إلى كل واحد منهم على أنه صورة فريدة لاتتكرر عن الله.
عام 1940م حكم على الأسقف لوقا بالسجن 5 سنوات في المنفى في منطقة كراسنويارسك و في عام 1941م عين مستشاراً لمستشفيات كراسنويارسك و قدم خدماته كطبيب في بداية الحرب العالمية الثانية.
رقي عام 1942م إلى مرتبة مطران و أوكلت إليه الخدمة في أبرشية كراسنويارسك التي لم تملك حينها كنيسة واحدة و بجهوده تم افتتاح اول كنيسة عام 1943م في إحدى ضواحي كراسنويارسك و كتب للبطريرك سيرجيوس:” كل سيبيريا الشرقية ، من كراسنويارسك حتى المحيط الهادئ لا توجد بها ما يدل على حياة للكنيسة و إن لم تفتتح العديد من الكنائس في مختلف مناطق كراسنويارسك قريباً فهناك خطر أن ينقاد الشعب نحو البدائية”.
في عام 1944م أسندت اليه أبرشية تامبوف و في عام 1946 منح “جائزة ستالين” لانجازاته الطبية و منشوراته و قد تبرع باموال هذه الجائزة للأطفال اللذين تشردوا نتيجة الحرب.
أيضاً في عام 1946م أسندت إليه أبرشية شبه جزيرة القرم و هناك ، بداية كان يقوم بعمله الرعائي مع خدمته الطبية إلا أنه بعد ذلك قرر التفرغ و تكريس نفسه لخدمة الكنيسة و بغيرة و حماس ليتعهد الاعتناء بكرم المسيح وذلك في ظل ظروف العيش تحت حكم السلطات الشيوعية و طالب بالاعتراف بالايمان بشجاعة.
و كأسقف فقد كانت عظاته لا تؤكد فقط على ضرورة الايمان الاورثوذكسي بل كان يناهض ” الكنيسة المعمدانية” و هي هرطقة سعى النظام الشيوعي لنشرها و خلال 38 سنة من سنوات عمله الرعائي كان له أكثر من 1250 عظة حفظت 750 منها في 12 مجلد و حينما كان يقوم بعمل جراحي كان يرتدي ملابسه الكهنوتية مع أيقونة.
مع مجئ و ذهاب فترات حكم لينين و ستالين و خروتشوف فإن الاضطهادات و النفي المتكرر لم يزده إلا شعبية و بالرغم من حملات الافتراء و تشويه السمعة إلا أنه عرف بمحبته و عدم أنانيته و عرف كأب روحي و طبيب و كان هذا الصيت يخيف كل الأنظمة و يشكل تهديداً لها.
في نهاية حياته اعتقل القديس لوقا في إحدى رحلاته التي كانت لغاية طبية و هذه كانت أيضاً ضمن مخطط الله له فمع نهاية حياته فقد بصره بالزرق في العين فأصبح وقته كله مكرساً للقضايا الايمانية فأجرى العديد من معجزات الشفاء و أصبح لديه العديد من الأبناء الروحيين.
رقاده و جنازته:
مع نهايه حياته أقلقه مسأله و هي أنه هل سيسمح بترتيل ” قدوس الله” في جنازته ، وقد أقام آخر قداس إلهي في عيد الميلاد عام 1960م وآخر عظة له كانت في أحد الفريسي و العشار أما رقاده فقد كان في 11-حزيران-1961م في يوم عيد ” القديسون اللذين أناروا في أرض روسيا”
سعت السلطات بكل جهودها لأن تكون جنازة القديس لوقا من دون معالم فقد تم استقدام حافلات من أجل دفع الجنازة بسرعة من الشوارع إلى المقبرة و ذلك لتقليل الضجة ولكن الله كان له مخطط لجنازة القديس لوقا فقد ارتفعت ثورة شعبية في الجنازة و رفض المؤمنون الهرولة والسير بسرعة و تجاهلوا بجرأة الحواجز التي وضعت على مسارات الطريق الوسطية ، وبالرغم من استياء الحكومة إلا أنها سمحت للجنازة بأن تأخذ ثلاث ساعات و نصف خوفاً من انتفاضة شعبية حيث امتلات الشوارع بالسيارات المتوقفة و ملأ الناس الشرفات و الاسطح و كانت هذه الجنازة بمثابة وسام شرف ، السلطات أرادتها حدثاً صامتاً لكنا كانت شاهداً لمجد الرب فخلال المسيرة كان الترتيل الدائم ” قدوس الله، قدوس القوي، قدوس الذي لايموت.ارحمنا” و هكذا تحققت رغبة القديس لوقا بان يرتل ” قدوس الله..” في جنازته كما كان يحلم .
تطويبه و ذخائره المقدسة:
في 17 آذار 1996 أخرجت بقايا القديس لوقا من القبر بحضور ما يقارب 40000شخص و قيل أن رائحة زكية عطرة فاحت من قبره و اكتشف ان قلبه لم يصيبه الانحلال كشهادة على الحب العظيم الذي كان يقدمه للمسيح و اتباعه و بعد 3 ايام أي في 20 آذار تم نقل بقاياه إلى كنيسة الثالوث الأقدس في سيمفيروبول واستمرت هذه البقايا بعمل معجزات لا تعد و لا تحصى في هذه الكنيسة و في دير ساجماتاSagmata في اليونان و في جميع أنحاء العالم.
الخاتمة:
القديس العظيم المعترف لوقا كان وعاء ثميناً للنعمة الإلهية مثل شفيعه القديس و الطبيب الرسول لوقا الإنجيلي و الذي كان طبيباً إلى جانب عمله الرسولي و كالقديس بولس الرسول الذي بشر بانجيل المسيح ليس فقط في الكنيسة بل و بالسجن و المنفى ، حيث بشر الأصدقاء و بشر المضطهدين و المعوزين و بينما عانى الحزن من جهة الأصدقاء الكذبة كان بالمقابل شخصاً ذو أهمية كبيرة خصوصاً بالنسبة للكثيرين اللذين لا يستطيعون القيام بعمل ما لوحدهم، كان واحداً من اللذين لا يحصرون أنشطتهم فيما يجلب السرور لهم ، حيث لهؤلاء تعتبر اسداء خدمة لقريب شيئاً مهماً و لهذا السبب فهؤلاء لا يجعلون خياراتهم تأتي بمجرد الصدفة و لا يبنون على أسس غريبة بل يكافحون لايجاد احتياجات ينبغي سدها و بما ينفع المجتمع كله .
هؤلاء البناؤون والعمال اللذين برزوا في ميادين الحياة كاستجابة لنداء الرب ، وبالعشر وزنات التي سلّمت لهم من قبل الرب أدوا عشر وزنات اخرى و هذا تجسيد العيش بمقتضى روح الإنجيل يظهر كمثال لنا جميعاً.
سيرة القديس لوقا وثيقة فريدة عن حياة المسيحيين الأرثوذكسيين في روسيا خلال أعوام الرعب بين 1920-1940. إنها سيرة أو مغامرة لرجل إيمان في دعوته لخدمة الكلمة وشغفه بعمله الاحترافي العلمي والطبّي، مضطهَداً لالتزامه إيقاظ النفوس وباقياً على قيد الحياة لبراعته كطبيب للأجساد.
تُعيد له الكنيسة في 11 حزيران
طروبارية باللحن الثالث
لقد أظهرتْ نعمة المعزّي قدّيساً جديداً في أوقات الاضطهاد والضيق، للأمراض طبيباً شافياً، وللنتفوس راعياً مرشداً، فيا أيهاالأب البار لوقا، يامثال المتزوجين والمتوحدين، تشفع في خلاص نفوسنا.
Qandaq med den fjärde låten
أيها الجزيل البرّ لوقا، لقد ظهرتَ شمساً في ليل الاضطهاد الحالك، لذا أيها المغبوط، تسكب في نفوس المعذبين الراحة الإلهية.