تولد الحياة المسيحية في هذا العالم، لكنها تتطور وتنمو فتصل إلى كمال نضجها في الحياة المـستقبلة. ويحاول المسيحي أن يحقق، هنا على الأرض، كمال الحياة في المسيح فلا يستطيع لأن تحقيـق هـذه الحياة يحصل في السماء فقط، هذا إذا نجح في أن يمتلك في الحياة الحاضرة بذار الحياة في المـسيح ومبادئها. وما دام الإنسان الآن لا يزال يحمل الجسد الفاني ويشعر بالانجذاب نحو تلك الأمور الباطلة الخاطئة، لا يمكن أن يورث الفساد الخلقي عدم الفساد السماوي. كان الرسول بولس يهرب مـن هـذا العالم شوقاً إلى عدم الفساد وليكون مع المسيح دائماً “فلي رغبة في الذهاب لأكون مع المسيح” (فيلبـي 1: 23). أولئك الذين يرحلون عن هذا العالم بدون أن يتسلحوا بالقوى الروحية والمشاعر الـضرورية لحياة السماء هؤلاء سيخسرون الغبطة الأبدية وسيقطنون العالم الذي لا يموت أشقياء وأمواتاً روحيـاً كما كانوا ووجدوا ساعة رحلوا.
لماذا لا يتمتع هؤلاء بالفرح السماوي؟ لأنهم كانوا يفتقرون إلى أبصار روحية تمكنهم من رؤية النـور الروحي، رؤية شمس العدل، رؤية المسيح المشع في كل اتجاه. إن أريج الـروح القـدس سينـسكب بغزارة وغنى كريم وسيملأ الجميع ما عدا أولئك الذين يفتقرون إلى المشام الروحية. فابن االله في ذلك اليوم الذي لا يعروه مساء سيجعل من أصدقائه شركاء في الأسرار الإلهية وســيعطيهم كـل مـا سـمعه من أبيـه وسيكون هذا الشرف العظيم لأولئك الذين جعلوا المسيح صديقاً لهم في حياتهم على الأرض دون غيره من لا يعمل على الأرض لا يستطيع أن يرتبط برباط الصداقة مع المـسيح ولا أن يمتلك سماعاً روحياً ولا أن يهيئ لذاته اللباس اللائق بالنفس. كل هذه الأمور ضرورية للـدخول إلـى خدر المسيح الكلي الضياء. في معمل الحياة يستطيع المسيحي أن يحقق هذه الأمور. أما الذي يرحـل بدون هذه التجهيزات فلا نصيب له في الاشتراك في الحياة غير الفانية. تـذكروا العـذارى الخمـس الجاهلات. تذكروا الذي دعي إلى العرس. لم يتمكنوا من أن يحصلوا لا على الزيت ولا على اللبـاس فبقوا خارجاً لأنهم لم يستعدوا في حينه.