لا يمكن للإنسان أن يعيش في وحدةٍ مع االله إذا لم يمت مسبقاً. ولكن االله يستطيع أن يجعل الإنسان أهلاً بأن يميت حياة الخطيئة. وتفرض العدالة أن يصارع الإنسان وأن يغلب الخطيئة وحده ما دام قد سقط بإرادته في الخطيئة. لكن بعد أن صار عبداً للخطيئة لم يعد بإمكانه أن يتغلب عليها بقواه الخاصة. فالخطيئة بعد السقطة صارت سيدة وصار الإنسان عبداً. أكان بالإمكان أن يظهر الإنسان أقوى من الخطيئة ما دام “ليس عبد أفضل من سيده”(يوحنا 13: 16) لقد صار عبداً تحت أقدام الخطيئة من كان مفروضاً أن يكون الغالب الظافر.
لم يكن ممكناً أن تشرق الحياة الروحية الحقيقية حيث كان سلطان الخطيئة يمتد، كان على الإنسان الذي سقط بإرادته في الخطيئة أن ينصب وحده رايات الظفر ضد الخطيئة. االله وحده يملك هذه القوة لتحقيق مثل هذا الظفر العظيم وليظهر ظافراً أبدياً. لذلك صار إنساناً. وهكذا اتحدت الطبيعتان الإلهية والإنسانية في شخص السيد. اتحد الإنسان المفروض عليه أن يغلب الخطيئة واالله الذي له القوة لإحراز هذه الغلبة. فالمسيح يجعل الصراع من اجل الإنسان صراعه الشخصي لأنه إنسان أيضاً وكبريء من الخطأ يغلب الخطيئة لأنه في الوقت نفسه كلي القدرة. هكذا تحرر الإنسان من العبودية والعار وتكلّل بإكليل الظفر وسقطت مملكة الخطيئة والآن بعد غلبة المسيح يتحرر الإنسان بسهولة من عقالات الخطيئة.
إن المخلص يعطي للمؤمنين القوة ليميتوا حياة الخطيئة ويصبحوا شركاء في الظفر العظيم. كان مـن العدل أن ينال المخلص الإكليل وان يظهر كغالب بعد أن نصب راية الظفر ضد الخطيئـة. إن الـسيد المسيح سمر على الصليب من اجلنا نحن الخطأة وتحمل الآلام والجراحات التـي فتحتهـا المـسامير وذاق حتى مرارة الموت ” وتخلى عما عرض عليه من هنـاء وتحمـل الـصليب مـستخفاً بالعـار” (عبرانيين 12: 2) يقول الرسول بولس. إن السيد لم يفعل ظلامة واحدة “خطيئة واحدة لم يفعل” لقـد بقي خلواً من الخطيئة بريئاً. لذلك لم يستطيع الشيطان النمام الوقح أن يجد علة يهاجمه بهـا ويتهمـه والموت نفسه لم يكن له سلطان عليه لان الجرح والألم والعذاب والموت هـي مـن نتـاج الخطيئـة وثمارها. فلو لم تدخل الخطيئة إلى عالم الإنسان أكان االله قبل أن يسمح بالموت وهو الجزيل الرحمة؟ إن إيماننا بصلاح االله يتنافى منطقياً مع اعتقادنا أن الصلاح الإلهي يحـب أن يـرى حكـم المـوت المرعب ممتدا ومسيطراً على العالم. بعد سقطة الإنسان سمح االله بالموت لا كقصاص عـن الخطيئـة بل كداء للرجل الضعيف بسبب الخطيئة وبما أن الموت لم يكن له سلطان على السيد لأنه كان بريئـاً من كل خطيئة فالمخلص شفى بموته مرضنا الروحي بدوائه الأبدي الكلي القدرة. إن قوة الموت على الصليب تعطي لنا القوة لقتل جرثومة الخطيئة لان جرح البريء من الخطأ أرضى العدالة الإلهية مـن اجلنا نحن المؤمنين.