Dans la procédure du baptême

يحبّذ الكثيرون أن يعمّدوا أطفالهم في يوم عيد الظهور الإلهيّ (الغطاس). وما لا شكّ فيه أنّهم يطلبون لهم المعموديّة، في هذا اليوم المبارك، تيمّناً بمعموديّة السيّد. طبعاً لا مانع كنسيّاً من إجراء المعموديّة في هذا اليوم، خصوصاً إذا عرفنا أنّ المعموديّة، وبالأخصّ معموديّة الموعوظين (أي اليهود والوثنيّين الذين آمنوا بيسوع ربّاً ومخلّصاً، وتلقّوا التعليم المناسب تهيّؤاً للمعموديّة)، كانت تجري قديماً في الأعياد الكبرى، بخاصّة في عيد الفصح. وهذا ما تؤكّده خدم العبادة التي تطلب الترانيم المتعلّقة بالمعموديّة، في الأعياد الكبرى، تذكيراً بما كان يجري، أو تجديداً لمعموديّة المعمّدين.

غير أنّ بعض الناس رسموا ما يساعدهم على إجراء معموديّة أولادهم أو حصرها في هذا اليوم. وذلك باعتقادهم أنّ المياه قبل هذا اليوم تكون مربوطة؟! (ولست أعلم ماذا تعني هذه اللفظة؟ أو كيف تُربَط المياه؟!). وبعضهم يرى أنّ هذا اليوم أكثر بركة أو قداسة من غيره؟! ليست المشكلة هنا فقط. المشكلة تبدأ، أو تقوى، عندما نرفض المعموديّة خارج يوم عيد الظهور الإلهيّ، أو نؤخّر معموديّة أطفالنا حتّى يأتي العيد. وبعضهم، لغير سبب، يؤخّر المعموديّة إلى عيد الظهور لسنة، وبعضهم الآخر لسنوات. وهذا لا علاقة له بإيماننا لا من قريب ولا من بعيد.

نقول هذا لأنّ التراث المسيحيّ يأبى تأخير معموديّة الأطفال. ففي القرون الأولى كان الغرب المسيحيّ يجريها يوم ولادة الطفل، بينما الشرق كان يتمّمها في اليوم الأربعين للولادة. وهذا أساسه إيماننا بأنّ الطفل لا يصبح مسيحيّاً قبل معموديّته، وبأنّ الربّ يطلب أن يأتي الأطفال الصغار إليه ليتنعّموا باكراً ببركة الله الآب والخلاص الذي أتمّه المسيح للعالم.

وما يعرفه الجميع أنّنا إذا حصرنا المعموديّة بهذا اليوم سيتراكم عدد الذين يرغبون في تعميد أطفالهم. وهذا متعب جدّاً، خصوصاً للكهنة الذي يحافظون على إجراء المعموديّة كاملة. وهذا هو الحقّ. الكهنة بشر، وبعضهم قد يكون تعباً أو مريضاً. ومن الواجب أن لا نفكّر فقط في أنفسنا، ولكن في غيرنا، ووضعه، وإمكاناته.

ثمّ إنّ قدّاس العيد وصلاة تقديس المياه يطلبان مشاركة الجميع. وقد لا يشارك فيهما الذين قرّروا معموديّة أطفالهم في هذا اليوم تحضيراً لها. أنا لا أقول بتفضيل خدمة على خدمة. ولكن أذكّر بعضاً بأنّ العيد، والمشاركة في صلواته، هو الذي يرضي الربّ أوّلاً. وهذا ما يجب أن نحافظ عليه في كلّ حال (بخاصّة بعد أن أصبح يوم عيد الظهور الإلهيّ، في بلادنا، يوم عطلة كاملاً منذ العام المنصرم). فلا يجوز أن نفكّر فرديّاً. أي لا يمكننا أن نقيم مناسبات ندّعي أنّها تخصّنا، أو ضروريّة لنا، على حساب التزامنا ومشاركتنا في حياة الجماعة (إلاّ إذا أجرينا معموديّة الأطفال في قدّاس بارمون العيد، وهذا هو الأصل، وليس من مانع أن نجريها جماعيّة، أي لأطفال عديدين).

أمّا المعموديّة فهي التي تعطينا عضويّتنا في جسد المسيح. ومعظم الناس يطلبون المعموديّة لأولادهم، ولكنّهم يهملون انتسابهم إلى الكنيسة. وكأنّ السرّ اجتماعيّ أو فرديّ؟! نأخذه بحكم العادة، ولا نسعى إلى إتمام مقتضياته. ومعنى انتسابنا إلى الكنيسة نكمله بالمشاركة في صلواتها، وبخاصّة في القدّاس الإلهيّ الذي فيه يُتحدنا المسيح بذاته. فلا يجوز أن يغيب معمّد، صغيراً كان أم كبيراً، من دون عذر شرعيّ، عن الخدمة الإلهيّة، لا يجوز أنّ نرى القداسة في المعموديّة، ولا نراها في الاقتراب الدائم من جسد المسيح ودمه المقدّسين.

ويسأل الكثيرون عن فهم الأطفال، ويرونه أساساً ضروريّاً لإتمام اقترابهم من سرّ الشكر. هذا ليس معتقدنا. ما نعتقده هو أنّ كلّ عضو في الكنيسة له الحقّ الكامل في أن يتناول جسد المسيح ودمه. ولذلك لا نؤخّر نحن المناولة. ما يسمّى “المناولة الأولى” نفهمه نحن على ضوء المعموديّة. فبعدها مباشرة يمكن لكلّ معمّد أن يقترب من الكأس المقدّسة، وأن يقترب دائماً وباستمرار. وهذا يجب أن يفهمه صغارنا وذووهم، بخاصّة إذا طُلب منهم أن يشاركوا في ما يسمّى عند غيرنا بـ”المناولة الأولى”. أن نقول “عيب”، أو “حرام”، أو “لا نريد أن يبدو أولادنا مختلفين عن أصدقائهم في المدرسة”، كلام لا قيمة له في سياق تربيتنا المسيحيّة. ويمكننا أن نعتمد على أنّ سبب تأخير المناولة، في الكنائس الأخرى، هو عدم فهم الأطفال. فإذا بلغوا السنّ، الذي يجيز عند غيرنا المناولة، يمكننا أن نشرح لهم أنّهم أخذوها بعد معموديّتهم. وما من شكّ في أنّهم لا يجادلون إذا كانوا أعضاء دائمين في كنيستهم. ألا نرى أنّنا نشوّه الحقيقة إذا قبلنا لأطفالنا ما يسمّى المناولة الأولى المتأخّرة؟! الذين بلغوا سنتهم الثامنة أو التاسعة من عمرهم، إذا كانوا ملتزمين، لا ندري كم هو عدد المرّات التي شاركوا فيها في القدّاس؟! كيف يكون الأطفال يفهمون في هذا العمر (بحسب تقليد غيرنا) ولا نكشف لهم الحقيقة كاملة؟!

نحن مسؤولون عن إجراء معموديّة الأطفال باكراً مهما كان اليوم أو العيد، وأن نتابع تربية أطفالنا حتّى لا تتسرّب إلينا عادات لا نقولها أو لا نؤمن بها، وحتّى ننمو جميعاً بمحبّة “الله الآب التي في المسيح يسوع”.

À propos de mon bulletin paroissial
الأحد 4 كانون الثاني 2004

fr_FRFrench
Retour en haut