Hirte von Hermas

يدرج التقليد الكنسيّ كتاب “الراعي” لهرماس من ضمن كتب الآباء الرسوليّين، وهو من الكتب الرؤيويّة المنحولة. ويدلّ على ذلك ما ورد Ùيه من رؤى ÙˆØ§Ù†Ø®Ø·Ø§ÙØ§Øª ومن مهمّة سماويّة، مع العلم أنّه لا يتضمّن بعض خصائص الرؤى كالحديث عن آخر الزمن أو التنبّؤات عن الآخرة. وكان لكتاب “الراعي” لهرماس مكانة مرموقة ÙÙŠ القرون المسيحيّة الأولى، حتّى إنّ القدّيسَين إيريناوس أسق٠ليون (+202) وإكليمنضس الإسكندريّ (+215) امتدحاه وعدّاه Ø³ÙØ±Ø§Ù‹ مقدّساً. وقد سمّي الكتاب “الراعي” لأنّ الملاك الذي ظهر لكاتبه هرماس ظهر بهيئة راعÙ.

ويخبرنا كاتب “الراعي” عن Ù†ÙØ³Ù‡ قائلاً إنّه مسيحيّ ÙˆÙلد عبداً، ثمّ بيع ÙÙŠ مدينة روما إلى امرأة تدعى روضة ما لبثت أن أعتقته. ÙØªØ²ÙˆÙ‘ج وأصبح تاجراً، وتمكّن من الإثراء. ولم يكن ليؤدّب حسناً أولاده ÙØ£ØµØ¨Ø­ÙˆØ§ عاقّين لوالديهم. ÙØ¹Ø§Ù‚ب الربّ البيت كلّه بتدميره، ولم يبقَ لهرماس إلاّ حقل واحد يحرثه. وإنّ ما آل إليه هرماس أوقعه ÙÙŠ كآبة حادّة زادها كلامٌ عن اضطهادات ستسبق نهاية العالم القريبة، Ùكانت رؤياه المزعومة. والمرجّح أنّ كتاب “الراعي” قد دوّÙÙ† بين عامَي 130 Ùˆ140 للميلاد.

يتألّ٠كتاب “الراعي” من خمس رؤيوات واثنتي عشرة وصيّة وعشرة أمثال. ويرى هرماس ÙÙŠ الرؤيوات الأربع الأولى الكنيسة بهيئة امرأة بثياب لامعة تستعيد شبابها شيئاً ÙØ´ÙŠØ¦Ø§Ù‹. ÙØªØ·Ù„ب منه أن يحرّض حالاً على التوبة أهل بيته والمسيحيّين جميعاً، ÙØªÙ‚ول له: “ستندم Ø£Ù†ÙØ³ الذين لا رجاء لهم، الذين ضيّعوا ذواتهم وحياتهم. ولكن أنت، إضرع إلى الله، Ùهو الذي يشÙÙŠ خطاياك، وخطايا جميع أهل بيتك وجميع القدّيسين”. وتحثّه على الدعوة إلى التوبة، وكأنّها Ø§Ù„ÙØ±ØµØ© الأخيرة: “أمّا الذين Ø£Ùكارهم سيّئة ÙÙŠ قلوبهم، Ùلا يجلبون عليهم إلاّ الموت والعبوديّة، لا سيّما أولئك الذين يتمتّعون بهذه الحياة، ÙˆÙŠÙØªØ®Ø±ÙˆÙ† بغناهم ولا يتعلّقون بالخيرات الآتية”. وذلك ممّا يشكّل عزاءً له، هو الذي Ùقد كلّ ثروته. ويرى هرماس ÙÙŠ الرؤيا الثالثة برجاً يمثّل الكنيسة ÙŠØ±ØªÙØ¹ØŒ ويؤلّ٠المسيحيّون الصالحون الحجارة التي يبنى بها، وأمّا الخطأة الكبار Ùهم الحجارة التي لا ØªÙØ³ØªØ¹Ù…Ù„ للبناء ÙØªØ±Ù…Ù‰ بعيداً. وابتداء من الرؤيا الخامسة يسمع هرماس ما يوحي إليه به ملاك التوبة الذي ظهر بمظهر الراعي.

أمّا الوصايا الاثنتا عشرة ÙØªØ´ÙƒÙ‘Ù„ مختصراً للأخلاق المسيحيّة: الوصيّة الأولى تأمر بالإيمان والحشمة ÙˆÙ…Ø®Ø§ÙØ© الربّ. وتأمر الوصيّة الثانية بنقاوة القلب والبراءة: “Ø­Ø§ÙØ¸ على ذاتك نقيّاً وبريئاً مثل الأولاد الصغار الذين يجهلون الشرّ المدمّر”. وتأمر الوصيّة الثالثة بالتزام الصدق: “أحبب الصدق وليخرج هو وحده من Ùمك”. وتأمر الوصيّة الرابعة بالعÙّة. وتشيد الوصيّة الخامسة بالصبر، إذ إنّه شرط للعدل. ويعيد الكاتب ÙÙŠ الوصيّة السادسة ما قاله ÙÙŠ الوصيّة الأولى عن الإيمان والحشمة ÙˆÙ…Ø®Ø§ÙØ© الربّ، مبيّناً إنّ الإنسان بالإيمان يهرب من الظلم ويلتزم العدل. وتأمر الوصيّة السابعة بالابتعاد عن الشيطان: “إتّق٠الربّ ÙˆØ§Ø­ÙØ¸ وصاياه. أمّا الشيطان Ùلا تخ٠منه… ÙØ¥Ù†Ù‘ الذي لا سلطان له لا يوحي بالخؤ. وتتكلّم الوصيّة الثامنة مجدّداً عن العÙّة. وتعلن الوصيّة التاسعة: “إنزع عنك الشكّ Ùهو ابن الشيطان”ØŒ وهو هنا يقصد الثقة بالصلاة. Ùلا ينبغي أن ييأس الإنسان من رحمة الله، لأنّ الخطايا السابقة ليست عقبةً أمام الثقة التامّة المتجدّدة بالله: “إنّ الله ليس مثل البشر الحاقدين، Ùهو لا يعر٠الحقد ويرحم خليقته”. وتنصح الوصيّة العاشرة بالابتعاد عن الحزن الذي هو “أخو الشكّ والغضب”. أمّا الوصيّة الحادية عشرة ÙØªØ£Ù…ر بالتمييز بين الأنبياء الصادقين والأنبياء الكذبة الذين يدّعون أنّهم “يحملون الروح”ØŒ وبكلام آخر الابتعاد عن الخارجين عن إيمان الكنيسة. وتعلن الوصيّة الثانية عشرة: “ابتعد عن كلّ رغبة رديئة. تسربل الرغبة الحسنة والمقدّسة”. وتنتهي الوصايا بقول الراعي لهرماس بعد أن رأى اضطراب هرماس لصعوبة تطبيق هذه الوصايا: “إجعل الربّ ÙÙŠ قلبك ÙØªØ¹Ù„Ù… أنّه ما من شيء أسهل من هذه الوصايا، ولا أكثر ليونة وإنسانيّة”.

يضيق بنا المجال، ÙÙŠ هذه العجالة، لكي نعرض الأمثال العشرة الواردة ÙÙŠ كتاب “الراعي”. ولكن باستطاعتنا القول إنّ هذه الأمثال تحرّض المؤمنين على التوبة وعلى طلب الخيرات الآتية وإهمال الخيرات الآنيّة التي لن تÙيد صاحبها بعد موته، Ùيقول: “إنّكم أنتم عبيد الله تقطنون ÙÙŠ أرض غريبة… ومدينتكم (أي الملكوت) بعيدة عن هذه”. لذلك، ÙØ¹Ù„Ù‰ المسيحيّين أن يستثمروا خيرات هذه الدنيا ÙÙŠ سبيل الآخرة: “Ø§ÙØªØ¯ÙˆØ§ الناس الذين ÙÙŠ عوز… لا تدّخر أكثر ممّا هو ضروريّ جدّاً وكن مستعدّاً”.

ختاماً، تأخذ الكنيسة ÙÙŠ كتاب “الراعي” صورة امرأة مسنّة ما لبثت أن استعادت شبابها شيئاً ÙØ´ÙŠØ¦Ø§Ù‹ØŒ وقد خلق الله كلّ شيء من أجلها: “لأنّها (أي الكنيسة) Ø®Ùلقت قبل كلّ الأشياء. لهذا هي مسنّة. ولقد صÙنع العالم لأجلها”. إنّها سماويّة خرجت من عند الله، وأرضيّة ÙŠØ±ØªÙØ¹ بناؤها حجراً حجراً وتتجدّد وتتزيّن وتبتهج بتنقية أولادها. وهي Ù…Ø¤Ù„Ù‘ÙØ© من كنائس محلّيّة منظورة لها Ù…ÙŽÙ† يسوسها. وهي كنيسة جامعة، ورسوليّة، ومدعوّة إلى الوحدة، كما أنّ البرج يلتحم بالصخرة التي يقوم عليها ÙˆÙŠØ¤Ù„Ù‘ÙØ§Ù† معاً جسداً واحداً هكذا الكنيسة تلتحم بابن الله.

عن نشرة رعيتي 2003

Nach oben scrollen