Geburt Christi – die Geburt Christi

عيد ميلاد المسيح كإنسان هو رأس الأعياد، بحسب ما يقول القديس يوحنا الذهبي الÙÙ…. كل أعياد السيد الأخرى – الظهور، التجلّي، الالام، الصليب، القيامة والصعود – تتبع الميلاد. من دون الميلاد لم كانت القيامة لتكون، وبالطبع من دون القيامة لم يكن هد٠التجسّد ليتحقق. كلّ هذه الأعياد واحدة. نحن Ù†ÙØµÙ„ها لكي نحتÙÙ„ بها، ولكي ننظر بوضوح أكبر إلى محتواها. ÙÙŠ كل قداس إلهي، نعيش كلّ أحداث التجسّد الإلهي. وهكذا، بحسب الآباء، كل عيد هو الميلاد، وكل عيد هو Ø§Ù„ÙØµØ­ وكل عيد هو العنصرة.

ما جرى ÙÙŠ البشارة، بدأ يتكشّ٠عند ميلاد المسيح. عندما نسمّيه إعلاناً نعني أنّ هناك أكثر من شخص، كالعذراء ويوس٠وغيرهما، قد ÙƒÙØ´Ù٠لهم أنّ المسيح الذي كانت تنتظره كلّ الأجيال قد أتى إلى العالم. على الأكيد، يبقى المسيح مخÙياً عندما يظهر، وعندما يظهر يكون مخÙياً. نحن نرى هذا ÙÙŠ مجمل حياته كما ÙÙŠ إعلانه لقديسيه.

-1-

ميلاد المسيح هو حدث تاريخي لأنّه جرى ÙÙŠ لحظة محددة من التاريخ، عندما كان أوغسطس قيصر امبراطوراً لروما وهيرودس حاكماً لليهودية. شدد الإنجيليون على تاريخية الحدث، لأنّهم يريدون أن يقولوا أن المسيح هو شخص تاريخي. هذا يعني أن المسيح اتّخذ جسداً بشرياً حقيقياً، وأن التجسد لم يكن مجرّد مظهر خارجي أو خيال. وبالرغم من تاريخيته، يبقى هذا الحدث سرّاً. نحن نعر٠أنّ الإله-الإنسان، الإله الكامل والإنسان الكامل، موجود، لكن ما يبقى سراً هو كيÙية اتّحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية ÙÙŠ شخص الكلمة. إلى هذا، ما جرى لشخص المسيح، أي اتّحاد الطبيعة الإلهية أقنومياً بالطبيعة البشرية، جرى مرة واحدة Ùقط. لهذا قال القديس يوحنا الدمشقي أن المسيح هو “الأمر الوحيد الجديد تحت الشمس”. هذا يعني أنّه منذ خلق العالم والإنسان، لم يكن هناك أي جديد ÙÙŠ العالم. كل شيء يتكرر. ولادة الإنسان هي نتيجة كلمة الله وثمرتها “لنصنعنّ الإنسان على صورتنا وشبهنا”ØŒ Ùˆ “Ø£ÙŽØ«Ù’Ù…ÙØ±Ùوا ÙˆÙŽØ§ÙƒÙ’Ø«ÙØ±Ùوا وَامْلأÙوا الأَرْضَ، ÙˆÙŽØ£ÙŽØ®Ù’Ø¶ÙØ¹Ùوهَا” (تكوين 26:1-28). الجديد الوحيد هو المسيح الإله – الإنسان.

إذاً، حقيقة أن الحدث تاريخي لا تلغي السر، كما أن السر لا يستبعد التاريخية. ÙÙŠ عيد الميلاد نحتÙÙ„ بميلاد المسيح، ولكن ÙÙŠ الوقت عينه نختبر سرّياً، ÙÙŠ قلوبنا، كل الأحداث المرتبطة به، إذ عندما نكون أحياء ÙÙŠ الكنيسة، نشترك ÙÙŠ كل مراحل التجسّد الإلهي ونختبرها.

-2-

Ø§Ù„ÙØ±Ù‚ بين العهدين القديم والجديد هو أنّ كل الإعلانات الإلهية ÙÙŠ العهد القديم هي إعلانات للكلمة من دون جسد، بينما ÙÙŠ العهد الجديد هي إعلانات للكلمة المتجسّد. إنّ الذي أعلن ذاته لموسى والأنبياء كان ابن الله وكلمته من دون جسد، الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس. لم يكن للأنبياء العهد القديم وأبراره مجرّد شركة مع كلمة الله بل لقد عاينوا أيضاً تجسده. هذا هو معنى أنّهم رأوه كإنسان. آدم، كما يذكر العهد القديم، سمع وطأ قدمي الله الذي كان سائراً ÙÙŠ Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ÙˆØ³. يعقوب تصارع مع الله. موسى رأى الله من الخلÙ. إشعياء رآه إنساناً جالساً على العرش. دانيال رآه كشبه إنسان وابن إنسان آت٠إلى قديم الأيام. كل هذه الإعلانات تشير إلى أنّهم رأوا تجسّد الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس، رأوا الذي تجسّد لخلاص الجنس البشري.

حقيقة أنّ موسى رأى الله من الخل٠تشير بوضوح إلى أنهّ رأى ما سو٠يحدث ÙÙŠ المستقبل، أي تجسّد الكلمة. الأنبياء لم يروا طبيعة الله بل مثال وصورة ما سو٠يجري ÙÙŠ المستقبل. ÙØ§Ø¨Ù† الله وكلمته كان آتياً ليصير إنساناً بالحقيقة، لكي يتّحد مع طبيعتنا ولكي ÙŠÙØ±Ù‰ بالجسد على الأرض (القديس يوحنا الدمشقي). بمعزل عن هذه الحالات، هناك أيضاً نصوص رؤيوية ÙÙŠ العهد القديم تتنبأ بوضوح، ليس Ùقط عن تجسّد كلمة الله، بل أيضاً عن وقائع محددة، كمثل أنّه لن ÙŠÙØ³Ø¯ عذرية والدة الإله، وأنّه سو٠يجلب السلام على الأرض، وغيرها.

-3-

نحن نحاول ÙÙŠ هذه Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±Ø§Øª أن ننظر إلى المعاني الخريستولوجية لأعياد السيّد. مع ذلك، يمكننا أن نجد أيضاً وقائع عديدة مرتبطة بحقيقة أنّ المسيح هو مخلّص العالم وبأنّ اختبار هذه الحقيقة ÙŠÙØªØ±Ø¶ مسبقاً حالة روحية محددة عند الإنسان.

Ø¨Ø§Ù„Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© إلى العذراء ÙˆÙŠÙˆØ³ÙØŒ أوّل Ù…ÙŽÙ† سجد للطÙÙ„ الإلهي هم الرعاة. لقد أعلمهم ملاك الرب بأنّ مخلّص العالم قد ÙˆÙÙ„ÙØ¯. هذا لم يكن Ù…ØµØ§Ø¯ÙØ©ØŒ ولم يعن٠أنّ هؤلاء الرعاة كانوا مستحقين لهذا الإعلان كونهم كانوا أقرب من غيرهم إلى المغارة. بحسب الآباء، هذا جرى لأسباب عديدة. أولاً، بسبب براءة الرعاة الناتجة عن وحدتهم وهدوئهم. ثانياً، لأن الرعاة كانوا يتّبعون طريقة حياة بطاركة العهد القديم ÙˆÙØ¶Ø§Ø¦Ù„هم. هذا يعني أنّ الرعاة لم يكونوا أشخاصاً تمّ اختيارهم Ù…ØµØ§Ø¯ÙØ©. ثالثاً، لكي يظهر أن المسيح سو٠يكون الراعي الحقيقي للإسرائيليين والأمم. رابعاً، لكي يظهر بوضوح أن المسيح اختار أكثر الناس بساطة وأكثرهم قدرة على تلقي هذا الإعلان، وليس الكتبة ÙˆØ§Ù„ÙØ±ÙŠØ³ÙŠÙŠÙ† الماكرين. كلّ هذه الأمور تظهر الطريقة التي يمكن اتّباعها لاختبار سرّ الإعلان.

-4-

“المجد لله ÙÙŠ العلى وعلى الأرض السلام” (لوقا 14:2)ØŒ هذا نشيد الملائكة المميّز. السلام الذي امتدحه الملائكة ليس سلاماً اجتماعياً، بل هو تجسد المسيح وحضوره. هكذا، كان الملائكة يسبّحون السلام الذي أتى مع ولادة المسيح وليس السلام الذي سو٠يأتي ÙÙŠ المستقبل. ÙØ§Ù„مسيح٠بتجسده أعطى للإنسان السلامَ مع الله ومع أخيه ومع Ù†ÙØ³Ù‡ أيضاً، ذلك بالتحديد لأنّ الطبيعة الإلهية اتّحدت بالطبيعة البشرية ÙÙŠ شخصه. بعد سقوطه، خسر الإنسان السلامَ مع الله لأنّه عبد الأصنام العادمة Ø§Ù„Ù†ÙØ³ والأحاسيس وليس الإله الحقيقي. الآن، بتجسّد المسيح Ø£ÙØ¹Ø·ÙŠ Ø¥Ù…ÙƒØ§Ù†ÙŠØ© عبادة الإله الحقيقي. لقد بلغ السلام أيضاً مع الملائكة ومع إخوته البشر. وبالحقيقة، لقد بلغت قوى Ù†ÙØ³Ù‡ السلام لأن المسيح عمل ما ÙØ´Ù„ آدم ÙÙŠ عمله. كان على آدم أن يبلغ الشركة الكاملة مع الله بالنعمة الإلهية وبجهاده، Ùكان ينبغي أن تعمل قوى Ù†ÙØ³Ù‡ طبيعياً ÙˆÙوق الطبيعي. هذا حققه المسيح.

توحي عبارة “ÙÙŠ الناس المسرة” بأنّ التجسد كان إرادة الله من قبل. بحسب الآباء، تÙكشَ٠إرادة الله ÙÙŠ ما يسبق وما يتبع. ما يسبق هو بإرادته الحسنة، وما يتبع هو بسماحه. عندما ÙŠÙقال بأنّ التجسّد كان إرادة الله قبلاً، ÙŠÙÙهم أنّه لم يكن نتيجة السقوط. بتعبير آخر، اتحاد الإنسان بالله لم يكن لينجح لو لم يكن هناك شخص محدد Ùيه تتحّد الطبيعة الإلهية أقنومياً بالطبيعة البشرية. لهذا، التجسد هو إرادة الله السابقة، ما يعني أنّه كان مخططاً لها بغضّ النظر عن سقطة آدم. ما نتج عن السقوط كان آلام المسيح وصلبه. تجسّد المسيح كان نهاية الخلق. كل الخليقة والإنسان هم من أجل الإله- الإنسان. هذا ÙŠÙقال من وجهة نظر أن الإنسان لم يكن ليتألّه ولا الخليقة لتتقدّس لو لم يكن الإله – الإنسان.

-5-

Ø¨Ø§Ù„Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© إلى الرعاة، أعطي المجوس أو حكماء المشرق أن يسجدوا للمسيح المولود جديداً. الأمر المهم ليس متى صار هذا، بل أنّهم اكتشÙوا المسيح. الأمر الجوهري هو أنّ الله ÙƒÙØ´Ù٠لهم، ما لم يحدث للكتبة ÙˆØ§Ù„ÙØ±ÙŠØ³ÙŠÙŠÙ† الذين كانوا يشكّلون المؤسسة الدينية ÙÙŠ ذلك الحين. لم يكن الحكماء منجّمين بالشكل الذي نعرÙÙ‡ اليوم، بل علماء Ùلك يراقبون النجوم وحركاتها ÙÙŠ السماء. ÙÙŠ ذلك الحين، كان التنجيم ÙŠÙØ¹ØªÙŽØ¨ÙŽØ± علماً. اليوم Ø§Ù†ÙØµÙ„ علم الÙلك عن التنجيم المرتبط بالماورائيات والشيطانيات والذي ÙŠØ±ÙØ¶Ù‡ الإيمان الأرثوذكسي.

عر٠المجوس المسيح وسجدوا له “بسبب Ù…Ø¹Ø±ÙØªÙ‡Ù… الداخلية”. لقد رأوا Ø·Ùلاً بأعينهم الجسدية وبنظرهم الخارجي، إنّما بنوسهم رأوا الله الذي صار إنساناً. إذاً، كان المجوس ÙÙŠ حالة روحية مؤاتية ليروا الله ويعبدوه. لم يكن الأمر مسألة علم بل مسألة طهارة نوسية داخلية. ما يثبت هذا الكلام هو أنّ النجم الذي رأوه ÙÙŠ الشرق والذي قادهم إلى بيت لحم لم يكن نجماً عادياً، بل بحسب القديس يوحنا الذهبي الÙÙ…ØŒ ملاك الرب قادهم. هذه لم تكن حادثة عادية بل Ùوق العادية، كما يظهر من ØµÙØ§Øª هذا النجم. أولاً، هذا النجم لم يكن يتحرّك وحسب بل كان يق٠أيضاً. كان يتحرّك عندما يتقدّم المجوس ويتوقّ٠عندما يتوقّÙون. ثانياً، هذا النجم كان يتحرّك Ù…Ù†Ø®ÙØ¶Ø§Ù‹ أكثر من غيره من النجوم، وعندما بلغ المجوس إلى حيث كان المسيح، نزل وتوقّ٠Ùوق المنزل. ثالثاً، لقد كان لامعاً أكثر من النجوم الباقية (القديس نيقوديموس الأثوسي). إلى هذا كان نجم المجوس يتحرّك بطريقة غريبة، من الشرق إلى الغرب، وعند النهاية تحرّك من أورشليم إلى بيت لحم، أي نحو الجنوب. وأيضاً، كما يذكر القديس يوحنا الذهبي الÙÙ…ØŒ كان يظهر حتّى ÙÙŠ النهار، بينما لم يكن أي نجم آخر يظهر ÙÙŠ نور الشمس.

إذاً، هذا النجم اللامع كان ملاك الرب، وكما يقول ÙŠÙˆØ³Ù ÙØ±ÙŠÙˆÙ†ÙŠÙˆØ³ØŒ لقد كان رئيس الملائكة جبرائيل الذي خدم وشهد السرّ العظيم، سرّ تجسّد ابن الله وكلمته. إذاً، كان المجوس لاهوتيين بالمعنى الأرثوذكسي للكلمة، لأنّهم بلغوا الاستنارة وأحرزوا Ù…Ø¹Ø±ÙØ© الله.

-6-

الخليقة كانت أيضاً حاضرة عند ولادة المسيح، وقد أخذت نعمة من ابن الله وكلمته الصائر إنساناً. تشمل عبارة “الخليقة”: الحيوانات، المغارة، المذود، الجبال، السماء وغيرها. ØªØ¸Ù‡ÙØ± أيقونة الميلاد كل الخليقة تتسلّم نعمة من المسيح. يظهر المسيح ÙÙŠ وسط الأيقونة، وهو مصدر النعمة غير المخلوقة، ومنه تÙيض قوة الله Ø§Ù„Ù…Ù‚Ø¯Ù‘ÙØ³Ø© والمؤلّÙهة.

عند ميلاد المسيح، كل الخليقة تمجّد الله خالقها. إنّها تشهد بأن المسيح كإله هو صانع الخليقة وأن الخليقة هي عمل يديه. قلنا سابقاً أن كل الخليقة أخذت نعمة من الله عند لحظة الميلاد. علينا أن نميّز بوضوح أنّه Ùيما قوة الله هي واحدة، إلا إنّ لها ØµÙØ§Øª Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ© بحسب تأثيراتها. وهكذا، نحن نتحدّث عن قوّة Ù…Ù‚Ø¯Ù‘ÙØ³Ø© ومؤلّÙهة، أو يمكننا أن نتحدّث عن قوة الله التي تهب الكيان وتمنح الحياة وتضÙÙŠ الحكمة وتقدّس. ÙÙŠ هذا الإطار علينا أن نقول أنّ من جهة الأنطولوجيا، تشارك الخليقة ÙÙŠ قوة الله التي تهب الكيان وتمنح الحياة، ومن جهة الخلاص تشارك ÙÙŠ قوته المقدَّسة. وحدهم المتقدّسون والملائكة يشتركون ÙÙŠ قوة الله المقدّسة.

إذاً، الأشخاص الموجودون عند ولادة المسيح، والملائكة أيضاً، اشتركوا ÙÙŠ قوة الله المؤلّÙهة، بينما الخليقة غير العاقلة شاركت ÙÙŠ قوة الله Ø§Ù„Ù…Ù‚Ø¯Ù‘ÙØ³Ø©. نذكر هذا لتلاÙÙŠ أي تشوش ÙÙŠ الكلام عن الاشتراك بنعمة الله.

-7-

ÙÙŠ الحديث عن ابن الله وكلمته صائراً إنساناً، من الأساسي أن Ù†ØªÙØ­Ù‘ص الأسماء التي ØªÙØ¹Ø·Ù‰ له لأنها تعبّر عن عدّة حقائق لاهوتية. قبل التجسّد، ÙŠÙØ³Ù…ّى الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس ابن الله وكلمته. تشير تسمية “ابن” إلى أنّه ÙˆÙلد من الآب، وما ÙˆÙÙ„ÙØ¯ هو شخصه. ØªÙØ³ØªØ¹Ù…ÙŽÙ„ أيضاً تسمية “كلمة الله” للإشارة ليس Ùقط إلى عدم إمكانية الخطيئة عند المولود بل أيضاً إلى ÙˆØ¸ÙŠÙØªÙŠ Ø§Ù„Ø§Ø±ØªØ¨Ø§Ø· والإعلان عنده، بحسب القديس غريغوريوس اللاهوتي. إنّه ÙŠÙØ¯Ø¹Ù‰ “كلمة” لأنّه مرتبط بالآب كما ترتبط كلمة الإنسان بنوسه، أي أنّ الكلمة تعلÙÙ† ما ÙÙŠ النوس من Ø£Ùكار وغيرها. إذاً، تسمية “الكلمة” ØªØ¸Ù‡ÙØ± لنا الآب أيضاً، لأنّ Ù…ÙŽÙ† ÙŠÙهم الكلمة ويراه ÙŠÙهم أيضاً الآب ويراه ÙÙŠ الكلمة.

بعد التجسّد، أو بالأحرى عند لحظة الحَبَل بالكلمة ÙÙŠ رحم العذراء، تمّ اتّحاد الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية ÙÙŠ أقنوم الكلمة الذي ÙŠÙØ³ÙŽÙ…ّى المسيح. إن تسمية المسيح هي اسم الأقنوم ولا ØªÙØ³ØªÙŽØ¹Ù…ÙŽÙ„ لطبيعة واحدة، بل هي إشارة إلى الطبيعتين ÙÙŠ الإله الذي تجسّد. بما أنّ الطبيعة البشرية Ù…ÙØ³Ø­ÙŽØª من الله، سÙمّي الكلمة المسيح. تشير تسمية المسيح إلى الآب الذي مَسَح والابن الذي Ù…ÙØ³ÙØ­ والروح القدس الذي هو الزيت المقدس. ÙÙŠ أي حال، بما أن الطبيعة البشرية مٌسحَت من كل الثالوث القدوس، Ùكلمة الله شارك ÙÙŠ المَسْح. ÙØ§Ù„كلمة مسح Ù†ÙØ³ÙŽÙ‡ بألوهته ÙˆÙÙŠ الوقت ذاته، Ù…ÙØ³ÙØ­ كإنسان (القديس يوحنا الدمشقي).

وهكذا، اسم المسيح يعني الله والإنسان، أي المسيح الإله-الإنسان. يمكن استعماله أحياناً لإنسانية المسيح وأحياناً لألوهته. لكن هذا يكون منتهى Ø§Ù„ØªÙƒÙŠÙŠÙØŒ إذ بعد اتّحاد الطبيعتين ÙÙŠ أقنوم واحد، Ø¯ÙØ¹ÙŠ Ø§Ù„ÙƒÙ„Ù…Ø© المسيح. إذاً، الذي كان ابن الله وكلمته قبل التجسّد، Ùيما هو دائماً ابن الله وكلمته، سÙمّي المسيح بعد التجسّد إشارةً إلى اتّحاد الطبيعتين. إن كلمة “ألوهة” تشير إلى الطبيعة، بينما كلمات “الآب” Ùˆ”الابن” Ùˆ”الروح” تشير إلى الأقانيم. من الهرطقة الادّعاء بأنّ الألوهة تجسّدت أو صارت إنساناً. الإيمان الأرثوذكسي هو أنّ الألوهة اتّحدت بالبشرية ÙÙŠ أحد أقانيمها، أي أن الآب لم يتجسّد، بل الأقنوم الثاني وحده، ابن الله وكلمته، الذي كان إلهاً حقيقياً، اتّخذ جسداً. (القديس يوحنا الدمشقي).

-8-

للمسيح ميلادان. الأول قبل الدهور، من الآب وبلا علّة ولا كلمة ولا زمن ولا طبيعة، والثاني من أجلنا من البتول “عند الحَبَل” ولكن “Ùوق نواميس الحَبَل”ØŒ إذ Ø­ÙØ¨ÙÙ„ به من الروح القدس وليس من أي زرع. ÙˆÙÙ„ÙØ¯ ابن الله وكلمته قبل الدهور من أب بتول من دون أم، ÙˆÙÙŠ الزمن من أم بتول من دون أب بالجسد. كلا الميلادين كانا بلا هوى وبلا سيلان، إذ لا الآب عانى من أي شيء ولا العذراء خسرت عذريتها بالولادة.

كلا الميلادين لا يسبَر غورهما العقل البشري. نحن نقبل الحقيقة Ø§Ù„Ù…ÙØ¹Ù„َنة بأنّه ÙˆÙÙ„ÙØ¯ من الآب من دون سيلان ومن العذراء من دون زرع، من دون أن نعمÙÙ„ هذه الوقائع عقلياً. إذ، بحسب القديس غريغوروس اللاهوتي، المجهود Ù„Ùهم الأسرار التي تÙوق العقل يمكن أن يؤدّي إلى الجنون. حقيقة أن هذين الميلادين يقدّمان التأكيد اللازب بأنّ الإنسان يمكن أن ÙŠØ®Ù„ÙØµ Ùقط من خلال المسيح، لأنّ المسيح أصلح غلطة آدم وقاد الإنسان إلى الهد٠الذي كان آدم ماضياً غليه لو لم يخطأ.

يقدّم القديس يوحنا الدمشقي بعض الملاحظات الإتيمولوجية الدقيقة حول الكلمتين باليونانية “ageneto” Ùˆ”geneto” (مع n واحدة)ØŒ وهي مشتقة من Ø§Ù„ÙØ¹Ù„ “أصبح”ØŒ والكلمتين “agenneto” Ùˆ”ageneto” (مع n مكررة)ØŒ المشتقتين من Ø§Ù„ÙØ¹Ù„ “وَلَد”. هذه الملاحظات الإتيمولوجية تعبّر عن المعنى الأكثر عمقاً ÙÙŠ اللاهوت الأرثوذكسي. ÙØ§Ù„كلمتان “ageneto” Ùˆ”geneto” (مع n واحدة) تعنيان غير المخلوق والمخلوق على التوالي، لأن غير المخلوق لم ÙŠÙØµÙ†ÙŽØ¹ØŒ بينما المخلوق صÙÙ†ÙØ¹ ÙÙŠ وقت ما. بهذا المعنى، الله غير مخلوق وغير مصنوع، بينما المخلوق يشير إلى العالم. ØªÙØ³ØªÙŽØ¹Ù…ÙŽÙ„ عبارتا “غير المخلوق” Ùˆ”المخلوق” للإشارة إلى طبيعة شيء ما. لا تشير كلمتا “agenneto” Ùˆ”genneto” (مع n مكررة) إلى الطبيعة بل إلى الأقنوم. نرى ذلك ÙÙŠ الله والإنسان. الآب هو “agennetos” لأنّه لم يولَد من أحد، الابن ÙÙŠ وجوده الإلهي “gennetos” لأنّه ÙˆÙÙ„ÙØ¯ من الآب قبل الدهور. نلاحظ الأمر Ù†ÙØ³Ù‡ ÙÙŠ الإنسان أيضاً لأن الإنسان أيضاً مولود لكنه مخلوق.

استناداً إلى هذه الاقتراضات، الآب هو “agenetos” (مع n واحدة) لأنّه غير مخلوق ولم يوجَد، لا بداية لخلقه، ÙˆÙÙŠ الوقت Ù†ÙØ³Ù‡ هو “agennetos” (مع n مكررة) لأنّه لم يولَد بل هو Ù†ÙØ³Ù‡ وَلَد الابن وأرسل الروح القدس. الابن “agenetos” (مع n واحدة) لأنّه كإله ليس مخلوقاً، وهو “gennetos” (مع n مكررة)ØŒ بالضبط لأنّه ÙˆÙÙ„ÙØ¯ من العذراء مريم ÙÙŠ الزمن.

لهذا الأمر أهمية كبيرة ÙÙŠ الخريستولوجيا، لأنّه يشير إلى ألوهية كلمة الله وأيضاً إلى حقيقة أنّه بعد الولادة أقنوم. لأنّ المولود “genneto” (مع n مكررة) هي ØµÙØ© مميّزة للأقنوم، ÙØ§Ù„عذراء وَلَدَت أقنوماً Ù…Ø¹Ø±ÙˆÙØ§Ù‹ بطبيعتين.

-9-

سؤال أساسي حول تجسّد كلمة الله هو: لماذا صار الأقنوم الثاني إنساناً وليس الأول (الآب) أو الثالث (الروح القدس). بالواقع، الثالوث القدوس عمل كلّه ÙÙŠ التجسّد لأن الكلمة اتّخذ الطبيعة البشرية، الآب Ø³ÙØ±Ù‘ بتجسّد ابنه، والروح القدس تعاون، لأنّ المسيح Ø­ÙØ¨ÙÙ„ به من الروح القدس. لكن الواقع هو أنّ الأقنوم الثاني هو الذي أخذ الطبيعة البشرية، وذلك لسببين أساسيين.

السبب الأول هو أنّ كلمة الله هو النموذج الأوّل لخلق الإنسان. ابن الله وكلمته هو “صÙورَة٠الله٠غَيْر٠الْمَنْظÙورٔ (كولوسي 15:1)ØŒ الإنسان Ø®ÙÙ„ÙÙ‚ على صورة الله أي صورة الكلمة. بحسب القديس يوحنا البدمشقي، صÙÙ†ÙØ¹ الإنسان على صورة الكلمة، إذ أعطي إرادة نوسية حرة، وكان “على مثاله”ØŒ أي أنّه صÙÙ†ÙØ¹ على أكمل ما يمكن لطبيعته ÙÙŠ Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¦Ù„. لكن، بتجاوزه الوصايا أظلم المثال ÙˆØ¹ÙØ±Ù‘ÙŠ من الشركة مع الله، وكنتيجة طبيعية دخل Ø§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ والموت. لهذا صار الكلمة إنساناً، لكي يعيد خلق الإنسان ويقوده إلى حيث يصل بنعمة الله وجهاده الشخصي. بالخلق أعطانا الله ما هو أكثر Ø±ÙØ¹Ø©ØŒ أي أن نكون على صورة الله ومثاله، لكننا لم نحم٠هذه العطية وخسرناها. الآن كلمة الله، النموذج الأول لخليقتنا، أتى واتّخذ ما هو أكثر ضعة، أي طبيعتنا ليحررنا من Ø§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ وليعيد الإناء الذي صار بلا Ù†ÙØ¹ ومكسوراً، كما ليخلصنا من طغيان الشيطان ويرشدنا ÙÙŠ الحياة الجديدة.

كما يعلّم القديس أثناسيوس الكبير، عودة الإنسان إلى الله لم تكن مسألة توبة وحسْب، إذ بعد الخطيئة، دخل Ø§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ والموت. Ùقد كان ينبغي التغلّب على الموت. لهذا، ابن الله وكلمته، بتجسده، اتّخذ من العذراء الجسد الأكثر نقاوة، مع أنه جسد قابل للموت ومعرّض للخطيئة، لكي يقهر الموت والشيطان وليكون النموذج الأول للخليقة.

السبب الثاني الذي لأجله صار الأقنوم الثاني إنساناً هو شخصيته التي بقيت غير متغيّرة. لكل أقنوم من الثالوث القدوس شخصيته التي لا تتغيّر. الآب هو الآب وليس الابن، الابن هو ابن الله وليس الآب، والروح القدس هو الروح القدس وليس لا الآب ولا الابن. هذه الشخصية الخاصة لا يمكن أن تتغيّر، ولا أن تنتقل أو تتحوّل. لا يمكن للآب أن يصير الابن، ولا للروح القدس أن يولَد، لأنّه ينبثق من الآب. الأقنوم الثاني الذي ÙˆÙÙ„ÙØ¯ من الآب قبل كل الدهور، ينبغي به أن ÙŠÙولَد ÙÙŠ الزمان أيضاً، بجسده من العذراء. إذاً، ابن الله صار ابن الإنسان لكي يبقى شخصه غير متغيّر.

السبب الثالث هو أن الأقنوم الثاني هو كلمة الله الذي ينقل إلينا إرادة الآب. Ùهو Ù…ÙŽÙ† كش٠لنا ÙÙŠ العهد القديم إرادة الله الآب وأعلنها. بالتالي، من خلال الكلمة المتجسّد نصل إلى خلاصنا. نحن نقارب الآب من خلاله. إنّه الباب الذي به ندخل بيت الآب. وكون المسيح هو باب Ø§Ù„Ø®Ø±Ø§Ù ÙØ§Ù„روح القدس هو Ø§Ù„Ù…ÙØªØ§Ø­ (القديس سمعان اللاهوتي الحديث).

-10-

إن تجسد ابن الله وكلمته هد٠إلى تجديد آدم وحواء، وبشكل أساسي إلى تألّيه الإنسان. نجد هذا الأمر Ù†ÙØ³Ù‡ ÙÙŠ الطروبارية: “الآن صار الإله إنساناً، لكي يصيّر آدم إلهاً”. لم تكن سقطة آدم أخلاقية بل وجودية، لأن كيانه بالكامل انحرÙ. بالتأكيد لهذا الأمر نتاج أخلاقية. بالخطيئة Ø¹ÙØ±Ù‘ÙÙŠ الإنسان من النعمة الإلهية، وخسر ثقة الله، وتغطّى بخشونة الحياة (ورقة التين)ØŒ ولبس الموت، أي قابلية الموت ÙˆÙƒØ«Ø§ÙØ© الجسد (الألبسة الجلدية). مطروداً من Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ÙˆØ³ØŒ صار Ù…ÙØ¯Ø§Ù†Ø§Ù‹ إلى الموت وخاضعاً Ù„Ù„ÙØ³Ø§Ø¯. الله ÙÙŠ رحمته ومحبته للجنس البشري علّمه بطرق كثيرة. ÙÙŠ النهاية تجسَّد لكي يغلب الموت ويقود الإنسان إلى التألّه. إلى هذا، هذا كان ضرورياً منذ البداية إذ، كما سبق وشرحنا، لم يكن هناك أي طريقة أخرى ليبلغ الإنسان التألّه.

إن تجسّد ابن الله وكلمته أظهر مدى صلاح الله وحكمته وعدالته وقدرته: صالح، لأنّه لم يغÙÙ„ عن ضع٠المخلوق بل مدّ له يد المساعدة؛ حكيم، لأنّه وجد الحلّ الأكثر ملاءمة لما كان يبدو مستحيلاً؛ عادل، لأنه بعد السقوط لم يخلق إنساناً آخر ليصارع الشيطان، ولا هو قطع الإنسان بالقوة عن الموت بل جعله منتصراً باتّخاذه الموت وآلام الجسد؛ قادر، لأنّه كان قادراً على صنع ذلك، أي على أن يكون إنساناً Ùيما هو ÙÙŠ الوقت عينه إلهاً حقيقياً، مشتركاً بالطبيعة مع الآب والروح القدس (القديس يوحنا الدمشقي).

إذاً، تألّه الإنسان ليس ØªØ±ÙØ§Ù‹ ÙÙŠ الحياة الروحية، بل هو هدÙها وغايتها. من خلال المسيح الإله-الإنسان، يستطيع الإنسان أن يعبر من الصورة إلى المثال الذي هو التألّه. بالمسيح تألّهت الطبيعة البشرية المتّخذة، وعندما يتّحد إنسان بالله، يقدّس أقنومه. كون دواء الخلاص قد ÙˆÙØ¬Ùد، يمكن لكل إنسان أن يأخذه ويشÙÙ‰ من مرضه.

أيضاً ÙŠÙØ³Ù…ّى تألّه الإنسان Ø´ÙØ§Ø¡Ù‹ وعلاجاً، لأن هكذا يشÙÙ‰ الإنسان من الخضوع Ù„Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ والÙنائية ويتحرر من سلطة الشيطان. ÙÙŠ كنيسة العصور الأولى كان هناك هراطقة علّموا أن المسيح اتّخذ Ù†ÙØ³ الإنسان وجسده ولكن ليس النوس أيضاً. ÙÙŠ الردّ عليهم، يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أن المسيح اتخذ كل الطبيعة البشرية، الجسد ÙˆØ§Ù„Ù†ÙØ³ والنوس، وكل مكوّنات الطبيعة البشرية، إذ بدون ذلك لما استطاع أن يشÙيها. هذا يعني، لو لم يتّخذ النوس لبقي النوس بلا Ø´ÙØ§Ø¡: “ما لم ÙŠÙØªÙ‘َخّذ لم ÙŠÙØ´ÙÙŽØ› ما يتّحد بالله يخلص”.

بحسب القديس مكسيموس Ø§Ù„Ù…Ø¹ØªØ±ÙØŒ هناك خمس تقسيمات ÙÙŠ خلق العالم والإنسان، هي بين غير المخلوق والمخلوق، الملائكة والبشر، السماء والأرض، الملكوت (الملكوت الملموس ÙÙŠ عدن) والكون، الذكر والأنثى. آدم، بنعمة الله وجهاده الشخصي، كان Ù…ÙØªØ±Ø¶Ø§Ù‹ به أن يتخطّى هذه التقسيمات. ما ÙØ´Ù„ آدم الأول ÙÙŠ صنعه، أنجزه المسيح آدم الجديد. وهكذا منح كل إنسان القدرة على تخطي هذه التقسيمات Ø¨Ù†ÙØ³Ù‡ØŒ عندما يتّحد بالله.

-11-

أيضاً ÙŠÙØ³Ù…ّى تجسّد المسيح Ø¥ÙØ±Ø§ØºØ§Ù‹ للذات (kenosis). إن كلمات الرسول بولس مدهشة “الَّذÙÙŠ Ø¥ÙØ°Ù’ كَانَ ÙÙÙŠ صÙÙˆØ±ÙŽØ©Ù Ø§Ù„Ù„Ù‡ÙØŒ لَمْ ÙŠÙŽØ­Ù’Ø³ÙØ¨Ù’ Ø®Ùلْسَةً أَنْ ÙŠÙŽÙƒÙونَ Ù…ÙØ¹ÙŽØ§Ø¯Ùلاً ÙللهÙ. لكÙنَّه٠أَخْلَى Ù†ÙŽÙÙ’Ø³ÙŽÙ‡ÙØŒ Ø¢Ø®ÙØ°Ù‹Ø§ صÙورَةَ Ø¹ÙŽØ¨Ù’Ø¯ÙØŒ ØµÙŽØ§Ø¦ÙØ±Ù‹Ø§ ÙÙÙŠ Ø´ÙØ¨Ù’ه٠النَّاسÙ. ÙˆÙŽØ¥ÙØ°Ù’ ÙˆÙØ¬Ùدَ ÙÙÙŠ الْهَيْئَة٠كَإÙÙ†Ù’Ø³ÙŽØ§Ù†ÙØŒ وَضَعَ Ù†ÙŽÙْسَه٠وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلÙيبÙ.” (Ùيليبي 6:2-8). ينبغي اعتبار Ø¥ÙØ±Ø§Øº الذات عند الكلمة كتنازل “لقد تنازل إلى درجة عبيده، تنازلاً لا يوصَ٠ولا ÙŠÙÙÙ‡ÙŽÙ…” (القديس يوحنا الدمشقي). لقد تنازل إلى مستوى الجنس البشري، آخذاً صورة عبد أي الجسد، وبطريقة ما يقلّل من شأن ألوهيته وينقصها، من دون أن يكÙÙ‘ عن كونه إلهاً، لكي يكون محدوداً (القديس غريغوريوس اللاهوتي). كلمات القديس غريغوريوس اللاهوتي التالية مميزة: “ذاك الكامل ÙŠÙØ±Øº Ù†ÙØ³Ù‡ØŒ إذ يخلي Ù†ÙØ³Ù‡ من مجده Ù„ÙØªØ±Ø© وجيزة، حتى يكون لي حصة من ملئه”.

ابن الله وكلمته دائم المساواة بالجوهر للآب. هذا طبيعي لأنّه لم يغتصب هذه المساواة بالقوة. بتجسده اتّخذ الطبيعة البشرية، مخÙÙياً ألوهيته لكي يخلّص الجنس البشري. لقد تنازل “متواضعاً من دون أن يذلّ تعاليه”. (القديس يوحنا الدمشقي). Ùقط بالتعبير التنزيهي يمكن التعبير عن سر Ø¥ÙØ±Ø§Øº الذات العظيم. هذا Ø§Ù„Ø¥ÙØ±Ø§Øº لم يكمن ÙÙŠ أنّه ÙˆÙÙ„ÙØ¯ Ùقيراً وعاش ÙÙŠ عائلة Ùقيرة، ومنذ نعومة Ø£Ø¸ÙØ§Ø±Ù‡ كان ÙÙŠ المنÙى، وغيرها، بل بالدرجة الأولى من أنّه اتّخذ الطبيعة البشرية، خاصةً الجسد القابل للموت ÙˆØ§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯. أن يتّخذ الإله مخلوقية الطبيعة البشرية، وأن يتّحد غير المخلوق بالمخلوق، هو ما ÙŠÙØ³Ù…ّى بحقّ Ø¥ÙØ±Ø§Øº الذات والÙقر عند المسيح.

من دون Ø¥ÙØ±Ø§ØºÙ‡ لذاته لما استطاع أن يكون كمال الإنسان وتألهه. إلى هذا، Ø§Ù„Ø¥ÙØ±Ø§Øº الإلهي ÙŠØ¸Ù‡ÙØ± أيضاً ماهيّة المحبة. المحبة هي Ø¥ÙØ±Ø§Øº للذات، تضحية، عطاء، حمل للآخر. لهذا السبب يتواضع الإنسان بقدر ما يستنير والعكس صحيح.

-12-

تتمة ما سبق، أي Ø¥ÙØ±Ø§Øº الذات، هي أن ÙÙŠ اتّخاذ الطبيعة البشرية، اتّخذ المسيح أيضاً ما ÙŠÙØ¹Ø±ÙŽÙ بالأهواء الطبيعية غير المعابة. بما أنّ كلمة الله اتّخذ الطبيعة البشرية يعني أنّه اتّخذ أيضاً كلّ ما يخصّ الإنسان، ما عدا الخطيئة. عندما نحكي عن الأهواء غير المعابة نعني تلك التي لا تتوقّ٠علينا، التي لا تتعلّق بالخيار ÙˆØ§Ù„ØªÙØ¶ÙŠÙ„ØŒ بل التي نشأت عن السقوط. إنّها الجوع، العطش، التعب، الألم، الدموع، Ø§Ù„ÙØ³Ø§Ø¯ØŒ الخو٠من الموت، الهلع، القلق، معونة الملائكة بسبب ضع٠طبيعتنا. هذه الأمور ليست خطايا، بل نتائج الخطيئة. كون المسيح اتّخذ الجسد Ø§Ù„ÙØ§Ø³Ø¯ القابل للموت لكي يغلب الموت والشيطان، وكونه إنساناً حقيقياً وليس خيالياً، لهذا السبب اتّخذ الأهواء Ø§Ù„Ù…Ø¹Ø±ÙˆÙØ© بالطبيعية غير المعابة. وهكذا نرى أنه جاع وعطش وتعب وبكى وانكمش أمام الموت، إلخ.

لكن المسيح لم يتّخذ ÙˆØ¸ÙŠÙØ© الزرع لأنّه أتى من الروح القدس وليس من زرع. إلى هذا، الزرع، المقترن بالغريزة الجنسية مرتبط بالأÙكار والرغبات وثورات الجسد. لم يعان٠المسيح من أي من هذه المشكلات لأنّه “لَمْ ÙŠÙŽÙْعَلْ خَطÙيَّةً، وَلاَ ÙˆÙØ¬Ùدَ ÙÙÙŠ ÙÙŽÙ…Ùه٠مَكْرٌ” (1بطرس 22:2). ÙØ¶Ù„اً عن ذلك، كما ذكرنا سابقاً، لقد اتّخذ الأهواء الطبيعية البريئة لا الخطيئة. عندما Ø¬ÙØ±Ù‘ÙØ¨ المسيح من الشيطان، كانت التجربة من الخارج وليس ÙÙŠ Ø£Ùكاره “الشيطان هاجم من الخارج وليس بالأÙكار…”

المسيح كان آدم الجديد ” الجديد الوحيد تحت الشمس”ØŒ المسيح الإله-الإنسان، ولهذا السبب عملت الأهواء البريئة التي اتّخذها بحسب الطبيعة ÙˆÙوق الطبيعة. لقد تحرّكت بحسب الطبيعة ما يعني أنّه جاع وعطش مثل كل البشر، ولكن “عندما سمح لجسده تألّم كما يناسب”. الأهواء البريئة عملت ÙÙŠ المسيح بما ÙŠÙوق الطبيعة لأنّه لم يكن ممكناً لها أن تتقدّم على إرادته. لم يكن ÙÙŠ المسيح أي شيء إلزامياً. لهذا هو جاع طوعياً، وعطش طوعياً، كما خا٠بإرادته، وبإرادته مات. بتعبير آخر، لم ØªÙŽØ³ÙØ¯ الأهواء على المسيح، بل المسيح ساد عليها.

إذا ØªÙˆÙ‚Ù‘ÙØª القوى الجسدانية خاصةً عند معاينة الله حين يبلغ الإنسان التألّه، Ùكم بالحري يكون هذا مع المسيح؟ لقد مات من أجل الإنسان، لكن عندما أراد أن يموت، ولهذا “صَرَخَ يَسÙوع٠أَيْضًا Ø¨ÙØµÙŽÙˆÙ’ت٠عَظÙÙŠÙ…ÙØŒ وَأَسْلَمَ الرّÙوحَ.” (متى 50:27). لا يستطيع الرجل المعلَّق أن يصرخ بصوت عظيم، المسيح أسلم روحه بإرادته، صارخاً بصوت عظيم، ما يعني أنّه لم ÙŠÙ†Ø·ÙØ¦ رويداً رويداً، كما يجري للذين على باب الموت عند الرمق الأخير، بل مات بالقوة التي كانت له كإله.

-13-

لقد كررنا ÙÙŠ هذا التحليل أن الطبيعتين الإلهية والبشرية كانت متحدتين ÙÙŠ المسيح أقنومياً. علينا أن ننظر إلى هذا تحليلياً قدر الإمكان، بحسب تعليم آباء الكنيسة القديسين. بالطبع إنه سرّ ولا يحقّ لنا أن نقوم بحزازير، ولهذا نحن نتكل على تعليم القديسين المتألّهين، الذين تلقّوا الإعلان لأنهم بلغوا التألّه. وكما أنّ النبي موسى، عند بلوغه إلى رؤية الله، Ù„ÙقّÙÙ† الكثير من الأسرار التي لا تÙÙˆØµÙŽÙØŒ هكذا كان الحال مع كل المتقدّسين ÙÙŠ العهد الجديد.

ÙÙŠ كنيسة العصور الأولى، كان هناك العديد من الهراطقة الذين استعملوا التÙكير الÙلسÙÙŠ لكي ÙŠÙهموا كيÙية عمل طبيعتي المسيح الإلهية والبشرية. يمكننا أن نميّز نظرتين أساسيتين، الأولى هي النسطورية والأخرى هي الطبيعة الواحدة. بحسب النسطورية، تختل٠الطبيعتان ودوراهما، Ùليس ممكناً للطبيعة الإلهية أن تتّحد بالبشرية لأنهما من صنÙين مختلÙين من الطبائع. وهكذا، بحسب النساطرة، تلتحق الطبيعة البشرية بالإلهية ليس أكثر، Ùهم ÙŠÙهمون الوحدة كمثل الوحدة بين شجرتين. على العكس، بحسب أصحاب الطبيعة الواحدة، تمتصّ الطبيعة الإلهية البشريةَ ÙØªÙقد الأخيرة كلّ مميزاتها.

الكنيسة، إذ Ø±ÙØ¶Øª كلا النظرتين الهرطوقيتين، أعلنت عقيدتها بأن المسيح إله كامل وإنسان كامل، إله-إنسان، أي أن الطبيعة البشرية تتّحد بالطبيعة الإلهية ÙÙŠ شخص الكلمة وعليه ÙØ§Ù„مسيح ÙŠÙØ¹Ø±ÙŽÙ “بطبيعتين من دون تغيّر أو تشوش أو انقسام أو Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„”. يوجَد هذا التعليم ÙÙŠ إحدى القطع الوالدية ÙÙŠ المعزَي من وضع القديس يوحنا الدمشقي “لكنه Ø­ÙØ¸ خواص الطبيعتين من دون اختلا٠أو امتزاج أو تشوّش”ØŒ أي أن كلّ طبيعة Ø§Ø­ØªÙØ¸Øª بخصائصها Ùلم تتغيّر أي منهما ولم تتشوشا مع بعضهما ولا Ø§Ù†ÙØµÙ„تا عن بعضهما.

ينبغي أن ننظر تالياً إلى التعابير “من دون تغيّر”ØŒ “من دون تشوّش”ØŒ “من دون انقسام” بحسب تعليم القديس يوحنا الدمشقي، لأن سر كون المسيح إلهاً-إنساناً مخبأ Ùيها. “من دون تغيّر” تعني أن أيّاً من الطبيعتين لم تخسر ØµÙØ§ØªÙ‡Ø§. ÙÙŠ حادثة موت لعازر وإقامته، Ø°Ø±ÙØª الطبيعة البشرية الدموع، لأن الدموع هي من ØµÙØ§Øª الطبيعة البشرية، وأعطت الطبيعة الإلهية الحياة للعازر، لأن منحَ الحياة هي من خصائص الطبيعة الإلهية. إذاً، ÙÙŠ المسيح بقي غير٠المخلوق غيرَ مخلوق، غير مائت، غير مقيّد وغير منظور. “من دون تشوّش” تعني أنه ليس هناك أي تشويش بين قوى كل٠من الطبيعتين. ÙÙŠ حادثة لعازر، لم تعط٠الطبيعة البشرية الحياة، ولا الطبيعة الإلهية Ø°Ø±ÙØª الدموع. كل العجائب أجرتها الألوهة لكن ليس من دون الجسد، وكل ما هو دونها من الأمور أقيم بالجسد لكن ليس من دون الألوهة. الحقيقة هي أنّ ÙÙŠ المسيح ليس من تشوّش بين قوى الطبيعتين. ØªÙØ¶ÙÙŠ الألوهة مجدها على الجسد، لكنها تبقى غير مجرَّبَة وبدون مشاركة أهواء الجسد.

ضروري ØªÙØ­Ù‘ص عبارتي “من دون تغيّر” Ùˆ”من دون تشوّش” بالمقابلة مع العبارة الثالثة “من دون انقسام”. هذا يعني أنّه لا يمكن ÙØµÙ„ الطبيعتين أو تقسيمهما، ولا هما Ù…Ù†ÙØµÙ„تان. ÙÙŠ المسيح، تعمل كل طبيعة “ÙÙŠ شركة مع الأخرى”. ÙÙŠ مثال لعازر نقول أن الطبيعة البشرية بكَت والطبيعة الإلهية أقامت لعازر، لكن الطبيعتين كانتا متحدتين بسبب الأقنوم. إذاً، المسيح أقام لعازر. عندما تألّم الجسد، كانت الألوهة متّحدة بالجسد، لكنها بقيت بلا تأثّر. وعندما كانت ألوهة الكلمة تعمل، كان نوس المسيح المقدّس مرتبطاً بها، مدركاً لما كان يجري. بسبب الاتحاد الأقنومي، المسيح، لكونه إلهاً، لم يعمل الأشياء البشرية بطريقة بشرية، ولم يعمل الأشياء الإلهية بطريقة إلهية، إذ ÙÙŠ الوقت Ù†ÙØ³Ù‡ كان إنساناً. هذا نتيجة لحقيقة أن الطبيعتين كانتا متحدتين أقنومياً، أي من دون تغيّر ولا تشوش ولا انقسام، Ùيما عملت كل منهما ÙÙŠ شركة مع الأخرى ÙÙŠ أقنوم الكلمة.

بعد اتحاد الطبيعتين اقنومياً صار هناك شخص واحد، أقنوم واحد. نسطوريوس، بالتÙكير الÙلسÙÙŠØŒ أعلن أن لكل طبيعة شخصها. لقد قال أن باتحاد الطبيعتين، اتّخذ المسيح شخصين، الإلهي والبشري، وصنع شخصاً ثالثاً سمّاه “شخص التدبير” أو “الوجود الشرعي”. وعليه ÙØ¥Ù† شخص المسيح لا يعيَّن لا بشخص الإله ولا بشخص المسيح، إذ عندما ØªÙ†ÙØµÙ„ الطبيعتان يكÙÙ‘ الشخصان عن الوجود. لقد Ø±ÙØ¶Øª الكنيسة هذه النظرات الهرطوقية. إتّحاد الطبيعتين تمّ ÙÙŠ شخص الكلمة. بحسب ما يقول القديس يوحنا الدمشقي، كلمة الله Ù†ÙØ³Ù‡ صار شخصاً ÙÙŠ الجسد، “كلمة الله Ù†ÙØ³Ù‡ Ø¹ÙØ±Ù٠شخصاً بالجسد”. المسيح واحد، إله تامّ وإنسان تامّ، وهو معبود كاملاً مصنوعاً من الطبيعتين الإلهية والبشرية. لهذا نحن نكرّم الجسد أيضاً، بالتحديد لأن كلمة الله صار شخصاً Ùيه. هذا يعني أن المسيح لم يكن مكوّناً من شخصين، ولا هو Ø£ÙØ¹Ø·ÙŠ Ø§Ù„ÙˆØ¬ÙˆØ¯ الشرعي بعد الاتحاد، بل بما أن الإلهي صار متحداً بالطبيعة البشرية من دون تغيّر أو تشوّش أو Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„ ÙÙŠ أقنوم الكلمة، ÙØ¥Ù† كلمة الله صار شخصاً ÙÙŠ الجسد أيضاً.

علاوة على ذلك، اخترقت الطبيعتان بعضهما البعض ÙÙŠ المسيح وتداخلتا من دون أن تخسرا هويتيهما. لكن ينبغي أن ÙŠÙقال هذا الكلام من وجهة نظر أنّ التبادل يأتي من الطبيعة الإلهية، لأنّها تعبر ÙÙŠ كل شيء لكونها غير مخلوقة ولا يمكن لأي شيء أن يخترقها. إذاً، هناك وحدة وتداخل للطبيعتين، لكن هذا يأتي من الطبيعة الإلهية، تماماً كما أن الشمس تضÙÙŠ قواها علينا من دون أن يكون لها أي حصة ÙÙŠ قوانا. بالتأكيد، كما أن للمسيح طبيعتين، Ùله أيضاً قوتين وإرادتين. تنتمي القوى إلى الطبائع وليس إلى الأقنوم. لكن هذه القوى تعمل من خلال الشخص المشترك، أقنوم الكلمة. تماماً كما أن الطبيعتين لا تتحركان بالاستقلال عن بعض ÙÙŠ أقنوم الكلمة، الأمر Ù†ÙØ³Ù‡ ينطبق على القوى.

-14-

إن العقيدة الخريستولوجية (المتعلقة بشخص المسيح) مهمة جداً لأنها ترتبط بالإكليسيولوجيا (التعليم حول الكنيسة). لقد علّق الآباء أهمية كبيرة على التعليم الخريستولوجي لأنّه إذا تغيّر، يتغيّر معه تلقائياً التعليم الخريستولوجي الأنثروبولوجي والخلاصي. ÙÙŠ تغيّر من هذا النوع تتحوّل الكنيسة إلى مؤسسة بشرية وتنظيم أو تجمّع ديني، ويخسر الإنسان هد٠حياته إذ يبتعد عن طريق الخلاص الحقيقية. ÙÙŠ شرحنا لبعض أوجه العقيدة الخريستولوجية، علينا أن نشير إلى العلاقة بين عبارتي “طبيعة مركّبة” Ùˆ”أقنوم مركّب”ØŒ لأن مناقشة Ø§Ù„ÙØ±Ù‚ بينهما كانت موجودة وما تزال.

يقول أصحاب الطبيعة الواحدة بأنّ بعد الاتّحاد، اتّحدت الطبيعتان ÙÙŠ المسيح لتشكّلا طبيعة واحدة يسمّونها “طبيعة مركّبة”. بهذا المنظار يبررون النظرة بأن الطبيعة البشرية ابتلعَتها الطبيعة الإلهية. لكن هذه النظرة تحرّ٠مبدأ “من دون تغيّر”. بحسب القديس يوحنا الدمشقي، الطبيعة المركّبة، كونها شيئاً Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ§Ù‹ عن الطبيعتين الأصليتين، ليست من Ù†ÙØ³ جوهر أيّ من الطبيعتين الإلهية أو البشرية. مثلاً، هو يشير إلى تركيبة الجسد البشري من أربعة عناصر، النار والهواء والماء والتراب. بعد تكوّنه، يصير الجسد شيئاً Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ§Ù‹ عن النار والهواء والماء والتراب. إذاً، إن استعملنا عبارة “طبيعة مركّبة” للمسيح، Ùلن يكون المسيح من طبيعة الآب ÙÙŠ الألوهة، ولا من طبيعة أمه وطبيعتنا ÙÙŠ البشرية. وعليه، لن يكون ممكناً أن ندعوه لا إلهاً ولا إنساناً.

القديس يوحنا الدمشقي، وهو ركن أساسي ÙÙŠ التقليد الأرثوذكسي، ينبذ عبارة “طبيعة مركّبة” ÙˆÙŠÙØ¯Ø®ÙÙ„ عبارة “أقنوم مركّب”. بالتأكيد، هذه العبارة بحاجة Ù„Ù„ØªÙØ³ÙŠØ± بطريقة أرثوذكسية، إذ يمكن تشويهها أيضاً. Ùلنرَ كي٠يمكننا أن نتكلّم عن “أقنوم مركَب” بطريقة أرثوذكسية.

كان أقنوم ابن الله وكلمته قبل التجسّد بسيطاً، غير مركّب، بلا جسد، غير مخلوق، غير مرئي ولا ملموس، غير محدد، له كل ما كان للآب Ù…Ø®ØªÙ„ÙØ§Ù‹ عنه بشكل الوجود، لأن الآب ليس مولوداً Ùيما الابن مولود. لكن بعد التجسّد صار كلمة الله مركّباً بمعنى أنّه مكوّن من الألوهة والبشرية. ÙØ§Ù„آن، بعد التجسّد، أقنوم المسيح، كونه من الطبيعتين، هو غير مخلوق ÙÙŠ ألوهته ومخلوقاً ÙÙŠ بشريته، غير منظور ÙÙŠ ألوهيته منظور ÙÙŠ بشريته. إذا Ø±ÙØ¶Ù†Ø§ عبارة “أقنوم مركّب” نقع ÙÙŠ النسطورية إذ سو٠يكون عندنا شخصان ÙÙŠ المسيح، أو ÙÙŠ الطبيعة الواحدة إذ سو٠نقبل تغيّر الطبيعتين وتشوشهما. إذاً، ÙÙŠ المسيح اتّحدت الطبيعتان “ÙÙŠ أقنوم واحد مركّب”. ÙÙŠ أي حال، ÙÙŠ الكلام عن الأقنوم المركَب نعني أنه مركّب من “طبيعتين كاملتين، من الألوهة والبشرية”. بالتأكيد، يمكن للبعض أن ÙŠÙهم هذه العبارة بطريقة هرطوقية أي أن يقبل أن أقنوماً واحداً مركَباً من أقنومين، إلهي وبشري، أو أن يقبل وجود أقنوم من طبيعتين. لكن عبارة “أقنوم مركَب” تزيل كل أسواء Ø§Ù„ØªÙØ³ÙŠØ±Ø§Øª الهرطوقية. Ùهي عن أقنوم من طبيعتين معرو٠بطبيعتين. ÙÙŠ التقليد الأرثوذكسي، عندما نتحدّث عن “أقنوم مركَب”ØŒ نعني ليس Ùقط الأقنوم المكوّن من “طبيعتين كاملتين”ØŒ بل أيضاً الأقنوم الذي يعمل ÙˆÙŠÙØ¹Ø±ÙŽÙ “بطبيعتين”. وهكذا نتلاÙÙ‰ كلاً من النسطورية والطبيعة والواحدة.

-15-

ننشد ÙÙŠ سحرية عيد الميلاد “لهذا Ùيما نقدّم ما هو Ø£ÙØ¶Ù„ من الجزية الأرضية، أعني الأقوال اللاهوتية المستقيمة الرأي”. لا يقدّم التجسّد الإلهي الأÙكار التقوية أو التحاليل العاطÙية أو Ø§Ù„Ù†ÙØ³ÙŠØ©. حتى هذه التحاليل يمكن أن تقدّم شيئاً ما مناسباً لمستوى العصر المادي أو الروحي، لكن ÙÙŠ النهاية سرّ التجسد ينبغي دراسته ÙÙŠ جو اللاهوت الأرثوذكسي. كي٠يمكن أن يكون خلا٠ذلك وعندنا اتّحاد للطبيعتين الإلهية والبشرية ÙÙŠ أقنوم الكلمة، تألّه الطبيعة البشرية، وأمور جديدة ومتناقضة لا يمكن للÙكر البشري أن يدركها؟

بعد كل الذي قلناه، يمكن أن ننظر إلى النقاط الأربع التالية، التي تظهر مقاربة شخصية لهذا العيد العظيم، “رأس” أعياد السيد:

  • أولاً، المغارة التي ÙˆÙÙ„ÙØ¯ Ùيها المسيح هي نموذج للكنيسة. يقول القديس أثناسيوس الكبير تصويرياً بأن Ø§Ù„ØºØ±ÙØ© الصغيرة التي انتظرت العذراء Ùيها ولادة المسيح هي نموذج الكنيسة. المذود هو الهيكل، يوس٠هو الخادم، المجوس هم الإكليروس، الرعاة هم الشمامسة، الملائكة هم الكهنة، الرب هو Ø§Ù„Ø£Ø³Ù‚ÙØŒ العذراء هي العرش، الحÙÙَر هي الكؤوس، التجسّد هو اللباس، الشاروبيم هم المراوح، الروح القدس هو القرابين، الآب الذي يظلل كل شيء بقدرته هو الحجاب الذي يغطّي القربان. الكنيسة هي جسد المسيح الإله-الإنسان الذي Ø­ÙÙ…ÙÙ„ ÙÙŠ رحم العذراء، ÙˆÙÙ„ÙØ¯ØŒ تجلّى، تألّم، صÙÙ„ÙØ¨ØŒ قام وصعد إلى السما. ÙŠÙØ­ØªÙŽÙÙŽÙ„ ÙÙŠ القداس الإلهي بهذا السر العظيم ÙˆÙ†ÙØ¹Ø·Ù‰ إمكانية المشاركة ÙÙŠ نعمة المسيح. ليست الكنيسة مؤسسة بشرية ولا هي طقس استذكار وإشباع لحاجة مشاعرنا.
  • ثانياً، الطبيعتان الإلهية والبشرية متحدتان دائماً ÙÙŠ أقنوم الكلمة من دون تغيّر أو تشوش أو انقسام أو Ø§Ù†ÙØµØ§Ù„. هذا يعني أنّهما لم ØªÙ†ÙØµÙ„ا ولن ØªÙ†ÙØµÙ„ا. كون الطبيعة البشرية غير Ù…Ù†ÙØµÙ„Ø© عن الإلهية وكون الإله-الإنسان موجود دائماً ÙÙŠ كل زمان، يمكننا الآن أن نشترك ÙÙŠ جسد السيّد المؤلَّه، وباشتراكنا بجسد المسيح ودمه الإلهيين نصير جسداً واحداً ودماً واحداً مع المسيح.
  • ثالثاً، كوننا نسجد لسرّ التجسّد العظيم، وخاصةً لأننا نشترك بجسد المسيح ودمه، علينا أن نضلل هيرودوس كما ÙØ¹Ù„ المجوس. يقول الإنجيلي متّى أن المجوس “Ø¥ÙØ°Ù’ Ø£ÙوحÙÙŠÙŽ Ø¥ÙلَيْهÙمْ ÙÙÙŠ Ø­Ùلْم٠أَنْ لاَ ÙŠÙŽØ±Ù’Ø¬ÙØ¹Ùوا Ø¥ÙÙ„ÙŽÙ‰ Ù‡ÙيرÙÙˆØ¯ÙØ³ÙŽØŒ انْصَرَÙÙوا ÙÙÙŠ طَرÙيق Ø£ÙØ®Ù’رَى Ø¥ÙÙ„ÙŽÙ‰ ÙƒÙورَتÙÙ‡Ùمْ.” (متى 12:2). كلمة “هيرودوس” ÙÙŠ العبرية تعني “من الجÙلد”. لهذا يقول القديس نيقوديموس الأثوسي أنّ علينا أن نضلل Ø£Ùكار الجسد وملذاته. إلى هذا، علينا أن نخدع شيطان الÙكر الذي يمنعنا من السير ÙÙŠ طريق الخلاص. علينا أن نعود من طريق أخرى، Ø¨Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¦Ù„ØŒ إلى أرضنا الأصلية، أي Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ÙˆØ³. هذا يعني أننا مطالبون بعيش حياة أسرارية ونسكية. كل الذي يحيون نسكياً ÙŠÙØ¹Ø·ÙŽÙˆÙ† أن يتّحدوا بالمسيح ÙÙŠ الأسرار.
  • رابعاً، عندما يسلك إنسان أسرارياً ونسكياً، ÙÙŠ تناغم مع روح التقليد الأرثوذكسي، يختبر روحياً أحداث التجسّد الإلهي، وبصورة أكثر شمولاً ÙÙŠ مجمل كيانه. Ùلا يعود يرى الأحداث خارجياً بل داخلياً. يقول القديس سمعان اللاهوتي الحديث بأنّه عندما يطهّر الإنسان قلبه ويستنير، يستقبل المسيح ÙÙŠ داخله ويÙهم وثباته كمثل Ø·ÙÙ„. ÙŠÙØ¯Ø±ÙŽÙƒ المسيح كطÙÙ„ ÙÙŠ داخله ويولَد Ø¨Ø§Ù„ÙØ¶Ø§Ø¦Ù„ Ùيحيا الإنسان كل هذه الأحداث ÙÙŠ كيانه. بالتأكيد، Ùقط ÙÙŠ المسيح تتحد الطبيعة الإلهية بالطبيعة البشرية أقنومياً. لكن الشخص المتقدّس يتلقّى أيضاً قوة الله ÙÙŠ طبيعته ويصير عضواً ÙÙŠ جسد المسيح. هكذا، ÙŠÙهم كي٠تعمل نعمة الله ÙÙŠ طبيعته وماهية Ø¥ÙØ±Ø§Øº الذات وماهية تألّه الطبيعة البشرية.

إن تجسّد الأقنوم الثاني من الثالوث القدوس هد٠إلى تأليه الطبيعة البشرية. من ناحية ثانية، ينبغي أن يتألّه أيضاً أقنوم كل منّا. إن لم نستعجل التألّه، يكون الأمر بالنسبة لنا وكأن المسيح لم يتجسّد.

الميتروبوليت أيروثيوس Ùلاخوس
Von Pater Antoine Melki ins Arabische übersetzt
Über das Orthodox Heritage Magazine

Nach oben scrollen