☦︎
☦︎

“أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم” (غل 3ØŒ 27)

الحياة الروحيّة هي حركة Ø±ÙØ¹ الإنسان من الطين إلى الروح. إنّها محاولة Ø±ÙØ¹ الحياة البشريّة من ذهنيّة “اللحم والدم” إلى ذهنيّة الÙكر الإلهيّ.

المسيحيّة حياة ديناميكيّة لا تÙوقها ديناميكيّة، ولم تعر٠البشريّة ÙÙŠ تاريخها، ولن ØªØ¹Ø±ÙØŒ Ø¯Ø§ÙØ¹Ø§Ù‹ للحياة الروحيّة ÙƒØ§Ù„Ø¯Ø§ÙØ¹ الذي Ùيها. وهذا ينشأ من سببَين. أوّلاً، لأنّ المسيحيّة تضع أمامنا رجاءً واقعيّاً وإن لم يكن الآن واقعاً، وهذا الرجاء لا يعبّر عن عظمته. لذلك صرخ بولس وهو يعجز عن الكلام قائلاً: “ما لم تره عين ولم تسمع به أذن بشر، ما أعدّه الله لمختاريه”. لا يوجد دين أو ÙÙ„Ø³ÙØ© أو سياسة أو حضارة إلا وتضع لذاتها ولأتباعها “صورة” مدينتها Ø§Ù„ÙØ§Ø¶Ù„ة، أي غاياتها وأهداÙها. هذه الصورة ÙÙŠ المسيحيّة تبلغ جمالاً كما قال بولس، لا يتخيّله إنسان! هذه الصورة ليست خياليّة، إنّها واقع يتكلّم عنه الجميع. Ùليسوا قلائل الذين يدعون المسيحيّة “دين ملائكة”! هذا وص٠وإن كان سلبيّاً ÙØ¥Ù†Ù‡ يوضح جانباً حقيقيّاً، وهو أن الكنيسة تتكلّم عن جبلة للإنسان جديدة تصيّره Ùيها ملاكاً ÙÙŠ الجسم.

الصورة الحقيقيّة ÙÙŠ الإنسان كما تنشده المسيحيّة تبدو خياليّة، ولكن “يا ÙØ±Ø­ÙŠ” كما صرخ كثير من القدّيسين، صارت حقيقة بالمسيح وهي ممكنة بنعمته للجميع، لمن يشاؤون. لا بل لقد كان كلام يسوع “الألÙ- البداية” كان كلاماً جريئاً ومهيباً جدّاً، إذ قال: “من آمن بي يعمل أعمالاً أعظم من التي أنا أعملها”.

إذا كان التجسّد الإلهيّ يعني أن الله بإرادته أخذ صورتنا، Ùهذا يعني أيضاً أنّ الله أوضح الصورة الإلهيّة التي يريدها لطبيعتنا! إنّه “الألٔ الذي جاء ليحقّق الـ”الياء” حتّى ÙÙŠ آخر إنسان.

هذا هو الهد٠الذي أمامنا، وهذه هي الغاية التي من أجلها اعتمدنا. ما هي أحلامنا المسيحيّة؟ ما هي إيديولوجيّتنا التي نقولها للعالم، إنّها بكلمة واحدة، لقد تأنّس الإله ليتألّه الإنسان. ليست الأحلام المسيحيّة بأقلّ! والخطيئة ÙÙŠ حقّ هي أن نمسخ رجاءنا هذا إلى مجرّد إصلاحات اجتماعيّة أو شعارات سياسية نسمعها هنا وهناك، مهما كانت صالحة لا تصل إلى الإنسان ÙÙŠ عمقه ÙÙŠ تكوين “إيديولوجيا جديدة” وحياة جديدة، تطال حتّى جسده أيضاً، جزئيّاً هنا وكليّاً عند المجيء الثاني.

لو وضعنا شاعراً أو رسّاماً وطلبنا منه أن يص٠بمخيّلته البشريّة الواسعة الإنسانَ المثاليّ. ÙØ¥Ù†Ù‡ سيأتي Ù…ÙØ¬ØªØ²ÙŽØ£Ù‹ جدّاً أمام “الإنسان” المبتغى ÙÙŠ المسيحيّة!

أمام هذه الصورة المهيبة وهذا الرجاء المدهش، يق٠الإنسان حائراً تجاه واقعه الحاليّ! لهذا إنّ السبب الثاني لديناميكيّة الحياة المسيحيّة يأتي من معاينتنا لما نسمّيه “السقوط” البشري، وخاصّة عندما نقابله بالرجاء الحيّ السابق! “السقوط” ÙÙŠ الكتاب المقدّس يعني شيئاً عميقاً وواقعيّاً، وهو شعور الإنسان أنّه أقلّ وأدنى ممّا كان يؤمن به عن طبيعته وحياته. السقوط شعور يأتي من إدراك الإنسان ÙÙŠ كلّ لحظة من حياته أنّه خليقة يمكنها أن تكون Ø£ÙØ¶Ù„ ممّا هي عليه. لا يمكن للإنسان أن يرضى بواقعه. لو سألنا إنساناً بعمر الخمسين سنة مثلاً، ماذا كان يستنتج لو عاد الآن إلى سنّ العشرين؟ لأجاب هذا الإنسان أنه كان سيبدّل الكثير بتلك السنوات الثلاثين التي مضت منذ حينه، وأنّه كان سيربح لذاته أكثر بكثير ممّا حقّقه! هكذا خبرة صغيرة تضا٠للحياة تدخلنا إلى حياة Ø£ÙØ¶Ù„ تجعلنا ندرك أكثر ما هو مدى وحجم خسارتنا وسقوطنا. “آه…” هي تنهّدات تتكرّر ÙÙŠ الحياة كثيراً، وكلّها تدلّ على شعور الإنسان بهذا الصراع، وكأنّه يحمل سقوطاً أو حالة Ù…ÙØ±ÙˆØ¶Ø© عليه، لو شاء واستطاع، لتحرّر منها! الإنسان كائن يتشوّق ليكون “Ùوق” ما هو، أي أنّه يحلم بأكثر من طاقاته ويشتهي أكثر ممّا يمكن تحقيقه، وإذا به يصاد٠ذاته يوميّاً أنّه “تحت” ما هو.

وهذا Ø§Ù„ÙØ§Ø±Ù‚ الكبير، والشرخ Ø§Ù„Ù…Ø®ÙŠÙØŒ والهاوية العميقة بين “الصورة” Ùˆ”الواقع”ØŒ بين “المسيح” Ùˆ”أنا”ØŒ حين يتّضح للإنسان، وبمقدار ما يتّضح، عندها يخلق Ùيه قوّة صعود جبارة! إنّ Ø±ÙØ¶ ما لا نريد، والشوق العارم إلى ما نشتهيه يستنهض Ùينا إرادة جديدة. لهذا يقول بولس الرسول “استيقظ أيّها النائم وانهض من بين الأموات Ùيضيء لك المسيح” (Ø£Ù 5ØŒ 14).

وهناك خبرات ÙÙŠ الحياة عديدة مثل هذه لدى كلّ الناس، وكلّها يجب أن تتراكم وتجتمع وتتعاظم حتّى يقرّر الإنسان، وكما يجري لدى غير المسيحيّين أيضاً، أن ينعط٠ÙÙŠ حياته نحو حياة جديدة. عندها كانت تتمّ المعموديّات.

منذ لحظة المعموديّة يبتدئ جهاد حياتنا الروحيّة، أو حياتنا الجديدة. يعلن بولس الرسول أنّ Ù…ÙŽÙ† اعتمد بالمسيح قد لبس المسيح، أي صارت ØªØµØ±ÙØ§ØªÙ‡ تماماً كالمسيح، هذه بالأصل هي رغبتنا التي Ø¯ÙØ¹ØªÙ†Ø§ لنعتمد. “البسوا المسيح” لبولس تعني تماماً أنّنا نتمسحن، أي نحيا كحياة المسيح. إنّ هذا “الانعطأ الذي تكلّمنا عنه سابقاً وكان يدعونا للمعموديّة، بعد موق٠نسمّيه توبة، أي تبديل وجهة الحياة.

طبعاً إنّ موضوع معموديّة Ø§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ هو مسألة أجابت عليها الكنيسة منذ بداياتها، وعمّدتْ Ø§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„. لكنّ الخطأ يكمن حين تغدو المعموديّة أشبه بالÙلوكلور والعادات المسيحيّة. هناك حركات ÙÙŠ المعموديّة هامّة جدّاً وقد لا Ù†ÙØ¹ÙŠØ±Ù‡Ø§ أيّ انتباه ولا نستخلص منها أي Ù…ÙˆÙ‚ÙØŒ ومنها الاستقسامات، أي القسم أن نلعن الشيطان وكلّ أعماله. والاتجاه من الغرب إلى الشرق، أي من الحياة القديمة إلى المسيح “مشرق المشارق”. وهذه هي التوبة التي يجب أن تسبق المعموديّة. وإذا كانت معموديّة Ø§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ لا تسمح بهذه الخبرة الشخصيّة ولا بإدراك كلّ هذه الحقائق، Ùهذا لا يلغي أمرين. الأمر الأوّل أنّ العرّاب والعائلة يتحمّلون مسؤوليّة نقل هذه الخبرة إلى الطÙÙ„ØŒ وهم ينقلون له كلّ شيء ÙÙŠ الحياة ويخطّطون من أجل حياتهم وحياته ÙÙŠ أدقّ ØªÙØ§ØµÙŠÙ„ها. والأمر الثاني أنّ معموديّة Ø§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„ تعني تماماً قرار العائلة عند الزواج ولحظة الإنجاب، وتعلن ذلك بعماد أولادها، أنّها كلّ العائلة تتّجه من الغرب إلى الشرق، وأنّها تصطحب معها مولودها الجديد إلى عالم النور، ولقد أنجبته تحت هذه الرؤيا ومن خلال هذا الرجاء. لذلك لا ضرورة للانتظار. علماً أنّ Ø±ÙØ¶ هذه المسيرة ممكن لأي شابّ يريد ذلك ÙÙŠ أيّة لحظة ÙÙŠ عمر لاحق.

هنا يظهر دور التربية المسيحيّة، التي بدونها تÙقد المعموديّة الكثير الكثير من مغزاها، خاصّة ÙÙŠ حالة معموديّة Ø§Ù„Ø£Ø·ÙØ§Ù„. ما هي التربية المسيحيّة سوى زرع “الصورة” المسيحيّة ÙÙŠ حياة وأحلام ورجاء الطÙÙ„ØŒ وهي صورة “المسيح” التي يجب أن يلبسها ÙÙŠ حياته، وقد أعطي له ذلك ÙÙŠ المعموديّة. أي أن نزرع ÙÙŠ أولادنا هذه المثل وهذه الرغبة كغاية للحياة! لأنّه بدون هذه الرغبة لا يمكن لأيّة ديناميكيّة نحو الأعلى أن توجد. لا بل على العكس، ÙØ¥Ù†Ù‘ الإنسان ينشدّ عندها إلى كلّ ما هو هابط وساقط ولا يذهب إلى صورة المسيح.

لهذا نقصّ ÙÙŠ المعموديّة شعر المعمّد. لأننا جنّدناه ليهتمّ لسيّده (المسيح) وليس بهموم أخرى، كما يقول بولس الرسول. ولهذا نمسح المعمّد بالميرون المقدّس، إعلاناً أنّه صار كاهناً ملوكيّاً مكرّساً للرب، وأنّه دخل حلبة الحياة ÙÙŠ هذا الصراع للتحرّر من أثقال الرغبات وللتحليق بحريّة ÙÙŠ سماء الروح. لهذا ÙŠÙ†ÙØ® الكاهن ÙÙŠ وجه المعتمد، لأنّه يعطيه حياة جديدة ليست حياة الجسد Ùقط، كما Ù†ÙØ® الله ÙÙŠ آدم ÙÙŠ Ø§Ù„ÙØ±Ø¯ÙˆØ³ ÙØµØ§Ø± Ù†ÙØ³Ø§Ù‹ حيّة، أي عارمة بالحياة الروحيّة.

من لحظة المعموديّة نبدأ حياتنا الروحيّة. أي توقّ٠لا يعني أبداً استراحة لكن هو خسارة، لا بل وتراجع وخيانة. قد يبدو هذا “الجهاد الروحيّ”ØŒ وهو ما نسمّيه “الحياة الروحيّة”ØŒ قد يبدو سلبيّاً من وجهة نظر خارجيّة. لكنّه حياة إيجابيّة نسمّيها “التجلّي”ØŒ أي تتجلّى صورة الله الباهتة Ùينا بشكل أوضح يوماً بعد يوم. تتجلّى حياة الله Ùينا، ويكون لنا هذا الكنز ÙÙŠ آنيتنا الخزÙيّة.

كلّ يوم يمضي دون صلاة هو يوم ضائع من الحياة، يقول الأدب الرهبانيّ. ويمكننا تعميم هذه الصورة حتّى تشمل كلّ حياتنا المسيحيّة. ونكرّر ÙÙŠ صلواتنا وطلباتنا دوماً “وكل حياتنا للمسيح الإله”! هذا يعني تماماً أنّ أيّة لحظة ضائعة من زمن نموّنا الروحيّ ومسحنتنا هي “خطيئة”ØŒ لأنّنا سرقناها من زمن الروح القدس الذي يأتي ليعمل معنا ما نريده ويريده Ùينا. ÙØ§Ù„زمن ليس بالضرورة هو زمن حياة روحيّة. إلاّ إذا عشنا ÙÙŠ السهر لئلاّ يسرق الشيطان منّا وقت خلاصنا. “ها وقت مواÙÙ‚ ليعمل للربّ”! إذا لم يرتبط الزمن بالتقديس ينقلب زمناً للشيطان وتاريخاً لخطايانا. ولهذا قامت الكنيسة ليس Ùقط على بنية تعليميّة وإنّما بالأحرى على بنية ليتورجية تقديسية. ÙØ§Ù„صلوات تحيط بساعات النهار كلّها، وتحمي كلّ تحركات وأعمال اليوم. والمائدة المقدّسة تنظم حياتنا على درب الاستعداد والشكر. بين هذين القطبين يشد المسيحيّ شراع حياته كلّ لحظة (بين الحياة اليوميّة والكأس المقدّسة). حينها يحيا ÙÙŠ السّلام ÙˆØ§Ù„ÙØ±Ø­ والشكر.

وإذا ما خانت يوماً إرادة٠الإنسان حاملَها، وتردّدت الركب الخاشعة عن السجود وخارتْ قواها Ùهذه ليست النهاية. إنّ الربّ حنون، وحين ننسى يذكّرنا، وحين ننكره ينتظرنا، وهو يقوّي الركب المخلّعة بسرّ الاعترا٠والتوبة… يكÙÙŠ أن Ù†ÙØ«Ø¨Ù‘ÙØª النظرَ إلى الشرق ولو كنا للحظة واقعين. السقوط من طبيعة المسير، لكن من يوم Ù„ÙØ¸Ù†Ø§ “استقساماتنا” ÙÙŠ المعموديّة أقسمنا أنه مهما طرأ ÙÙŠ الحياة من نهوض أو سقوط Ùهذا لا يبدّل Ùينا وجهتنا ولا يعكس نحو الحياة نظرتنا. على العكس، السقطات على الطريق تؤجّج Ùينا “الحنين إلى الله الحيّ”ØŒ ÙØªØµÙŠØ± طاقة أكبر تلهب ديناميكيّة الحياة الروحيّة وتجعل القلب ÙÙŠ سهر أكثر، والسهر يهيّئونا لاستقبال الختن، والختن حين يأتي يجعل له عندنا مسكناً، Ùنأكل معه ونتعشّى ÙØµØ­Ù‡ السريّ، جسداً ودماً إلهياً، مائدةً ممدودة من حبّه، وتصير “كلّ حياتنا” مع المسيح الإله.

Facebook
Twitter
Telegramm
WhatsApp
PDF
☦︎

Information Über die Seite

Adressen Der Artikel

Inhalt Abschnitt

Schlagworte Seite

الأكثر قراءة

Nach oben scrollen