Thèses universitaires

لم ينفرد الرسول بولس في كتابة الرسائل في العهد الجديد وإنما حفظ لنا التراث الكتابي سبع رسائل لكتّاب آخرين دُعِيت بالرسائل الجامعة، وهي التالية: رسالة يعقوب، ورسالتا بطرس، ورسائل يوحنا الثلاث، ورسالة يهوذا.

تعود تسمية هذه الرسائل السبع بـ”الجامعة” الى عهد الآباء الأولين. فقد أطلق اوريجانس (+254) هذه التسمية على رسالة يوحنا الاولى وبطرس الاولى ويهوذ، وديونيسيوس الاسكندري (+265) على رسالة يوحنا الاولى، اما إفسابيوس القيصري (+ 340) فأطلق التسمية ذاتها على رسالتَي يعقوب ويهوذا.

ما نعرفه تقليديا أن اكليمنضس الإسكندري (+215) أطلق على الرسالة التي نتجت عن مجمع الرسل في اورشليم (اعمال الرسل 15) اسم الرسالة الجامعة من حيث انها تعبّر عن تعليم الكنيسة الجامعة.

لماذا دعيت هذه الرسائل السبع بـ” الرسائل الجامعة”؟

ثمة تفاسير عدّة لسبب هذه التسمة، الا أن أرجحها هو انها كُتبت للمؤمنين جميع، اي انها لم توجَّه الى كنيسة معينة، واذ تتناول هي مواضيع متنوعة لا تطلعنا على علاقات خاصة بين من أرسلها وبين الذين وجِّهت اليهم. ومع أن رسالتَي يوحنا الثانية والثالثة لهما طابع الرسائل الخاصة الا انهما أُدرجتا مع الرسائل الجامعة، لأنهما رسالتان صغيرتان بالنسبة الى رسالة يوحنا الاولى وامتداد لها.

تتميّز الرسائل الجامعة بتشابه إحداها بالأخرى من جهة (على نحو التشابه بين رسالة بطرس الثانية ورسالة يهوذا) وبالتشابه القائم بينها وبين بعض كتب العهد الجديد – من حيث اسلوبها وافكارها – من جهة اخرى (على نحو التشابه بين رسائل يوحنا وإنجيله….)، الا انه، على الرغم من هذا التشابه، ثمة اختلاف ملحوظ بينه، فبينما تحمل رسالة بطرس الثانية طابع الوصية، تحمل رسالة يعقوب طابع الحِكَم والامثال (على نحو الكتب الحِكَمية في العهد القديم)، اما رسالة يوحنا الاولى فهي أشبه بنشرة رعائية.

نُسبت رسالتا يعقوب ويهوذا الى اثنين من إخوة الرب، الاول ورد ذكره في اعمال الرسل (15: 13) والثاني في بشارة مرقس (6: 3). توفي يعقوب اسقف اورشليم حوالي السنة 62، وترك اقوالا حُفظت بعد وفاته، مما حدا كاتبا (حوالى السنة 80 – 90)، له معرفة كبيرة باللغة اليونانية وألمام بالتقاليد الانجيلية وتعليم بولس، إلى إعادة كتابة أقوال يعقوب وأعطاه، جريا على العادات الأدبية السائدة في ذلك الزمن، اسم معلّمه. على غرار رسالة يعقوب، انتسب كاتب رسالة يهوذا الى حلقة كان يكرِّم فيها يعقوب ويهوذا وكانت تتناقل أقوالهم، فدوّن (حوالى السنة 80 – 90) هذه الأقوال في جماعة من اصل يهودي. بينما تحذّر رسالة يهوذا الكنيسة الفتيّة من تعاليم المعلّمين الكذبة الذين يتربّصون بها ويقاومون تعليم الرب، تدعو رسالة يعقوب الى عدم تحريف تعليم الرسول بولس، والى جعل توافق بين الايمان والحياة.

يحدّثنا بطرس الرسول في رسالته الاولى عن معنى وجودنا بالتسبة الى هذا العالم. المؤمنون الذين يتوجّه اليهم الرسول يتعرضون الى أعمال سوء بسبب اليهود  والوثنيين فيتساءلون كيف يكونون مسيحيين عندما تكون الأوضاع صعبة. يستقي الكاتب أجوبته من التراث الكتابي والطقوسيات ويدعوهم الى أن يثبتوا في معموديتهم وهم قائمون في الفرح والرجاء الذي لا يخيب. تقدم الرسالة قاعدة رائعة للجدال مع غير المؤنين (3: 15). من القدماء الذين أشاروا الى هذه الرسالة ترتليانوس القرطاجي (+ 220) والقديس ايريناوس (+ 220)، وقد وضعها إفسابيوس القيصري بين مجموعة الكتب القانونية.

رسالة بطرس الثانية كتبها تلميذ لبطرس على الأرجح في أوائل القرن الثاني، ووضعها تحت رعاية معلمه وهي إذ تجعل، بعد غياب الفوج الاول من الشهود، تعليم الرب حاضر، تدعو المؤمنين الى أن يبقوا أمناء للرب وأن يثبتوا في دعوتهم، فالرب على الرغم من ابطائه آتٍ، والذين ينكرون مجيئه سوف يعاقَبون على فسادهم كما سيعاقَب أولئك الذين أنكروه في الماضي (2: 4 – 13). نقرأ في هذه الرسالة أن كتب العهد القديم كلها ملهَمة من الله(1: 2 – 21)، كما أن فيها اول ذكر للائحة كُتبٍ مقدسةٍ للعهد الجديد تضمّ رسائل بولس (3: 15 – 26).

تُجمع التقاليد القديمة على نسب رسالة يوحنا الاولى الى يوحنا الرسول، أما الرسالتان الثانية والثالثة فلم تحظيا بالإجماع ذاته. الا أن مناخا واحدا يجمع هذه الرسائل الثلاث، ذلك أن الجماعات التي استلمتها تعيش أزمة واحدة مشتركة، فهم مع كونهم لم يعرفوا السيد شخصيا يدعوهم الكتاب الى أن يرتبطوا بالرب ويثبتوا على الايمان به، لأن كلمة الله التي وجّهها اليهم الكاتب هي اياها الكلمة التي نطقها يسوع.

وصف كاتب الرسالتين الثانية والثالثة نفسه بالشيخ وهو لقب يدل، على حسب العادة الجارية في كنائس آسيا  (بابياس وايريناوس)، على رجل كان من عداد تلاميذ الرب او عرفهم شخصيا. رأى البعض أن كاتبهما شخص اسمه يوحنا الكاهن، بيد أن التقليد القديم لأفسس لم يعرف سوى يوحنا واحد وهو الانجيلي.

رسائل القديس يوحنا تعرض الحياة المسيحية على انها حياة مع الله أساسه، على السواء، محبته ومحبة الإخوة، وهي اذ تحذّر من المعلّمين الكذبة الذين هم ضدّ المسيح (2 يوحنا 7) تنبّهنا الى عدم محبة هذا العالم الزائل (1 يوحنا 2: 15 – 17) وتدعو المؤمنين الى أن يضعوا رجاءهم كله على يسوع.

Mon bulletin paroissial
الأحد 5 أيار 1996
العدد 18

fr_FRFrench
Retour en haut