Roi céleste...

في الكنيسة الارثوذكسية نبدأ كل صلاة باستدعاء الروح القدس ونقول: “ايها الملك السماوي، المعزي، روح الحق، الحاضر في كل مكان والمالئ الكل، كنز الصالحات ورازق الحياة، هلم واسكن فينا وطهرنا من كل دنس وخلص ايها الصالح نفوسنا”. تعود هذه الصلاة الى القرون المسيحية الاولى (الثالث-الرابع)، علمنا اياها آباء الكنيسة وهي جزء من صلاة العنصرة حيث نجد تعليما غنيا مكثّفا عن الثالوث.

العنصرة اكتمال التدبير الالهي للخلاص وابتداء كل شيء. منها انطلقت الكنيسة نابعة من نار العنصرة. في ذلك اليوم كل شيء يصير جديدا في مسار لا ينتهي “هاأنذا اصنع كل شيء جديدا”(رؤيا يوحنا 21: 5). اتى يسوع واتمّ كل شيء حتى الصلب والموت والقيامة والصعود الى الآب. في انتظار مجيئه الثاني ارسل الروح القدس من لدن الآب، الروح المعزي، روح الحق (يوحنا 14: 16-17). بحلول الروح القدس على الرسل يسكن الله الكون كله لان “روح الحق حاضر في كل مكان ومالئ الكل”. “انه خير لكم ان انطلق لانه ان لم انطلق لا يأتيكم المعزي … متى جاء روح الحق فهو يرشدكم الى كل الحق” (يوحنا 16: 7-13). هكذا كلّم يسوع تلاميذه ليلة العشاء الأخير.

الروح القدس حياة الكنيسة، به يستمر حضور الله على الارض حتى المجيء الثاني. حياتنا في الكنيسة مشدودة دائما نحو الملكوت الآتي. لذلك نصلي “ايها الملك السماوي” طوال السنة الطقسية ما عدا فترة القيامة عندما يكون المسيح القائم من بين الاموات حاضرا بيننا بقوة وتحل “المسيح قام..” محل كل شيء. بدون عطية الروح القدس المحيي لا تكون الكنيسة سوى تتابع ايام واسابيع في رتابة مملة. بالروح القدس كل شيء يمتلئ حياة وتتجه حياتنا في الكنيسة نحو الابدية في تجدد دائم.

هكذا نفهم لماذا نفتتح كل صلاة في الكنيسة وكل عمل نقوم به في الحياة المسيحية بهذه الصلاة. نقول “ايها الملك السماوي” صباحا وقبل النوم، في ابتداء كل اجتماع وقبل العمل، في بدء درس التعليم المسيحي، في ابتداء كل الصلوات (الغروب، السَحر، صلاة النوم، الساعات). وبالأخص في بدء القداس الالهي، وهو الأهم في حياتنا، حيث يقول الكاهن هذه الصلاة وهو واقف امام المائدة رافعا يديه قبل الاعلان “مباركة هي مملكة الآب والابن والروح القدس”، وهي الكلمات التي تدخلنا في الملكوت الآتي الحاضر منذ الآن.

 نستدعي الروح القدس عند دخول عضو جديد الى الكنيسة في المعمودية، والروح القدس يقدّسه بالميرون في عنصرة شخصية ويحل على الزوجين في الاكليل وعلى الكاهن في الرسامة. الروح القدس يوزع المواهب على الكل. بحلول الروح القدس يستحيل الخبز والخمر جسد المسيح ودمه ونتناول منهما لنصير شركاء الحياة الأبدية.

“ليس احد يقدر ان يقول يسوع ربّ الا بالروح القدس” (1 كورنثوس 12: 3). كذلك لا احد يقدر ان ينادي “الآب أبا” بدون الروح القدس “لأن الروح نفسه يشهد لأرواحنا اننا اولاد الله” (رومية 8: 16). لا يمكننا ان نقترب من سر الثالوث ان لم يدفعنا الروح القدس. لا تنطلق صلاتنا الا بدفع الروح لذلك ندعوه دائما “ايها الملك السماوي”.

عن نشرة رعيتي 1995

fr_FRFrench
Retour en haut