ماذا تعلّم الكنيسة بشأن المجيء الثاني للمسيح؟
في القداس الإلهي، قبل تلاوة دستور الإيمان، يتبادل الكهنة القبلة المقدسة -وكذلك كان المؤمنون في القديم- فيقول الواحد للآخر: “المسيح معنا وفيما بيننا” فيجيبه: “كان وكائن وسيكون”.
المسيح، إذاً، يأتي، كما وعد هو تلاميذه (يوحنا 41). يأتي ليأخذنا إليه حتى يكون أحباؤه حيث يكون هو. يأتي ليدين الأحياء والأموات لأن الآب قد أعطى كل الدينونة للابن. يأتي بمجد (متى 24، مرقص 13، لوقا 21). يأتي، بحسب التعبير الكتابي، في الغمام أو في السحاب، والغمام والسحاب يشيران إلى الحضور الإلهي كما في سفر الخروج (34 : 5) وسفر العدد (11: 25). وكما عاينه التلاميذ بعين الجسد وهو يرتفع عنهم (أعمال الرسل 1) كذلك متى جاء ثانية “ستَراه كل عين حتى الذين طعنوه” (رؤيا يوحنا 1 : 7). وسيكون مجيئه ساطعاً كالبرق الذي يخرج من المشرق ويلمع حتى المغرب (متى 24 : 27 وغيره). لا يأتي، اذاً، في الخفية ولا يكون في موضع دون سواه. ومتى جاء يرسل ملائكته ليجمع مختاريه “من أطراف السموات إلى أطرافها الأخرى” (متى 24 : 31). اذ ذاك تُحشَر لديه جميع الأمم “فيفصل بعضهم عن بعض، كما يفصل الراعي الخراف عن الجداء” (متى 25 : 32). “فيذهب هؤلاء إلى العذاب الأبدي والأبرار إلى الحياة الأبدية” (25 : 46). ولأن خراف المسيح تنتظر راعيها كما العروس عريسها تناديه الكنيسة في صلاتها كل حين وتقول له : “ايها الرب يسوع المسيح، تعال” (رؤيا 21).
قبل ذلك لا يكون الرب يسوع بعيداً عنا. هو قال، في كل حال، أنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم. وكما قال لتلاميذه لما أزمع أن يرتفع عنهم “هاءنذا معكم طول الأيام وإلى منتهى الدهر” (متى 28 : 20). لهذا نعرف ونردد أن المسيح كائن معنا الآن وفي كل آن. لكننا بعد صعوده، وإلى انقضاء الدهر، نعرفه بالروح القدس ولا نعرفه بالجسد، وإن كان التلاميذ قد عرفوه كذلك في أيامهم.
أما متى يأتي الرب يسوع المسيح في ملء مجده، متى يأتي ملكوت الله بقوة، فموضوع لم يخض فيه الرب يسوع، وإن أعطى بشأنه إشارات طفيفة كما في متى 24 ومرقص 13 ولوقا 21. هو نفسه نبّهنا إلى أن ذلك اليوم وتلك الساعة “لا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السموات إلا أبي وحده” (متى 24 : 36) وأن ملكوت الله “لا يأتي بمراقبة ولا يقولون هوذا هنا أو هوذا هناك لأن ها ملكوت الله داخلكم” (لوقا 17 : 20 – 21). لكن الرب يسوع دعا إلى السهر والاستعداد لأنكم – على حد تعبيره – “لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم” (متى 24 : 42)، وطوّب العبد الأمين الحكيم الذي يصنع إرادة سيده (45). وقد ردد الرسول بولس تعليم الرب يسوع هذا ونهى المؤمنين عن الإنشغال بالأزمنة والأوقات لما قال لأهل تسالونيكي أنه لا حاجة لأن يكتب لهم عنها لأن يوم الرب كالسارق في الليل يأتي، ودعاهم، في المقابل، إلى السهر والصحو “لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة رجاء الخلاص” (5).
ومع أن هذا التعليم واضح صريح وهو ما كانت الكنيسة المقدسة وما زالت تردده إلى اليوم، فإن بعض المتطفلين ناقصي الفهم يأبون إلا أن يتلهوا عن التوبة والسهر وعمل الصلاح بأرقام وتواريخ خالطين النبوءات بعضها ببعض، عابثين بالكلام الإلهي على هواهم، مدّعين فك رموزه وتفسير غوامضه، وطارحين على الناس مواعيد زاعمين أن فيها يأتي المسيح. وهم إذ يفعلون ذلك يسببون للناس اضطراباً ويخدعون قلوب السلماء ويستغلون سذاجة الضعفاء واحباطاتهم فيشوشون عقولهم ويفسدون إيمان البعض منهم ويشيعون بينهم تعاليم شيطانية غريبة تفسد عليهم خلاصهم والمعرفة الحق للإيمان القويم. من هؤلاء جماعة شهود يهوه الذين ما فتئوا منذ نشأتهم بين العامين 1870 – 1874 يضربون على وتر مجيء المسيح ثانية ليخدعوا الناس بكلام ملق وآيات كتابية، يستخدمونها في غير سياقها، في أوقات الضيقات والشدائد. ولكن ضلالهم وخداعهم لا يذهب بعيداً. تواريخهم ومواعيدهم نفسها تكذّبهم. فلقد أعلن رصل، مؤسس البدعة، أن حضور السيد قد بدأ بطريقة غير منظورة في تشرين الأول من العام 1874 وأضاف قائلاً: “في السنة 1914 سيبدأ ملكوت المسيح على الأرض وسيقوم الأموات وتتشكل حكومة الله الثيوقراطية في أورشليم من إبراهيم والرجال العظام الآخرين للعهد القديم” (للمراجع أنظر كتاب مناظرة علنية مع شهود يهوه للأب جورج عطية). ما هذا الكلام البطال ان حضور المسيح قد بدأ في تشرين الأول عام 1874؟ السيد موجود معنا، بصورة غير منظورة، في كل حين. ثم أي ملكوت بدأ سنة 1914 وأي أموات قاموا وأيّة حكومة إلهية تشكلت؟ بل سنة 1914 كانت سنة الحرب العالمية الأولى وويلاتها.
ولأن شهود يهوه وقحون ولا يخجلون وهم جهلة متكبرون قالوا لقد أخطأنا في الحسابات وكان يجب أن نقول أن “بداية تحقيق المواعيد هي بداية ربيع 1918، أما تحقيقها الفعلي فهو عام 1921” (كتاب السر المنتهي 68 – 75).
ومع أن الشهود لم يحصدوا غير الريح خلال العامين 1918 و1921، عادوا في السنة 1925 مع زعيمهم الثاني، القاضي روذرفورد، وقالوا: “إننا نتوقع بتأكيد أن تكون سنة 1925 وقت رجوع ابراهيم واسحق ويعقوب وقدماء الأنبياء المؤمنين…اذ يُعادون إلى الحياة ويُمنحون شخصية بشرية كاملة…” (ملايين من الذين هم أحياء اليوم لن يموتوا أبداً، ص 94 – 96 وكذلك 104). وقد وعد روذرفورد أن ذلك سيحدث في أول نيسان. وجاء أول نيسان فماذا جرى؟ لا شيء. فقط أول نيسان شهود يهوه تحوّل إلى كذبة اول نيسان.
أخي المؤمن، أختي المؤمنة، هذه المعلومات ربما لا تعرفانها، لهذا أحببنا أن نطلعكما عليها لتكونا على بيّنة ولا يخدعكما الخداعون بعد اليوم. لذلك نقول لكما تمسكا بصورة الكلام الصحيح الذي تلقنتماه من كنيستكما في الايمان والمحبة (ا تيموثاوس 1 : 13)، ولا تعيرا ما يقوله الشاردون انتباهاً لئلا تقعا في ضلالهم.
الأحد 13 كانون الأول 1992، العدد 50